إختلف الكتاب والباحثين والدارسين والمهتمين حيال أهمية دور العنصر البشري في العمليات الإنتاجية أو الخدمية ، فمنذ الثورة الصناعية في أوروبا بدأ ت تتغير النظرة إلى العنصر البشري فبعد أن كان يعامل على أنه آلة بشرية تنتج أو تساعد على الإنتاج ويعتبر وسيلة معينة لتحقيق أهداف معينة دون إعطائه أهمية كبيرة ، ولكن بعد ذلك بدأت النظريات المعاصرة تعطي للعنصر البشري أهمية أكبر مما كانت عليه سابقا بل أصبحت له الأهمية القصوى فأصبح ينظر إلى راحته النفسية وإحتياجاته المادية والمعنوية لعلاقتها المباشرة بالعملية الإنتاجية.

وحديثنا الآن عن العنصر البشري في قطاع الصحة ، فالعملية الإنتاجية في قطاع الصحة هى ما يقدمه الفرد من خدمات تنتج مخرجات تنعكس على طالبي الخدمة الصحية ( المرضى ) ، فالأفراد في قطاع الصحة يعملون وفقا لشرائحهم المهنية ومستوياتهم الإدارية من الإدارة العليا التي تخطط وتدير وتراقب جميع مراحل العملية الإنتاجية أو الخدمية إلى الإدارة الوسطى التي تساعد في التنفيذ والإشراف على الخطط وإدارة المستوى الإشرافي وأخيرا الإدارة الإشرافية وهى المستوى الأخير من الإدارة وهى التي تنفذ وتشرف على التنفيذ ولها خاصية الوجود الميداني وملاحظة أي أخطاء أو تغييرات تطرأ على سير العمل. وهذا هو الشكل التنظيمي الإداري المختصر حيث تختلف الهياكل التنظيمية بإختلاف النظم الصحية المتبعة في كل دولة على حدى ، وهنا نرى أن إدارة المرافق الصحية المختلفة تحتاج إلى العناصر البشرية القيادية الناجحة المتعلمة ذات الخبرة المناسبة الملمة بجميع إحتياجات العملية الإدارية لقيادة المستشفيات والمراكز الصحية بالإضافة للنظرة التقييمية لكافة الأمور حتى تكون الرؤيا واضحة وجلية لمتخذ القرار.

إن المتفحص لعدد العاملين في قطاع الصحة في ليبيا يكتشف العدد الكبير للعاملين بالمرافق الصحية وعلى إختلاف شرائحهم المهنية فمنها العناصر الطبية والطبية المساعدة ، بالإضافة إلى العناصر التسييرية وهى تتواجد بأعداد كبيرة فمنهم المحتاجين إليه فعلا ومنهم من يتلقى مرتبات ولا يقدم إلا النزر اليسير في هذا المجال ،ويجب أن نذكر بطبيعة الحال أن العنصر البشري يتأثر بعدة عوامل داخلية وخارجية أثناء تأديته لمهام عمله في هذا القطاع المهم والتي غالبا ما تكون لها الدور الإيجابي أو السلبي.
المؤثرات الداخلية :

1- عدم مناسبة المرتب بما يقابله من العمل والجهد الذي يبذله الفرد ( الإنتاجية ).
2- قلة الحوافز المادية والمعنوية إزاء الأعمال التي يقومون بها.
3- عدم رضا العاملين عن أجواء وأسلوب العمل.
4- قلة الإمكانيات المتوفرة للقيام بأعباء العمل.
5- تكليف رؤساء غير أكفاء وذوي مؤهلات ضعيفة وأقل خبرة من مرؤسيهم.
6- ضعف الإنتماء إلى مؤسسة العمل ( المرفق الصحي ) لأغلب العاملين.
7- عدم سرعة وسهولة الوصول إلى مقر العمل.
8- عدم توفر قاعدة بيانية صحيحة وجيدة ودقيقة للإعتماد عليها في آداء العمل.

أما المؤثرات الخارجية فهى كالتالي:

1- قلة الوعي الصحي بصفة عامة عند المواطنين.
2- عدم مواكبة التشريعات الصحية لتكون مساندة فعليا للعملية الصحية.
3- عدم توفر قاعدة إتصالات صحيحة وسريعة (Telemedicine) فيما بين المستشفيات والمراكز الصحية داخل الدولة وخارجها والتي توفر إستشارات ذات فائدة كبيرة في عمليات التشخيص والعلاج.
4- عدم جدوى وقلة العيادات ( الرعاية الصحية الأولية ) مما أدى إلى زيادة عدد الحالات المحالة إلى المستشفيات فإزداد الكم على حساب الكيف في عمليات التشخيص والعلاج.
5- عدم العمل بجدية فيما يسمى بالملف الصحي والذي يوفر معلومات مسبقة عن الحالات المرضية.
6- إنشغال أغلب العاملين بأعباء الحياة الخارجية والتي لا حصر لها والتي تتطلب خروج العاملين في أوقات العمل الرسمية لإنجازها.

إن الإهتمام بالعنصر البشري ( التنمية البشرية ) هو أساس النهوض والتنمية والوعي لأي بلد في العالم وخصوصا العالم الثالث ، حيث أن أي تقدم في أي بلد يكون أساسه التنمية البشرية لهذا البلد فيما إذا أدرك المجتمع حقا أهمية هذا العنصر. داعيين لله أن يمن على بلدنا بنعمة العلم والتقدم والإزدهار.