أورد الباحثون في إدارة الأزمات عدة متطلبات منها:

سجل الأزمات Crisis Portfolio
يقول الحملاوي أنه لابد من وجود سجل للأزمات crisis portfolio توثق به المنظمات كل المواقف التي تعتبرها أزمات من شانها تهديد كيان المنظمة و يكون بمثابة ذاكرة للمنظمة.

فريق إدارة الأزمات
تكوين فريق لإدارة الأزمات يكون كما يقول الحملاوي تمثيلاً لأعلى سلطة لأن الأزمة تتطلب ردود أفعال غير تقليدية مقيدة بضيق الوقت و ضغوط الموقف. هذا وتعتبر طريقة فرق العمل كما أوضح الوكيل من أكثر الطرق شيوعاً واستخداماً للتعامل مع الأزمات وتتطلب وجود أكثر من خبير ومختص وفني في مجالات مختلفة وحساب كل عامل بدقة وتحديد التصرف المطلوب بسرعة وتناسق وعدم ترك الأمور للصدفة. و الجدير بالذكر أنه في دراسة لجبر بعنوان إدارة الأزمات: نظرة مقارنة بين النموذج الإسلامي و النموذج الياباني أوضح جبر "إن المفهوم الياباني في معالجة الأزمة يقوم على أساس أن الأشخاص الأقربون للأزمة هم الأقدر على حلها أو توفير الحل المناسب لها و عليه نرى معظم الشركات اليابانية تتجه نحو اللامركزية في عملية اتخاذ القرارات. كما أن الشركات اليابانية تفضّل دائمًا استخدام الاجتماعات كوسيلة لحل الأزمات و يطلق على هذا النوع من هذه الاجتماعات بحلقات الجودة اليابانية و التي تعتبر بدورها واحدة من المهام المستخدمة في تحديد الأزمات و المشاكل و كيفية تحليلها"(96). لذا نرى أهمية تبني المنظمات لعملية اللامركزية عند تكوينها لفرق إدارة الأزمات.

التخطيط كمتطلب أساسي
تبني التخطيط كمتطلب أساسي مهم في عملية إدارة الأزمات. يقول الحملاوي أفعالنا ما هي إلا رد فعل و شتّان ما بين رد الفعل العشوائي و رد الفعل المُـخطط له فمعظم الأزمات تتأزم لأنه أخطاء بشرية و إدارية وقعت بسبب غياب القاعدة التنظيمية للتخطيط و يستطرد الحملاوي قائلاً إن لم يكن لدينا خطط لمواجهة الأزمات فإن الأزمات سوف تنهي نفسها بالطريقة التي تريدها هي لا بالطريقة التي نريدها نحن. من خلال ما تقدم يتضح لنا أن التدريب على التخطيط للأزمات يُـعد من المسلّمات الأساسية في المنظمات الناجحة فهو يساهم في منع حدوث الأزمة أو التخفيف من آثارها وتلافى عنصر المفاجآت المصاحب لها. أيضًا يتبين لنا أن التخطيط يتيح لفريق عمل إدارة الأزمات القدرة على إجراء رد فعل منظم وفعّال لمواجهة الأزمة بكفاءة عالية الاستعداد لمواجهة المواقف الطارئة غير المخطط لها التي قد تصاحب الأزمة و في ذلك أوضحت دراسة جبر التجربة اليابانية في هذا الشأن. أشار جبر في دراسته إدارة الأزمات: نظرة مقارنة بين النموذج الإسلامي و النموذج الياباني إلى كيفية معالجة الأزمات وفق نظام كانبانKANPAN الياباني. يوضح جبر ذلك بقوله "إن المفهوم الجوهري لنظام كانبان يقوم على أساس تحفيز الأزمة Stimulate the crisis و خلقها لكي يبقى الإداريون و العمّال دائمًا في حالة التأهب جاهزين لعمل ما بوسعهم سواء أكانت هناك أزمة حقيقية أم لا, أي أنهم مستعدون على قدم و ساق مفعمين بالنشاط و الحيوية لمواجهة الاحتمالات غير المرغوبة. فقد تدرب المدراء على تخيل أسوأ أنواع الاحتمالات مثل تذبذب المبيعات, و انقطاع التجهيز بالمواد الأولية, إضراب العمال و الحرائق"(92). و يستطرد جبر قائلاً " و هذا النوع من الأزمات قد يرتبط أو لا يرتبط بتهديد حقيقي, حيث يُـلاحظ أن رد الفعل المتولد عن تحفيز الأزمة ما هو إلا رد فعل إيجابي و نادرًا ما يؤدي إلى مخاوف تؤثر على الإنتاج أو تقلل الرغبة في العمل لدى العاملين"(93). أيضًا في دراسة لدقامسة والأعرجي إدارة الأزمات: دراسة ميدانية لمدى توافر عناصر نظام إدارة الأزمات من وجهة نظر العاملين في الوظائف الإشرافية في أمانة عمّان الكبرى كشفت الدراسة عن "وجود خلل في نظام إدارة الأزمات في أمانة عمّان الكبرى, حيث وُجد هناك تباينًا في درجة توافر العناصر الأساسية التي تتصف بها الإدارة الناجحة للأزمات في مراحل النظام الخمس التي تمثل المنظور المتكامل لإدارة الأزمات و كانت توفر هذه العناصر بدرجة أعلى في المراحل التنفيذية و العلاجية (احتواء الأضرار و استعادة النشاط) منها في المراحل الوقائية و التخطيطية (الاستعداد و الوقاية و اكتشاف الإشارات)، مما يعني أن جهود إدارة الأزمات في أمانة عمّان الكبرى هي جهود علاجية و رد فعل في معظم الأحيان لما يحدث من أزمات مختلفة و بدرجة أكبر من كونها جهودًا وقائية و استعدادية لما يمكن حدوثه من الأزمات"(798-799). و عزى دقامسة و الأعرجي وجود هذا الخلل في هذه المنظمة و معظم المنظمات العربية إلى الثقافة السائدة بأن إدارة الأزمات هي مجابهة الأزمة عند حدوثها و ليس الاستعداد لها قبل حدوثها و بالتالي اندفاع الجميع للحل أثناء الأزمة على طريقة "نظام الفزعات" بحسب تعبير الباحثان. بعد استعراض ما تقدم نجد الاستنتاج الذي توصلا له دقامسة و الأعرجي بخصوص غياب التخطيط و الوقائية يجسد الواقع المقلق لدى معظم منظمات العالم العربي فلا وجود للفكر التنبؤي كما في الشركات اليابانية الذي يصيغ منظومة وقائية معتمدًا على الابتكار و الحلول الجذرية و مستخدمًا الطرق العلمية كالسيناريو و المحاكاة و يكون هدفه تجاوز الأزمة أو التقليل من أخطارها على اقل تقدير.

وسائل علمية للتعامل مثل المحاكاة و السيناريو
استخدام وسائل علمية في التعامل مع الأزمات مثل المحاكاة و السيناريو. فالسيناريو كما عرّفه حواش هو مجموعة من الافتراضات المتعلقة بالموقف في مجال محدد يقوم فيه النظام بتحليله و دراسته مما يساعد على وضع تصورات للأزمة و أيجاد بدائل عديدة للحلول الموضوعة. من خلال ما تقدم يتضح لنا أهمية السيناريو و كما أتضح لنا من دراسة جبر استخدام الشركات اليابانية للسيناريو من خلال تدريب موظفيها على تخيل أسوأ المواقف و هو ما يُـعرف بأسوأ سيناريو .worst case scenario المحاكاة virtual reality و هي تقليد لظاهرة ما بهدف التفسير والتنبؤ بسلوكها أو هي أسلوب كمي يهدف إلى وصف النظام الحقيقي من خلال تطوير النموذج الذي يوضح كيف تتداخل العوامل المؤثرة في المشكلة و ما هو تأثير تلك العوامل مع التركيز على الكيفية التي يمكن بها أن يقلد هذا النموذج حركة النظام الحقيقي. فيما يتعلق بأهمية عنصر المحاكاة كمتطلب أساسي فعّال في إدارة الأزمات سوف يتضح لنا لاحقًا مدى فعاليته في التجربة الماليزية مع كوارث الحج و أثره في التقليص في عدد وفيات الحجاج الماليزيين.

نظام اتصالات داخلي و خارجي
أهمية وجود نظام اتصالات داخلي و خارجي فعّال يساعد على توافر المعلومات و الإنذارات في وقت مبكر. ورد في مقال بعنوان مواجهة الأزمات والكوارث باستخدام نظم المعلومات الآتي " والجدير بالذكر أنه قد انتشرت تكنولوجيا نظم المعلومات الجغرافية انتشارًا واسعًا وسريعًا على المستوى العالمي، خاصة في الدول المتقدمة خلال السنوات القليلة الماضية، كإحدى الوسائل الهامة المستخدمة في دعم اتخاذ القرار في المجالات المختلفة. فعلى سبيل المثال يمكن الاستفادة من جميع هذه الجهود والإمكانيات في بناء نظام معلومات متكامل للإنذار المبكر والتنبؤ بمخاطر السيول، حيث تعتبر السيول وما يترتب عنها من أخطار من أهم مشاكل البيئة الطبيعية في الصحارى العربية بصفة خاصة". تعقيبًا على المقال نرى أنه في الوقت الذي يتحدث فيه العلماء عن دور نظم المعلومات الجغرافية في التقليل من كوارث السيول عن طريق تنبئها بأحوال الطقس و بالتالي تفادي الكوارث الطبيعية لدى المنظمات و عن وجود مراكز التنبؤ والإنذار التابعة للمنظمات و وجود نظام الاتصالات السلكية واللاسلكية الواسع النطاق الذي يسمح لجميع المنظمات بتبادل البيانات و المعلومات من الأرصاد الجوية والذي يضمن التأهب ونشر التوقعات والإنذارات في توقيت مناسب لتفادي الأزمات, في هذا الوقت نفسه تطالعنا صحيفة الوطن في عددها( 2019) يوم 10 أبريل 2006 عن وفاة خمسة من المواطنين و عمال في شركة اسمنت تهامة من جراء السيول التي اجتاحت المنطقة و أدت إلى قطع التيار الكهربائي وشبكات الاتصال الهاتفي سواء الثابت أو الجوال وتعطيل أجهزة الصرافة الآلية وانهيار العديد من الطرق و سقوط عدد من أعمدة الكهرباء و اجتراف مزارع وأغنام في عدد من القرى والمحافظات. هذه السيول سنوية و لا وجود لعنصر المفاجأة بها إلا إننا لا نحرك ساكناً إلا عند حدوث الأزمة مما يعني غياب تطبيق التخطيط العلمي و غياب إخضاع الأزمة للمنهجية العلمية تمامًا. أضف إلى ذلك التجربة اليابانية في النجاح و التغلب على أقسى أنواع الكوارث الطبيعية و هي الزلازل تثبت فعالية و أهمية إدارة الأزمات و الكوارث. فاليابان تتغلب على الزلازل و نحن نعاني من سيول خطورتها ليست أخطر من الزلازل و بالتالي تعزيز الفجوة العلمية بيننا و بين الدول المتقدمة فلا مكان للتخطيط العلمي لإدارة الأزمات و الكوارث في العالم العربي و لا مجال لإخضاع الأزمات للمنهجية العلمية أيضًا. أيضاً تطالعنا الصحف بعد كل فترة عن وفاة موظفين في شركة أرامكو بسبب تسرب غازات سامة مما يدل على غياب تبني إدارة الأزمات كخيار استراتيجي.

التنبؤ الوقائي
يجب تبني التنبؤ الوقائي كمتطلب أساسي في عملية إدارة الأزمات من خلال إدارة سبّاقة وهي الإدارة المعتمدة على الفكر التنبؤي الإنذاري لتفادي حدوث أزمة مبكراً عن طريق صياغة منظومة وقائية مقبولة تعتمد على المبادأة و الابتكار و تدريب العاملين عليها. في دراسة للأعرجي بعنوان إدارة الأزمات بين (الوقائية و العلاجية): دراسة مسحية في المصارف الأردنية ثبت صحة فرضية هذه الدراسة القائلة بأن طبيعة و مستويات الجاهزية في المنظمة تجاه الأزمات تتناسب طرديًا مع واقع الاتجاهات الوقائية أو العلاجية لدى العاملين في تلك المنظمة. ففي هذه الدراسة أثبت الأعرجي التناسب الطردي بين الحل الوقائي للأزمات و القدرة على مواجهة الأزمات بمستوى جاهزية عال. أيضًا كانت من توصيات الدراسة الحاجة لبلورة و تنفيذ برامج توعوية وقائية و علاجية و تدريب للعاملين في المصارف في مجال إدارة الأزمات على هذه البرامج. مثال ذلك مشكلة الجراد الأخيرة وأثره التدميري إنما يعكس تفادي الفكر التنبؤي تمامًا لدى المتعاملين والمتخصصين في المجال الزراعي ولو تطور الأمر بنفس الفكر المتعامل معه فسوف يصبح أزمة موسمية مثل أزمة رمي جمرات الحج. أيضًا أشارا دقامسة و الأعرجي في دراستهما إدارة الأزمات: دراسة ميدانية لمدى توافر عناصر نظام إدارة الأزمات من وجهة نظر العاملين في الوظائف الإشرافية في أمانة عمّان الكبرى إلى أن النجاح في عملية إدارة الأزمات يتطلب عدة عوامل منها:
إيجاد و تطوير نظام إداري مختص يمكّن المنظمة من التعرف على المشكلات وتحليلها ووضع الحلول لها بالتنسيق مع الكفاءات المختصة .
العمل على جعل التخطيط للأزمات جزءًا هامًا من التخطيط الاستراتيجي.
ضرورة عقد البرامج التدريبية وورش العمل للموظفين في مجال إدارة الأزمات .
ضرورة التقييم و المراجعة الدورية لخطط إدارة الأزمات واختبارها تحت ظروف مشابهة لحالات الأزمات وبالتالي يتعلم الأفراد العمل تحت الضغوط .
التأكيد على أهمية وجود نظام فعّال للإنذار المبكر.
و الجدير بالذكر أن الدراسات الثلاث المُستشهد بها في هذه الورقة اشتركت في توصية و هي ضرورة عقد البرامج التدريبية و ورش العمل للموظفين في مجال إدارة الأزمات. دعنا نري مذا سيفل الناس في المستقبل