من يحضر ولا يؤدي عملاً

أ. أحمد بن عبدالرحمن الزكري- عضو هيئة التدريب بقطاع الأنظمة


نص نظام الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/49 وتاريخ 10/7/1397هـ على العديد من الواجبات التي يجب على الموظف أن يتقيد بها أثناء أدائه الوظيفة وبعدها، ويأتي في مقدمتها ما نصت عليها المادة(11) فقره (ج) التي أوجبت على الموظف (أن يخصص وقت العمل لأداء واجبات وظيفته وأن ينفذ الأوامر الصادرة إليه بدقة وأمانة في حدود النظم والتعليمات).
وقد أثيرت العديد من التساؤلات حول الآثار القانونية التي تترتب على مخالفة هذا الواجب، فحينما يثبت الموظف حضوره وانصرافه في الموعد المحدد دون أن يمارس أي عمل، هل يستحق راتبا عن تلك الفترة التي حضر فيها أم لا وما هي الآثار التي تترتب على ذلك؟
في البداية يمكن تعريف الوظيفة العامة على أنها مجموعة من المهام والمسئوليات والواجبات التي يتعين على شاغلها تأديتها بشكل سليم ونظامي مقابل تمتعه بالحقوق والامتيازات المقررة لتلك الوظيفة.
إن الوظيفة بهذا المفهوم تعتبر تكليفا لا تشريفا، فالموظف وضع في هذا المكان لأداء خدمة المصلحة العامة، وهذا لن يتحقق إلا بالتقيد بالواجبات التي نص عليها النظام ومن أهمها كما أسلفت (تخصيص وقت العمل لأداء واجبات الوظيفة) وإلا جعل نفسه عرضة للمساءلة التأديبية نتيجة الإخلال بهذا الواجب.
فشرح مبسط لتلك المادة تعني أنه يجب على الموظف أن يتواجد في مكان العمل في الوقت المحدد لأجل أن يؤدي فيه عملا أي يباشر أعمال الوظيفة التي يشغلها ويحظر عليه القيام بأي عمل يتعارض مع ذلك كقراءة الصحف والمجلات أو النوم أو استقبال الزملاء.
لاشك أن النظام ربط بين حضور الموظف لمقر العمل وبين قيامه بمهامه الوظيفية كل لايتجزأ عن الآخر، فالموظف يعتبر مخالفا عندما لا يتقيد بمواعيد العمل حضورا أو انصرافا مهما أنجز في العمل، ونفس الأمر يعد مخالفا عندما لايؤدي العمل المطلوب منه بالرغم من انضباطه في الحضور والانصراف.
ونتيجة لذلك ربطت المادة 21 من نظام الخدمة المدنية استحقاق الموظف للمرتب مباشرته للعمل عندما نصت على (مع مراعاة ما تقضي به الأنظمة :لا يستحق الموظف راتبا عن الأيام التي لا يباشر فيها عمله) فمناط استحقاق الموظف للأجر هو تأديته للعمل المنوط به بكل كفاءة وجدارة ويترتب على امتناعه عن القيام بذلك عدم استحقاقه للأجر أو المرتب.
ولما كان المرتب من أهم الحقوق الوظيفية التي تمنح للموظف نتيجة مباشرته للوظيفة المعين عليها ،فإنه لا يجوز المساس به سواء بالحسم أو الحرمان إلا في الأحوال التي نص عليها النظام، وقد أكد ديوان المظالم في هذا الخصوص في حكم له رقم 29/د/ف/ 2لعام 1415هـ عندما أشار إلى أنه “.... ومن ثم فإنه يجوز لجهة الإدارة خصم راتب الأيام أو الساعات التي لا يباشر فيها الموظف عمله ، ولكن يبقى للموظف حقه في راتب الساعات التي عمل خلالها.....)
وفضلا عن ذلك صدر قرار عن مجلس الخدمة المدنية حول حضور الموظف إلى مكان العمل وتوقيعه في كشف الحضور والانصراف، وامتناعه عن أداء واجبات وظيفته، هل يعد ذلك إخلالا بواجبات وظيفته ويجازى عنها تأديبيا ويخصم عليه بالإضافة إلى ذلك بموجب المادة(21) من نظام الخدمة المدنية؟
وقد أكد ذلك القرار أن على الموظف المذكور أن يعيد رواتب الأيام التي لم يزاول فيها عملا خلال تلك المدة ومقدارها(....)، على أن تقوم هيئة الرقابة والتحقيق بإجراء التحقيق اللازم لمعرفة المتسبب في هذه المخالفة وتحديد مسئوليته، ورفع محاضر ونتيجة التحقيق كاملة إلى مجلس الخدمة المدنية.
ونفس المعنى أجابت وزارة الخدمة المدنية على أحد الاستفسارات الواردة إليها (إن حضور الموظف إلى مقر عمله وانصرافه منه في الأوقات الرسمية المحددة للدوام ليس غاية في حد ذاته، وإنما هو وسيلة لكي يؤدي العمل الموكل إليه في مقره في الوقت المحدد لأدائه، ومادام قد رفض الموظف تأدية العمل الموكل إليه خلال الفترة المشار إليها، فإنه لا يستحق راتباً عنها وفقاً لنص المادة (21) من نظام الخدمة المدنية والتي ربطت استحقاق الراتب بمباشرة العمل وليس بمجرد الحضور لمقر العمل)
وتلخيصا لما سبق فإنه يتعين على الموظف أن يدرك تماما أن عدم تأديته لأعمال الوظيفة المنوط بها تعد سببا لعدم استحقاقه للمرتب وتعرضه للمساءلة التأديبية من قبل الإدارة المختصة، حتى لو أثبت توقيعه في محضر الحضور والانصراف و ذلك تطبيقا لقاعدة (الأجر مقابل العمل) التي نصّت عليها المادة(21).

المصدر :
www.tanmia-idaria.ipa.edu.sa