والانطباعات الذاتية للباحثين في مجال الإدارة . وسيعنى كذلك بالتركيز على مفهوم الإدارة عامة والإدارة العلمية بصفة خاصة من حيث تعريفها ونشأتها وتطورها وأشهر المدارس الإدارية , يلي ذلك عرض وتحليل لعناصر الإدارة ومبادئها , فخلاصة لأبرز المشكلات الإدارية التي قد تعاني منها المكتبات ومراكز المعلومات السعودية , ومن ثم إشارة إلى الوضع الإداري للمرأة في المملكة العربية السعودية .
تعريــف الإدارة :
الإدارة لغةً : القيام بخدمة الآخرين .
الإدارة اصطلاحاً : هي ذلك النشاط الذي يهدف إلى تحقيق نوع من التنسيق والتعاون بين جهود عدد من الأفراد من أجل تحقيق هدف عام (الصاوي :1994م,6) .
وهي أيضاً : وظيفة واسعة المعنى تضم في إطارها عمليات التخطيط والتنسيق والتوجيه والرقابة وإصدار الأوامر لتحقيق أهداف المشروع (غوشة : 1975م , 135) . وهناك من يعرف الإدارة بأنها : توجيه وتسيير أعمال المشروع بقصد تحقيق أهداف محددة ، ويقوم شاغلو هذه الوظيفة بالتخطيط ورسم السياسات والتنظيم والتوجيه والرقابة (بدوي :1984م,1337) ,أو بأنها : فن أو علم توجيه وتسيير وإدارة عمل الآخرين بهدف تحقيق أهداف محددة (العلاق : 1983م ، 15) . ومن استقراء جميع نماذج التعريفات السابقة يتبين لنا أن ليس هناك تعريفٌ واحدٌ شاملٌ لعلم الإدارة . فهذه النماذج وغيرها تبين اختلاف أساليب التعبير عن هذا العلم , وعدم اتفاق مختصيه على تعريف موحد بشأنه ، وإن كانت جميعها تصب في إطار واحد , وهو تكاتف جهود العاملين بالمنشأة وتعاونهم لتحقيق أهداف معينة أو محددة .
ومن الملاحظ أن أغلب تعريفات الإدارة تتصف بالعمومية والضبابية , ويعود ذلك لسببين رئيسين هما :
الأول : أن الإدارة كعملية في حد ذاتها تحتوي على نشاطات حية ومعقدة, وكثيراً ما يصعب الاتفاق حول مضمونها . فعناصرها الرئيسة كالتنظيم والرقابة والإشراف 000إلخ هي ذاتها مجال لتعدد وجهات النظر .
الثاني : أن النشاط الإداري في حد ذاته يرتبط في تعريفه وتحديد قواعده العملية بخبرات وتجارب وثقافات متنوعة من مجتمع لآخر , ومن مجال لآخر, مما يجعل التعريف الدقيق والتفصيلي للإدارة مسألة صعبة من ناحية , وغير مطلوبة في أحيان أخرى (الصاوي : 1994م ، 605) .
ومما سبق يمكن القول : إن تعاريف الإدارة ما هي إلا اجتهادات للأكاديميين و الممارسين تعمل على إيضاح العملية الإدارية . وليس هناك تناقض بينها , وإنما يتناول كل تعريف منها زاوية خاصة تتفق وأهداف الباحث وفلسفته (المغربي : 1988م , 11) .
وقد لحظت الباحثة من خلال القراءات المتعددة في هذا المجال أن صفة الإداري تختلف في دلالتها ومفهومها في التقاليد البريطانية عنها في التقاليد الأمريكية . ففي بريطانيا تشير صفة الإداري إلى المستوى الأعلى في المنظمة, ويطلق عليها الطبقة الإدارية , وهي أهم من الطبقة التنفيذية . أما في أمريكا فالحال عكس ذلك , فنرى أن التنفيذي أهم من الإداري حتى إن " منصب الرئيس الأمريكي يعتبر هو كبير التنفيذيين حسبما ينص الدستور الأمريكي نفسه" (الصاوي : 1994م , 6) .
وهناك من يستخدم المصطلحين : Administration الإدارة العليا Management الإدارة التنفيذية بطريقة تبادلية, وذلك باعتبار أن الإدارة التنفيذية تتعلق بالسياسة ضمن الحدود التي صممتها الإدارة العليا, من خلال استخدام التنظيم للوصول إلى الغرض (الهواري : 1966م , 570) .
كما أن هناك مفهوماً آخر للإدارة يرى أنها فن يجب ممارسته بقدر وافر من التمكنية والإبداعية , وأنها ترتبط - كونها علمًا بكونها فنًا- ارتباطاً مباشراً بحيث يصعب فصل أحدهما عن الآخر .
فكونها فنًا : تحتاج إلى موهبة شخصية , يتسم صاحبها بحسن التصرف في حل المشكلات , والقدرة على الإبداع أو الابتكار , والقدرة على التنظيم والتنسيق واستخدام الإمكانات المتاحة في سبيل تطوير المنظمة . ويدعي أنصار هذا الاتجاه أن كل ما يحتاجه رجل الإدارة هو صقل الموهبة وتنميتها عن طريق الخبرة والممارسة والتجربة .
وكونها علمًا : له مقوماته ونظرياته الخاصة به , يخضع للتطور والتجديد ليتلاءم مع ظروف المجتمع ويعايش تقدمه , ويرتكز على معلومات وأسس علمية من شأنها أن تعين رجل الإدارة على ممارسة عمله على الوجه الأكمل , سواء أكانت لديه الموهبة الإدارية أم لا .
وكون الإدارة علمًا وفنًّا معاً : يكمل كل منهما الآخر , وأن الفن ما هو إلا تطبيق للعلم ؛ فالإدارة علمًا تحوي مجموعة من القوانين والعناصر والمبادئ أمكن التوصل إليها عن طريق الخبرات والتجارب السابقة، إذ أصبح بالإمكان العمل على أساسها وبموجبها . والإدارة فنًا تعتمد على الشخصية أو صفات محددة تتوفـر في الشخص المدير . ولكن يجب تدعيم هذه الصفات الشخصية الطبيعية وتنميتها بالدراسة والعلم (همشري وعليان : 1997م, 355 - 356) .
الإدارة العلمــية :
مدرسة إدارية تحبذ الاعتماد على قواعد الإدارة العلمية,وتهتم بوضع العامل من خلال الحركة والزمن ومقدار الإنتاج,وقد برزت هذه الفكرة بشكل واسع بفضل جهود العالم الأمريكي فريدريك تايلور صاحب المؤلف المعروف (أصول الإدارة العلمية) وقد نشر لأول مرة عام 1911م (غوشة : 1975م ، 202). وقد عرف تايلور الإدارة العلمية بأنها " التحديد الدقيق لما يجب على الأفراد عمله ثم التأكد من أنهم يؤدون تلك الأعمال بأحسن وأكفأ الطرق " (عبد الرزاق : د. ت ,220) .
وفي معجم مصطلحات العلوم الإدارية ، عرفت الإدارة العلمية بأنها : حركة فنية وإدارية ظهرت في الولايات المتحدة في العقد الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي , ورسم خطوطها الأساسية العالم الأمريكي" فريدريك تايلور ". وقد اهتمت هذه النظريـة بدراسات الوقت والحركة,ووضعت مبادئ تسترشد بها الإدارة في تحقيق زيادة الإنتاج عن طريق الاختيار العلمي للعمال والتدريب الصحيح , والملاحظة الفعالة لأعمالهم,وتشجيع العمال عن طريق حوافز الإنتاج (بدوي:1984م,58) .
نشأة نظرية الإدارة العلمــية وتطورها :
ترتبط نظرية الإدارة العلمية بالمهندس الأمريكي " فريدريك تايلور" عام 1910م فهو المؤسس الحقيقي لها, وهو من تبنى فكرتها منذ البداية،وهناك من يطلق عليـه ( أبو الفكر الإداري ), ومؤسس حركة الإدارة العلمية . ولد "تايلور " عام 1856م ، في مدينة جيرمان بولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية من أسرة متوسطة الثراء . و كان يميل إلى القانون , وكانت هواياته تعرف الحقوق والواجبات (الهواري : 1966م , 528) . وقد ترتب على جهود "تايلور" وغيره من المفكرين ظهور العديد من مدارس علم الإدارة التي يمكن تلخيصها على النحو الآتي :
1. المدرسة التقليدية أو الكلاسيكية :
ترتبط مدرسة الإدارة العلمية أو المدرسة التقليدية أو الكلاسيكية كما يحلو للبعض أن يسميها بالمهندس" فريدريك تايلور" من أمريكا,والمهندس "هنري فايول" من فرنسا . بدأ" تايلور" أبحاثه في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي , وكان من أوائل الباحثين في نظرية الإدارة , بحكم عمله كبيراً للمهندسين بمصانع الصلب في فيلادلفيا سنــة 1878م . وقد قام خلال هذه الفترة بإنجاز ثلاثة مؤلفات , آخرهـا كتابه الشهــير (أصول ومبادئ الإدارة العلمية ) الذي صدر عام 1911م, والذي تضمن أبحاثاً ودراسات تعتبر بحق اللبنة الأساسية للإدارة العلمية (عبده : 1963م , 68) .
ويرى" تايلور" في فلسفته أن الإدارة لا بد لها أن تتحمل مسؤولية أكبر في التخطيط والإشراف , كما تقتضي تحويل أساليب العمل إلى قواعد وقوانين ومعادلات بما يساعد العمال على إنجاز أعمالهم بأحسن الطرق وأقل التكاليف ، بحيث يــؤدي ذلك إلى زيادة أجورهم وزيادة إنتاجية صاحب العمل.
وقد أكدت حركة الإدارة العلمية أربع ركائز أساسية هي :
1. استخدام الطريقة العلمية في اكتشاف أجزاء العمل الرئيسة بدلاً من اتباع التخمين والحدس .
2. تَعَرُّفُ الوظائف الأساسية الإدارية في تخطيط العمل بدلاً من السماح للعمال باختيار أساليب العمل وطرقه كل حسب هواه وميوله .
3. تدريب العمال وتنمية روح التعاون بينهم بدلاً من السماح للجهود الفردية بالسيطرة على المشروع .
4. تقسيم العمل بين الإدارة والعمال بحيث يقوم كل منهما بالعمل الذي يناسبه,ويعود بالتالي بزيادة الكفائة الإنتاجية للمشروع (المغربي : 1988م, 185 ؛ Narayana : 1991 , 3 ) .
كما دعا" فريدريك تايلور" F . Taylor إلى إجراء البحوث العلمية المستمرة, ومواصلة التجارب التي تهدف إلى معرفة طرق جديدة للرفع من إنتاجية العامل وكفاءته .
ونلحظ من العرض السابق أن علماء المدرسة التقليدية ركزوا عل العمل وكيفية تنظيمه ووسائل زيادة الإنتاج من خلال تحليل العمل , وَتَعَرُّف نظام المؤسسة . وكأنهم بذلك قد نسوا أن الإنسان كائن بشري وتجاهلوا طبيعته ونفسيته كما وجهت انتقادات كثيرة إلى نظرية" تايلور" في الإدارة العلمية ومنها : إهماله أو إغفاله للعامل الإنساني ،ومعاقبة ومحاسبة العامل البطيء في طريقة دفعه للأجور (عبده : 1963م , 70) . كما أن هذه النظرية قد أثارت حفيظة العمال على صاحبها وغضبهم منه , وعدم تجاوبهم السريع لتطبيق أسلوبه ، في حين أن " تايلور" نفسه كان يعتقد أن نظريته قد حققت أكبر قدر من الرفاهية لصاحب العمل والعمال (أبو الخير : 1974م ، 39) .
ويعد " هنري فايول " H . Fayol من رواد المدرسة التقليدية أو (الكلاسيكية) ومؤسسيها، ومن أشهر علماء أوروبا في علم الإدارة , فهو مهندس فرنسي ولد عام 1841م لعائلة غنية , وعين مهندساً لإحدى شركات التعدين , وهي على وشك الإفلاس وأصبحت عند تقاعده سنة 1918م من أقوى وأكبر شركات التعدين في فرنسا (المغربي : 1988م , 175) .
ويشترك " فايول" مع معاصره مؤسس الحركة العلمية , " فريدريك تايلور" في الكثير من الآراء والتوجهات حتى أن كثيرين من علماء الإدارة يعتبرونهما من مؤسسي هذه الحركة وروادها الأوائل .
ويختلف " فايول" عن " تايلور" في أنه ركز على حصر الأفكار والأسس الإدارية وتحليلها , كما ينظر " فايول" إلى الإدارة كنظرية يمكن تعلمها وتعليمها وتختص بوظائف محددة : كالتخطيط والتنظيم و التنسيق و الرقابة.
كما أن عناية " فايول" بإدارة المنظمات الكبيرة و الأدوار الإدارية فيها, كانت لأجل الوصول إلى تحديد المبادئ الأساسية لتصميم الهياكل التنظيمية, وتحديد الوظائف الإدارية في المنظمات و المنشآت , والتي سيأتي شرحها مفصلاً في مبحث آخر من هذا الفصل .
كما قام " فايول" بوضع مبادئ عامة للإدارة اتصفت بالمرونة ومناسبتها للظروف المتغيرة بحسب حال المنشأة التي تطبق فيها , إذ اعتبرت فيما بعد من أهم المبادئ الإدارية ومن أهم مقومات علم الإدارة الرئيسة ، كما حرصت جميع المؤسسات والمنشآت الآخذة بعلوم الإدارة على تطبيق تلك الوظائف والمبادئ على هياكلها التنظيمية وبرامجها في العمل .
ويمكن اعتبار أن أبحاث " فايول" و " تايلور" يكمل كل منهما الآخر , و" لفايول" أهمية خاصة في الفكر الإداري , وذلك لسببين رئيسين هما :
الأول : أنه امتلك خاصية التحليل الدقيق لعناصر النشاط الإداري , بحيث عمت هذه العناصر ,وأصبحت رئيسة في علم الإدارة ,ومن المقومات الأساسية لنجاح العملية الإدارية .
الثاني : الإيمان القوي بوجود مبادئ للإدارة تتميز بعموميتها , ولذلك لا بد من إيضاحها وشرحها وتدريبها , لمناسبتها لجميع المؤسسات , ولأنها شملت أساليب التعاون والتعامل مع موظفي المنشأة .
أما عن أبرز الفروق التي بين " تايلور" المؤسس و " فايول" الرائد فتتلخص في نقطة رئيسة وهي : أن " تايلور" اهتم كثيراً بأساليب الإدارة وذلك على مستوى التنفيذ, في حين أن " فايول" اهتم بالإطار العام لموضوع الإدارة دون الدخول في التفاصيل (الهواري : 1966م , 540 – 541) . وتتميز نظرية الإدارة العلمية ببعض الصفات التي تميزها عن غيرها من مدارس الإدارة الأخرى , ويمكن تلخيص أبرز هذه الصفات في الآتي :
أ. أنها ذات طابع إنساني : كونها نشاطًا بشريًا جماعيًا فإن سلوك الأفراد هو قوامها لذا فهي تنظيم إنساني وليست آليًا .
ب. أنها ذات صفة اجتماعية تعاونية : يهدف أي نشاط إنساني منظم إلى تحقيق أكبر قدر من الفائدة والمصالح المشتركة لأفراد الجماعة المنظمة بأي شكل كان ولأي هدف , وتحقيق ذلك يتطلب وجود علاقات تعاونية بين أفراد هذه الجماعة .
جـ. أنها ذات صفة فنية : فهذه الإدارة لها من الأصول العلمية والأساليب الفنية التي تهدف تحقيق أفضل النتائج بأقل التكاليف (عبد الرزاق : د . ت, 75) .
2. مدرسة العلاقات الإنسانية :
ظهرت مدرسة العلاقات الإنسانية في الثلاثينات الميلادية من هذا القرن . وكانت نشأتها ردة فعل للمدرسة الكلاسيكية التقليدية التي افترضت أن الحوافز المادية هي كل ما يهم العاملين, ولم تَعنَ كثيراً بالعوامل الاجتماعية والإنسانية، ويشير مصطلح العلاقات الإنسانية إلى تفاعل العاملين في جميع أنواع المجالات.
ويظهر هذا التفاعل بصفة عامة في موقع العمل وأثناء ممارسته والقيام به حيث يرتبط الأفراد بنوع من البناء الهادف . أما العلاقات الإنسانية فتعني في هذا السياق : " إدماج الأفراد في موقف العمل الذي يدفعهم سوياً كجماعة منتجة متعاونة مع ضمان الحصول على الإشباع الاقتصادي والنفسي والاجتماعي " (السواط وآخرون : 1416هـ , 45) . وقد نشأت مدرسة العلاقات الإنسانية على نقيض ما حدث في المدرسة الكلاسيكية , وتعنى هذه المدرسة بالتركيز على الجانب الإنساني من الإدارة , فالمنطلق الأساسي لها هو الإنسان محور العمل الإداري وعنصره المهم في تحديد الإنتاجية , كما أنها تهدف إلى تَعَرُّف أساليب السلوك الإنساني في الإدارة وأنماط العلاقات بين الأفراد على اختلاف مستوياتهم . إضافة إلى أنها حثت على الاهتمام بالعامل على أساس أنه كائن اجتماعي له آراؤه وتطلعاته , ولم يعد ينظر إليه على أنه آلة أو أداة تستخدم في عملية الإنتاج . ذلك أن تحقيق مزيد من الإنتاجية يعتمد على الظروف والبيئة المحيطة بجو العمل من حيث التجهيز والآلات والأدوات وهناك الأساليب التي تستخدم لتحقيق منافع وفوائد مشتركة بين الإدارة والعاملين (السواط وآخرون : 1416هـ , 44) .
ويطالب أنصار مدرسة العلاقات الإنسانية بدراسة الإنسان دراسة عميقة بحيث يمكن معرفة ما يحفزه على العمل بأعلى كفاءة ممكنة , ويكون ذلك بإشبـاع حاجاته في مجال عمله . وقد كان مجال العمل ميداناً وهدفاً لإجراء البحوث والتجارب المتعلقة بالمبادئ الرئيسة للعلاقات الإنسانية . ولقد أثبتت التجارب والدراسات أن إنتاجية العامل ترتفع بزيادة مقدار فترات الراحة خلال ساعات العمل , وبزيادة مقدار الأجر المتقاضى (عبد الرزاق : د.ت , 67) .
إلا أن مبادئ المدرسة الإنسانية وتوجهاتها وجدت أيضاً من يعارضها من العلماء , مؤكدين أن هذه المدرسة قد غالت كثيراً في تقدير أهمية العوامل النفسية والعاطفية والمعنوية , وأن هذا بدوره قد أثر على زيادة الإنتاجية , ومع الاستمرار وتأكيد هذه المفاهيم سيترتب عليها حتماً نوع من التراخي وعدم الانضباط ، وبالتالي الإهمال ثم التسيب ثم ضعف الطاقة الإنتاجيـة الكلية , فضلاً عن غياب الإدارة كعنصر قيادي على جانب كبير من الأهمية تهتم بتحقيق أهداف التنظيم الرسمي , ومعالجة مواقف التنظيمات غير الرسمية داخل المنشأة (أبو الخير : 1974م , 129 - 130) .
وقد خرج منظرو هذه المدرسة بنتيجة رئيسة تتلخص في أن العامل ليس أداة طيعة في يد الإدارة تحركه كيف تشاء , بل له شخصيته المستقلة التي تتعامل مع الجماعة تؤثر فيها وتتأثر بها . ولا ينظر إلى أن ما يربط العامل بالمنظمة مجرد علاقات اقتصادية فحسب، بل إن ذلك لا بد أن يتطور إلى تفاعل أكثر من ذلك بكثير .
أما أبرز الانتقادات التي وجهت إلى مدرسة العلاقات الإنسانية فهي :
- عدم استخدام الطريقـة العلمية للوصـول إلى نتائج انتهت إليها التجارب.
- تحيز القائمين على التجارب للاهتمام بالعامل الإنساني حتى قبل إجراء التجارب , لذلك فالرؤيا والنتائج تنحصر في هذا الإطار .
- معارضة رجال الأعمال لما تحويه التجارب من أفكار واتجاهات تتصادم مع مصالحهم .
- إغفال التنظيم الرسمي وحجب دوره في تشكيل أعضاء التنظيم .
- التركيز على جانب واحد فقط هو العنصر البشري (السواط وآخرون : 1416هـ , 53).
3. المدرسة السلوكية :
ظهرت المدرسة السلوكية في الثلاثينات الميلادية من القرن العشرين, كآراء ووجهات نظر أثناء وجود مدرسة العلاقات الإنسانية . ويركز علماء هذه المدرسة على حركة النشاط الإنساني من ناحية , وعلى مدى ارتباط ذلك بالمناخ الثقافي والحضاري الذي يتم في هذا النشاط . فهي تدرس الفرد , وتحلل شخصيته لمعرفة الجوانب الإدارية فيها . وهي بذلك تهدف معرفة تصرفاته ودوافع تلك التصرفات . كما تهتم هذه المدرسة وتركز على الفهم المتبادل بين أعضاء التنظيم , إذ ترى أن يفهم الناس بعضهم بعضاً , لأن توفر هذا الفهم يساعد على تحقيق أهدافهم (السواط وآخرون : 1416 هـ , 54 , 55) .
ونشير في هذا الإطار إلا أنه لا توجد حواجز أكاديمية بين مدرسة العلاقات الإنسانية والمدرسة السلوكية لأن في هاتين المدرستين تشابهاً كبيراً وتداخلاً من حيث الأفكار , وقد أدى ذلك إلى أن ينتسب أصحاب المدرسة السلوكية إلى مدرسة العلاقات الإنسانية في بعض المؤلفات . والمدرسة السلوكية تتشابه في بعض مبادئها مع المدارس الأخرى , فهي مثلاً تأخذ من المدرسة الكلاسيكية أو التقليدية ( تأكيد الكفاية ) في حين تأخذ من مدرسة العلاقات الإنسانية " تأكيد أهمية العلاقات الإنسانية في محيط العمل, وتهيئة الجو والمناخ الملائم للتعبير عن قدرات ومواهبهم العاملين" (النمر وآخرون : 1997م , 70 - 71) .
وبارتباط المدرستين السابقتين ( السلوكية والعلاقات الإنسانية) بعضهما ببعض ظهرت بعض المؤلفات " لبرنارد" و " سايمون" أكدت هذا المفهوم ودللت عليه , حيث أصدر " برنارد" كتابه (وظائف المدير)، كما أصدر "سايمون" كتابه (الفكر الإداري) وقد اعتبرت آراؤهما مكملة بعضهما لبعض وذلك لاتفاقهما في الآراء نفسها.
فكلاهما يعتبر التنظيم نظاماً اجتماعياً يقوم أساساً على عملية اتخاذ القرارات لأجل المشاركة في تحقيق الأهداف , كما أنهما يعتبران التنظيم نظاماً مفتوحاً يتأثر بالبيئة المحيطة ويؤثر فيها , ولذا فإن بيئة التنظيم لا تقتصر على العناصر الداخلية , بل أصبحت تضم جميع فئات المجتمع المتعاملة معه أو المستفيدة منـه (المغربي : 1988م , 116 , 117) .
نظريتا X و Y : دراسة قدمها " ماجريجور" خلص منها إلى هاتين النظريتين ,وتتناول في مضمونها سلوك المرأة المديرة بالتحليل والدراسة , وتعُد هاتان النظريتان من أشهر الأنماط القيادية للمرأة، والتي قدمت عنها دراسات ميدانية ونظريات علمية .
نظرية ( X ) لدوجلاس ماجريجور : تميل هذه النظرية في تأطيرها إلى أن الإنسان يميل بطبيعته إلى كره العمل ويحاول تجنبه قدر استطاعته , وأنه ينبغي استخدام أسلوب القهر والرقابة الدقيقة , والتهديد بالعقاب لإجبار الآخرين على بذل الجهد وتحقيق الأهداف , ويفضل الإنسان العادي في غالب الأحوال أن يوجهه الآخرون , بحيث يميل إلى تجنب المسؤولية , ويركز اهتمامه على تحقيق الأمان والاستقرار في العمل .
نظرية ( Y ) لبليك موتون : تقوم هذه النظرية على فكرة أن بذل الجهد الجسدي والذهني في العمل من الأمور الطبيعية , فهناك أساليب أخرى غير الرقابة والقهر والتهديد يمكن استخدامها لحث العاملين على العمل , ودفعهم للإنجاز وتحقيق أعلى معدلاته (مركز الخبرات المهنية : د.ت , 15 – 16) .
عناصـــر الإدارة ومبادؤها :
أثبتت نظرية الإدارة العلمية صحتها بمرور الوقت , بدليل ثبات عناصرها ومبادئها في الإدارة , كما أن العمل بها ساعد على انتشارها وثباتها عن بقية النظريات أو المدارس الأخرى , فقد أصبحت هذه العناصر والمبادئ أسسًا ثابتة وقواعد راسخة في علم الإدارة . وتأتي هذه الأهمية في أن الإدارة أصبحت تلازم كل جهد جماعي على مستوى الأفراد والجماعات , سواءً كانت هذه المنشآت صناعية أو تجارية , وسواءً كانت ملكاً لفرد أو شركة أو مؤسسة .
وتتمثل عناصر الإدارة في الجوانب الآتية :
* التخطيط .
* التنظيم .
* القيادة .
* صناعة القرار .
* الرقابة .
* إدارة الموارد البشرية .
* إدارة الموارد المالية .