إن أي فكرة إدارية تستخدم لمساعدة المدراء على فهم تعقيدات الأفراد في العمل تكون عادة قائمة على ما هو معروف و على ما يعد نجاحاً أو فشلاً وفقاً لأسباب وظروف محددة في السياق التنظيمي .تخيل نفسك تعيش في العام 3000 قبل الميلاد فيما يعرف اليوم بويلتشاير في المملكة المتحدة و تشارك في مشروع بناء لتشييد أحد أهم نصب عصور ما قبل التاريخ في العالم صرح ستونهنج حيث ستقوم بنقل أحجار بوزن أربعة أطنان من جبال بريسيلي جنوب غرب ويلز التي تبعد 140 ميلاً عن موقع البناء
كما أنك ستعمل مع عدد كبير من الناس وغالباً بظروف عمل بغيضة حيث ستخضع لرفع أجسام ثقيلة وتعرض نفسك للإصابة بشكل كبير وقد ترى أحد زملائك يتعرض للأذى الشديد أو الموت ستعمل لفترات طويلة في جو بارد ممطر و غالباً سيقدم لك الطعام بمثابة أجر في حال كنت محظوظا و سيحدث أن ترى أشخاصاً يرتدون ثياباً أفضل ويتجولون متفحصين سير الأمور كما يقومون بتحريك الأشخاص في موقع البناء وهم من يحددون اختصاصات العمال حسب مستوى مهاراتهم كما يقومون بالإشراف على المشروع ككل.إن هؤلاء الأشخاص هم من يعادل المدراء اليوم الذين تتراوح مهامهم بين تنظيم الموارد و الإشراف على المشروع، إلى التأكد من أن العمل يسير وفق الخطة
و سيواجه هؤلاء في 3000 ق.م كمدراء اليوم مشاكل الموارد : كيفية إيجاد الأفراد ذوي المهارات ووضعهم في الوظائف المناسبة وكيفية التأكد من أنهم يقومون بما يجب عليهم فعله وكيفية دفعهم إلى الاستمرار في أصعب الأوقات وغير هذا الكثيرونستطيع القول أن صعوبات وتحديات الإدارة لم تتغيركثيراً ولكن مع تغير النظام الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي تغيرت طرق وظروف العمل بشكل هائل .لقد أصبح العمل مع مؤسسة واحدة مدى الحياة أسلوباً قديماً. فاليوم لم يعد عمل المدراء مقتصراً على إنهاء العمل ولكنه أمتد ليشمل وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وإنهاء العمل في وقته مع التوفير في التكاليف إضافة إلى بناء علاقات مع العديد من أصحاب المصالح والحفاظ على الموظفين الموجودين وتطويرهم والحفاظ على معنوياتهم مرتفعة وزيادة إنتاجيتهم وغير ذلك
في 3000 ق.م كان إنهاء المشروع مهما كلف الأمر من أهم الوظائف الإدارية ،بينما نحاول في القرن الواحد و العشرين خلق توازن صحي بين تحقيق الأهداف التنظيمية والاستجابة للاحتياجات الفردية لأقصى حد .
و يمكننا تعقب بدايات إدارة الأفراد إلى فترة ( صرح ستونهنج) ولكن إدارة الأفراد كما نعرفها اليوم ترجع إلى معهد إدارة الأفراد (IPM) الذي أسس 1946 لتحقيق هدف رئيسي وهو الاستجابة للاحتياج المتزايد للعمالة وللموظفين المختصين
ففي الفترة ما بين عامي 1950 و 1970 أصدرت حكومة المملكة المتحدة تشريعاً ، يتضمن قوانين توظيف وضعت لتحسين ظروف العمل والاستجابة لاحتياجات الموظفين، من أمنٍ و صحة ،إضافة إلى زيادة حقوق الموظفين، والاحتفاظ بسجلات لهم تتضمن ( بدء العمل ، الراتب، الاستحقاق ) وتقديم موظفين مختصين لمكان العمل . وفي عام 1960 قام مفكرو الإدارة Maslow و Argyris وHerzberg بالتركيز الشديد على الموارد البشرية ولفتوا الانتباه إلى أهمية قضايا مثل التحفيز والالتزام والتعلم والتطوير. وفي عام 1970 ظهر تشريع جديد يعمل على تعزيز معايير العمل ،والمساواة بين الجنسين ، كانت له بصمته على أهمية وظيفة إدارة شؤون الموظفين في العمل .
و خضعت وظيفة إدارة شؤون الموظفين التقليدية في عامي 1980 و 1990 إلى النقد بشكل كبير من المؤسسات الأكاديمية والتجارية . حيث قيل بأن مهمة إدارة شؤون الموظفين التقليدية ليست ملائمة ولا متطورة ،بما فيه الكفاية لمواجهة الشكوك البيئية، والأفراد والتغيرات في طبيعة العمل، لتولّد بالتالي إدارة الموارد البشرية من الجدل حول الحاجة إلى نموذج تنظيم أفراد أكثر تطوراً وذلك من أجل مواجهة هذه الشكوك ليس فقط على المستوى التشغيلي ولكن أيضاً على المستوى الاستراتيجي في سبيل اكتساب مزايا
تنافسية

منقول