القرار الذي أصدره الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، مؤخراً، بخصوص تشكيل فريق إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث في الإمارة، يعدّ خطوة مهمة نحو تكامل جهود الهيئات والجهات المختلفة في أبوظبي، والاستفادة من خبراتها في إدارة الطوارئ والأزمات.
لا شكّ في أن وجود فريق لإدارة الطوارئ والأزمات، يتضمّن في عضويته مختلف الهيئات والجهات المعنية في أبوظبي، يشكّل خطوة مهمة على صعيد تفعيل جهود إدارة الأزمات والطوارئ، لأنه سيحقق التكامل والتعاون والتنسيق بين جميع الأطراف والمؤسسات ذات العلاقة، بعد أن ثبت في بعض الأحيان أن غياب التنسيق في أثناء الأزمات بين الجهات المعنيّة قد يؤدي إلى هدر الوقت وضياع الجهد، ولهذا فإنّ وجود فريق موحّد يضمن، ليس تنسيق الجهود وتكاملها فقط، وإنما وضع منظومة متكاملة وفاعلة من الإجراءات التي تسهم في رفع درجة الاستعداد لأيّ أزمات أو طوارئ محتملة أيضاً، خاصة أن قائمة المهام التي من المقرّر أن يقوم بها هذا الفريق تتعامل مع مختلف الجوانب المرتبطة بعمليات الطوارئ والأزمات، بداية من إعداد سجل المخاطر المحليّ، ومروراً بالإشراف على إعداد خطط الاستجابة المحليّة للطوارئ والأزمات والكوارث وتقويمها، وتطوير الإمكانيّات من خلال اقتراح البرامج وتنسيقها بين الجهات على مستوى الإمارة، ورفع تقارير دوريّة بالاحتياجات المتعلقة بتطوير الإمكانيات إلى الهيئات والجهات المعنية في الدولة، وانتهاءً بالعمل على تنسيق أدوار الجهات المعنيّة في الإمارة عند وقوع طوارئ أو أزمات أو كوارث، والإشراف على إعداد خطط الاستجابة اللازمة للمنشآت الحيوية والبنية التحتية في الإمارة، وتنسيقها، وهي المهامّ التي تستهدف في جوهرها رفع درجة الجاهزية والاستجابة لدى مواجهة أيّ أزمات أو طوارئ محتملة.

أصبح الاهتمام بإدارة الطوارئ والأزمات توجّهاً استراتيجياً عالمياً، خاصة بالنظر إلى تزايد الكوارث والأزمات في الآونة الأخيرة، التي لم يعد يتوقف تأثيرها عند دولة أو منطقة بعينها، وإنّما أصبحت تطول دول العالم أجمع، كما حدث في سلسلة الأزمات العالميّة التي واجهت العالم في السنوات القليلة الماضية، كارتفاع أسعار النفط، وأزمة الغذاء، والأزمة الماليّة التي ما زالت آثارها تتفاعل، وتلقي بظلالها السلبية على كثير من اقتصادات دول العالم، وهو الأمر الذي يفرض بدوره الاستعداد لإدارة مثل هذه الأزمات، ووضع الخطط اللازمة لضمان التعامل معها واحتواء آثارها المحتملة. وعلاوة على ما سبق، فإنّ الاهتمام بإدارة الأزمات والطوارئ أصبح ضرورة تنمويّة، لأنه مع ارتفاع سقف الطموحات التنمويّة تظهر بعض التحديات أو الأزمات الطارئة، وهذا يتطلب بدوره ضرورة تضمين خطط التنمية وبرامجها استراتيجيات لإدارة الأزمات والتخفيف من آثارها والاستعداد لها، من خلال استثمارات استباقيّة، تعمل على تأهيل الكوادر البشرية اللازمة، وتدريبها، وتأسيس بنية تحتيّة قويّة لإدارة الكوارث والأزمات. وهذا ما تدركه حكومة أبوظبي، والإمارات بوجه عام، التي تضع ضمن أولويّاتها تطوير إدارة الطوارئ والأزمات، سواء من خلال هذا الفريق المعنيّ بإدارة الأزمات والطوارئ على مستوى إمارة أبوظبي، أو من خلال الآليات الاتحادية، مثل "البرنامج الوطني للاستجابة للطوارئ"، الذي يركّز على تدريب كوادر في مختلف القطاعات على التعامل مع الكوارث والأزمات للحدّ من مخاطرها قدر المستطاع، و"الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات"، وهي هيئة اتحادية تقوم بتنسيق جميع الجهود في ما بين الهيئات والجهات المختلفة من أجل التوصّل إلى إدارة فاعلة للطوارئ والأزمات على مستوى الدولة.