- كما أن الكلام وسيله للتعبير و إيصال الرسالة للآخرين فهناك وسائل أخرى قادرة على تبليغ الرسالة منك لغيرك أو من غيرك إليك ، و قد تكون هذه الوسائل أدق و أصدق في التعبير من الكلام ، لأن الكلام قد يكون خلاف الواقع أما غيره فقد لا يستطيع الإنسان أن يكذب فيه .

- و قد قال العرب قديماً " رب إشارة أبلغ من عبارة " و التعبير قد يكون بالعيون ، و قد يكون باليدين ، و قد يكون بقسمات الوجه ، أو بحركات الكتفين أو الرجلين أو الرأس بل و قد يكون التعبير عن حالتك ألنفسيه من خلال لباسك .

* لغــة العيــون :
- قال تعالى : { فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ } .

- و قال الشاعر :
إن العيون لتبدي في نواظرها ما في القلوب من البغضاء و الإحن

- و قال آخر :
العين تبدي الذي في قلب صاحبها مـــن الـشـنـاءة أو حــب إذا iiكـانـا
إن الـبـغيض لــه عـيـن iiيـصـدقها لا يـستطيع لـما فـي الـقلب كـتمانا
فـالـعين تـنـطق و الأفـواه صـامته حـتى تـرى مـن صميم القلب تبيانا

- نعم ، إن العيون ليست وسيله فقط لرؤية الخارج بل وسيله بليغه للتعبير عما في الداخل أي ما في النفوس و القلوب و نقله للخارج .

- فهناك النظرات ألقلقه المضطربة و غيرها المستغيثة المهزومة المستسلمة ، و أخرى حاقدة ثائرة ، و أخرى ساخرة ، و أخرى مصممه ، و أخرى سارحة لا مبالية ، و أخرى مستفهمة و أخرى محبه ...، و هكذا تتعدد النظرات المعبره و قد سمى القرآن بعض النظرات ( خائنة الأعين ).

* كيف تفهم ما في نفوس الأخرين من خلال نظرات عيونهم ؟
- لقد قام علماء النفس بالكثير من التجارب للوصول إلى معرفة دلالات حركات العيون عما في النفوس ، و رحم الله ابن القيم الذي قال : إن العيون مغاريف القلوب بها يعرف ما في القلوب و إن لم يتكلم صاحبها.

- و كان مما وصلوا إليه كما ذكر الدكتور/ محمد التكريتي في كتابه ( آفاق بلا حدود ) أن النظر أثناء الكلام إلى جهة الأعلى لليسـار يعني أن الإنسان يعبر عن صور داخليه في الذاكره ، و إن كان يتكلم و عيناه تزيغان لجهة اليمين للأعلى فهو ينشئ صوراً داخليه و يركبها و لم يسبق له أن رآها ، أما إن كانت عيناه تتجهان لجهة اليسار مباشره فهو يستذكر كلاماً سبق وأن سمعه ، فإن كان نظره لجهة اليمين مباشره فهو ينشئ كلاماً لم يسبق أن سمعه ، و إن نظر لجهة اليمين للأسفل فهو يتحدث عن إحساس داخلي و مشاعر داخليه و إن نظر لجهة اليسار من الأسفل فهو يستمع إلى نفسه و يحدثها في داخله كمن يقرأ مع نفسه مثلاً .
- هذا في حالة الإنسان العادي ، أما الإنسان الأعسر فهو عكس ذلك تماماً .

* التعبير الأمثل بالعيـون :
- إذا أردت إيصال مرادك بعينك فاحرص على الأمور ألآتيه :
- أن تكون عيناك مرتاحتين أثناء الكلام مما يشعر الآخر بالاطمئنان إليك و الثقه في سلامة موقفك و صحة أفكارك .
- تحدث إليه و رأسك مرتفع إلى الأعلى ، لأن طأطأة الرأس أثناء الحديث يشعر بالهزيمه و الضعف و الخور .

- لا تنظر بعيداً عن المتحدث أو تثبت نظرك في السماء أو الارض أثناء الحديث ، لأن ذلك يشعر باللامبالاة بمن تتحدث معه أو بعدم الاهتمام بالموضوع الذي تتحدث فيه .
- لا تطيل التحديق بشكل محرج فيمن تتحدث معه .

- احذر من كثرة الرمش بعينيك أثناء الحديث ، لأن هذا يشعر بالقلق و الاظطراب .
- ابتعد عن لبس النظارات القاتمه أثناء الحديث مع غيرك ، لأن ذلك يعيق بناء الثقة بينك و بينه .

- احذر من النظرات الساخره الباهته إلى من يتحدث إليك أو تتحدث معه ، لأن ذلك ينسف جسور التفاهم و الثقة بينك وبينه ، و لا يشجعه على الاستمرار في التواصل معك ، و رب نظرة أورثت حسره .

- و الآن أصبح بإمكانك فهم و استيعاب من يتحدث معك من خلال عيونه و تعبيراتها و مع الخبرة و التمكن في ذلك تستطيع معرفة إن كان المتحدث صادقاً أو في حالة تخيل و توهم أو حتى كاذباً و يخفى الحقيقة من خلال تتبع اتجاهات نظره أثناء الحديث كما ذكر سابقاً إن كان لليمين أو لليسار الأعلى أو الأسفل ، و يمكنك تجربة ذلك في نفسك أولاً ...... وستدهش من النتيجة ، فسبحان الله جرب أن تخالف ما قرأت بأن تتجه بنظرك لجهة الأعلى لليسار لتنشئ صوره داخليه و تركبها و لم يسبق لك أن رأيتها ... ستلاحظ انك لن تستطيع فهذا الاتجاه من النظر للتعبير فقط عن الصور ألداخليه ألمختزله في الذاكرة ... و هكذا .

من كتاب
- حتى لا تكون كلاً -