أوضحت بحوث الاتصال المتعلقة بالرسائل التي تهدف إلى إقناع المتلقي بتبني اتجاهات جديدة، أو القيام بالسلوك الذي تحبذه عملية الاتصال الإقناعي.. أن تكرار مضمون الرسالة الاتصالية الإقناعية سيكون في الغالب عاملا مساعدًا على تغيير السلوك؛ فخطيب الجمعة مثلا إذا كرر في كل صلاة جمعة الدعوة للمصلين باصطحاب أطفالهم للمساجد حتى يعتادوا الصلاة، مع التنبيه على ألا يسبب الصغار ما يزعج المصلين؛ فإن صحن المسجد سيمتلئ جمعة بعد أخرى بأطفال مهذبين يسكنون حتى تنتهي صلاة الجمعة، ثم يبدأ كل صغير منهم بالتعلق بوالده وهو يسجد، أو يقلده في سجوده ببراءة تزيد من الجو الروحاني الذي يشعر به المصلون.
ولعل استخدام التكرار في الإعلانات التجارية كان الغالب على الرسائل الإقناعية التي يتعرض لها كل منا؛ فحملات الإعلان التي تطلب من المستهلكين شراء نوع بعينه من مساحيق الغسيل أو مشاهدة فيلم سينمائي تلاحق المتلقي للرسالة الإقناعية، والذي يجدها تطرق أذنه وعينيه أيضًا في وسائل الاتصال الجماهيري، كالإذاعة أو التلفزيون، أو حتى عند استخدامه للإنترنت، في كل مرة يستخدم إحدى هذه الوسائل للحصول على معلومة أو سماع نشرة الأخبار، أو حتى عند مشاهدته لمسلسل درامي.
ولكن هل تكرار رسالة الاتصال الإقناعية تقنية ناجحة في كل الأحوال؟
بمعنى: هل إذا استمر خطيب الجمعة في الإلحاح على المصلين باصطحاب أطفالهم، فإن صحن المسجد سيمتلئ في كل مرة بالأطفال أكثر من المرات السابقة، حتى يصبح الصغار هم الأغلبية في المسجد، وتدريجيًّا لا يجد آباؤهم مكانًا للصلاة؟ وهل إذا استمرت الشركة التي تنتج مسحوقًا معينًا للغسيل في الإلحاح على المشترين لشراء إنتاجها، فإن مبيعات الشركة ستزداد حتى تصبح غير قادرة على تلبية احتياجات الزبائن؟ هل المسألة بهذه البساطة؟ هل بمجرد التكرار تزيد فاعلية الاتصال وقدرته على الإقناع؟
بالطبع فإن الداعية الماهر هو الذي لا يتورط في الإلحاح على أفراد حقل دعوته بنفس الرسالة الإقناعية الدعوية حتى يمل هؤلاء من الرسالة الاتصالية والقائم بالاتصال نفسه، وحتى فيما يتعلق بالحملات الإعلانية التجارية؛ فإن تحليل نتائج هذه الحملات يشير إلى أنه على الرغم من فوائد استخدام تقنية التكرار؛ فإن هذه التقنية قد تسبب ملل المتلقي وضجره، حتى إنه أحيانًا قد يقف موقفًا سلبيًّا من القائم بالاتصال والرسالة، فيتوقف المتلقي عن مشاهدة المسلسل مثلا، أو يتجنب على الأقل الفترة الإعلانية التي تسبقه، وربما يقرر من باب الانتقام الامتناع عن شراء مسحوق الغسيل الذي تنتجه هذه الشركة التي تلح عليه ليل نهار، وتحاصره، وتزعجه في كل وسائل الاتصال.
إن بحوث الاتصال تقترح على القائم بالرسالة الإقناعية أن يعمد في كل مرة يكرر فيها رسالته للمتلقي بأن ينوع في هذه الرسالة، ويغير قليلا في أشكال تقديمها، وحتى في القليل من محتواها؛ فالداعية الذي يحاول إقناع أفراد حقل دعوته بالمواظبة على الصلاة في المسجد يستخدم -كرسالة إقناعية- الأدلة الشرعية على وجوب الصلاة بالمسجد، وفي مرة أخرى الأحاديث الشريفة التي تبين فضل صلاة الجماعة، وفي مرة ثالثة يشير إلى أن الأطفال سيكونون أكثر سعادة وهم يصاحبون آباءهم إلى المسجد، وسيكون هذا مشجعًا لهم على الصلاة بانتظام في المستقبل، واحترام آبائهم وطاعتهم.
وفي إحدى الدول العربية التي تتسم بكثافة السكان، حققت حملات تنظيم الأسرة نجاحًا ملحوظًا بعد أن قام جهاز التعليم والاتصال التابع لهيئة الاستعلامات هناك بإنتاج عشرات أفلام الدعاية القصيرة التي تحض المتلقين على اتباع وسائل تنظيم الأسرة، وكان مما زاد فاعلية هذه الأفلام هو التنوع الواضح الذي اتسمت به، وتنوع الشخصيات الدرامية التي وظفتها هذه الرسائل الإقناعية والقائمون بالاتصال، ومحتوى كل رسالة، حيث كانت تحض في النهاية على تحقيق هدف إقناعي واحد، هو الحد من الإنجاب.
فتكرار نفس الرسالة هنا مع تنويهات من حيث المحتوى والشكل ساهم في زيادة فاعلية الاتصال الإقناعي، على الرغم من أن حملات تنظيم الأسرة في هذا البلد واجهت في بدايتها صعوبات حقيقية، تمثلت في أنها تهدف إلى تحقيق سلوك إقناعي متصل بأفكار تقوم على التقاليد والعادات الاجتماعية الراسخة.. بل والمرتبطة أحيانًا بالدين نفسه، وهو أصعب أنواع الاتصال، والذي يهدف إلى تحقيق تغيير في السلوك من خلال إقناع المتلقي بتبني أنماط سلوكية جديدة.
قليل من الغموض لا يضر
إن تنويع الاتصال مبدأ أساسي لتحقيق فاعلية للرسالة الإقناعية عند استخدام تقنية التكرار، ولذلك يُتجنَّب شعور المتلقي بالملل والضجر؛ مما قد يسبب رد فعل عكسيًّا من جانبه، عند تحقيق سلوك الاتصال، مع الأخذ في الاعتبار أن قليلا من الغموض في الرسالة بدون الإسراف في تضمين أهدافها سيكون فعالا لتحقيق هدف الإقناع، وهو ما سوف نتعرض له في مقال لاحق إن شاء الله.
وفيما يتعلق بتكرار الرسالة الإقناعية في عملية الاتصال فإن بحوث الاتصال أوضحت أن عرض أكثر من مبرر أو نتيجة لاتباع السلوك الذي تقترحه الرسالة الإقناعية، وتوزيع هذه المبررات والنتائج ضمن رسائل إقناعية واتصالية متكررة؛ فإن كل ذلك سيزيد من فاعلية الاتصال الإقناعي.
وعلى سبيل المثال فإن حملات تنظيم الأسرة التي تتوجه للمتلقين بأكثر من مبرر لاتباع وسائل الحد من الإنجاب أو تنظيمه على فترات، كانت فعالة بسبب استخدامها لأكثر من مبرر في تكرارها لنفس الرسالة الإقناعية، على سبيل المثال أن تنظيم الأسرة تبعًا للرسائل الاتصالية التي حاصرت الجمهور سوف يؤدي إلى علاقة عاطفية أفضل بين الزوجين، وأيضًا خلق الأجواء المناسبة لحياة أسرية سعيدة، وكان يتم التأكيد على هذا المعنى من خلال شعار أو عبارة إقناعية "أسرة صغيرة = حياة أفضل" أيضًا، وفي مناسبات مختلفة قدم القائم بالاتصال الإقناعي شعارًا أو عبارة إقناعية أخرى حول مبرر جديد لتنظيم الأسرة من خلال التأكيد على مساوئ الازدحام وتأثيره السلبي على الأعصاب، وحتى استخدام استمالات تتعلق بالانتماء للوطن لإقناع المتلقي، وفي مناسبات أخرى جرى بث أفلام للدعاية تبين أن صحة الأم تتدهور إذا لم تتبع وسائل تنظيم الأسرة، بل وفي حالات أخرى تم الإلحاح على أن ميزانية رب الأسرة ستتدهور إذا لم يقنع زوجته باستخدام وسائل تنظيم الأسرة.
ومن الحملات الناجحة أيضًا التي استخدم فيها القائم بالاتصال تقنية التكرار بنجاح لزيادة فعالية الرسالة الإقناعية: حملة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية والأمريكية، وذلك مع بداية الانتفاضة الفلسطينية، أو مع دخولها مرحلة حاسمة، على الرغم مما ظهر في البداية من عدم الارتباط بين القضيتين، ولكن مع التركيز في بداية الحملة على ضرورة مقاطعة الشركات التي تقدم دعمًا للكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة ظهر أن لتكرار الاتصال الإقناعي حول هذه القضية فعالية في إقناع المتلقين بالقضية، وحيث استخدم القائمون بالاتصال أكثر من سبب أو مبرر لإقناع المتلقين بنفس الفكرة عند تكرارها في مناسبات مختلفة.
فمقاطعة البضائع التي تنتجها شركات تساهم في ملكيتها شخصيات مؤيدة لإسرائيل سوف يمنع مزيدًا من الدعم لها، وبما يساعدها على التنكيل بالعرب، أيضًا استخدم القائم بالاتصال مبررًا آخر، هو أن قيام المتلقين بالاتصال بشراء المنتجات الوطنية بديلا عن هذه المنتجات التي تنتجها مصانع وشركات موالية للكيان الصهيوني سيزيد من فرص شراء المنتجات الوطنية، بما سيخلق فرص عمل أكثر للمواطنين.
وفي مناسبات متعددة استخدم القائم بالاتصال مبررات وأسباب متنوعة عند تكرار نفس الرسالة الإقناعية في الاتصال لتحقيق نفس السلوك، وهو ما أدى إلى نجاح سريع وظاهر لعملية الاتصال الاجتماعي في هذه الحملة، حتى إن بعض الشركات المشتبه في تعاونها مع الكيان الصهيوني أصدرت بيانات تنفي ذلك، ثم اضطرت للانسحاب من بعض الأسواق العربية.
التنويع شكلا ومضمونًا
والنتيجة أن استخدام تقنية التكرار للوصول لسلوك إقناعي للرسالة يكون أكثر فعالية إذا تم هذا الإقناع من خلال التكرار بتنويع الرسالة الاتصالية من ناحيتي الشكل والمضمون معًا، ولا يكفي مجرد التكرار لنفس الرسالة للاستفادة من التأثير الإيجابي لهذه التقنية، بل إن التنويع في الأسباب والمبررات، وحتى شكل تقديم الرسالة سيكون ضروريًّا لتحقيق أثر التكرار، وتجنب أن يصيب المتلقي الضجر أو الملل من نفس الرسالة التي يتعرض لها. ويمكن أن نلاحظ في هذا الصدد أن الحملات الإعلانية التجارية التي استخدمت نفس الرسالة، ولكن حتى مع مجرد التغيير والتعديل في توزيع النغمات الموسيقية المصاحبة مثلاً لنفس الإعلان عن نفس السلعة، أو إذاعة جزء من نفس الإعلان.. كان أكثر فعالية فيما يتعلق باستخدام تقنية التكرار في تحقيق أهداف الرسالة الإقناعية.


RT� ye�O=��>ign:justify;text-indent:10.3pt; direction:rtl;unicode-bidi:embed'>* يحتاج المحاور إلى الجاذبية، وتقديم التحية في بدء الحوار، وأن يبدأ بنقاط الاتفاق كالمسلمات والبديهيات، وليجعل البداية هادئة وسلسة، تقدر المشاعر عند الطرف الآخر، إنّ من شأن البدء بنقاط الاتفاق والبدء بالثناء على المحاور الآخر امتلاكَ قلبه وتقليص الفجوة وكسب الثقة بين الطرفين، وتبني جسرا من التفاهم يجعل الحوار إيجابيا متّصلا. أمّا البدء بنقاط الخلاف فستنسف الحوار نسفا مبكّراً.

* يحتاج المحاور إلى جعل فقرة الافتتاح مسترعية انتباه محاوره، وعليه أن يحاول أن يكون الحديث طبيعيا مبنيا على الفهم ، وأن يعي الهدف المراد الوصول إلية من حوارهما
* على المحاور ألا يستخدم كلمة " لا " خاصة في بداية الحوار، ولا يستعمل ضمير المتكلم أنا، ولا عبارة " يجب عليك القيام بكذا… " ولا عبارة " أنت مخطئ، و سأثبت ذلك
* على المحاور أن يستخدم الوسائل المعينة والأساليب الحسية والمعنوية التي تساعده على توصيل ما يريد كالشعر وضرب الأمثال والأرقام والأدلة والبراهين مع تلخيص الأفكار والتركيز على الأكثر أهمية.
* ضبط الانفعالات، فعلى المحاور أن يكون حكيما يراقب نفسه بنفس الدرجة من اليقظة والانتباه التي يراقب فيها محاوره، وعليه إعادة صياغة أفكار محاوره وتصوراته وقسمات وجهه ورسائل عينيه، وعليه ألا يغضب إذا لم يوافقه محاوره الرأي.
* عدم إعلان الخصومة على المحاور كي لا يحال الحوار إلى جدل وعداء.
* مخاطبة المحاور باسمه أو لقبه أو كنيته التي يحبّها، مع عدم المبالغة في ذلك.
* الإجابة بـ " لا أدري " أو " لا أعلم " إذا سئل المحاور عن مسألة لا يعرفها، وفي ذلك شجاعة نفسية بعدم التستر على الجهل الشخصي.
* الاعتراف بالخطأ وشكر المحاور الآخر على تنبيهه للمحاور الأول.
* على المحاور التذكر في كل لحظة أنه يحاور وليس يجادل خصما، وأن يتذكر أن الحوار قد يكون أشد من موج البحر في يوم عاصف، فإن لم يكن ربّانا ماهرا للحوار يمنع الاستطراد ويتجنب تداخل الأفكار؛ غرقت سفينة الحوار في بحر النقاش والجدل العقيم.
* على المحاور ألا يضخّم جانبا واحدا من الحوار على حساب جوانب أخرى.
* على المحاور ألا يتعالى بكلمة أو بإشارة أو بنظرة.