إذا أراد الله بقوم شراً ألزمهم الجدل ، ومنعهم العمل!


يوسـف الـشمري

بسم الله الرحمن الرحيم
يـا أيـها الأحبـاب والأخوان ،،
قد أبتليت هذه الأمه بـكثير من الـفتن ، ومن هـذه الـفتن ، فـتنة الـجدال .
نـعم يـا طالـب الـعلم ويـا طالـبة العلم ، أن كثير من المجالس تجد فيها من يـجادل ، وكثير من الذين يـجادلونكم ، لأ يجادلونكم بحقً ، ولأ من أجل مصـلحةً ولأ من أجل شـئ ، أنــما من أجل الـحقد والـبغضاء ، وحبً للــشهره.
ولـهذا تـجد الـمجادل ، لأ تـرتح نـفسة إلا بـالمجادل ، فـيقمع صـاحب الحق بأكاذيبه ، وأفتراءاته ، حتـي يـقال أنهُ علي حق ، وصـاحبة علي بـاطل ، فـكـانه يـقول للـناس ، هـا أنا علي حق..
أن مثل هذا الذي يجادل ويمتري بغير حق ، مصـيرهُ لأ يدوم كثـيراً ..
فقـد قـال الإمام النووي – رحمه الله - : ( مما يذم من الألفاظ المراء , والجدال , والخصومة ).
وعلي ذالـك ، فـصحاب الجدال جدالـهُ مذموم أن كان بغير حق ..
ولـذلك قال الإمام النووي : ( واعلم أن الجدال قد يكون بحق , وقد يكون بباطل , قال الله تعالى : ( وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وقال تعالى : ( مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا )
فإن كان الجدالُ الوقوفَ على الحق وتقريره كان محموداً , وإن كان في مدافعة الحق , أو كان جدالاً بغير علم كان مذموماً .
وعلى هذا التفصيل تنزيل النصوص الواردة في إباحته وذمه )
ثم قال – رحمه الله- : ( قال بعضهم : ما رأيت شيئاً أذهب للدين , ولا أنقصَ للمروءة , ولا أضيع لِلَّذة , ولا أثقل للقلب من الخصومة .
نـعم يا أخواني ، أن الجـدال مـولد للـخصومه ، بـل لأ تجد شخص يجادل بغير حق إلا وكـره الذي يجادله بـحق ..
فـالله الله أخواني وأخواتي ، من الجدال بغير حق ، والله الله في البعد عن تلك المجالس التي بـها جدال ، فـأن جـادلك شـخصً عنيد لأ يُريد الحق ، ففــر منهُ ، فهذا فـيه مـرض ، قـد يـُعديك مـرضهُ .
وأعلمُ ، قـول الأوزاعي : (( إذا أراد الله بقوم شراً ألزمهم الجدل ، ومنعهم العمل ))
وأخرج أن عمر بن عبدالعزيز – رحمه الله – قال : ( من جعل دينه غرضاً للخصومات أكثر التنقل ) وقال عبدالله بن حسين بن علي – رضي الله عنهم - : ( المراء رائد الغضب ، فأخزى الله عقلاً يأتيك بالغضب )
وقال محمد بن علي بن حسين – رضي الله عنهم - : ( الخصومة تمحق الدين ، وتنبت الشحناء في صدور الرجال )
وقيل لعبدالله بن حسن بن حسين : ( ما تقول في المراء ؟ قال : يفسد الصداقة القديمة ، ويحل العقدة الوثيقة . وأقل ما فيه أن يكون دريئة للمغالبة ، والمغالبة أمتن أسباب القطيعة ) وقال جعفر بن محمد – رحمه الله - : ( إياكم وهذه الخصومات ، فإنها تحبط الأعمال ) وقيل للحكم بن عتيبة الكوفي – رحمه الله - : ( ما اضطر الناس إلى هذه الأهواء ؟ قال : الخصومات )
ولـذالك قـال الأمام الشافعي – رحمه الله – :
قالوا سكتَّ وقد خوصمتَ قلتُ لهم *** إن الجوابَ لِبَابِ الشَّرِّ مفتاحُ
والصمت عن جاهلٍ أو أحمقٍ شرفٌ *** وفيه أيضاً لصون العرض إصلاحُ
أما ترى الُأسْدَ تُخشى وهي صامتةٌ *** والكلب يُخسى لعمري وهو نباحُ