: صناعة القـــرار :
تعد صناعة القرار من المهام الأساسية والرئيسة لكل العمليات الإدارية , وصناعة القرار ما هي إلا عملية اختيار بين بدائل متاحة بحيث أصبحت هي محور العملية الإدارية وقلبها النابض , وقد اعتبرها " هيربرت سايمون" مرادفة للإدارة , فهو يرى أن الإدارة هي صناعة القرار , وصناعة القرار هي الإدارة . وعملية صنع القرار ليست بالمهمة السهلة لأنها عملية اختيار بين أفضل البدائل أو أنها عملية اختيار بين بديل مـن مجموعة من البدائل المعقولة والمتاحة . كما أنها دلالة على كفاءة الرؤساء والقادة وقدرتهم على تحمل المسؤولية (درويش وتكلا : 1980م , 447) .
خطوات صناعة القــرار :
تمر عملية صناعة القرار بمراحل عدة وخطوات منظمة تتمثل في الآتي :
1. تحـديد المشكلة :
تعتبر هذه أهم الخطوات في صناعة القرار , وهي تحديد المشكلة وتشخيصها ليمكن بعد ذلك أن يكون لبقية الخطوات فائدتها وجدواها .
2. تحديد البدائل المتاحة :
من المعروف أن البدائل والحلول تختلف من موقف لآخر , وذلك وفقاً لطبيعة المشكلة , ومهارة متخذ القرار , ورغبته في الوصول إلى الحل السليم, وكمية الاستشارات التي يتلقاها من الإدارات والأقسام في المنشأة . ثم يقوم المدير أو صانع القرار بالمفاضلة بين البدائل التي توصل إليها , وذلك بتقويمها ومقارنة كل واحد منها بالآخر .
3. اختيار البديل المناسب :
هذه المرحلة هي المميزة لصناعة القرار , فبعد تحديد البدائل والتحليل والتقويم يجد المسؤول نفسه أمام تحديد البديل المناسب الذي يحقق الهدف ويحل المشكلة .
4. تنفيذ القـرار وتقويمه :
عند اختيار البديل واعتماد التنفيذ فإن متخذ القرار يحرص على تنفيذه ويجهز الإمكانات المطلوبة ليكفل نجاح تنفيذ القرار المتخذ , وأثناء التنفيذ لا بد من المتابعة من قبل متخذ القرار للتأكد من تحقيق الهدف الذي اتخذ من أجله . كما أن هذه العملية تنمي لدى متخذي القرارات القدرة على تحري الدقة والواقعية أثناء التنفيذ , وهذا يساعد على اكتشاف مواقع الخلل والتقصير , ومعرفة أسبابها واقتراح سبل علاجها (كنعان : 1404هـ , 165 - 173) .
5. المشاركة في صنـع القـرار :
للمشاركة في صنع القرار دور مهم وأثر رئيس على العاملين بالمنشأة ، ولكن درجة المشاركة تختلف باختلاف نمط السلوك الذي يمارسه المدير , والنهج الذي يسير عليه لإشراك مرؤوسيه ولإعطائهم فرصة المشاركة في صنع القرارات مستعيناً بما لديهم من معارف وخبرات للإحاطة بأبعاد المشكلة , وإيجاد الحل المناسب لها , وقد يتخذ المدير قراره وحده و يعلنه للعاملين فيقومون بتنفيذه , وبين النموذجين السابقين تختلف درجة المشاركة في اتخاذ القرار . وربما لا يقتصر المدير على إخبار مرؤوسيه بالقرار فقط , ولكن يشرحه لهم , و يبين أسباب اتخاذه , وقد تأخذ المشاركة صورة أوسع بحيث يقدم المدير قراراً مبدئياً قابلاً للتغيير حسبما تنتهي إليه مناقشاتهم ومقترحاتهم . وقد يبدأ بعرض المشكلة على مرؤوسيه ليتعرف آراءهم ومقترحاتهم وليستخلص البدائل الممكنة للحل ثم يتخذ القرار بعد ذلك .
ومن مزايا المشاركة في صنع القرار ما يلي :
* تساعد على تحسين نوعية القرار , فيكون أكثر ثباتاً وقبولاً فيعمل الآخرون على تنفيذه بحماس ورغبة .
* تؤدي المشاركة إلى تحقيق الثقة المتبادلة بين المدير وأفراد التنظيـم من ناحيـة , وبين التنظيم والجمهور الذي يتعامل معه من ناحية أخرى .
* للمشاركة أثرها في تنمية القيادات الإدارية في المستويات الدنيا من التنظيم, كما أنها تزيد من إحساسهم بالمسؤولية وتفهمهم لأهداف التنظيم.
* تساعد المشاركة على رفع الروح المعنوية لأفراد التنظيم,وتأكيد الذات , وصقل القدرات , والخبرات وتنميـتها في حل المشكلات كما تـؤدي إلى بلورة روح التعاون فيما بينهم,وسيادة روح الفريق لديهم لشعورهم بالعضوية والانتماء (عبد الوهاب : 1982م , 46 , 47) .
أنواع القرارات الإداريــة :
تنقسم القرارات الإدارية إلى قسمين رئيسين هما :
1. القرارات التقليدية .
2. القرارات غير التقليدية .
أولاً : القرارات التقليدية :
هي قرارات روتينية تتعلق بالمشكلات العادية المرتبطة بإجراءات العمل اليومي , وتنقسم أيضاً إلى نوعين :
أ. القرارات التنفيذية :
وهي التي تتعلق بالمشكلات البسيطة المتكررة مثل : أوقات الحضور والانصراف وتوزيع العمل والغياب والإجازات 000إلخ ,وهذا النوع من القرارات لا يحتاج من المدير وقتاً ولا جهداً لأن القرار فيه يكون بصورة فورية وتلقائية نتيجة لطول الخبرة والممارسة , كما أن مثل هذه القرارات ليس لها أثر يذكر على سير العمل الروتيني .
ب. القرارات التكتيكية :
توصف بأنها قرارات متكررة , ولكنها أكثر فنيةً وتفصيلاً , وترتبط بالمشكلات التي تواجه الرؤساء الفنيين والمتخصصين بحيث يختص مديرو الإدارات ورؤساء الأقسام ( الإدارة الوسطى ) بمتابعة الأمور , وحل المشكلات اليومية المتعلقة بتقديم العمل . ويبقى للقادة في المستويات الإدارية العليا توجيه العمل , والتنسيق بين مختلف الإدارات والأقسام , والاهتمام بتدريب الرؤساء المباشرين , ورفع كفاءتهم لكي يحسنوا أداءهم في حل المشكلات واتخاذ القرارات .
ثانياً : القرارات غير التقليدية :
وتنقسم أيضاً إلى نوعين هما :
أ. القرارات الحــيوية :
وتتعلق بمشكلات حيوية ومهمة تحتاج في حلها إلى التفاهم والمناقشة وتبادل الرأي ووجهات النظر على نطاق واسع . وهنا يبادر صانع القـرار إلى دعوة مستشاريه ومساعديه من إداريين وفنيين لعقد اجتماع تدرس فيه المشكلة, ويسهم الجميع بخبراتهم وآرائهم ومقترحاتهم , ويدلوا بدلوهم للبحث والتحليل حتى يتمخض عن ذلك الآراء النهائية , وهنا يقوم صانع القرار بعقد مؤتمر يجمع فيه أصحاب الآراء والمقترحات , ويعطي لكل منهم حق المناقشة بحرية وإبداء الرأي مع إيضاح نقاط القوة والضعف في كل اقتراح في ضوء الأهداف التي يتوخاها القرار . وطريقة المشاركة الجماعية هي الطريقة الديمقراطية , وهي من الدعائم الصحيحة للإدارة السليمة , وهي بذلك تعمل على رضا العاملين , وتضمن قبولهم للقيادة عن طواعية وطيب خاطر .
ب. القـرارات الاستراتيجية :
وترتبط ارتباطاً مباشراً بمشكلات إستراتيجية على جانب كبير من العمق والتعقيد بحيث لا تحل بقرار فوري , وإنما تتطلب البحث المتعمق والدراسة المتأنية والمستفيضة , وغالباً ما تكون هذه المشكلات على مستوى قومي ومتعلق بتحديد الأهداف . وفي هذا النوع من المشكلات لا يستأثر فرد واحد بالرأي , وإنما تسخر جميع التخصصات والإمكانات لمعرفة أبعاد المشكلة من حيث جمع المعلومات المطلوبة وتحليلها وتصنيفها وتقديمها لصانع القرار بالدقة والشكل المطلوب والوقت المناسب . و يتميز هذا النوع من القـرارات بالثبات النسبي الطويل الأجل , وبضخامة الاعتمادات المالية المخصصة له . كما يعلق على مثل هذا النوع من القرارات أهمية خاصة , وذلك للنتائج والآثار التي يحدثها في مستقبل التنظيم , وأن ذلك يستدعي عناية خاصة , وتحليلات لأبعاد ومجالات أخرى متعددة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية ( كنعان : 1404هـ ,259- 343 ؛ ياغي: 1989م ,91 - 92 ) .