اعتاد إمبراطور عظيم على التجول في المدينة على حصانه باكراً كل صباح.. وقد كان تطور وازدهار عاصمة مملكته مشهداً جميلاً... فهو حلم بأن يجعل المدينة أجمل مكان على وجه الأرض.
كان دائماً يوقف حصانه ليراقب رجلاً كبيراً في العمر ربما عمره مئة وعشرين سنة، وهو يعمل في الحديقة وينشر البذور ويسقي الأشجار... وهي أشجار ستحتاج مئات السنين حتى تثمر وتقدر أن تعيش أربع آلاف سنة.
احتار كثيراً في هذا الرجل العجوز، لأنه في نصف قبره تقريباً، فلمن ينشر هذه البذور؟ لن يكون قادراً أبداً على رؤية أزهارها وثمارها.. ومن المستحيل تخيل أن هذا الرجل سيرى نتيجة جهوده المتواصلة.
في أحد الأيام لم يقدر الإمبراطور على تمالك نفسه.. توقف ونزل عن الحصان وسأل العجوز: "لقد كنتُ أمر من هنا كل يوم ونفس السؤال يتبادر إلى ذهني، والآن من المستحيل ألا أتدخل في عملك ولو للحظة.. أريد أن أعرف، لمن تنشر هذه البذور؟؟ هذه الأشجار لن تنضج وأنت هنا!"
نظر العجوز إلى الإمبراطور وضحك قائلاً: "لو أن هذا المنطق كان عند أجدادي، لم يكن بإمكاني الحصول على هذه الأشجار والثمار والحديقة الجميلة.. أنا مزارع عبر أجيال عديدة.. والدي وأجدادي نشروا البذور، وأنا أكلت الثمار.. ماذا عن أطفالي؟ وأطفال أطفالي؟ لو كان عندهم رأي مثلك لما كان هناك أي حديقة..
وبالنسبة لنشر البذور.. عندما يأتي الربيع، فمشاهدة خروج الأوراق الخضراء منها هي فرحة فائقة جعلتني أنسى تماماً كم عمر جسدي... لقد بقيت فتياً لأنني استمريت بالإبداع.. والموت رحيم ورحمة بالنسبة لي لأنني أحافظ على التناغم والسير مع الوجود..
لكن أنت شاب وتسأل أسئلة شخص يموت... السبب هو أنك غير مبدع"...
الطريقة الوحيدة لمحبة الحياة هي خلق المزيد منها.. جعل الحياة جميلة أكثر ومثمرة أكثر..
لا تترك هذه الأرض ما لم تجعلها أفضل قليلاً مما وجدتها عليه عندما ولدت..
وبصنع المزيد من الحياة سيحدث لك التحويل الأصيل..
لأن الإنسان الذي يقدر على صنع الحياة وخلق الجديد
قد صار سلفاً جزءاً من الألوهية النابضة في كل وريد