بعد عملية تحديد الإحتياجات التكوينية أو التدريبية وفقا للطرق الثلاث التي تم عرضها في هذا الفصل, حينئذ تبدأ مرحلة تصميم برنامج التكوين الذي يفي بالحاجة, و يتضمن تصميم أو بناء برنامج التكوين عدة موضوعات أهمها تحديد المحتوى التكويني أو التدريبي, ثم أساليب التكوين, و الأدوات المساعدة لتنفيذ هذا البرنامج, كذلك تحديد مراكز التكوين المستهدفة وفق الشروط الموضوعة لتنفيذ البرنامج, وأخيرا يتم وضع نظام أو نموذج تقييمي لمتابعة البرامج التكوينية و الإنجازات التي يحققها لفائدة الأفراد و المؤسسة.

إن وضع برنامج التكوين حيز التنفيذ الحامل للإختيارات و الإتجاهات على مستوى السياسة العامة للتكوين في شكل دورات تكوينية و الذي يوضع سنويا من طرف مديرية الموارد البشرية(مصلحة التكوين).
"برنامج التكوين يخطط و ينظم دورات التكوين عملا بالأهداف المحددة, و البرنامج يحدد قائمة الوسائل اللازمة لبلوغ الأهداف المحددة, و الأهداف المسطرة لتحقيقها, الأولويات التكوينية, و مضمون الدورات التكوينية و البيداغوجية و المدة الزمية اللازمة للتكوين, و ميزانية التكوين, الفئات السوسيومهنية للعمال أو الأفراد العاملين".

فالمؤسسة يجب أن تعلم أو تعرف ترتيب إحتياجاتها حسب الأولوية, و هذا بالأخذ بعين الإعتبار, مشاكل الخلل الوظيفي الحالية و من بين هذه المشاكل "تردي نوعية الإنتاج, و تكرار أخطاء التسيير, و زيادة مدة الإنجاز بالمقارنة مع المدة الزمنية القانونية, و ضعف المردود الجماعي, وتعطل الآلات و أجهزة العمل, سوء إستعمال الآلات, و ظهور الفجوة بين الكفاءات الحالية و الكفاءات اللازمة لتفادي أو تجنب المشاكل, و لهذا تلجأ بعض المؤسسات إلى تحديد أو وضع إستمارات خاصة بمعاينة النجاعة ".

كذلك عندما تنوي المؤسسة في البدء في مشاريع التغيير أو الإستثمار, فإن هذه المشاريع تخص إختيارات المؤسسة الإستراتيجية, وهذه الشاريع تستطيع أن تكون محتوية في مخطط إستراتيجية التنمية أو مشروع تحديث مصالح الإنتاج, و نجاح هذه المشاريع يحتاج إلى تجميع الكفاءات المهنية المتواجدة على مستوى المؤسسة.

أما إذا أرادت المؤسسة أن تقوم بتطوير الوظائف و المهن لدى مصالحها و هذا "غالبا يكون مفروضا من طرف المحيط الخارجي بسبب التحولات التكنولوجية و التغيرات التنظيمية الحادثة على مستوى سوق العمل, فهذا يتطلب مشاركة فعلية حسب نظرة المسؤولون حول العمل و ما يتطلبه من تكوين".

إضافة إلى هذا, فإن " التغير الثقافي أيضا له تأثيرا مباشر, حيث أن ثقافة المؤسسة تعود إلى مجموعة القيم و طبيعة ردود الأفعال, فمشاريع المؤسسة أو بيئتها تستطيع جذب أو إحتواء حتمية تغير ثقافي, و التحديد الواضح للإحتياجات يسمح إذن برسم الأدوات الملائمة, ويسمح أيضا بإنجاز إقتصاديات أي الإستثمار أكثر حسب الأولويات التنموية".

أما المرحلة الموالية لإعداد برنامج التكوين تخص إتخاذ القرارات الإستراتيجية فيما يخص تحديد و وضع الإحتياجات المستهدفة لبناء مخطط أو برنامج التكوين, حيث يتم إتخاذ القرار أو الفصل في الأمر المتعلق بإنشاء برنامج التكوين بالتعاون و التنسيق مع كل الأطراف المعنية, الذين لديهم الكفاءات الكافية و القدرات للقيام نمهامهم المرتبطة بمنصب العمل و نشاط المؤسسة.

و تتمثل الإختيارات الهامة التي تقوم بها المؤسسة " تحديد الميزانية و إختيار الأهداف و وضع محتوى البرامج التكوينية, و إختيار نوع و مدة التكوين".

و بالتالي يظهر برنامج التكوين الخاص بالمؤسسة "وإنجاز برنامج التكوين لا يكون إلا بالأخذ بعين الإعتبار التكوين الذي له علاقة وطيدة بالوظائف المهنية في المؤسسة " ;حيث سيسمح ذلك " بصمان نجاح سياسة التكوين التي تتناسب مع أهداف المؤسسة, و تقييم قيمة المشاركة للسنة الحالية و السنوات المقبلة" ;و أن يوجه المخطط نحو تحديد أهم الأولويات و هذا تبعا لحجم النشاطات في المؤسسة, و طريقة التسيير فيها "