تقييم الخوصصة:
إن الانتقال من القطاع العام إلى القطاع الخاص ، للوصول إلى الأهداف المسطرة، لكن ليس في كل الحالات لأن هذه العملية وبالإضافة إلى ما تجده من إيجابيات فهي لا تخلو من السلبيات قبل الوقوع ، فالدراسات في مختلف البلدان بينت لنا مزايا وعيوب هذه السياسة.
المطلب الأول:مزايا الخوصصة:
إن تأثير عملية الخوصصة وبالصفة الإيجابية يحضر في تأثيره على الاقتصاد الكلي، وتأثيره على المؤسسة التي يتم خوصصتها.
أ-مزايا الخوصصة على الاقتصاد الكلي: تؤدي إلى خفض العجز في ميزانية الدولة ،ومن ثم تخفيض عبء الضرائب والتضخم على الجمهور، ربما أنها تؤدي تدريجيا إلى زيادة الادخار والاستثمار نتيجة لفتح أبواب الاستثمار أما المدخرين ، فتوجه ميلهم إلى الاكتناز في صورة الاحتفاظ بالذهب والعقارات ويتحولون إلى الاستثمار منتج، وارتفاع مستوى الجودة وزيادة الإنتاجية من شأن زيادة الصادرات وتدعيم القدرات وعلى المنافسة الواردات مما يساعد على تحسين مركز ميزان المدفوعات وبالتالي زيادة مستوى الأجور والدخول الحقيقية وكما تشجع على دخول وانسياب بالتكنولوجيا الحديثة ومسيرة العالم في هذا الطريق.
الرقابة على شركات القطاع الخاص يتم من خلال ملاكه وليس من خلال موظفي الدولة، وهو ما يعني الحرص على المصلحة الاقتصادية أكثر من المصلحة السياسية
انخفاض النفقات العمومية وهذا بتخفيض الضغوطات التضخمية التي تؤدي إلى عدم التوازن أو الخلل أو تعرقل مسار الإصلاحات ،ومن جهة أخرى الحصول على إيرادات مالية وتخفيض الديون الخارجية ،نتيجة بيع المؤسسات العمومية أو تبديل الاعتقادات أي أن المعتمدين الأجانب يبدلون اعتقادهم بأنهم في المؤسسة ويمكن للدولة أن ترفع من إرادتها في الميزانية وذلك بغرض الضرائب على المؤسسات المخصوصة ذات المردودية العالمية
إلى أنه يمكن أن ينشأ عن ارتفاع مدا خيل الدولة أثر تضخمي (زيادة عرض النقود المحلية)، وهذا المشكل يطرح بكثرة في حالة تغيير الحقوق مقابل المساهمات في رأس المال من المستحسن أن تواجه الدولة المداخيل التي حصلت عليها إثر بيعها للمؤسسات العمومية إلى هذه الأخيرة ، وليس على الخزينة العامة للدولة، إذ أنه من الواجب الحفاظ على استقرار الميزانية للتحكم في التضخم.
انخفاض عبء الميزانية نتيجة انخفاض المبالغ المخصصة لتدعيم أنشطة المؤسسات العمومية أو تغطية خسائرها.
مزايا الخوصصة على المؤسسة التي خوصصتها:
- توفير رؤوس الأموال جديدة الإستثمار:
فالعجز الكبير التي تعرفه الدولة والمحقق في ميزانية المؤسسة العمومية ،تصعب تغطيته لكن بإمكان الخوصصة أن تعالج هذه الأمور،وذلك بإدخال رؤوس أموال جديدة ،ويكون هذا ببيع المؤسسات سواء إلى المستثمرين الأجانب أو المحليين،وهذا بدوره للحصول على
عملية أجنبية مما يؤدي إلى تحسين سعر الصرف المحلي بالنسبة للأجنبيين أو بيعها للمستثمرين المحليين الخواص قصد الحصول على أموال تسديد الديون الخارجية،وهذا كما فعلت الأرجنتين عندما باعت إحدى مؤسساتها لمقترضيها، بذلك تمكنت من القضاء على جميع الديون.
-إن تحول المؤسسات العمومية إلى الخواص يزيل على كاهل الحكومة عبء خسائر هذه المؤسسات مما يدفع الدولة بتركيز جهودها لأهداف أساسية .
-الخوصصة تمنح المؤسسات إستقلالية أكبر في إتخاذ القرار ويحد من التدخل السياسي في عمليات المنشآت العامة.
-الخوصصة تؤدي إلى الحد من حاجة القطاع العام إلى الإقتراض ،وبالتالي السيطرة على الطلب الإجمالي والتضخم.
-تحسن في الإتجاهات النفسية للعاملين اتجاه وظائفهم وشركاتهم بإعتبارهم ملاك وأصحاب مصالح رئيسة في نجاح شركاتهم ،ويؤدي هذا غالبا إلى الزيادة في الإنتاجية والربحية على المدى الطويل للشركات.
وللخوصصة مزايا أخرى منها:
-الحفاظ على وضائق العاملين وضمان عدم التعرض للإستغناء عنهم إذ آلت الشركة
إلى مستثمرين آخرين ربما يودون تخفيض التكاليف من خلال تقليل عدد العاملين.
-الحصول على فرصة حقيقية في المشاركة في الأمور التي تهمهم فبإعتبارهم مالكين فلهم الحق في المشاركة في إتخاذ القرارات التي تهمهم مثل التوسع و الإنتاج والتسويق والعمالة والموارد البشرية.
-زيادة الدخل من خلال الحصول على أنصبتهم في توزيع الأرباح بإعتبارهم مالكين لرأس المال ،وهناك إمكانية لزيادة الدخل مرة أخرى عند إنتهاء عضويتهم بالمنظمة(التقاعد)ومن خلال بيعهم لأنصبتهم في رأس المال إلى إتحاد العاملين المساهمين –توسيع قاعدة ممولي الضرائب،فالعاملين هم أصحاب وظائف ثابتة يدفعون من خلالها ضرائب على مراتبهم،وهم ملاك يدفعون ضرائب على أرباح شركاتهم،وضرائب على توزيعات الأرباح التي يحصلون عليها.
-ربط الخدمات وتكلفتها بالمستفيد النهائي منها ،وتحميله فردا من التكلفة في كل مرة إستفادة وحسب درجة الإستفادة من الطرق والمرافق العامة.
-تخفيض القيود والتدخلات وأعمال جهاز الثمن بحرية كاملة مما يكفل فعالية الأداء الإقتصادي.
-تمويل برامج إنشاء مشاريع جديدة، وذلك لخلق فرص عمل جديدة.
المطلب الثاني:عيوب الخوصصة:
رغم المزايا التي توفرها الخوصصة توجد عيوب لها ،وهذه العيوب نجملها فيما يلي:
-الممارسات الإدارية في القطاع الخاص لا تكون مناسبة للحجم الكبير الذي يميز شركات القطاع العام.
-من بين الأنشطة التي تركز عليها شركات القطاع الخاص ،هي التجارة والمبادلات ،وبالتالي عدم وجود خبرة هامة في إدارة القطاع الخاص إلى المجال الصناعي .
-التفضيلات الفردية قد لا تعبر عن مصلحة المجتمع ككل ،إذ أنها قد تعبر عن تفضيلات قلة ذات تأثير نافذ،لما تملكه من مقومات مادية وإعلامية ومن ثم فهي بذلك قد تؤدي إلى تشويه و إختلال تخصيص الموارد الإقتصادية لأن المصلحة تنحصر في أشخاص لا يكون التعامل إلا بينهم للهروب من الطبقة الكادحة في المجتمع
وقد جمعت كل حجج المعارضين للخصخصة ولخصه كما يلي:
- أولا:القطاع العام ضروري لقيام صناعات إستراتيجية وصناعات ضخمة ذات طبيعة خاصة تفرضها إعتبارات قومية وأمنية.
-ثانيا: القطاع العام لم يفشل ولكن تم إفشاله وكان من الممكن أن يحقق أهدافه بنجاح.
-ثالثا:القطاع العام ضروري لتولي الإحتكارات الطبيعية والخدمات العامة.
-رابعاً:القطاع العام هو الأقدر على تقديم الخدمات العامة الضخمة كالإتصالات والماء والكهرباء وغيرها.
خامسا:يمكن تصحيح إدارات شركات القطاع العام بمنحها المزيد من حرية الحركة وتخلص السيطرة البيروقراطية.
-سادسا:الإنفتاح أثبت فشل القطاع الخاص في فهم الرسالة الإستراتيجية والتحول إلى القطاع الإستهلاكي وليس الإنتاجي.
-سابعا:القطاع العام له أهداف هامة غير الربحية وغير الأهداف التجارية،مثل الحاجة إلى إستراد التشغيل للعمال دون حاجة وإسكان الفقراء والطرق وغيرها.
المبحث الرابع:مشاكل الخوصصة:
كما هو معروف فإن المؤسسات الحكومية تقوم بتشغيل العديد من الموظفين العمال دون حساب التكاليف أو قياس أهمية توظيفهم في الكثير من الأحيان ...ولذلك فإن الأخذ على الخوصصة هو قيام الملاك الجدد بالتخلص من العديد من العاملين في سبيل تقليص التكاليف وتحسين المردود على رأس المال .
وهنا يبرز التساؤل كيف يمكن الإستفادة من اليد العاملة الزائدة؟وكيف يمكن تعويض من يتم الإستغناء عنهم وظائف جديدة وهل هؤلاء يمكن إعادة تأهيلهم للقيام بأعمال جديدة لم يسبق وأن مارسوها ،هذه الأسئلة لابد أن واجهت الأجهزة المختصة والمؤسسات الدولية التي إقترحت مشاريع الخوصصة في العديد من بلدان العالم الثالث وغيرها
لاشك أن إنتشار البطالة في العديد من الدول يخلق ضغوطات كبيرة لتفادي زيادة عدد العاطلين عن العمل ،ولهذا تصبح مسألة العمالة من أهم المعوقات أو المعطلات لبرنامج الخوصصة وبطبيعة الحال هناك عدد كبير من العاملين في العديد من المؤسسات والشركات والذين ربما لا مبرر لوجودها فيها،اوأنهم قد أصبحوا غير مسايروا التطورات التقنية في ميدان أعمال هذه المنشآت ،أو أنهم بلغو من العمر عتيا ولا يفيد معهم برامج إعادة التأهيل أو التدريب على تقنيات حديثة.
المطلب1:مشاكل القطاع العام:
القطاع العام لا يحقق نتائج إيجابية ،وتلمس هذا عن مقارنته بالقطاع الخاص، أين يبقى السياسيون العائق الأكبر ،في هذا المجال نجد كل منهم يطمح إلى تحقيق أغراضه السياسية التي تخلق مشاكل إقتصادية وإحتماعية مثل تمويل مناطق النائية بالكهرباء الريفية بأثمان تفوق المداخيل الحقيقية للسكان المخطط الكبير للتنمية في الثلاثي67/69،والرباعي الأول70/73،والرباعي الثاني74/77،هذه الفترة القصيرة لم تطبق فيها التكنولوجيا بصفة حسنة،نظر للإجراءات البيروقراطية في القرارات التي تخص عمليات المؤسسات والأهداف الإجتماعية تحقيقها مثل ضمان مناصب الشغل،التربية،الصحة،السكن والتوازن الجهوي.
في المجموع أن تحقيق الأهداف الإقتصادية والاجتماعية المسيطرة،مهما كانت التجهيزات أو سلع الإستهلاكية أو خدمات بقيت ضعيفة مما أدى إلى ارتفاع نسبة الواردات من السلع النصف مصنعه مقابل الحفاظ في الإنتاج الوطني ،وهذا مما جعل التفكير في إصلاحات جديدة في تنظيم المؤسسات.
إن النظام البنكي في الجزائر ليس هو الامتداد للإدارة العمومية منذ عدة سنوات ورغم الإصلاحات الإقتصادية، فإن هذا النظام يعتبر من بين العراقيل الكبرى التي تعيق تطور نمو المؤسسات العامة،وبالتالي يعتبر هذا المشكل من بين المشاكل التي تواجه المستثمرين لدى القطاع البنكي ،من أجل الحصول على قروض، وهذا راجع إلى السياسة الخاصة التي طبقتها الجزائر في مرحلة70/78، والتي تتمثل في سياسة الإقتصاد الكلي، أما فيما
يخص حصة القروض فقد قامت الدولة بتمويل كل استثمارات المؤسسة العمومية ، وهذا نسبة تقدر ب 100٪ وبمعدل فائدة حقيقي سلبي ،أما فيما يخص التمويل الخارجي ،وكثيرا ما يصادف هذا المشكل المؤسسات العمومية التي تلجأ على القروض الخارجية إذا لا يتحصل على هذه الأخيرة إلا بالشروط التالية:
-توفر الأرصدة بالدينار.
-أولوية النشاطات الإنتاجية.
أما مشكل التموين فيعود إلى ضعف ونقص المواد الأولية على المستوى المحلي ،وهذا بسبب تراجع في نشاطات المؤسسات العمومية نظرا لعدم توفرها على المحزونات من المواد الأولية الضرورية للممارسة في النشاط.
وكذا الوضعية المالية التي تسمح لها بالإستيراد من الخارج ونتيجة لهذه العراقيل أسفرت على نتائج وخيمة منها:
أ-أغلقت فعلا خلال سنتي 1981-1982 قرابة 25 مؤسسة صناعية صغيرة أبواها بسبب انقطاع تموينها من الموارد المستوردة من طرف الدولة.
ب-كما كشف أن بعض المؤسسات الصناعية قد قامت بتشكيل مخزون يكفي لمدة أربع سنوات ، وهو مخزون أغلبه من مواد قابلة للتلف،وهذا تخوفا من نفاذ المخزون ،زيادة على ذلك عدم التحكم في التسيير للمناطق الصناعية وتوفير الشروط الملائمة لتهيئة الأراضي المخصصة للإستثمار خاصة الماء والكهرباء والغاز وكذا الصعوبات المسجلة في التموين بمواد البناء.
ج-إنعدام مكاتب الدراسات التي من شأنها أن تضمن وأن توفر مختلف معطيات ومعلومات تسمح للأعوان الإقتصاديين باتخاذ القرارات اللازمة لإختيار المشاريع أي القطاع المراد الإستثمار فيه.
كما أن المتفحصين لوضعية المؤسسة العمومية وطريقة تسييرها يلمس مدى التهميش والإقصاء لمسيريها خاصة بالنسبة لعملية صنع القرار بسبب نمط التسيير المتبع ،والذين
جعلوا من هؤلاء المسيرين مجرد منفذين للقرارات وتوجيهات السلطات المركزية،هذا التسيير الغير الراشد أدى إلى إفراز تراكم الأخطاء ،ومن ثم حدوث اللاتوازن المالي والإنتاجي للمؤسسة.
وأن المشاكل التي يتلقاها المستثمر في الميدان تتمثل في ضعف وعدم وجود سياسة أو خطة واضحة ،ضرورية لإيجاد سوق حقيقية للإستثمار ويتم من خلالها تبسيط وتوضيح الإجراءات القانونية والتنظيمية المتعلقة بالإستثمار.
وذلك على كل المستويات مع ضرورة إعتماد منهجية إتصال تسمح للمستثمرين بالإطلاع على كل ما يتعلق بترقية المؤسسات العمومية بالإضافة إلى ثقل الإجراءات البيروقراطية التي نجدها لدى مختلف الهيئات التي لها دخل في الإستثمار خاصة تلك المتعلقة بالحيازة على عقد المالية والسجل التجاري والجباية
وقد كان المشكل الأمني ضمن الأسباب الأساسية لتوقف أكثر من 12500 مؤسسة صغيرة
متوسطة عن النشاط ، وتصريف آلاف العمال حسب ما أكد عليه وزير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أمام المجلس الإنتقالي،أمام استمرار أعمال التخريب والحرق للمؤسسات العمومية وأعمال نهب الأموال العمومية.
رغم أن المؤسسات العمومية قامت بتوفير مناصب شغل جديدة خاصة بالشباب الذين يتراوح عمرهم مابين 16-24سنة ،حيث يمثلون70٪من الفئة البطالة إلا أن هذا لا يعني أن مشكلة البطالة المقنعة مما أدى إلى إكتظاظ العمال في المؤسسات بدون فائدة وزيادة الكسل والإهمال وغياب الروح العملية النشيطة حيث نجم عن ذلك نقص في المردودية الإنتاجية،وإذا تقرر إحالة العمال للتقاعد مبكرا فإن هناك تكاليف جديدة ستترتب على برنامج التقاعد والتكافل الإجتماعي أو نظام التأمينات الإجتماعية.
وهكذا يمكن أن ينشأ عن عمليات الخوصصة إلتزامات مالية جديدة على كاهل الخزينة العامة،لكن هناك من يعتقد أن الدولة من خلال أنظمة الضرائب ربما تحصل عل من
يعوضها كثيرا من تبعات الخوصصة والإلتزامات الإجتماعية الناجمة عنه لكن قياس الناجح في نهاية المطاف يعتمد على العديد من العوامل والظروف والقياس يختلف من بلد لآخر.
كما وجدت المؤسسات العمومية نفسها حبيسة لحالة تكريس دافع الإستهلاك إنتاج التكنولوجيا،وهذا السبب لإستيراد التكنولوجيا لا لإبداعها،وهذا ناتج هو الآخر عن إهمال هذه الأخيرة واستغلالها للوظائف "البحث والتطوير" وبعد كل التجارب الإصلاحية السابقة التي كانت المؤسسة العمومية مجبر لها في وقت من الأوقات.
إن التجربة المحاطة منذ سنة 1988،لم تتوصل إلى تحقيق النتيجة المرجوة نظرا لبنود العلاقة مابين أصحاب وسائل الإنتاج والمسيرين وحتى صناديق المساهمة لم تعمل بالشكل المنتظر منها.
فرغم كل الإجراءات بقي القطاع العمومي هو القطاع السائد والدولة بقيت القوة المحركة للإقتصاد،وهذا راجع لبقاء التقنيات السابقة (كثافة البيروقراطية مثلا) إذن أول نقطة ظهرت في برنامج الحوار هي مدى تطابق نمط الإدارة بالميدان،ولكن في هذه الحالة هناك عدة سلبيات في هذا المضمون:
-عدم التكامل والتنسيق بين جميع أطراف المؤسسة،وعدم التحديد الجيد لوظيفة كل طرف (مجلس الإدارة-الإدارة العام...) وحث العمال.
-عدم توظيف الإطارات الإدارية حسب الكفاءة حسب إنتماء هؤلاء في نفس العائلة السياسية.
-الخلط بين التوجه السياسي والإقتصادي للبلاد.
هذه الإنحرافات أدت بالدولة المحتكرة للقطاع بالإهتمام بالدراسات النظرية والتي إعتبرها عمل جيد لتحديد العمال والأسعار،وذلك دون ترك مجال حرية المبادرة للخواص الذين هم أدرى بالوضع العملي والحقيقي للقطاع، فعلى سبيل المثال كانت الدولة تحدد الأسعار
للمواد التي كانت لا تغطي إلى حد ما تكلفت إنتاج هذه المادة،لأن الدولة نظرت إلى هذه العملية من الجانب الإجتماعي وأولت الإهتمام به وكل هذه المخالفات أعطت للمؤسسة هيئة هيكل غير متوازن غير مهيكل.
والتي كلفت الخزينة العامة أكثر من 550مليون دج من 1991 إلى1995 من أجل تطهير المؤسسات العمومية .
في هذه الحالة وجب معالجة المسألة بتطبيق الخوصصة ومناقشة الخطوط العريضة لها في إطار حوار إجتماعي عن طريق المنتديات والملتقيات المختلفة، كما أن هذه النظرة التشاؤمية للمؤسسة العمومية ،المجتمعين ضمن نقابة قوية للمستخدمين (unep)
ويعتبرون إنسحاب الدولة ضربة صارمة في وجه قطاع إقتصادي كبير الأهمية ذات ثقل 61٪من الناتج الوطني الخام (ماعدا المحروقات) لكن إنضمام ودخول المؤسسات العمومية السوق شيىء ممكن حدوثه ،ولكن يتوفر بعض الشروط والإجراءات التي يجب إتخاذها وهي:
-تطهير مالي لكل المؤسسات حتى300 مؤسسة محلية(قابلة للتطهير).
-إعادة تهيئة النظام الضريبي من أجل بعض التخفيضات والتسهيلات .
-تعويض المؤسسة فيما يخص النتائج السلبية التي يسببها نوع من أوامر الإدارية.
المطلب2:مشاكل القطاع الخاص:هناك مشاكل فنية متعلقة بالقطاع الخاص الوطني،الذي نعلم أنه يتوفر على رؤوس أموال (مدخرات)هامة ،أو أن السهل عليه تدبيرها،ولكنه يفتقر إلى المعرفة الفنية والتكنولوجية للإستعمال وهي ملاحظة أكدها السيد"رضا حيماني" حيث أكد أن القطاع العمومي الإقتصادي هو الذي يتركز فيه أصحاب هذه المعرفة ،وهي حقيقة أكيدة نظرا للتجربة الطويلة المكتسبة في العمل بهذا القطاع باعتبارهم مسؤولين على التسيير أو مكلفين بالأعمال الإدارية (خصوصا الأعمال المالية)وإطارات فنية.
إن ما يخشى منه هو إحداث التحول السريع للملكية أو تسيير القطاع الإنتاجي العام إلى القطاع الإنتاجي الخاص،وهو تفعيل الجانب المالي باسترجاع الدولة لرؤوس أموالها وخنق الجانب التقني بإغراق القطاع الخاص بالمشاكل التقنية وتعجيزه في تسليم قيادة التنمية عن التسيير الإقتصادي الوطني نحو التقدم فيؤدي ذلك الوضع الإقتصادي الوطني وعليه فإن الأفضل لسياسة الخوصصة أن تكون مرنة وتشجيع صيغته المشاركة عن صيغة البيع الشامل للأصول وتعتقد أن السياسة التي صادقت عليها مجلس الوزراء في شهر جانفي 1995.حول التدرج في خوصصة المؤسسات العمومية الإقتصادية من جهة وتطبيق مختلف التقنيات الخوصصة خصوصا في مجال المشاركات الخاصة في رأس المال العمومي الإقتصادي التي تكون مفتوحة في نفس الوقت أمام ثلاث أصناف من المساهمين هم الإطارات والعمال وأصحاب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية وأصحاب المدخرات الفردية من السكان.
يمكن أن نلمس عدم تصنيف وتحديد جيد لفروع النشاط القابلة للخوصصة بالطريقة التي تسمح بالسير الجيد للقطاع الخاص ،التي يتمتع بعده إمكانيات (السياحة ،توزيع،النقل) هذه
الوضعية التي أكدت في إطار الملتقى الثلاثي 03-05-1995،يمكن التطرق إليها في حالة ما إذا كان القطاع الخاص غير قادر على إستعمال وإستغلال إمكانيته الإدخارية الاستثمارية والتكنولوجية من أجل تحقيق ومواصلة السياسة الإنتاجية الوطنية ،أما بالنسبة لممثلي القطاع الخاص (إتجاه الجزائر لأرباب العمل)فإن تحولات الإقتصادية والإجتماعية التي شهدت عالميا في سنة 1980 يجبر ويحث السلطة الجزائرية على إيجاد مقاييس عاجلة للحفاظ على المجتمع ضد خطر التشتت الإجتماعي الذي له نتائج سلبية حادة.
المطلب3:مشاكل أخرى:
ومن جهة أخرى نجد بعض المشاكل الأخرى منها :
مشاكل الملكية:
إن عدم تحديد ملكية المؤسسات العمومية يعتبر مصدر المشاكل الخوصصة،كما أدت قوانين الإستقلالية إلى نتيجة اللامركزية،أين أصبحت هذه المؤسسات حديث الساعة،الإستقلالية تمهد الطريق للمرور من الشركة الوطنية إلى مؤسسة عمومية والسؤال المطروح هل الذي هو غير مالك لا يستطيع أن يبيع؟هل الدولة تسترجع جميع المؤسسات المستقلة أو على الأقل إعادة الملكية من أجل البيع.
كما أن عملية تقييم أسعار الإمتلاك هي عملية حساسة جدا،وهذا فيما يخص الأمر المتعلق بإمتلاك الأسهم أو أصول المؤسسة العمومية،كما أن مستوى أسعار الأسهم يجب أن يكون موضوع البحث بكل أهمية لأن جديده يرجع إلى مدى نجاح أو عرقلة عملية الخوصصة من صعب إقتراح قواعد تقييم وخاصة في الوضع الراهن التي تعيش فيه الجزائر أين المعطيات والبيئة لا تسمح بتقييم أسعار الإمتلاك،ولكن تقييم أسعار السهم أو النشاط أو الأصول يجب أن ينعكس الظروف الحقيقية للسوق.
2-مشكل السوق المالي:يتحدد مستوى السوق المالي في أي بلد إذ كان يمكن تطبيق فيه طرق الخوصصة وتعتمد هذه الأخيرة على البورصات المحلية ،ولا يكون عرض من طرف القطاع العام في غياب توزيع الأسهم ونقص الإستثمار العام في الجزائر ،إقامة بورصة القيم التي تعتبر وسيلة هامة للقيام بعمليات مالية وتحويل الأسهم في حالة خوصصة محتملة ومن 375 مؤسسة عمومية 15مؤسسة فقط لها عقد مع البورصة.
ففي مشكل السوق المالية نجد عدة قضايا منها.
حرية التداول الاصول والخوصصة:ليس بالإمكان الإدعاء بتوفير حرية إقتصادية معينة دون أن تكون هناك سوق حرة لتداول الأصول وقد تطورت هذه السوق إلى مستوى أسواق الأوراق المالية بشتى أنواعها،ولذلك فإن تداول أسهم الملكية في هذه الأسواق يمنح المستثمرين الأمان ويمكنه من المقدرة على تسيير الأصول في الوقت الذي يراه مناسبا وخصوصا عندما يتيقن أنه يستطيع أن يجني ربحا رأسماليا جيدا من إستثماراته إذن فإن توفر هذه السوق يعزز من فرص نجاح برنامج الخوصصة،وقد سعت العديد من دول العالم الثالث والدول الإشتراكية السابقة في أوروبا الشرقية أو حتى في روسيا إلى تأسيس أسواق تداول الأصول أو سوق مالية تدرج فيها أسهم حقوق الملكية في الشركات التي يتم خوصصتها ،ويعتبر وجود السوق المالية،وفرص التداول فيها من أهم المحفزات عملية الخوصصة كما أنه حتى لو تم إمتلاك جميع حقوق القطاع العام من فرد واحد في أية شركة أو مؤسسة فإن المالك الجديد لابد أن يسعى لتحويل الأسهم إلى أموال سائلة بعد حين وهذا لن يتحقق دون وجود إمكان طرح هذه المساهمة في سوق مالية يتم من خلالها التداول الحر للأصول،وقد يكون فقدان العديد من البلدان العربية للأسواق المالية أو عدم تطور الأسواق القائمة من أهم معوقات الإستثمار الخاص في هذه البلدان ،منذ أواسط السبعينات سعت الكثير من الدول العربية إلى جذب الأموال من الخارج،سواء كانت هذه الأموال عربية أو أجنبية لكن التجاوب من القطاع الخاص كان محدود وذلك أن معظم الأموال التي انتقلت إلى هذه البلدان العربية كانت أموالا عامة من الحكومات التي تكونت لديها فوائض مالية نتيجة الإرتفاع أسعار النفط لكن القطاع الخاص ظل متردد حتى هذا اليوم في اللجوء إلى هذه البلدان لتوظيف أموال حيث أن إمكانية التحرر من الأصول تظل صعبة الأسباب عدم توفر التداول الحر للأصول
بالرغم من أن عدد من بلدان العالم الثالث ،ومنها بلدان عربية وفرت أسواقا مالية وسعت إلى جذب الأموال من خلال تشجيع صناديق خاصة بها إلى أن قدرة هذه الأسواق على اللحاق بالتطورات الخارجية في الأسواق المالية مازالت محدودة ،فلا يكفي توفير الأسواق بل يجب أن تتوفر فيها آليات للتداول الخاصة بكل مؤسسة مدرجة إسمها فيها، وتمكن المستثمرين من الحصول على أموال على شكل قروض يضيفها لأمواله الخاصة
لشراء حقوق الملكية في الشركات المدرجة وفي ذات الوقت يتمكن المستثمر من نقل أمواله بالسرعة اللازمة والسير المناسب إلى أي مكان في العالم.
الإحتكار:عندما تفكر السلطات الحكومية في تحويل الملكية من القطاع العام إلى القطاع الخاص في عدد من المؤسسات المهمة،مثل تلك التي تضطلع بالخدمات الأساسية مثل الإتصالات الهاتفية أو الكهربائية أو المياه فإن مسألة الإحتكار الخاص تطرح بإلحاح من عدد المهتمين ،فكما هو معلوم أن هذه الخدمات تعتبر مؤسسات عامة لا منافس لها،وهي تقدم هذه الخدمات بأسعار معقولة وتقل في أحيان كثيرة على التكاليف الحقيقية لهذه الخدمات ،وعندما تجري البحث عن خوصصت هذه المؤسسات تطرح مسالة شكل الكيان والملكية المطلوبين هناك من يعتقد أن تحويل الملكية إلى القطاع الخاص دون توفير ضمان للمنافسة سوف يؤدي إلى إحتكار خاص لا يأخذ بعين الإعتبار المصالح الإجتماعية ،و لذلك فان تسعيرة الخدمات سيكون غير مواتي لمصالح اجتماعية، وقد طرح بعض الإقتصاديين في بلدان عديدة تمر بتجربة التحويل الهيكلي (الإصلاح الهيكلي).
*أهمية تعطيب المؤسسات العامة وجعلها أكثر من منشآة: كما يطرح هؤلاء الإقتصاديون مسألة خلق المنافسة ،تشجيع فعاليات القطاع الخاص لتطوير منشآت منافسة في كل من هذه الأنشطة الإقتصادية والتي كانت تصطلح بها المؤسسات الحكومية.
وقد يؤدي خلق المنافسة وزيادة عدد المنشآت إلى تخفيض التكاليف وتسعيرة الخدمات بأسعار معقولة تعوض إلى حد ما المواطنين عن فقدان الدعم الحكومي الذي يتمثل في الأسعار المنهارة لهذه الخدمات قبل الخوصصة.
من جانب آخر هناك سلبيات أخرى للإحتكار الخاص حيث يمكن ان يخلق شعور لدى المواطنين بأنهم أصبحوا تحت رحمة أصحاب المنشآت التي سبق وأن كانت مملوكة القطاع العام ،وعندما تحقق هذه المنشآت في ظل الإحتكار أرباحا كبيرة فإن هناك العديد من المواطنين سيفهمون ذلك نتيجة الإرتفاع التي تفرض عليهم نظير الخدمات الأساسية.
لكن هناك معوقات مهمة أمام خلق المنافسة في عدد من الأنشطة الإقتصادية ،فكما هو معلوم فإن الجدوى الإقتصادية لقيام أي مؤسسة أو منشأة إقتصادية تعتمد إلى حد كبير على توفر طلب مناسب وفي العديد من الدول فإن الطلب على هذه الخدمات يبقى محدود أولا يحفز المستثمر على توظيف أموالهم.
ومن هذه الخدمات :الخدمات الهاتفية أو خدمات الإتصال حيث يعتمد إقتصاديون مختصون أن الأسواق تضل محدودة نتيجة لتدني مستويات المعيشة وإنخفاض حاجة البشر لعديد من الخدمات في هذا القطاع لكن هذه التخفيضات ربما تكون في غير محلها حيث أنه ليس من المطلوب من الملاك الجدد أن يحققوا أرباحا كبيرة أو سريعة، كما أن وجود المنافسة ستدفع الشركات إلى تطوير الخدمات وبأسعار مناسبة تؤدي إلى جذب المستهلكين ،وإذا إستمر الإحتكار في ظل ملكية القطاع الخاص فليس من المتوقع أن تحقق الأهداف الإقتصادية و الإجتماعية المنشودة من المتخصص والتي لا بد أن تكون ساعية لتحقيق الكفاءة أو توفير الخدمة بأقل كلفة وبأسعار مناسبة للمستهلكين،وهذا ما تؤديه المنافسة الحرة.
-3-الخوصصة والقاعدة الإقتصادية: في عدد من البلدان خاصة بلدان العالم الثالث يتركز الإقتصاد حول واحد من النشاط الإقتصادي ،فمثلا ربما يكون التركيز حول إنتاج وتصدير السلع الأولية أو المواد الخام واحدة مثل إنتاج وتصدير البترول في الجزائر أو مادة زراعية أو مواد معدنية أو تعتبر مثل هذه الدول ،هذه المواد الخام هي سلع إستراتيجية يجب أن تخضع لهيمنة الدولة ،وذلك حتى في وقتنا الحاضر مازالت العديد من البلدان تعتبر أن الخوصصة يجب أن لا تشتمل هذه القطاعات وعن هذا فيما ورد في منتدى للخوصصة في الجزائر مؤخرا عن لسان السيد"أكتوف" الجمعية العامة الجزائرية للموارد البشرية بإقامة الميثاق مع خبراء البنك العالمي:أن ليس كل ما هو عمومي قابل للخوصصة وعبر عن رأيه المناوئ للخوصصة كل ما هو بعلاقة مع كرامة المواطن
كالتربية والصحة مثلا تم التساؤل هل يجوز أن تمس الخوصصة كل من سوناطراك أوسونالغاز....؟
لذلك تبقى الخوصصة محصورة في قطاعات هامشية حيث أغلب النشاطات الإقتصادية خارج إطار النشاط الرئيسي ، ما هو إلا مساعد أو خدمي ويجد أغلب المستثمرين أن
اللجوء على هذه الأنشطة غير موافق إقتصاديا،كما ان اقتصاديات التي تقسم بالتركيز على السلعة الواحدة أو الخدمات المركزية مثل السياحة قد تكون معرضة.
ولاشك أن تنويع القاعدة الإقتصادية وإتساعها يمنح فرص أفضل لنجاح برامج تخصيص الملكية يوفر جاذبية للمستثمرين .
لكن بلدان العالم الثالث في أغلبها ،تعتمد على نشاط واحد أو عدد محدود من الأنشطة التي يعتمد عليها الإقتصاد الوطني ،وتوفر له الموارد المالية وحصيلة من إيرادات التصدير ولكي تصبح عملية الخوصصة مجدية في مثل هذه الإقتصاديات،فلا بد أن تصبح جميع الأنشطة محررة ومفتوحة وأن تسمح القوانين بالتملك في المؤسسات العمومية في وسائل القطاعات وقد عملت بعض دول أمريكا اللاتينية في السنوات الأخيرة على إتخاذ إجراءات في هذا الإتجاه مما شجع العديد من الشركات الوطنية والأجنبية على الإستثمار في مختلف القطاعات ضمن برامج الخوصصة ،وقد شملت الخوصصة في هذه البلدان قطاعات عديدة منها النفط والخدمات مثل قطاع الإتصالات والكهرباء وأحيانا الطرق،كذلك تم جعل قطاع البنوك والنشاط المالي مجال يمكن الإستثمار فيه من قبل رجال الأعمال والمؤسسات الأجنبية ،وقد تواجه هذه التوجيهات معارضات سياسية في بلد أو أكثر وهذا يعتمد على تعطيل إنجاز الإصلاح وتهيئة الظروف لتنفيذ أعمال الخوصصة ليأتي منه سوى إستمرار الأوضاع الإقتصادية المختلفة لكن هناك أهمية لتعزيز دور القطاع الخاص من خلال إقتصاد متكامل لا يعتمد على القطاع إقتصادي واحد، ويفتقر على إمكانيات التنويع، إن ديمومة الحيوية في أي إقتصاد تعتمد على وجود قطاعات إقتصادية عديدة يكمل بعضها البعض ،وتستطيع أن توفر فرض عمل إمكانيات لتتحصل على موارد مالية من الداخل والخارج حيث تساهم في استقرار النظام الإقتصادي
و تبدو أن النشاطات الإقتصادية الأخرى أي في القطاعات غير إستراتيجية ليست ذات أهمية كما أن الأموال التي توفرت لدى الحكومات جعلتها تتحكم في جميع المسارات الإقتصادية حتى أصبح القطاع الخاص فيها تابعا للنشاط الحكومي
ومتودد للعطف الحكومي، وقد تبرز هذه الظاهرة في بلدان نفطية أكثر من أخرى حسب تطور التجربة أو مدى هيمنة الدولة عن الأنشطة الإقتصادية يبدوا أن الإنفاق الحكومي يظل في مختلف هذه البلدان هو المحرك المحوري لجميع الأنشطة .
وعندما تطرح أفكار الخوصصة في مثل هذه البلدان فإن البعض يقترح أن يشمل الخوصصة قطاع النفط حتى يتمكن القطاع الخاص من لعب دور حيوي و فعال في النشاط الإقتصادي لكن الأنشطة السياسية لا تحبذ أي دور للقطاع الخاص في هذا القطاع لأن ذلك يفقد البيروقراطية القدرة على التحكم في المصالح العامة وربما يضعف من موقفها السياسي .
كذلك هناك سياسيون يعتقدون أن الثرة الطبيعية في البلاد يجب أن تظل ضمن الملكية العامة أو لا يعبث بها من قبل مصالح الخاصة سواء كانت محلية أو أجنبية ،وتظل هناك إمكانات انفتاح على القطاع الخاص والسماح له بالإستثمار في القطاع النفطي أو أي قطاع رئيسي آخر إذا شعرت الحكومات بأن إمكانياتها أو قدراتها لتحسين النتائج أو زيادة الإنتاج أصبحت محدودة،وبات من المحتم البحث عن أموال لتحديث عمليات الإنتاج أو زيادة ذلك الإنتاج ولن يتحقق ذلك دون دعوة القطاع الخاص لتوظيف أمواله في هذا القطاع .
وقد نجد أن نتائج التخصيص للمشروعات العامة في الدول النامية تكون بالطبع غير مؤكدة ،بل أنه يمكن التنبؤ في حالة هذا التحول بحدوث بعض المشاكل المحتملة التي يمكن ذكر عدد منها فيما يلي:
1-صعوبة تسعير الخدمات والسلع المنتجة من المشروعات ذات الطبيعة الإحتكارية ،خاصة الخدمات (مثل الكهرباء الماء التعليم وغيرها)حيث أن محدودية السوق وضيقها سيحاولان دون وجود عدد كبير من هذه المشروعات ذات التكاليف الرأسمالية الضخمة الأمر الذي يعني بالضرورة إستبدال الإحتكار الحكومي الحالي لهذه الخدمات .
في الدول مثل الكويت إلى إحتكار خاص وهو ما سيؤثر بالتأكيد في أهداف تخصيص معلنة ،كما أن قصور في قوى السوق المالية سيقلل من فرص التقويم الحقيقي للأصول المطروحة لبيع القطاع الخاص وهذا ما يتعارض أصلا مع فلسفة التخصيص وأهدافه.
2-لا شك في أهمية الدعوة إلى التخصيص لا تعني تخلي الدواة عن جميع أدوارها ، وإنما تعني ببساطة التغير في هذه الأدوار من الموجه المشرف ، وهذا يقتضي بالضرورة
الأدوات الرقابية والشبكة القانونية اللازمة للممارسة الدور الجديد،وما تتطلبه من توفر قوانين محاربة الإحتكار أو فرض العمالة الوطنية ومواجهة التلوث البيئي وغيرها،ولا شك في أن الجهاز الحكومي يعاني حاليا تخلف القوانين وعدم الحزم في تطبيقها،وان حدة و ضعف أدوات الرقابة الأمر الذي ينذر مقدما بأن الجهاز الحكومي لن يكون قادرا فعليا على ممارسة دوره الجديد وتوجيه المشروعات المحولة لما يتماشى والأهداف المعلنة للدولة.
3-إن التحول إلى القطاع سيؤدي بالتبعية إلى تراجع الأهداف الإجتماعية الحاكمة في المشروعات العامة لتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين،وخاصة محدودي الدخول منهم ،وخلق فرص وظيفة للعمالة الوطنية ،والقضاء على الأمية،ورفع المستوى المعيشي لأفراد المجتمع كافة وغيرها ،كما سيؤدي بالتأكيد إلى تقدم الأهداف الإقتصادية التي يسعى إليها رأس المال الخاص ،والتي تتمحور أساسا حول تحقيق الربح وتعظيمه ،الأمر الذي سيؤثر مباشرة في إحتمال توافر السلعة أو الخدمة العامة بالسعر والجودة الذين يتناسبان وإمكانيات فئات الشعب المختلفة.
4-التأثيرات المباشرة والمتوقعة للتخصيص على نسبة العمالة الوطنية المستوعبة ،وعلى فرص تنميتها وتطويرها،وإستحالة فرض ذلك على القطاع الخاص الذي تحركه إعتبارات الربحية وضغط المصرفات الأمر الذي سيؤثرسلبا في هذه العمالة و الإحتمال الكبير بإستبدالها بعمالة أرخص وأكثر مرونة تماشيأ وأهداف القطاع الخاص ،وعموما يهدف المشروع الخاص إلى الحصول على ثقافة عالية حديثة بأقل عمالة وأقل مشاكل ممكنة في مجال العلاقات الصناعية.
5- لا شك في أن التحول في ملكية المشروعات العامة إلى القطاع الخاص سيتجه في بداياته إلى المشروعات العامة الجيدة التي يرغب القطاع الخاص في تمليكها،وهو ما يعني تحويل هذه المشروعات وترك المشروعات المتعثرة ذات للأعباء الاقتصادية في يد الدولة ،وذلك بالتأكيد لن يقلل من الأعباء المتزايدة على ميزانية العامة ،وإنما قد يعني حرمان هذه الميزانيات من إيرادات متوقعة من مشروعات جيدة كما يسعى بالتأكيد تحويل هذه المشروعات إلى يد طبقة من المشروعات إلى يد طبقة من المستثمرين الأفراد القادرين على تحويل الشراء وفقا للنمط السائد في الملكية في القطاع الخاص وذلك سيؤثر بصورة مباشرة في مصالح المستفيدين والمواطنين من هذه الخدمات مستقبلا.
6- يجب أن لا تغفل السياسية المحتملة التي قد تفوق في تكلفتها الآثار الاقتصادية المتوقعة للتخصيص خاصة عن تحول بعض المشروعات الحيوية والمرافق العامة، الأمر الذي سيؤثر بالطبع في بعض اعتبارات السرية والأمن القومي المرتبطة بهذه المشروعات.فالدعوة إلى تحجيم القطاع العام بدل بيعه للأفراد ، وإفساح المجال للقطاع الخاص في الوطن العربي ،أو الخوصصة وأن آثارها من منطلق تحسين الكفاءة الإقتصادية أو غيره،هذه الدعوة تستهدف نهاية تحويل التشكيلة الإجتماعية للدول في حماية الجمهور، والتمهيد لنمط النمو الرأسمالي المزعوم، وتعميق التبعية للغرب الرأسمالي، وعلى الداعين إلى بيع القطاع العام، مجرد تشجيع القطاع الخاص والتحرر من تدخل الدولة وإفساح المجال لقوى السوق، أن يتأمل الوضع الذي آل إليه القطاع المصري بعد أن فتحت الأبواب أمام القطاع الخاص ، وبعد أن أعطيت له الفرصة
للمشاركة في المجالات كافة، وبعد أن قدمت له إمتيازات وإغراءات عديدة ،وبعد أن أزيلت القيود كثيرة على نشاطه،ماذا كانت النتيجة؟
تعثر في النمو الإقتصادي انهى إلى تدهور الناتج المحلي في سنوات الخطة الخماسية 82/83-86/87وإنحياز النمو للقطاعات الخدمية التجارية على حساب ركود الزراعة والصناعة،وتضخم جامع يزيد الفقراء فقر والأغنياء غنى ،وديون خارجية تجاوزت كل الحدود التي كان يمكن تصورها عندما قدمت الحكومة سياسة الإنفتاح إلى الناس بحجة أنها ستريحنا من عناء الديون الخارجية ، وذلك بحلول الإستثمار العربي والأجنبي محلها،وفساد وطفيلية في نطاق واسع وهروب وتهريب الأموال.
وكذا بالنسبة للجزائر نجد في إطار محاولتها الإعداد وتحسين وضعية المؤسسات الجزائرية للمنافسة الخارجية قبل الانضمام للمنظمة العالمية للتجارة،وضعت الحكومة الجزائرية برنامجا لتأهيل المؤسسات الجزائرية للتنافس في السوق المفتوحة وإرساء قواعد إقتصاد السوق.
فبعد التحولات العميقة والسريعة في المجال الإقتصادي على مستوى أنماط الإنتاج والتوزيع والتنظيم مما زاد من المنافسة وبالتالي التحول في المحيط التنافسي للمؤسسات الجزائرية،حيث فرض عليه محيط يمتاز بحسن التنظيم والإنتاج والتوزيع مما زاد من ضرورة الإعداد بمثل هذا البرنامج الذي قد يؤهل المؤسسة الجزائرية للمنافسة ولأن المؤسسات الجزائرية وبالأخص العمومية منها مازالت تتميز بخصائص عدم الفعالية وضعف المنتج وإنتشار البيروقراطية وثبوت عدم قدرة الإصلاحات الهيكلية على مستوى المؤسسات العمومية أو التي حققت نتائج سلبية كما أن محيط المؤسسات الجزائرية تسوده ظواهر تحول دون توفير الظروف المناسبة للمنافسة والى التأقلم مع التغيرات الجديدة وخاصة إذا علمنا أن لهذه التغيرات دور هام في تأهيل المؤسسات ،كما أنه لم يؤخذ بعين
الإعتبار خلال مختلف مراحل الإصطلاحات التي عرفتها المؤسسات الجزائرية المشاكل التالية:
-غياب نظام مالي ومصرفي كفء.
-مشكل العقار الصناعي.
-النقص في وسائل الإتصال ذات الإستعمال الواسع.
-وجود البيروقراطية والإحتكار.
-نظام ضريبي متعدد يثقل كاهل المؤسسات أو ما يطلق عليه الضغط الجبائي.
-نظام تكوين غير كفء في مجال الموارد البشرية (غير المؤهلة).