التخطيـــط :
يعد التخطيط أول عنصر من عناصــــر العملية الإداريـــة , وله السبق والأولوية على أي عنصر آخر, لأنه الإطار العام الذي يحكم جميع العناصر الأخرى, وبدون التخطيط يكون العمل ارتجالياً, وتصبح القرارات دون فائدة أو جدوى, إذ لا يمكن تنفيذ الأعمال على الوجه المطلوب دون تخطيط سابق لها, فهو يساعد على تحقيق ما يراد من أهداف , ويسهم في تحديد تلك الأهداف ووضوحها للعاملين في المنشأة والقائمين عليها ، ولا شك أن عملية وضع الأفكار وإعداد الخطط تزود المخططين بتحديد الهدف الذي من أجله أعدت هذه الخطط, كما أنها تعينهم وترشدهم إلى فتح الطريق أمام سبل جديدة وطرق متعددة لتنفيذ الآراء والكشف عن الفرص التي لم تكن من قبل واضحة للمخططين .
ويعرف " فايول"، أحد رواد نظرية الإدارة العلمية الأوائل، التخطيط بقوله: "التخطيط يشمل التنبؤ بما سيكون عليه المستقبل مع الاستعداد لهذا المستقبل" (الـهواري : 1966م , 111) . وهناك تعريف آخر يحدد معنى التخطيط بأنه "عمل ذهني يعتمد على التفكير العميق والرؤية الصائبة التي يستخدمها المخطط في رؤية حاضره ومواجهة مستقبله " (السواط وآخرون : 1416هـ , 85) .
فالتخطيط إذاً توقع افتراضات عما ستكون عليه الأحوال في المستقبل ثم وضع الخطط التي تحدد الأهداف التي ينبغي تحقيقها . ولهذا فإن التخطيط يتضمن اتخاذ القرارات التي تؤثر على سير أي مشروع مستقبلي . وكما سبق فمن المعلوم أن وظيفة التخطيط تسبق سواها من الوظائف الإدارية الأخرى , لأنها تمثل الحجر الأساس الذي بواسطته يتمكن المسؤولون من وضع أي تنظيم أو القيام بأي قيادة أو رقابة .
ومما سبق ذكره يتضح أن عملية التخطيط تشتمل على عدة نقاط مهمة هي :
1. تحديد الأهداف المراد الوصول إليها .
2. التخطيط لاستشراف المستقبل والإعداد له .
3. التخطيط لمجموعة من القرارات التي تهدف تحقيق نتائج أفضل .
4. تحديد من يقوم بمسؤولية التخطيط والفترة الزمنية لتحقيق الأهداف .
5. وضع العديد من البدائل و الأهداف و السياسات .
6. معرفة الإمكانات والاحتياجات سلفاً (السواط وآخرون : 1416هـ , 85) .
مسؤولية التخطيــط :
يتبادر إلى الذهن سؤال يطرح نفسه : وهو من يقوم بعملية التخطيط ؟ وهل هذه العملية مسؤولية إدارة دون أخرى ؟ أي هل هناك إدارة معينة أو مسؤول معين معني بهذا العمل ؟ والواقع أن التخطيط وظيفة المديرين في التنظيم مهما اختلفت مستوياتهم, فمن الطبيعي أن يكون المدير هو المسؤول والمنوط به القيام بهذه العملية , فكل مدير مسؤول عن وضع خطط تتناول مختلف الجوانب الفنية والإنتاجية في إدارته , ولا شك أن المسؤولية تكبر والأهمية تزداد كلما ارتقينـا في السلم الإداري . كما أنه من الملاحظ أيضاً أن أساليب التخطيط التي تستخدمها الجهات العليا تختلف عنها في المستويات الدنيا, وذلك لأهمية وشمول ما تقوم به من خطط ، مما يجعل العمل بهذه الطرق والأساليب أمراً حتمياً وضرورياً .
وبما أن كل مدير يضطلع بمهام التخطيط في إدارته فإنه من الأهمية بمكان عدم تعارض هذه الخطط بعضها مع بعض . ومن الضروري التنسيق بين هذه الخطط والحد من أوجه التعارض فيما بينها . وتتحدد مسؤولية التخطيط من واقع المستويات الإدارية المختلفة , ففي المستويات الإدارية العليا تضطلع هذه الإدارات بمهام التخطيط طويل الأجل , ورسم السياسات العامة للمنظمة , وتحديد الأهداف المطلوب تحقيقها , كما يفترض أن تتوافر الإمكانات البشرية اللازمة وذلك لتحقيق الأهداف المرسومة . أما في الإدارة الوسطى , فإن المدير هو المسؤول عن تحديد تلك الأهداف وترجمتها إلى برامج عمل , من حيث توزيع المهام والواجبات على الإدارات المختلفة , وتحديد الفترات الزمنية الملائمة للتنفيذ .
ونأتي للمستويات الإشرافية , وتتمثل في مهام المشرفين الرئيسيين على تحويل هذه الخطط والبرامج العامة إلى التطبيق العملي والتنفيذ الفعلي , حيث يتولون توجيه العاملين نحو تحقيق الأهداف عن طريق تحويل تلك الخطط والبرامج العامة إلى برامج عمل تفصيلية ( الحسن : 1981م , 29 ) .
أنواع التخطيـط وفقاً للمدة الزمنية :
يتنوع التخطيط وفقاً للمدة الزمنية التي تغطيها الخطة , وتنقسم هذه المدة إلى ثلاث فترات زمنية هي :
أ. الخــطط طويلة الأجل :
وتغطي مدة زمنية طويلة نسبياً , تتراوح بين عشر سنوات وعشرين سنة ومن الدواعي والأسباب التي تبرر الأخذ بهذه الخطط هو أن الكثير من البرامج أو المشروعات يستغرق وقتاً يصل إلى سنوات عديدة أثناء فترة تنفيذه , وقد لا ينتـج ويؤتي ثـماره إلا بعد فترات زمنية طويلة المدى (عاشور : 1979م , 329) .
ب. الخـطط متوسطة الأجل :
تغطي الخطط متوسطة الأجل فترات زمنية تصل إلى خمس سنوات في العادة ، وغالباً ما تتكون الخطط الطويلة المدى من عدد من الخطط المتوسطة الأجل , والتي بناءً على نتائجها يمكن إجراء تعديلات على الخطط الطويلة المدى . وتعد دقة التوقعات وواقعية الأهداف من أسباب نجاح هذا النوع من الخطط (عاشور : 1979م , 330) .
جـ. الخـطط القصيرة الأجل :
يقصد بها تلك الخطط التي تعد لفترة زمنية تبلغ سنة في العادة , والخطة قصيرة الأجل تكون شريحة من الخطط المتوسطة الأجل . وعادةً ما ترتبط الخطة قصيرة الأجل بميزانية الدولة , فيبدأ تنفيذ الخطة مع بداية الموازنة وتنتهي بنهايتها , وعلى ذلك تعد الميزانية أحياناً أداة من أدوات الخطط القصيرة الأجل (عاشور : 1979م , 331) .
إعـداد الخطة :
هناك مجموعة من العوامل والاعتبارات التي ينبغي مراعاتها عند وضع الخطة وتتمثل في الوضوح , والمرونة , والمشاركة في وضع الخطة , ومراعاة الجانب الإنساني , ودقة المعلومات والبيانات , والإعلام عن الخطة , وفيما يلي توضيح موجز لتلك العوامل :
الوضـوح :
لا بد من الوضوح في جميع مراحل وخطوات الإعداد للخطة , كما ينبغي أن تكون اللغة التي تصاغ بها الخطة واضحة ومفهومة للجميع بعيدة عن الغموض واللبس أو تحتمل التأويل مما يعرض عملية التنفيذ لكثير من الاجتهادات والصعوبات.
المــرونة :
يتطلب إعداد الخطة توافر درجة عالية من المرونة في جميع المراحل , حتى يمكن مواجهة الظروف الطارئة , والتي لم تكن متوقعة أثناء وضع الخـطة وخاصة الخطط الطويلـة الأجـل , حيث احتمال تغير أشياء كثيرة نتيجـة لطول الفـترة الزمنية التي يتطلبها التنفيذ . ويقل ذلك في الـخطط القصيرة المدى نتيجة لقصر الفترة ودقة الافتراضات والتوقع .
المشاركة في وضـع الخطة :
إن إعداد الخطة مهما كان نوعها عمل مشترك , وهو لا يعتمد على جهود شخص واحد , وإنما بمشاركة جهود جماعية ، ولا بد أن يشارك العاملون المدير ومسؤول الإدارة في وضع هذه الخطط بتقديم المعلومات والآراء والمقترحات وذلك لضمان نجاحها عند التنفيذ . كما أن هذه المشاركة تعطي بعداً نفسياً للعاملين عن أهمية دورهم في العمل , والاستفادة مما لديهم من الخبرات والقدرات والمواهب .
مراعاة الجانب الإنسـاني :
يؤمل من المخطط أن يأخذ في حسبانه جميع العوامل والظروف الإنسانية عند وضع الخطة ، وعليه أن يتذكر دائماً أنه يتعامل مع عنصر بشري له عواطفه ومشاعره واستعداداته حتى يمكن تحقيق الهدف المنشود بالكفاءة والفعالية المطلوبة.
دقة المعلومات والبيانات :
إن دقة البيانات والمعلومات الصحيحة هي الأساس الذي تبنى عليه الخطة, وبموجبها يتم تحديد الإمكانات المادية والبشرية اللازمة لتنفيذ الخطط . كما أنه لا بد من شمول البيانات والمعلومات ودقتها, وحداثتها وواقعيتها, وعدم المبالغة في تقدير الوسائل والإمكانات التي تحتاج إليها الخطة.
الإعلان عن الخطة :
لا يعني الإعلان عن الخطة إعلام العاملين في المنشأة بموعد البدء في تنفيذها، وإنما يقصد به شرح الخطة بتفاصيلها للعاملين داخل المنشأة أو للمواطنين على مستوى الدولة . والهدف هو وضعهم في الصورة الحقيقية التي قامت عليها الخطة وأهدافها . ويتم الإعلان عنها بواسطة الاجتماعات أو اللقاءات أو وسائل الإعلام بالنسبة للمواطنين (النمر وآخرون : 1417هـ , 126 , 130) .