تقسم البيئة التسويقية إلى ثلاث بيئات البيئة الخارجية غير مباشرة والخارجية مباشرة والداخلية وهي العوامل المؤثرة على المنظمة بصورة مباشرة وغير مباشرة وهي في المقابل تؤثر على حياتها وبقائها، لذا لابد للمنظمات من دراستها لمعرفة التهديدات التي تفرزها هذه البيئة والفرص المتاحة ومن أجل دراسة نقاط القوة والضعف التي تفرزها البيئة الداخلية.
المطلب الأول: دراسة البيئة الخارجية غير المباشرة
تضم البيئة الخارجية غير مباشرة مجموعة من العوامل المؤثرة على المنظمة بصورة غير مباشرة وفي المقابل لا تستطيع المنظمة التأثير عليها ولذلك فعلى المنظمات أن تحتاط لمتغيرات هذه البيئة والتكيف معها وتقع عوامل البيئة الخارجية غير مباشرة خارج حدود المنظمة ونطاق رقابتها كما أنها لا تقتصر على العوامل المحلية فقط بل تتعداها إلى العوامل الدولية خاصة وأن العالم اليوم أصبح قرية صغيرة بفضل التطور الهائل في مجال الاتصالات (الإنترنت) وتتمثل هذه العوامل في العوامل الاقتصادية، السياسية، القانونية، التكنولوجية، الاجتماعية والثقافية، وأخيرا العوامل الدولية.
1- العوامل الاقتصادية:
وتشير إلى الخصائص والتوجيهات النظام الاقتصادي الذي تعمل فيه المنظمة كمعدل الفائدة الدخل القومي معدلات الناتج القومي معدلات نمو متوسط دخل الفرد، نسبة البطالة، السياسات المالية والنقدية للدولة وتأثيرها على ميزان المدفوعات ودور الأعمال وآثارها.
أ- ميزان المدفوعات والقيود على الحركة التجارية:
يؤثر ميزان المدفوعات بشكل واضح على المنظمات ولعل العنصر الأساسي في ميزان المدفوعات هو الميزان التجاري BALANCE OF TRADE والذي يعبر عن الفارق الموجود بين الصادرات والواردات وعند حدوث عجز في ميزان التجاري تلجأ الدولة إلى إحداث فائض في هذا الأخير من خلال تقييد الواردات عن طريق منع استيراد سلع معينة وفي المقابل تكثيف صادراتها لكل هذا يؤدي بالمنظمات المحلية إلى اتخاذ قرارات يتوسع نطاق أعمالا وكذا سياستها العملية نتيجة الشعور بعدم وجود منافسة للمنتجات الأجنبية لكن هذا يؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات المحلية من جهة وانخفاض جودتها لانعدام الخبرات الأجنبية من جهة أخرى مما يعود سلبا على المستهلك النهائي، كما أن الدول الأجنبية قد تقوم بنفس السياسة المنتهجة من قبل الدولة محلية مما ينجز عنه انخفاض في حجم التبادل الدولي وانخفاض نشاط المنظمة.
ب- دورة الأعمال:
إن أثر دورة الأعمال كمتغير من المتغيرات الاقتصادية يتضح من خلال أثره على مبيعات المنظمات فالركود الاقتصادي أو الكساد يؤثر على إنتاجية المنظمة حيث تتخصص الإنتاجية الأمر الذي ينعكس سلبا على الأرباح.
ج- توزيع الدخل القومي:
ويختلف توزيع الدخل القومي من بلد لآخر حتى وإن تساوت كل منهم في قيمة متوسطة الدخل القومي ففي الدول النامية هناك قسمين من الأفراد الأولى شديدة الثراء والأخرى شديدة الفقر.
2- العوامل السياسية والقانونية:
تعتبر البيئة السياسية والقانونية من العناصر الهامة ذات التأثير الكبير في تصميم الاستراتيجية، وتتكون هذه البيئة من مؤسسات النظام الحكومي وسياسات الدول المالية والنقدية والخارجية وسياسات الدول المتعلقة بالاستثمار الخارجي، كما تشمل أيضا التشريعات والقدرات الإدارية وآراء الحاكم واللوائح والإجراءات المنظمة للعمليات.
لا تعمل المنظمات في معزل عن تأثيرات مختلف القوى السياسية القانونية للدولة والمنظمات كبيرة الحجم معنية أكثر بهذا الأمر، فأما فيما يخص العوامل السياسية فنجد مثلا القدرات السياسية يحضر استيراد بعض المنتجات الأجنبية والتي ينتج عنها توسيع في الطاقة الإنتاجية للمنظمات المحلية وبالتالي زيادة منتجاتها لعدم وجود منافسة أجنبية، لكن لا تخلو هذه القرارات من السلبيات كصعوبة الحصول على مدخلات العمليات الإنتاجية المتوفرة في بلدان أجنبية (المعاملة بالمثل من طرف الدول الأجنبية). كما نجد القدرات المتعلقة بزيادة نسبة الضرائب والرسوم المفروضة على بعض الواردات وبالتالي ارتفاع تكاليف العملية الإنتاجية للمنظمة. هناك عوامل سياسية تتعلق بتشجيع المستثمرين ورجال الأعمال على إنشاء منظمات جديدة وذلك بالإعفاء من الضرائب لمدة معينة، وتسهيل الحصول على موارد الإنتاج وغيرها من الإمتيازات، ولعل العامل الأهم والأكثر تأثيرا ضمن البيئة السياسية هو عامل عدم الاستقرار السياسي، وتتمثل في الاختلاف في عناصر البيئة السياسية والقانونية من حيث عدم قدرة النظام السياسي على تحقيق التحولات بانتظام وبصفة عادية وسليمة، وهذا بسبب التغير السريع في الحكومات وفشلها في تحقيق نتائج مرضية للمجتمع، هذا الأخير يجب على الحكومة امتصاص غضبه، هذه المؤشرات وغيرها تجعل بيئة الأعمال بيئة مخاطر وعدم التأكد والخوف بالنسبة للمستثمرين، وبالتالي تهبط من عزائمهم وقراراتهم حول الاستثمار في ظل هذه الظروف. كما أن التخطيط الحكومي يكون قصير المدى وغير مستديم مما يجعل المستقبل مجهولا أمام رجال الأعمال هذا من جهة، والتمرد والعصيان والتخريب والسطو من طرف فئات المجتمع والتي تمس بمصالح هؤلاء المستثمرين.
أما فيما يخص العوامل القانونية فتتعلق بتلك القوانين المؤثرة بصفة مباشرة على عمل المنظمة، حيث نجد القوانين المتعلقة بالبيئة من حيث الحفاظ على نظافتها والمحافظة عليها من التلوث والاستغلال اللاعقلاني للموارد المجلوبة من الطبيعة، كما نجد القوانين المتعلقة بتنظيم العلاقات بين ملاك المنظمات والعاملين فيها بين المنظمة وأفراد المجتمع، وبين المنظمة والدولة.
فأما فيما يخص علاقات ملاك المنظمات بالعاملين فيها، فهناك القوانين والتشريعات التي توفر الحماية القانونية لهؤلاء العاملين من تعسف الملاك وضمان حقوقهم، كما توضح وتحدد وصيات العاملين اتجاه المنظمة، فيما يخص علاقات المنظمة بأفراد المجتمع فنجد القوانين الخاصة بحماية المستهلك من مختلف التصرفات الخاطئة لبعض المنظمات كالغش التجاري، تقديم منتجات تضر بصحة المستهلك. أما القوانين المتعلقة بتنظيم علاقة المنظمة بالدولة فهي تلك المرتبطة بالنظام الاقتصادي ككل كقوانين إنشاء المنظمات، القوانين المرتبطة بتنظيم العمليات التجارية داخل الدولة، القوانين الخاصة بمنع الأداء الإداري الفاسد في المنظمات...الخ.
إن كثرة وتعدد القوانين الضابطة والصارمة تحد من حرية التوسع والابتكار وظهور منظمات جديدة...الخ، لهذا يطلق البعض على هذا الكم الكبير من القوانين والتشريعات اسم التلوث القانوني.
3- العوامل التكنولوجية:
قبل التطرق إلى مختلف العوامل والمؤثرات التكنولوجية وعلاقتها بالمنظمة لابد من فهم معنى كلمة تكنولوجيا، فمصطلح التكنولوجيا بالفرنسية هي كلمة تعني علوم التقنيات وليس نفس المعنى المطبق من طرف الإنجلوساكسوفيين، فالمصطلح معناه TECHNO-SCIENCE ويشير إلى مجموعة العلوم والتقنيات المستعملة لخدمة مشروع اقتصادي، وكذلك عرّفت في كتاب STATEGOT على أنها: " التطبيق الملموس للمعارف العلمية والتقنية لتصميم وتطوير وضع منتج ما ".
كما تعرف التكنولوجيا على أنها أي تغيير في أنماط وأساليب الإنتاج أو التوزيع المتعلقة بالأشياء أو السلع أو الخدمات نتيجة التطبيق الفعلي لأساليب أو طرق علمية، كما يقصد بها فن تطبيق واستخدام العلم والمعرفة بهدف زيادة قدرات الإنسان على تحقيق أهدافه.
تبعا للتعاريف السابقة فإن بقاء المنظمة مرهون بمدى قدرتها على استعمال التكنولوجيا المتطورة والابتكار والتجديد وحسب M.PORTER فالتكنولوجيا تعتبر من أهم العوامل المحددة للكفاءة التنافسية، وذلك لما لها من آثار على التكاليف وعلى السعر وعلى صورة المؤسسة. تؤثر العوامل التكنولوجية على:
* الوضعية التنافسية للمؤسسة: إذ أن التقدم التكنولوجي غالبا ما يؤدي إلى تخفيض في التكاليف، وبالتالي يجعل المؤسسة في وضعية تنافسية جيدة بأسعارها وجودة منتجاتها (كفاءة تنافسية).
* تركيبة قطاع النشاط: إن تخلف بعض المؤسسات عن اكتساب تكنولوجيا جديدة قد يخرجها من السوق وبالتالي تغيير بنية القطاع نفسها، لهذا لابد على إدارة المؤسسة أن تكون على إطلاع دائم بالتطورات التكنولوجية حتى لا يفوتها قطار التطور وتصبح مهددة بالزوال.
* الرصيد التكنولوجي: كل مؤسسة تملك رصيدا تكنولوجيا موظفا بكل الأنشطة وتمثل مهمة المؤسسة أولا في حصر مختلف أنواع التكنولوجيا الموظفة التي يحصرها E/TI/DA في أربع مجموعات وهي:
- التكنولوجيا القاعدية: وهي تكنولوجيا ذات نفس النشاط بالنسبة لجميع المؤسسات العاملة بنفس الصناعة ولا تملك أي ميزة تنافسية.
- التكنولوجيا المفتاح: في مجال تمتلك فيه القدرة
- التكنولوجيا المتطورة الحديثة: تملك كفاءة هائلة على الصنع تميز المؤسسة وعليها يتوقف النجاح المستقبلي للمؤسسة.
4- العوامل الاجتماعية والثقافية:
يمكن تعريف العوامل الاجتماعية على أنها: « تلك القيم الاجتماعية السائدة، التقاليد والأعراف الاجتماعية، القيم المؤثرة في المدينة والريف والمعطيات الناتجة عن تحليل البيئة الاجتماعية وعناصرها الثابتة والمتغيرة ومشاكل المتغير الاجتماعي، ودوافع وحوافز السلوك الاجتماعي ».
والعوامل الثقافية تتصل بالثقافة والتعليم والخبرات المتراكمة والقيم التاريخية والحضارية المؤثرة في السلوك الفردي والجماعي، مستوى التطور العلمي والثقافي، أسلوب الحياة، نوعية الحياة، طبيعة المجتمع واستعداده أو عدم استعداده للتغير، النظرة الفردية والجماعية إلى الماضي والحاضر والمستقبل، وتأثير كل بعد من هذه الأبعاد في تكوين الشخصية الثقافية والحضارية والتأثير في الفعل الإنساني.
هذين التعريفين ليس القصد منهما عزل العوامل الاجتماعية عن الثقافية ولكن توضح أهم الجوانب التي تتضمنها كل من هاته العوامل الاجتماعية والثقافية، لأن التداخل والتكامل الموجود بينها والتأثير متبادل، لذلك لا يمكن الفصل بين العوامل الثقافية والاجتماعية لأن لا ثقافة بدون مجتمع.
ولغرض الإيضاح أكثر في دراسة وتحليل البيئة الاجتماعية والثقافية سنأتي على ذكر أهم الجوانب التي تنتمي إلى هذه البيئة وآثارها على أداء المنظمة وهي: التغيرات السكانية ودور المرأة في المجتمع ومستوى التعليم للأفراد في المجتمع والقيم وقواعد السلوك الاجتماعي المرتبط بالعمل في المنظمات والمسئولية الاجتماعية والأطر الأخلاقية.
5- العوامل الدولية:
نعني بالعوامل الدولية تلك القوى والمؤثرات الناتجة عن العلاقات والتصرفات التي تقوم بها الدول كالتركيز على حماية الصناعات المحلية ومنع الاستثمارات الأجنبية من الدخول، محاولة الحصول على مركز تنافسي دولي جيد وكذا حصة سوقية كبيرة وهذا من خلال زيادة التمويل للصناعات المحلية، وهناك عوامل كثيرة ومختلفة والتي تتمحور أساسا على ثلاث عوامل:
أ- الاختلافات الحضارية بين الدول:
ذلك لأن الدول تختلف فيما بينها من حيث العادات وتقاليد مجتمعها، لغتها، اتجاهاتها ودوافعها ومعتقداتها، وبالتالي فإن سعي المنظمات لدخول أسواق أجنبية يتوجب عليها أخذ هذه الاختلافات الحضارية بعين الاعتبار، وكذلك دراستها من حيث إمكانية نجاح أو فشل دخولها في الأسواق، وبالتالي المفاضلة بين العمل محليا أو خارجيا وإن كان خارجيا فتتم المفاضلة بين الدول الأجنبية تبعا لخصائصها الحضارية.
ب- العلاقات على مستوى الدول:
هنا نميز بين نوعين من العلاقات الجيدة والعلاقات السيئة بين الدول، فمثلا في حالة ما إذا كانت تربط دولتين علاقة صداقة وعمل جديتين، فإن هذا يعني آفاقا أوسع لعمل المنظمات على المستوى الخارجي من حيث الحرية والشروط الجيدة لعمل هذه المنظمات والامتيازات الممنوحة من طرف الدولة الأجنبية، كل هذا وغيره يجعل المنظمات المحلية التي تعمل في الخارج في موقع تنافسي جيد أمام المنظمات الأجنبية نفسها، لكن في حالة سوء العلاقة بين الدول فإن المنظمات الأكثر تتأثر عندما تواجه قيودا صارمة وكبيرة على نشاطها خارجيا مما يجعلها في موقع تنافسي سيء، وكذلك حصة سوقية صغيرة على المستوى الخارجي وهذا ما يقلل من فرص نجاحها والتوسع في عمل المنظمات إن لم نقل زيادة مخاطرة الفشل أو حتى الخروج من عالم الأعمال.
ج- التجمعات الاقتصادية:
وهي تلك التكتلات والتجمعات الاقتصادية الهادفة إلى تسهيل حركة التجارة فيما بينها، ولعل أهم الفوائد المنجزة عن هذه التجمعات امتلاك قوة سياسية بتحالف القوى السياسية للدول المتكتلة اقتصاديا تمكنها من فرض هيمنتها دوليا، وهذا ما هو موجود فعلا كالسوق الأوروبية المشتركة، وهنا تكون المنظمات أمام فرص سوقية وحصة تسويقية كبيرة، لكن في نفس الوقت قد تواجه المنظمات تهديدات متمثلة في القيود الجمركية العالية والمفروضة من طرف دول هذه التجمعات بغرض منع المنظمات من الدخول ضمن أسواقها وهنا يكون البقاء والاستمرار للمنظمات الصغيرة والتي ليس لديها القدرة الكافية على المنافسة.
المطلب الثاني: دراسة البيئة الخارجية المباشرة (التنافسية)
إن تأثير البيئة الخارجية المباشرة عادة ما تتصف بالعمومية، كما أنه قد يؤثر على المنظمات بصورة غير مباشرة. أما البيئة الخارجية المباشرة الخاصة فهي أكثر تأثيرا على المنظمات بطريقة مباشرة.
وتتكون البيئة الخارجية المباشرة من عدد من العناصر نذكر منها:
1- المنافسون:
يمكن تعريف المنافسين بصورة عامة على أنهم جميع المنظمات التي تتنافس فيما بينها في الحصول على الموارد، وقد تتمثل هذه الموارد كلا من دخل المستهلك أو الموارد التحويلية أو الموارد الطبيعية.
ويعرّف المنافسون أيضا على أنهم عبارة عن المنظمات التي تقدم سلعا وخدمات متشابهة للمنتجات المنظمة إلى نفس العملاء المحتملين.
يرى بورتورد 1980 أن تحليل المنافسة يقتضي الإجابة على أربعة أسئلة رئيسية ويتعلق السؤال الأول والثاني بالاستراتيجيات التنافسية الدفاعية للمنظمة، أما السؤالين فهما يتعلقان بالاستراتيجية التنافسية الهجومية، وتتمثل هذه الأسئلة في:
- هل يمكن القول بأن المنافس يشعر بالرضا عن موقعه الحالي في السوق ؟
- هل يمكن القول بأن المنافس إذا لم يكن راضيا عن وضعه الحالي، فما هي التعديلات المتوقع أن يقوم بها في استراتيجياته ؟.
- ما هي أكبر جوانب الضعف لدى المنافسين والتي يمكن استثمارها لصالح المنظمة ؟.
- ما هي التصرفات التي يمكن أن تأتي بها المنظمة فتؤدي إلى احتمالات عالية بأن المنافس قد يقوم باتخاذ إجراءات مضادة بحيث يمنع المنظمة في الحصول على ثمار هذه التصرفات ؟.
2- الموردون:
وهم عبارة عن مختلف مصادر مدخلات المنظمة من مواد أولية ومسائل، معدات طاقوية ومختلف الخدمات والتجهيزات ومستلزمات العملية الإنتاجية، ونجاح المنظمة مرهون على مدى حسن علاقتها مع الموردين، وذلك أن العلاقة الجيدة تجعل المنظمة في موقع جيد في بيئة الأعمال من حيث حصولها على مختلف مدخلات عملياتها الإنتاجية بالقدر الكافي، الجودة العالية، السعر التنافسي الذي يحقق من تكاليف الإنتاجية والاستمرارية في توافر هذه المدخلات، كل هذا يعزز فرص امتلاك ميزة تنافسية بين المنظمات.
كما أن سوء العلاقة بين المنظمة والموردين تمثل تهديدا لها كعدم تمكن المنظمة من الحصول على احتياجات عملياتها الإنتاجية بالكمية والجودة اللازمتين والوقت المناسب، كما عقد يحدث تذبذب في توفير هذه الاحتياجات من طرف الموردين وشروط التسليم والدفع وحتى عدم التزام الموردين بتأمين متطلبات المنظمة باستمرار، كل هذا من شأنه تقليص حظوظ المنظمة في النمو والاستمرار وحتى البقاء في بيئة الأعمال.
وعليه فإن من واجب المنظمة القيام بدراسة وتحليل الموردين من جميع النواحي كعددهم ومدى قدراتهم على التحكم في الأسعار والجودة وشروط التسليم والدفع.
من هم أحسن الموردين؟ ما هي طبيعة علاقتهم مع المنظمات الأخرى؟ وإمكانية تحويل هذه العلاقة في صالح المنظمة.
هذه الدراسة تمكن المنظمة من تحسين علاقاتها مع الموردين، وبصفة عامة فإن العلاقة بين المنظمة والمورد تمثل فرصة في الأحوال التالية:
- إذا تمكنت المنظمة من الحصول على ما تحتاج إليه بأسعار أقل ومستوى جودة عالية.
- الحصول على شروط دفع أفضل ما يحصل عليه المنافسون.
- مواعيد التسليم منضبطة والمواصفات مطابقة.
- المرونة في قبول مردودات المشتريات.
- تحمل نفقات النقل والتأمين.
- تلبية احتياجات المنظمة في أوقات الأزمات.
وتبعا للدراسة التي قام بها PORTER لتوضيح مواطن القوى في العلاقة التي تربط المنظمات بالموردين سنرى متى تكون هذه القوة في متناول المنظمة، ومتى تكون في متناول الموردين من خلال ذكر أهم العوامل التي تمثل مصدر هذه القوة.
* العوامل المتمثلة لمصدر قوة المنظمة في علاقاتها مع الموردين:
والتي تشمل ما يلي:
أ- عدد المنظمات:
تزداد قوة المنظمة في علاقاتها مع الموردين كلما كان عدد المنظمات قليلا بالمقارنة مع عدد الموردين، ذلك أن التنافس يكون شديدا بين هؤلاء الموردين في جلب هذه المنظمة مما ينجر عنه تخفيضات في الأسعار وجودة عالية وشروط دفع أفضل.
ب- حجم مشتريات المنظمة:
كلما كانت مشتريات المنظمة أكبر كلما سمح لها ذلك من الضغط على الموردين والاستفادة من التخفيضات والاستحواذ على ولائهم.
ج- المرونة:
إن بيع الموردين لا يتسم بالمرونة أي عدم التحكم في معدلات الإنتاج، فهذا يعني أن الموردين قد يواجهون فائضا في المعروض من سلعهم وخدماتهم.
د- العلامة التجارية:
إن بيع الموردين لمنتجات لا تحمل علامات تجارية تجعل المنظمة في موقع يسمح لها بالتحول إلى مورد آخر دون تحمل تكاليف هذا التحول.
ﻫ- السلع والخدمات البديلة:
كلما كانت هناك بدائل للصنع والخدمات المقدمة من الموردين بحيث لا تؤثر على جودة وخصائص منتجات المنظمة كلما زاد ذلك من قوة هذه الأخيرة في علاقاتها مع هؤلاء الموردين حيث يمكن الانتقال من اقتناء سلع معينة إلى أخرى لا تؤثر على جودة ما تنتجه وتوفر لها مزايا أحسن.
و- التكامل الخلفي للمنظمات:
إذا كان بإمكان المنظمات تحقيق تكامل خلفي أي شراء وامتلاك مصادر توريد مع عدم تمكن الموردين من تحقيق تكامل أمامي بتصريف منتجاتهم، هنا تكون المنظمات في مركز قوة أمام الموردين نظرا لتوفر الاختيارات أمام هذه المنظمة.
* العوامل الممثلة لمصدر قوة الموردين في علاقاتهم مع المنظمات:
إن مصدر قوة الموردين أثناء تعاملهم مع المنظمات والذي يظهر في القدرة على رفع الأسعار وتخفيض الجودة وشروط التسليم، ويمكن توضيحه من خلال العوامل التالية:
- إمكانية تحقيق الموردين لتكامل أمامي.
- عدم تواجد سلع وخدمات بديلة.
- عندما يكون تعامل الموردين مع المنظمات بحصص صغيرة وغير مهمة.
- ابتعاد الموردين عن المنافسة الحرة (أي قلة الموردين).
- إذا كانت سلع وخدمات الموردين تعتبر مدخلات رئيسية في منتجات المنظمة.
3- العملاء (المستهلكون):
وهم القطاع المستهدف الذين يستهلكون السلع والخدمات التي تقدمها المنظمة، والمفهوم التسويقي الحديث أساسه الوصول إلى تحقيق أقصى إشباع لحاجات ورغبات هؤلاء المستهلكين، وهذا من خلال اهتمام المنظمات بدراسة وتحليل المستهلكين، حيث نجد تزايد تبني المنظمات للمفهوم التسويقي والذي يرتكز على الوصول إلى أقصى إشباع لحاجات ورغبات المستهلكين من خلال دراستهم، وتوجه المنظمة نحوهم أي معرفة المنظمة ما يرغب المستهلك فيه أولا ثم الإنتاج ثانيا، وعلى عكس هذا فالمنظمات التي لم تأخذ بضرورة دراسة المستهلكين وسلوكاتهم ودوافعهم ورغباتهم مهددة بالزوال، كما أن محيط المستهلك وانطلاقا من الأسرة إلى المجتمع ومدى التأثير على قرارات المستهلك الشرائية، إضافة إلى التغيرات الاجتماعية والتكنولوجية التي أدت إلى تزايد الوعي والإدراك لدى المستهلكين مما يزيد من الضغوط والقيود على المنظمة.
ومنه فإن المنظمات حتى تحافظ على بقائها في بيئة الأعمال فهي مطالبة بالاهتمام بكل ما له علاقة بالمستهلك من الجنس، الثقافة، اللغة، الديانة، نمط المعيشة، العادات الشرائية، الجماعات المؤثرة على اتخاذ القرارات الاستهلاكية، الدخول والمخصص منها للإنفاق، الحساسية للجودة وكذا الأسعار...الخ.
ومن المهم أيضا معرفة مصدر القوة لدى هؤلاء المستهلكين.
- ارتفاع حساسية الطلب في أسعار السلع والخدمات.
- وجود بعض الشركات تقوم بالبيع المباشر للمستهلك، حيث أن هذا الأخير قد يفرض شروطه على هذه الشركات.
- عندما يكون المشترون على علم كامل بالسلعة أو الخدمة.
- عندما يكون حجم المشتريات كبير لدى هؤلاء العملاء.
- وجود بدائل للسلع والخدمات.
- تجانس السلع والخدمات.
إن المنظمة من خلال دراستها للمستهلكين والتعرف على خصائصهم تتضح أي الاتجاهات سوف تسلك والاستراتيجيات التي سوف تتبعها ويمكن إبراز دور وطبيعة وخصائص المستهلكين في توجيه المنظمة من خلال النقاط التالية:
1- اختيار نوع الصناعة:
هنا تختار المنظمات التخصص في صناعة معينة تبعا لميول وأذواق المستهلكين، هذا الاختيار يمكّنها من الاستفادة من الفرص الناتجة عن خصائص المستهلكين. فقد أثبتت دراسات أجريت من طرف شركة AMERICAN EXPRESS أن البنوك تمنح قروضا للأمريكيين الراغبين في شراء سيارات ومنازل في حين لا تمنح قروضا للراغبين في تمويل متطلباتهم اليومية، فرأت هذه الشركة بأن صناعة بطاقات الائتمان CREDIT CARDS فرصة يجب الاستفادة منها.
كما نجد المنظمات التي اختارت صناعة السيارات المجهزة بمقصورة على شكل مطعم لاستغلال فرصة تواجد عدد كبير من الأفراد يعملون بعيدا عن التجمعات السكنية أو الأشخاص التي تستوجب طبيعة عملهم التنقل الدائم.
وهناك أيضا المنظمات المتخصصة في صناعة المأكولات الجاهزة FAST FOOD كما هو شائع في الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة لطبيعة المرأة الأمريكية وحرصها على استغلال وقتها بدل تضييع جزء كبير منه في المطبخ.
2- اختيار موقع الصناعة:
تؤثر خصائص المستهلكين في اختيار المنظمات لموقع صناعتها، فمثلا لا يمكن للمنظمة أن تختار منطقة يقطنها مسلمون لتمارس في صناعة الخمور مثلا لأن ذلك يتنافى وعادات وتقاليد وديانة هذه الشريحة من المستهلكين، كما نجد مثلا في ألاسكا أن اكتشاف البترول بها قد يسبب ارتفاع الدخل الفردي لسكانها، كما يجعل الفرصة مواتية لمنظمات من أجل التموقع في صناعات معينة تتلاءم وظروف وخصائص السكان.
3- اختيار التكنولوجيا المستعملة:
إن لطبيعة المستهلكين تأثير كبير على التكنولوجيا المستهدفة من طرف المنظمات حيث نجد أن بعض المستهلكين يهتمون بمدى جودة المنتجات وسرعة وأساليب تقديم الخدمات ولا يعيرون الأسعار اهتماما كبيرا وبالتالي ينعكس هذا على التكنولوجيا التي توفر هذه الجودة وسرعة وراحة المستهلك أثناء الشراء.
بعدما رأينا أن التوجهات التي تتبعها المنظمة تبعا لخصائص المستهلكين، سنرى الآن أنجع الأساليب للتعامل مع المستهلكين والتي تعزز فرص الاستثمار وبقاء المنظمة في بيئة الأعمال.
أ- الاختيار وليس البيع:
الاختيار هو قوة دافعة تأتي قبل البيع وتساعد في الحصول على كثير من المزايا واقتناص الفرص وحقيقة المستهدف من القطاع المستهدف، والقصد من الإخبار هنا هو أن يوفر أكبر قدر من المعلومات للمستهلكين حول السلع والخدمات في شكل نصائح وإشارات لتبديد شكوك المستهلكين، وجلب اهتمامهم أكثر بما تقدمه المنظمات حتى تسهل عملية اتخاذ قرارات الشراء.
ب- الواقعية:
وهي عدم اكتفاء المنظمات بالإعلانات ومختلف وسائل الدعاية المألوفة لأنها لم تعد تحظى بالاهتمام الكبير من قبل المستهلكين لأنهم يرون فيها مجرد وعود بل الانتقال إلى نوع آخر من الدعاية والذي يتمثل في عرض سلع وخدمات ميدانيا، فتكون بذلك تحت ناظري المستهلك وقابلة للمس، دون تدخل وساطة كالتلفزيون وغيره.
ج- تقديم المنافع للمستهلك دون انتظار تضحيات منه:
على المنظمة أن لا تنتظر تنازلات من قبل المستهلكين مقابل المنافع التي تقدم لهم، أي لا يكون اهتمامها …. التكاليف وزيادة الربحية على الأقل في الأجل القصير، حيث يجب أن تأخذ في الاعتبار عدم استعداد المستهلك للتنازل على مستوى الجودة والخدمة التي ألفها، كما أنه يفضل دفع القليل من المال ليحصل على الكثير من المنافع، وبالتالي فعلى المنظمة ابتكار أساليب جديدة ومتميزة لزيادة الربحية دون الاعتماد على رفع الأسعار.
د- مشاركة المستهلك والاهتمام الكافي به:
وهي أنه لا تنظر المنظمة للمستهلكين كمجرد مستقبلين لسلعها بل وإقحامهم في عملياتها الإنتاجية حتى يصبحوا عناصر فاعلة تغيرهم من العاملين في المنظمة، وذلك بالتعرف على مختلف الاهتمامات المشتركة بين هؤلاء المستهلكين والمنظمة ومن ثم تصبح هذه الاهتمامات مدخلات استراتيجية في منتجات المنظمة. أي توجه المنظمة يكون دائما نحو المستهلكين عند اتخاذ القرار.
4. السلع والخدمات البديلة
يقصد بالسلع والخدمات البديلة تلك السلع والخدمات التي تقدمها منظمات أخرى من صناعات مختلفة عن الصناعة التي تعمل ضمنها المنظمة وتحقق نفس الإشباع للمستهلكين, مما يزيد حرية الاختيار لدى المستهلك الأمر الذي قد يحول ولائهم من سلعة إلى أخرى بديلة لها. وهو ما يعتبر تهديدا للمنظمة الأمر الذي يستدعي منها العمل على جعل تميز وتنوع للمنتجات, تخفيض الأسعار ورفع الجودة من خلال تكثيف البحوث والتطوير, وكذا القيام بمجالات ضخمة للترويج والدعاية, وهذا كله من أجل المحافظة على ولاء المستهلك لمنتجاتها, وعموما فإن تهديد البدائل من السلع والخدمات يكون أكبر لما عجزت المنظمة على تنويع منتجاتها واكتفائها بمنتوج واحد, كما أن ضعف الإدراك والمعرفة لدى المستهلك لا يتيح له المقارنة بين سلع وخدمات المنظمة وبين بدائلها من سلع وخدمات المنظمات الأخرى. من حيث الجودة والأسعار إضافة إلى إمكانية تحقيق المستهلك للإشباع حاجاته ورغباته من المنتجات البديلة بشكل مرضي ونفقات أقل خاصة مع انعدام تكلفة التحول من منتج إلى آخر.
5. الوكالات الحكومية:
إنا قد درسنا أن منح المساعدات المالية من طرف الوكالات الحكومية لبعض المنظمات والتي تعمل ضمن صناعات معينة بطريقة مباشرة لإنفاقها على العمليات الإنتاجية والبحوث والتطوير أو من خلال دعم أسعار المنتجات أو خدمات هذه المنظمات أو التخفيض من الضرائب وحتى الإعفاء منها لمدة معينة كما يمكن أن تمنحها الوكالات الحكومية قروضا بأسعار فائدة منخفضة. إن مثل هذه المساعدات تمثل قرضا للمنظمات من حيث تسهيل عمل هذه الأخيرة وتدعيم مركزها في السوق لكن هذا لا يعني أن كل المنظمات تحظى بمثل هذه الفرص, فالوكالات الحكومية تقدم هذه المساعدات لمنظمات معينة بغرض حماية وتطوير أنواع محددة من الصناعة.
6. القوى العاملة:
تنال القوى العاملة نصيبا كبيرا من اهتمام ودراسة المنظمة, لأن من أهم الدعامات لمزاولة واستمرارية عمل المنظمة, وكما تتيح العمالة فرصا للمنظمة في حالات معينة فهي أيضا تشكل تهديدات في حالات أخرى...وكمثال على ذلك نجد توافر العمالة الماهرة والمتميزة في السوق المحلي يمثل فرصة للمنظمات الأخرى المتنافسة عماليا في حين أن عدم توافرها يعتبر تهديدا لهذه المنظمات من ناحية أخرى فإن الفائض في عرض العمالة عن طلب المنظمات في سوق العمل يتيح فرصة الحصول على عمالة رخيصة تساهم في تخفيض التكاليف على عكس التهديد الناجم عن الطلب الزائد عن العمالة من عرضها إضافة إلى ذلك فإن توفير شروط عمل أفضل وأجور أعلى من طرف المنظمة يتيح لها فرصة اجتذاب أكبر قدر من العمالة, في حين أن فشل المنظمات في توفير هذه الشروط يمثل تهديدا من حيث صعوبة جلب العمالة الجديدة من جهة وحتى المحافظة على العمالة القديمة في ظل المنافسة الشديدة لاقتناص أكفأ عمالة من جهة أخرى.
: دراسة البيئة الداخلية.
إن دراسة وتحليل البيئة الداخلية عملية متممة ومكملة لدراسة وتحليل البيئة الخارجية, أي أن هناك تكامل يربط ما بينهما, حيث أن دراسة البيئة الخارجية ليس لهما أي فائدة ومعنى دون تعزيز لهذه الدراسة بتحليل دقيق ومعمق بجميع مكوناتها والمتمثلة في الثقافة التنظيمية, القيادة الإدارية والإستراتيجية, الهيكل التنظيمي, ومختلف الأنشطة الوظيفية, وهذا ما سنراه في هذا الفصل إضافة إلى بيان أهم طرق وأدوات التحليل الإستراتيجية المساعدة في تحليل البيئة الداخلية.
1-الثقافة التنظيمية:
تعتبر الثقافة التنظيمية من أهم مكونات البيئة الداخلية للمنظمة لذلك فهي تحظى بقدر كبير من الدراسة والتحليل في الإدارة الإستراتيجية ولتتوضح لنا معالمها أكثر سنرى بنوع من التفصيل كلا من مفهومها وأهميتها.
- مفهوم الثقافة التنظيمية:
يقصد بالثقافة التنظيمية ذلك النمط العام للتصرفات والمعتقدات المشتركة والقيم وقواعد السلوك التي يقبلها أعضاء التنظيم ويلتزمون بتطبيقها وهي أيضا مجموعة من القيم المشتركة لدى أفراد المنظمة وتحكم سلوكهم وعلاقتهم وتفاعلهم مع بعضهم البعض ومع العملاء والموردين وغيرهم من الأطراف خارج المنظمة ومن خلالها يمكن تحقيق الكفاءة والفعالية التنظيمية وتحقيق ميزة تنافسية للمنظمة
ويمكن تعريفها أيضا على أنها عبارة عن منظومة من القيم والتقاليد والقواعد التي يشارك فيها أعضاء التنظيم, حيث أن لكل منظمة أعمال ثقافة خاصة تعبر عن شخصيتها.
من خلال التعاريف السابقة نجد أن مفهوم الثقافة المنظمة يشير إلى الاتجاهات ومجموعة المعتقدات والتوقعات والقيم المشتركة للأفراد داخل المنظمة والتي تشكل وبمجملها معايير وأسس لتشكيل مختلف السلوكيات والأفعال والتصورات الحالية والمستقبلية للمنظمة وباعتبار أن الثقافة التنظيمية تتشكل أساسا من القيم والمعتقدات والعادات ومواقف الأفراد والتي هي جزء متكامل لثقافة الأفراد التي يحملونها إلى وظائفهم والتي تؤثر في سلوكهم اليومي, لذلك فإن الثقافة التنظيمية جزء حيوي من البيئة الداخلية تخضع بصورة دائمة لعملية تغير مستمر
*أ- المؤسسة.
*ب- تأثير القادة الإداريين والاستراتيجيين.
*ج- التجربة العملية للأفراد العاملين بالمنظمة.
*د- تأثير بيئة الأعمال.
- أهمية الثقافة التنظيمية:
يرى العديد من الكتاب والباحثين أن البحث في ثقافة المنظمة يعمل على تنشيط المنظمة ويتيح لهما مزايا عديدة أهمها.
- الثقافة التنظيمية عبارة عن إطار مرجعي للعاملين ومرشد ودليل للسلوك الملائم الأمر الذي يسمح بإعطاء معنى واضح وفاعل لنشاط المنظمة.
- تلعب الثقافة التنظيمية دورا جوهريا في تنمية الولاء والالتزام تجاه المنظمة.
- باعتبارها نظام اجتماعي متكامل, فإنها تعمل على إضافة عناصر تساعد المنظمة على تعميق استقرارها.
- لها دور إيجابي في تهيئة قيم ومبادئ وتقاليد مشتركة للعمل والسلوك التنظيمي البناء في إطار البنية التنظيمية للمنظمة بمختلف مستوياتها الإدارية ومراكز صنع القرار, وبالتالي فإن للثقافة التنظيمية تأثيرا جوهريا على الحياة التنظيمية, لأنها تعتبر كمحفز للسلوك ودليل عمل للإدارة في التفكير التنظيمي وفي الفعل المرتبط بالحاجات الخاصة بإستراتيجية المنظمة.
- تعتبر الثقافة التنظيمية كمعيار يمكن أن نميز بواسطتها ما بين المنظمات, فلقد أشارت العديد من الدراسات أن المنظمات المبدعة هي تلك التي تسود فيها بالضرورة ثقافة مبدعة تقوم على أساس الفهم المشترك لرسالة المنظمة والتعاون والتنسيق بين المجموعات التنظيمية المختلفة. أما المنظمات غير المبدعة والتي تعاني من كل أنواع القصور وعدم الكفاءة في عملياتها المختلفة تتميز بغياب ثقافة متماسكة, حيث أشار كل من Peters & Waterman في كتابهما " البحث عن التميز " أن المؤسسات غير المبدعة تميزت بوجود ثقافة تنظيمية تميل إلى التركيز على الكم على حساب الكيف وتهمل العنصر البشري وتتجنب الإبداع
- إن الثقافة التنظيمية تمنح المنظمة مرونة كبيرة في الاستجابة للمتغيرات البيئية, وتعمل على زيادة القدرة التنسيقية وتحقيق التكامل في العمليات الداخلية والمساهمة في تدعيم الأنشطة الإستراتيجية, وكذلك توسيع آفاق المنظمة ومثال ذلك واحدة من المنظمات ذات الخبرة أن تحقق زيادة في متوسط الفوائد بلغ (682%) مقابل (166%) للمنظمات التي تمتلك ثقافة تنظيمية غير ملائمة تماما من الناحية الإستراتيجية, كما أن أسعار أسهم الشركات من النموذج الأول قد ازدادت بنسبة نمو في الدخل نحو (856%) مقابل (1%) للشركات الأخرى (Wright)
من خلال هذا نلاحظ مدى أهمية تطوير الثقافة التنظيمية في تحقيق نجاحات للمنظمة ونتائج أداء ممتازة, كما تعمل على تقوية العلاقات مع المساهمين والمستهلكين والعاملين والذين يمكن اعتبارهم المفاتيح الأساسية للنجاح.
إن قوة أهمية الثقافة التنظيمية في التشخيص الاستراتيجي تعني القوة الثقافية وشدة استجابة أعضاء المنظمة للثقافة خلال تنفيذهم للأنشطة اليومية حيث أن درجة قوة الثقافة التنظيمية تتحدد من خلال الاستجابة الفعالية لأعضاء التنظيم ومدى توفر مجموعة من القيم المحورية التي يشترك فيها أعضاء المنظمة ودرجة التزامهم بها وتعتمد كذلك على توفر ثلاثة خصائص أساسية هي:
أ*- كثافة الثقافة التنظيمية والتي يقصد بها عدد الافتراضات المهمة والمشتركة التي تشكل الثقافة والتي تمثل بقيم وتقاليد وقواعد.
ب*- نطاق المشاركة ونقصد به تأثير هذه الافتراضات, حيث أن هناك بعض الافتراضات ذات تأثير واسع ويوجد عدد كبير من العاملين يشتركون في الاعتقاد بها, لذلك فإن الثقافات التي تمتلك قيم ومعتقدات وتقاليد يشترك فيها عدد كبير من العاملين تكون ذات درجة عالية من القوة والأهمية على خلاف التنظيمات الأخرى.
ت*- إن وضوح الترتيب ميزة تتميز بها الثقافات التنظيمية القوية, كونها تتميز بقيم ومعتقدات وقواعد وتقاليد منطقية واضحة وغير غامضة, كما أنها معروفة النتائج.
ولا شك أنه من الضروري للتنظيمات التي تتمتع بثقافة تنظيمية قوية أن تحاول الحفاظ عليها وتدعيمها بصفة مستمرة, ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال عملية تكييف اجتماعي
إن القيام بتشخيص الثقافة التنظيمية أصبح ضرورة ملحة يتماشى مع التشخيص الداخلي, وذلك قصد تحديد مدى قوتها واكتشاف نقاط القوة والضعف في مكوناتها وتحليلها, إن هذا التشخيص يساعد المنظمة في تدعيم الجانب السلبي منها, وبالتالي فإن هذه المكونات تمثل نقاط قوة بالنسبة للمنظمة يمكن الاعتماد عليها في صياغة الإستراتيجية, ومن أمثلة نقاط القوة عندما تكون هناك ثقافة تتضمن قيم الالتزام والولاء ووضع مصلحة المنظمة قبل المصلحة الشخصية.
أما نقاط الضعف فيمكن أن تبرز من خلال ثقافة غير ديمقراطية لا تشجيع على إبداء الآراء وعرض المقترحات, وبالتالي فهي ثقافة لا تساعد على الابتكار والتطوير, كما أنها قد تكون حضارة معيقة, وأبرز نقاط ضعفها هو بطء اتخاذ القرارات والثقافة التي ترفض التغيير تمثل نقطة ضعف, وأبرز نقط ضعفها هي مقاومة التغيير وعدم الرغبة في تحمل المخاطر.
وبالتالي فإن تشخيص الثقافة التنظيمية يمكننا من اكتشاف الدعائم التي يمكن استخدامها لبناء الاستراتيجيات, وكذلك تكشف لنا عن النواحي الحضارية التي ينبغي الاعتراف بها كواقع ونظرا لأن تغيير الثقافات أمر صعب وأنه يمثل كذلك نقاط ضعف لا يمكن القضاء عليها في الأجل القصير وأخذها في الحسبان عند وضع الإستراتيجية.


2- الهيكل التنظيمي:
يعتبر التنظيم من الدعائم الأساسية للإدارة لأنه يهدف إلى بناء هياكل للسلطة, والعلاقات بين الأدوار التي يؤديها الأفراد من أجل تحقيق أهداف هذه المنظمة, كما أن مضمون التنظيم يشتمل على فكرة التنسيق بين مدخلات المنظمة والاستعمال السليم لها وكذا تحقيق درجة من التناسق والانسجام ما بين أنشطة وسلوك الأفراد داخل المنظمة, وبالتالي فإن نظرتنا للتنظيم على أنه نظام هيكلي تعني أن الأفراد يعتبرون بمثابة جوهر هذا النظام, لذلك وجب بناء هيكل للنظام الذي يساعد الأفراد على إنجاز المهام داخل بيئة النشاط.
إن التعرف على طبيعة وخصائص التنظيم السائد في المنظمة يكون من خلال دراسة وتفهم الهيكل التنظيمي لها.
- مفهوم الهيكل التنظيمي والعوامل المحددة له:
توجد هناك تعاريف عديدة ومتنوعة للهيكل التنظيمي من أهمها:
الهيكل التنظيمي هو النمط الرسمي للعلاقات بين أجزاء التنظيم وطريقة توزيع الأنشطة, هيكل السلطة وتوزيعها.
ويعرف أيضا على أنه يحدد الأنماط الإدارية الخاصة بالأدوات المتكاملة التي يؤديها الأفراد ضمن المستويات الإدارية فيها, كما يحدد المسؤوليات والصلاحيات وينظمها بحيث تتوجه الجهود الجماعية المنظمة باتجاه تحقيق أهداف المنظمة. كما يقصد بعملية تصميم الهيكل التنظيمي على أنه التشكيل الكامل للمراكز التنظيمية والعلاقات المتبادلة بينهما, وكيفية الربط بين وحدات العمل في منظومة واحدة.
إن عملية تصميم الهيكل التنظيمي تتأثر بعدة عوامل, وليست هناك طريقة أو قاعدة ثابتة يمكن الاعتماد عليها في هذه العملية, ومع ذلك فإن هناك بعض الطرق المقدمة من قبل الباحثين في هذا المجال, ومن بين هؤلاء الباحثين نجد Peter D Waker والذي قام في كتابه " The notice of management " بتقديم ثلاثة مداخل لتحديد شكل الهيكل التنظيمي الذي يتلاءم مع المنظمة وهي:

*أ- تحليل الأنشطة:
إن تحليل ودراسة الأنشطة التي تقوم بها المنظمة لتحقيق أهدافها يساعدها في تحديد المهام والأنشطة التي يجب القيام بها, وكذلك تحديد العلاقات فيما بينها وأسلوب الربط والتنسيق داخل الهيكل التنظيمي.
*ب- تحليل القرارات:
ويقصد به تحديد طبيعة وتوزع القرارات المطلوبة وفي أي مستوى تتخذ داخل الهيكل التنظيمي, ومدخل أسلوب مشاركة المدير في القرار ونوعية المهام والأنشطة المطلوبة لتنفيذها والعلاقات بين هذه المهام.
*ج- تحليل العلاقات:
ويقصد به العلاقات ما بين مختلف الأطراف والمستويات المشكلة للهيكل التنظيمي. وبصفة عامة فإن عملية تصميم الهيكل التنظيمي تتأثر ببعدين رئيسيين وهما:
- الأبعاد التنظيمية.
- الأبعاد النطاقية.