الفكر الإداري في الإسلام :
إن الإدارة العامة الإسلامية محورها الأساسي العقيدة والإيمان وبهما يتجاوز الفرد المسلم المنافع الشخصية والدنيوية إلى سعة التكليف الرباني الذي جعل الحياة كلها لله، وأن غاية خلق الإنسان هي العبادة والخلافة في الأرض تحقيقاً لقوله تعالى) وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون (56) ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون) (57)الذاريات .
وقد تكون الفكر الإداري في الإسلام مع الهجرة النبوية إلى يثرب ، حيث تكونت أمة إسلامية لها دستورها القائم على القرآن والتي اتخذت العدالة والمُثل والأخلاق الكريمة سلاحاً لها ثم تلى ذلك الخلفاء الراشدون الذين دعموا هذه الدولة وأقاموا إمبراطورية إسلامية من المشرق إلى المغرب ، وهنا ظهر مفهوم الوظيفة العامة ومبدأ تفويض السلطة.
ولقد أدى اتساع سلطات الخلافة الإسلامية إلى التوسع في الدواوين تمثلت في المجموعات التالية :
1) دواوين تتعلق أعمالها بالرسائل والمكاتبات.
2) دواوين تخص الشؤون الإدارية والمالية.
3) دواوين الشؤون العسكرية.
4) دواوين خاصة بشؤون البلاد.
ويعد الفكر الإداري الإسلامي فكراً متكاملاً يصلح للتطبيق في أي زمان ومكان، لكونه يحتوي على المبادئ التالية :
1) مراعاة المسلم لدينه فيما يوكل إليه من مهام وأعمال.
2) الأخذ بمبدأ الشورى في تعاملات الفرد مع رؤساءه.
3) الرقابة الذاتية من قبل الفرد والمستمدة من دينه.
4) تطبيق الإدارة الإسلامية لمبدأ تقسيم العمل والجدارة والأجر على العمل.
فالإسلام قد عالج جميع قضايا الإنسان، ووضع الحلول الحاسمة لجميع مشكلاته وأزماته وكان من أهم ما عني به القضايا السياسية والإدارية العامة لأنها ترتبط بحياة المسلمين ومصيرهم، فوضع لها القواعد والأسس العامة ولم يتعرض للتفاصيل الشكلية.

وتعد هذه ميزة متفردة للإسلام، فقد ثبت أن ما عدا الأسس والمبادئ من تفصيلات أمر خاضع للاجتهاد والرأي والتبديل والتغيير كلما اقتضت الضرورة ذلك. وبهذا تكون الإدارة في الإسلام قابلة لأن تأخذ أشكالاً كثيرة تبعاً لاختلاف الأحوال وتبدل الأطوار الاجتماعية المتعاقبة. وفي محاولة لتأصيل البحوث الإدارية من منظور الفكر الإداري العربي الإسلامي والوقوف على الأسس والأساليب التنظيمية التي تكفل التوظيف المعاصر للتراث الإداري العربي الإسلامي،