بدى بريق الإعجاب في عيني المذيعة، وكاد وجهها يتشقق من شدة الإبتسام و هي تسأل رجل الأعمال المشهور عن سر نجاحه، و عن طبيعة عمله، و عن بداياته المتواضعة، و كل جواب كان يصدر من ذلك الرجل، كان يزيد تلك المذيعة إلهاما و حماسا لتستزيد و يستزيد المشاهدون من هذه الشخصية الفذة التي فاقت حدود النجاح إلى التميز، و التي تعتبر مثالا يحتذى به في دنيا المال و الأعمال.

بينما إنعكس وجه زوجة رجل الأعمال على شاشة التلفاز ولكن من الناحية الأخرى و هي تشاهد زوجها الناجح من المنزل و تستعيد ذكريات تلك النجاحات و العقبات التي واجهتهما منذ البداية ولكن بشئ من الحسرة و الألم، لماذا؟ لأن ذلك الرجل؛ رجل الأعمال؛ إستطاع أن ينجح في حياته العملية، و لكن لم يوفق أن يكون أبا ناجحا، فهو لا يعرف الكثير عن أولاده، أين يذهبون؟ كيف هي حياتهم؟ هل يشعرون بعاطفة الأبوة أم أن هذا أصبح شيئأ أثريا؟ ولم يوفق أيضا أن يكون زوجا ناجحا، فها هي زوجته تعيش حياة شبه معزولة عن زوجها "الناجح" الذي طاف البلاد غربا و شرقا، و حصّل الملايين، و شهد له كل من له شهادة أنه من أذكى من وطأ أرض الأعمال و التجارة، فهل هذا هو النجاح؟

يستعمل البعض السؤال المكرر "هل تعتبر نفسك ناجحا؟" و لايزيد المسؤول إلا أن يجيب الجواب المكرر "النجاح شئ نسبي، و لكني أعتبر نفسي ناجحا!".
ولكي نعرف مدى نجاحنا في هذه الحياة، يجب علينا أن نسأل سؤالين مهمين:
1- السؤال الأول هو "ما هي الجوانب التي سنعتبرها في قياس النجاح؟"
2- والسؤال الثاني هو "ما هو المقياس الذي سنقيس فيه نسبة النجاح في كل جانب؟"

في السطور القادمة، سنتكلم عن جوانب النجاح السبعة، التي تكون موجودة في حياة معظم الناس:
أ-الجانب الروحاني:
وهو جانب مهم جدا، و النجاح في هذا الجانب يفسر و يمهد لنجاح أو لفشل الجوانب التالية، وهو الجانب الذي يعتمد على علاقة الشخص بالخالق الذي يملك حياته و مصيره و يسير أموره.
ب-الجانب الصحي:
لا شك أن صحة الإنسان هي رأس المال الأول و الأهم الذي يعتمد عليه كل إنسان، فلو كان الإنسان مريضا أو به علة، فمن الممكن أن يؤثر هذا المرض أو هذه العلة على سير النجاح في الجوانب المتبقية، و من الممكن أن يحمل الشخص إعاقة معينة و لكنه يتمتع بصحة جيدة فذلك لن يؤثر كثيرا على النجاح في الجوانب الأخرى، بل في بعض الأحيان تكون الإعاقة حافز إضافي و قوي للنجاح.
ج-الجانب الشخصي:
يعتني هذا الجانب بنظرة الإنسان لنفسه، و حبه لذاته "الذي لا يعني الغرور"، و إعتقاده بقدراته و بإستطاعته أن يطور من نفسه، حديثه مع نفسه، ردة فعله لحديث الأخرين عنه، هل عنده القدرة على إتخاذ القرار في الجوانب الأخرى، هل يحاسب نفسه و يعدل نحو الأفضل. و نجاحه في هذا الجانب يعتبر القاعدة التي يبني عليها النجاح في المجالات التالية.
د- الجانب العائلي:
إن النجاح في هذا الجانب يعد مطلبا ضروريا جدا، لأن الجانب العائلي هو الأرضية التي يُبنى عليها المجتمع ككل، و بالتالي هي الأرضية التي سيبني عليها الشخص حياته و سعادته و حزنه، و العائلة في أغلب الأحيان تمثل وقود النجاح.
هـ- الجانب الإجتماعي:
نحن مخلوقون لكي نعيش ضمن مجموعات، و يستفيد بعضنا من بعض، لا يستطيع الإنسان أن يعيش مفردا، فهو يحتاج إلى الناس، يحتاج إلى العلاقات الخارجية، سواء كانت علاقات عمل أو علاقات شخصية، و النجاح في هذا الجانب يعتبر عمود النجاح.
و- الجانب المهني:
الكل سينظر للشخص العاطل عن العمل و حتى الذي يعمل و لا يطور من نفسه في الجانب المهني و يحسن من أدائه على أنه شخص غير مرغوب فيه و التعامل معه أو حتى الجلوس معه ربما يشكل خسارة.
ز- الجانب المادي:
تعتبر المادة عصب النجاح، و هي مطلوبة لتسيير عجلة النجاح، و يعتبر بعض الناس أن هذا الجانب هو الجانب الوحيد الذي يمثل النجاح، و حتى لو فشل الشخص في معظم الجوانب الأخرى فإن نجاحه في هذا الجانب قد يغفر له.
هذه هي جوانب النجاح السبعة و التي لا يستطيع أحد أن يوفق بينها كلها بنفس المقدار، و لكن المطلوب للنجاح في هذه الجوانب هو أن يواظب الإنسان على التحسين المستمر و إيجاد العقبات و حلها قبل تفاقمها.
و لكي نمثل عملية سير هذه الجوانب السبعة التي عرضناها، من الممكن أن نمثل نسبة النجاح في كل جانب من 100، فأي جانب تحصل فيه على 100% فأنت أكملت كافة متطلبات النجاح في ذلك الجانب. فلنفترض أنك حسبت نجاحك في كل جانب من الجوانب السابقة كما يلي:
#أ-الجانب الروحاني: 30%
#ب-الجانب الصحي: 70%
#ج- الجانب الشخصي: 20%
#د- الجانب العائلي: 80%
#ه- الجانب الإجتماعي: 70%
#و- الجانب المهني: 50%
#ز- الجانب المادي: 10%
فلو أخذنا هذه النسب و وضعناها على شكل عجلة تمثل عجلة النجاح، سيظهر لنا الشكل التالي:


إذا قدر للعجلة المظللة أن تسير، فكيف سيكون سيرها؟
سنتكلم إن شاء الله لاحقا عن كيفية حساب نسبة النجاح في كل جانب من الجوانب السابقة، و كيف نحدد الأهداف و الخطط اللازمة لتحقيق أعلى درجات النجاح في كل جانب.