لطريق المقبل

الكاتب: بيل جيتس


ترجمة ومراجعة: د. اكرم البيلي

هذا الكتاب سيناريو مستقبلي للتغيرات التي سوف تحدثها ثورتى المعلومات والاتصالات في كل أوجه حياتنا. وواضع هذا السـيناريو ليـس شخصــا عاديا ولا حتى أكاديميا أو منظِّرا أو من المستقبليين.. بل هو بيل جيتس، منشئ أكبر شـركة لبرمجيات الحواسيب الشخصـية وشبكات المعلومات في العالم ورئيسها الحالي: شركة مايكروسـوفت العملاقة. ويكفي بيل جيتس لكى يكون أهلا لوضع سيناريو كهذا أنه ببصيرته النافذة ورؤيته المستقبلية الثاقبة في أواسط السبعينيات استطاع أن يصل بـ "مشروع قوامه شخصان ورأسمال بسيط إلى شركة بها 17 ألفا من العاملين ومبيعاتها السنوية 6 بليون دولار..".
فلا غرو أننا نثق بسلامة تنبؤات شخص بمثل هذه البصيرة المبرهَّنة ولا ريب أنك عند مطالعة كتابه الحالي ستشاركنا هذه الثقة. إن التغيرات التي ستحدثها ثورتى المعلومات والاتصالات سوف تمس حياة كل إنسـان، كما يقول بيل جيتس، ومن ثم فليـس عليك أن تكون سياسيا أو أكاديميا أو قياديا في أى موقع لكى تكون معرفتها أمرا لا بد لك منه.
فهرس المحتويات


مقدمة
الفصل الأول : ثورة تبدأ
الفصل الثاني : بداية عصر المعلومات
الفصل الثالث : دروس من عالم شركات الحاسوب
الفصل الرابع : تطبيقات وأجهزة
الفصل الخامس : مسالك إلى الطريق السريع
الفصل السادس : ثورة المحتوى
الفصل السابع : المضامين بالنسبة لمنشآت الأعمال
الفصل الثامن : رأسمالية معافاة من الاحتكاك
الفصل التاسع : التعليم: خير استثمار
الفصل العاشر : الإنعزال إلكترونيا في المنزل
الفصل الحادي عشر : السباق نحو الذهب
الفصل الثاني عشر : قضايا هامة
خاتمة
مسرد المصطلحات

مقدمة

كانت السنوات العشرين الماضية مغامرة مذهلة بالنسبة لي بدأَت يوم كنت، وأنا طالب في سنتي الجامعية الثانية، أقف في ميدان هارفارد مع صديقي (بول آلان) نتأمل وصفا لحاسوب تجميعي في مجلة "بوبيولار إلكترونيكس". لم نكن أنا وبول نعرف ونحن نقرأ مبهورين عن أول حاسـوب شخصي كيف سيتم اسـتعماله بالضبط لكننا كنا واثقين أنه سيغيرنا نحن وعالم اسـتعمال الحواسـيب، وكنا على صـواب في ذلك فقد حدثت ثـورة الحاسوب الشخصي وأثرت على ملايين الأنفس. لقد قادتنا إلى أماكن كنا لا نتخيلها.
وها نحن جميعا نبدأ رحلة عظيمة أخرى ولسـنا متأكدين إلى أين سـتؤدي بنا هذه أيضـا لكنني مرة أخرى واثق بأن هـذه الثـورة سـوف تمـس أشـخاصا أكثـر وتأخذنا نحن كلنا إلى أبعد. سـتكون كبرى التغيرات المقبلة هى في الطريقة التي يتصل بها الناس بعضهم مع بعض، وسـوف تكون الفوائد والمشاكل الناجمة عن ثورة الاتصالات القادمة هذه أكبر بكثير من تلك التي جلبتها ثورة الحاسوب الشخصي.
ليست هناك أبدا خريطة يعتد بها لأراضي غير مستكشـفة إلا أننا يمكن أن نتعلم دروسا مهمة من نشوء وتطور مجال الحواسيب الشخصية التي يبلغ الآن حجم سوقه 120 بليون دولار. إن الحاسوب الشخصي - بمعداته المتطورة دوما وتطبيقاته التجارية ونظـمه "على الخط المفتوح" وتوصـيلاته بشـبكة إنترنت وبريده الإلكتروني وعناوينه ذات الأوساط المتعددة وبرامجه للإعداد والإنشاء (authering tools) وألعابه - هو الأساس للثورة التالية.
خلال طفولة الحاسـوب الشخصـي كانت وسـائل الإعلام تولي قليلا من الإنتباه لما يحدث في ذلك المجال المستجد وكنا نحن المأخـوذون بالحواسـيب وبما تبشـر به من إمكانيات غير ملحوظـين خارج دوائرنا نحن.. وقطعا كنا لا نعد ممن يسايرون كل جديد.
أما هذه الرحلة التاليـة إلى ما يُسـمى "طريق المعلـومـات السـريع" فهى مادة لعدد لانهائي من المقالات الصحفية والبرامـج الإذاعية المسـموعة منها والمرئية والمؤتمرات والتخمينات الجامحة. لقد كان هناك قدر لايصـدق من الاهتمام بهذا الأمر خلال السنوات القليلة الماضية سـواء داخل صناعة الحاسوب أو خارجها ولا يقتصر هذا الاهتمام على الدول المتقدمة كما أنه يتجاوز كثيرا حتى الأعداد الهائلة من مستعملي الحاسوب.
ثمة آلاف من الناس المطّلعين وغير المطلعين يتكهنون الآن علنا في شـأن طريق المعلومات السريع. ومـا يثير دهشتي هو مقدار سوء الفهم حول هذه التقنية ومزالقها المحتملة فالبعض يظن أن "الطريق السريع"، ويقال له أيضا "الشبكة"، ليس سـوى شـبكة إنترنت الحالية أو عملية توفير500 قناة تلفزيونية آنية. هذه التطورات آتية لكنها ليست هى "الطريق السريع".
إن الثـورة في الاتصـالات بادئة للتو وسـوف تقع بثـقلها بعـد عـدة عقود وتكون مدفوعة بـ "تطبيقات"
جديدة - بأدوات جديدة تلبي غالبا احتياجات غير منظـورة حاليا. سـوف يتعين خلال السـنوات القليلة التالية اتخاذ قرارات هامة من قِبل الحكومات والشـركات والأفراد وسيكون لهذه القرارات أثرها على الكيفية التي سيخرج بها الطريق السريع وعلى مقدار المنفعة التي سـيجنيها اؤلئك الذين يقررون. سـيكون من الضروري اشتراك مجموعة كبيرة مـن الناس - وليـس فقط التقنيين أو الذين يتصـادف وجودهم في صناعة الحاسـوب - في النقاش حول الكيفية التي ينبغي أن يتم بها تشـكيل هـذه التقنية، وإذا أمكن عمـل ذلك فإن الطريق السـريع سـوف يخدم الأغراض التي يريدها مستعملوه ثم يكتسب قبولا واسعا ويصبح واقعا.
وهأنذا اؤلف هـذا الكتاب كجزء من إسـهامي في النقاش المشـار إليه آملا، وإن كان هذا مطلبا عسيرا، أن يفيد كدليل سـفري للرحلة المقبلة. أفعل هـذا بشىء من الخوف فكم ضحكنا على تنبؤات من الماضي تبدو سخيفة اليوم؛ إن بوسـعك أن تتصفح أعدادا قديمة من مجلة "بوبيولار ساينـس" وتقرأ عن الاختراعات النافعة المقبلة كطائرة العائلة المروحية والطاقة الكهربائية النووية التي هى من الرخـص "بحيـث لا تسـتدعي تركيب عداد لقياسها". ويحفل التاريخ بأمثلة تدعو الآن إلى السخرية فهناك أستاذ جامعة أكسفورد الذي نبذ في عام 1878 الضوء الكهربائي على أنه وسـيلة خداع وهناك مفوض براءات الاختراع الأمريكي الـذي طلب في عام 1899 إلغاء مكتبه لأن "كل شـىء يمكن اختراعه قد تم اختراعه". إن القصد من هذا الكتاب هو أن يكون جادا مع أنه قد لا يبدو كذلك بعد عشر سنوات من الآن، فما قد قلته مما تبين أنه صواب سيُعَّد واضحا وما تبين أنه خطأ سيكون مضحكا.
أعتقد أن مسيرة خلق الطريق السريع سـوف تعكـس تاريخ مجال الحاسـوب الشـخصي بوسـائل عديدة، وقد أشملت في هذا الكتاب شيئا من تاريخي (أى نعم، فأنا أيضـا أتحدث عن البيت) وتاريخ استعمال الحاسوب بصـفة عامة وذلك للمسـاعدة في شـرح بعض المفاهيم والدروس من الماضي. سـيصـاب بخيبة الأمل أى شخص يتوقع كتاب سـيرة ذاتية أو بحثا عن كيف حال من يكون محظوظـا مثلما كنت. إنني ربما أقوم بتأليف كتاب كهذا عندما أتقاعد أما هذا الكتاب فهو يتطلع أساسا إلى المستقبل.
كذلك سيصاب بخيبة الأمل من يرجو أن يرى بحثـا تقنيا، إذ إن طريق المعلومات السريع سوف يمس كل شخص وينبغي أن يستطيع كل شـخص فهم مضامينه ولذلك كان هدفي منذ البداية هو تأليف كتاب يستطيع أكبر عدد ممكن من الناس أن يفهمه.
اسـتغرقت عملية التفكير حول كتاب "الطريق المقبل" وتأليفه وقتا أطول مما توقعته. لقد برهن تقدير الوقت الذي سيستغرقه أنه لا يقل صـعوبة عن وضـع تصُّور لجدول مواعيد تطوير مشروع كبير للبرمجيات، فرغم المساعدة القيّمة من (بيتر رينيرسون) و (ناتان ميهرفولد) كان هـذا الكتاب مهمة جسـيمة والجزء الوحيد الذي كان سهلا هو صورة الغلاف بواسطة (آني ليبوفيتز) التي انتهينا منها قبل الموعد المحدد بكثير. إنني أستمتع بكتابة الخطب وحسبت أن تأليف كتاب سيكون مثل ذلك فقد ظننت ببراءة أن كتابة فصل من الفصول ستكافيء كتابة خطب وكان هذا التوهم في تفكيري مشـابها لـذلك الـذي كثـيرا ما يقع فيه واضـعو البرمجيات وهو أن البرنامج الذي يكون طويلا بمقدار عشـر مرات تكون كتابته أعقد بمائة مرة، وقدكنت أحرى بألا أقع في وهم كهذا. كان لابد لإكمال هذا الكتاب من أن أتفرغ وأنعزل في كوخي الصيفي مع حاسوبي الشخصي.
وهاهو هنا.. ورجائي أن يـحث علـى الفهم والنقاش والأفكار الخلاقة عن كيف يمكن الاستفادة من كل ذلك الذي سيجري بالتأكيد في العقد المقبل.

لفصل الأول
ثـورة تبدأ

كتبتُ أول برنامج حاسوبي عندما كنت في الثالثـة عشـر وكان ذلك لاداء لعبة "تيك-تاك- تو". كان الحاسوب الذي استعمله ضخما ومربكا وبطيئا وذا جاذبية آسرة.
كان إطلاق زمرة من المراهقين على حاسـوب هى فكرة القائمين على مدرسـة "نادي الأمهات" الخاصة التي كنت ملتحقا بها فـي بلدة (ليسـكايد)، فقد قررت الأمهـات أن الإيرادات من بيع ملابس ومقتنيات مستعمَلة ينبغي استخدامها في تركيب حاسوب طرفي وشراء زمن على الحاسوب للطلاب. وكان السماح للطلاب باستعمال حاسوب في أواخر الستينيات اختيارا مدهشا حقا في ذلك الوقت بمدينة سياتل - اختيارا سأظل ممتنا له على الدوام.
لم يكن لذلك الحاسوب الطرفي شاشة فكنا لكى نلعب نكتب نقلاتنا علىلوحة مفاتيح مماثلة للآلة الكاتبة ثم نجلـس في الانتظار حتى تأتي النتائج محدثـة طقطقة متتابعة وهى تخرج مطبوعة على الورق من جهاز طباعة صاخب. كنا بعدئذ نندفع لنلقي نظـرة ونرى من يكون قد فاز أو لنقرر نقلتنا التالية. كانت لعبة "تيك-تاك-تو"، التي كانت تستغرق ثلاثين ثـانية بقلم الرصـاص والورق، قد تسـتهلك منا معظم فترة الغداء - لكن من منا كان يهتم بذلك؟ لقد كان ثمة شىء رائع حول الآلة.
وقد أدركت فيما بعد أن جـزءا من تلك الجاذبية هو أنه كانت أمامنا فعلا آلة ضخمة ومكلفة ومتطورة وأننا، نحن الأطفال، كنا قادرين على التحكم فيها. لقد كنا صـغارا على القيادة أو على القيام بأى من أنشـطة الكبار الأخرى التي تبدو مسـلية ومـع ذلك كنا نسـتطيع إعطاء تلك الآلة الكبيـرة أوامر وكانت دائما تطيع. إن الحواسـيب عظيمة لأنك عندما تعمل معها تحصـل على نتائج فورية تجعلك تعلم إذا كان برنامجك ناجحا - وهـذا، لعمري، تغذية مرتدة لا تحصل عليها مـن أشياء أخرى كثيرة - فكان ذلك بدء افتتاني بالبرمجيات. وتكون التغذية المرتدة من البرامج البسيطة لا لبس فيها بصفة خاصة، ولازال يملؤني إثـارة حتى اليوم أن أعرف أنني إذا استطعت أن أجعل البرنامج كما ينبغي فإنه سيعمل دائما على أكمل وجه وفي كل مرة وكما طلبت منه.
فيما أخذنا أنا وأصدقائي نكتسب ثقة بدأنا نتلاعب بالحاسـوب وذلك بالإسراع في عمل الأشـياء عندما نستطيع أو بتصـعيب الألعاب. طوّر أحد الأصـدقاء في بلدتنا (ليكسـايد) برنامجا بلغة بيسـك يحاكي لعبة "الاحتكار". و"بيسك" BASIC (المؤلفة من الحروف الأولى لعبارة إنجليزية بمعنى "شـفرة تعليمات المبتدئين الرمزية ذات الأغراض الشاملة") هى، كما يوحي اسـمها، لغة برمجة سـهلة التعـلم نسـبيا كنا نسـتعملها لتطوير برامج معقدة تعقيدا متزايدا. ابتكر ذلك الصديق طريقة لجعل الحاسـوب يؤدي مئات الألعاب بسـرعة شديدة حقا. كنا نغذي الحاسـوب بتعليمات
لاختبار أسـاليب مختلفة للعب فقد كنا نريد أن نكتشف أى الإسـتراتيجيات هى التي تفوز أكثـر وكان الحاسـوب يرينا
ذلك محدثا طقطقاته المألوفة.
كشـأن الأطفال جميعا كنا لا نعبث فحسـب بدُمانا بل كنا أيضا نقوم بتغييرها. إنك إذا كنت قد شـاهدت طفلا معه قطعة كرتون من الورق المقوى وعلبة مـن الأقلام الملونة وهـو يبدع سفينة فضـائية ذات لوحات تحكُّم باردة أو إذا اسـتمعت إلى قواعدهم المرتجلة مثـل: "إن السـيارات الحمراء يمكن أن تتخطى السـيارات الأخرى كلها" فستعرف عندئذ أن هذا الباعث القوى على جعل دمية تؤدي أشياء أكثر هو في أعماق كل لعبة طفولية مبتكرة، كما أنه هو جوهر الإبداع.
بالطبع لم يكن ما كنا نفعله في تلك الأيام سوى عبث، أو هكذا كنا نظن، لكن الدمية التي كانت لدينا- حسـنا، لقد تبين أنه دمية ما - رفض قليل منا ]بمن فيهم أنا[ أن يترك اللعب بها. أصبحنا في أذهان الكثيرين في المدرسة مرتبطين بالحاسـوب وأصبح هو مرتبطا بنا؛ طلب مني أحد المدرسين أن أساعد في تدريس برمجة الحاسوب وقد نال ذلك على ما يبدو موافقة الجميع لكن عندما حصـلت على الدور الرئيـسي في المسرحية المدرسية "الكوميديا السوداء" تمتم بعض الطلاب: "لماذا اختاروا صاحب الحاسوب؟".. ولازالت تلك أحيانا الطريقة التي أُعرف بها.
يبدو أن جيل كاملا منا في كل أنحاء العالم سـحب تلك الدمية المحببة معه إلى سـن الرشد فأحدث بذلك نوعا من الثورة السلمية أساسا - وها هو الحاسوب قد اتخذ مقاما له في مكاتبنا ومنازلنا. لقد انكمشت الحواسيب في الحجم وإزدادت في القدرة بينما انخفضت في السـعر انخفاضـا شـديدا وحدث كل ذلك بسرعة كبيرة إلى حد معقول. ومع أن تلك السـرعة لم تكن كما حسـبتها ذات مرة إلا أنها كانت كبيرة بدرجة لا بأس بهـا، وها هى الرقاقات الحاسوبية تظهر في المحركات والساعات والكوابح المضادة للقفل وأجهزة الفاكس والمصاعد ومضخات البنزين والصوّارات [آلات التصوير] والتيرموســتات والدواسـات وآلات البيع وأجهزة الإنذار ضد السرقة بل وحتى في بطاقات التحايا الناطقة ويقوم أطفال المدارس هذه الأيام بعمل أشـياء عجيبة بحواسـيب شخصـية لا تزيد في الحجم عن الكتب الدراسية وإن كانت تفوق في الأداء أكبر الحواسيب في جيل مضى.
الآن وقد بات استعمال الحواسيب غير مكلف بصورة مدهشة وصـارت الحواسـيب تسكن في كل جزء من حياتنا فإننا نقف على شفا ثورة أخرى. وهذه ستتضمن اتصالا رخيصا بصورة لم يسبق لها مثيل فجميع الحواسيب سترتبط معا لتتصل بنا ولنا وبترابطها دوليا فإنها سـتؤلف شـبكة تُسمى الآن "طريق المعلومات السـريع" ومن بوادرها المباشرة شبكة إنترنت الحالية التي هى مجموعة حواسيب متصلة تتبادل المعلومات مستعملة التقنية الراهنة.
وحول مدى هذه الشبكة الجديدة واستعمالها، وما تنطوي عليه من وعود ومخاطر، يدور هذا الكتاب.
إن كل جانب مما سيحدث وشـيكا يبدو مثيرا. لقد اقتنصت عندما كنت في التاسعة عشر نظرة إلى المستقبل وبنيت حياتي المهنية على ما رأيت وتبين أنني كنت على صواب، بيد أن بيل جيتس ابن التاسعة عشر كان في وضـع مختلف جدا عما أنا فيه الآن ففي تلك الأيام لم تكن لدىَّ فحسـب كل الثـقة التي لدى مراهق مغـتر بل أيضا لم يكن هناك من يراقبني وإذا أخفقت فماذا في ذلك؟ أما اليوم فأنا بدرجة أكبر بكثـير صرت في وضع عمالقة الحاسوب في السبعينيات وإن كنت أرجو أن أكون قد تعلمت بعض الدروس منهم.
خطر لي ذات مرة أنني ربما أردت التخصص في الاقتصاد عنـدما كنت بالجامعة، ومع أنني غيرت رأيي في نهاية الأمر فإن تجربتي كلها في مجال الحاسـوب كانت على نحو ما سـلسـلة من دروس الاقتصاد؛ لقد رأيت بشكل مباشـر آثـار "اللولبات الإيجابية" ونماذج العمل غير المرنة وشـاهدت الطريقة التي تطورت بها مقاييـس هذه الصـناعة وشـهدتُ أهمية التوافق في التقنية وأهمية التغذية المرتدة والتحديـث المسـتمر.. وأعتقد أننا قد نكون على وشـك أن نشهد تحقيق سوق آدم سميث المثالي، أخيرا.
غير أنني الآن لا أستعمل تلك الدروس لمجرد التنظير حول هذا المستقبل إنما أنا أراهن عليه. لقد تصورت فيما مضى عندما كنت مراهقا الأثر الذي يمكن أن تتركه الحواسيب رخيصة الثمن فكان أن أصبحت رسالة شـركة مايكروسفت هى "حاسـوب على كل مكتب وفي كل بيت" وقد عملنا على الإسـهام في جعل ذلك أمرا ممكنا. الآن يجري ربط تلك الحواسيب بعضها ببعض ونقوم نحن ببناء البرمجيات - التعليمات التي تبين للمعدات الحاسوبية ما تفعله - وسـوف تسـاعد هذه البرمجيات الأفراد على جنى فوائد هذه القوة التكنولوجية المترابطة. إن من المستحيل التنبؤ بالضبط بما سيبدو عليه اسـتعمال هذه الشـبكة غير أننا سنتصل بها عن طريق طائفة من النبائط بما فيها البعض الذي يبدو كالأجهزة المرئية والبعض الذي يشبه حواسـيب اليوم الشخصية والبعض الذي يبدو كالهواتف والبعض الذي في حجم المحفظة ونوعا ما شـكلها.. وسـيكون في قلب كل نبيطة منها حاسـوب قوي موصَّل توصـيلا غير مرئي بملايين غيره.
سـيكون هناك يوم، ليس ببعيد، يمكنك فيه أن تزاول الأعمال وتدرس وتسـتكشف العالم وثقافاته وتستدعي أى عمل ترفيهي رائع وتصادق الناس وتحضر الأسواق المحلية وتعرض صورا على أقاربك عن بعد.. كل ذلك بدون أن تغادر مكتبك أو مقعدك. ولن تترك وسـيلة اتصـالك بالشبكة وراءك في المكتب أو حجرة الدراسة بل إنها ستكون أكثـر من مجرد شىء تحمله أو جهاز نقال تشتريه: سـوف تكون جواز مرورك إلى طريقة جديدة ووسيطة للحياة.
تتسم التجارب والمسرات المباشـرة بأنها شخصية و غير وسيطة [أي بلا واسطة]، فليس ثمة من سينتزع منك باسم التقدم تجربة الإنبطاح على شاطىء رملي أو السير في الغابة أو الجلوس في دار للعروض الكوميدية أو التسوق في سـوق للسـلع الرخيصة. بيد أن التجارب المباشرة ليست دائما مجزية فالانتظار في طابور، مثلا، هو تجربة مباشرة إلا أننا ظللنا نحاول اختراع طرق لاجتنابه منذ أول مرة إصطففنا فيه.
لقد تحقق جل التقدم البشـري لأن شـخصـا ما ابتكر أداة أفضـل وأقدر. والأدوات المادية تسرع العمل وتحرر الناس من الشـغل الشـاق فالمحراث والعجلة والرافعة والجرافة تزيد القدرات المادية لمن يستعملونها أما أدوات المعلومات فهى وسـائط رمزية تزيد القدرات العقلية لمستعمليها أكثر من قدراتهم العضلية. إنك تحصل الآن على تجربة وسيطة وأنت تقرأ هذا الكتـاب، فمع أننا لسنا فعلا في غرفة واحدة فأ نت تظل قادرا علـى معرفة ما في ذهني. ثـمة قدر كبير من العمل الآن يتضـمن المعرفة وصـنع القرار ولـذلك فقد أصـبحت أدوات المعلومات وسـتظل بإطراد بؤرة للمخترعين. وتماما كما أن أى نـص مكتوب يمكن تمثـيله بترتيب للحروف فإن هذه الأدوات تتيح تمثـيل المعلومات بأنواعها في شكل رقمي - في نمط من النبضات الكهربائية التي يسهل على الحواسيب التعامل معها. هناك اليوم في العالم أكثر من 100 مليون حاسـوب الغرض منها معالجة المعلومات، وهى الآن تساعدنا بأن تسهل لنا كثيرا تخزين وإرسال معلومات موجودة في صـورة رقمية سلفا لكنها في المستقبل القريب ستتيح لنا الوصول إلى أى معلومات تقريبا في العالم.
في الولايات المتحدة شبَّه البعض ربط كل هذه الحواسيب بمشروع ضخم آخر بدأ في عهد آيزنهاور وهو ربط البلاد بشبكة من الطرق السريعة فيما بين الولايات و لذلك سُميت الشبكة الإكترونية الجديدة "طريق المعلومات فائق السرعة" وقد أشاع هذه التسمية (آل جور) عندما كان عضو بمجلس الشيوخ. وكان والده هو من رعى في عام 1956 مشروع قانون "الدعم الفدرالي للطرق السريعة".
علـى أن التسـمية المجازيـة "الطريـق السـريع" ليسـت صـائبة تماما فهذه العبارة توحي بالأراضي الممتدة والجغرافيا، بالمسافة بين نقاط، وتنطوي على دلالة بأنك لا بد من أن ترتحل لتصل من مكان إلى آخر. ذلك في حين أن أحد الجوانب الأكثر لفتا للنظر في تقنية الاتصال الجديدة هذه هو أنها سـتزيل المسـافة فلن يهم إن كان من تتصل به موجودا في الغرفة المجاورة أم في قارة أخرى لأن هذه الشبكة الوسيطة جدا لن تعوقها أميال أو كيلومترات.
كذلك توحي عبارة "الطريق السريع" أن الكل يقودون سياراتهم ويتبعون الطريق نفسه أما شبكتنا هذه فهى أشبه بطرق ريفية كثـيرة حيث يستطيع كل شـخص أن يفعل أو ينظر إلى ما تشـير به اهتماماته الفردية. وهناك ايحاء آخر هو أن هـذا الطريق السـريع ربما ينبغي أن تبنيه الحكومة وهو ما أعتقد أنه سـيكون خطأ كبيرا في أغلب البلدان. بيد أن المشـكلة الحقيقية هى أن هـذه التسـمية المجازية تركِّز الأذهان على بنية المسـعى التحتية أكثـر من على تطبيقاته، هـذا بينما نحن في مايكروسـوفت نتحدث عن"معلومات طوع بنانك" وهو شـعار يركز على منفعة أكثـر من على الشبكة نفسـها. هنالك تعبير مجازي مختلف أعتقد أنه أقرب إلى وصـف كثـير من الأنشطة التي سـتحدث ألا وهو "السوق النهائي"؛ فالأسواق، من قاعات المتاجرة بالأوراق المالية إلى الأسـواق المسقوفة، هى أشـياء جوهرية للمجتمع الإنساني وأنا أعتقد أن هـذا السـوق الجديد سوف يكون في نهاية المطاف متجر العالم المركزي؛ ففيه سـنقوم نحن الحيوانات الاجتماعية بالبيع والمتاجرة والاسـتثـمار والمسـاومة والشـراء والمجادلة ومقابلة أناس جدد وإغلاق الخط في وجوه الآخرين. إذن عندما تسمع عبارة "طريق المعلومات السـريع" فعليك بدلا من رؤية طريق أن تتخيل ساحة سوق أو بورصة للأوراق المالية - تخيل التدافع والتنافس في سوق نيويورك للأوراق المالية أو في سوق للمزارعين أو في متجر لبيع الكتب مليء بأناس يبحثون عن قصص ومعلومات أخاذة - حيث يحدث كل سـلوك النشاط البشري، من معاملات ببلايين الدولارات إلى المغازلات، وهنالك معاملات كثـيرة سـتتضمن مالا مقدما في شـكل رقمي بدلا من في شكل نقدي لأن المعلومـات الرقمية بأنواعها كافة وليس المال فحسب ستكون الوسط الجديد للتبادل في هذا السوق.
سـوف يكون سـوق المعلومات الدولي ضـخما ويشـتمل على جميع الوسـائل التي يجري بها تبادل السلع والخدمات والأفكار البشـرية، وهذا سيعطيك على المسـتوى العملي خيارات أوسع حول أغلب الأشياء بما في ذلك الكيفية التي بها تكسب رزقك أو تستثمر و ما هى الأشياء التي تشتريها وكم تدفع مقابلها ومن هم أصدقاؤك وكيف تقضي وقتك معهم وأين تعيـش أنت وأسـرتك وما مدى الضمان المتوفر لها. كما أن مكان عملك وفكرتك عما تعنيه كلمة "متعلم" سـوف يتغيران تغيرا عظيما ربما تقريبا إلى أبعد مما نعرفه، وقد ينفتح إلى حد كبير إحساسك بهويتك - بمن أنت وإلى أين تنتمي - وباختصار فإن كل شىء سيتم بطريقة مختلفة. إنني أكاد لا أسـتطيع انتظار هذا غدا وهأنذا أفعل كل ما في وسعي للمساعدة في حدوثه.
هل أنت غير متأكد من أنك تصدِّق هذا أو من أنك تريد تصديقه؟ لعلك إذن سترفض المشاركة فيه. إن الناس عمومـا يقطعون عهدا على أنفسـهم بـذلك إذا هددت تقنية جديدة بتغيير ما ألفوه وارتاحوا إليه، فقد كانت الدراجة في البداية بدعة سخيفة وكانت السيارة متطفلا مزعجا وكانت آلة الجيب الحاسبة خطرا على دراسة الرياضيات وكان المذياع نهاية لمعرفة القراءة والكتابة.
لكن حدث شـىء ما، فبمرور الأيام وجدت هـذه الآلات مكانا لها في حياتنا اليومية لكونها لا تتيح الراحة وتوفر الجهد فحسب بل لأن بمقدورها أيضا أن تحـثنا إلى أعالي خلاقة جديدة. إننا نحس بالألفة تجاهها، وها هي تتبوأ مكانا مؤتمنا إلى جانب أدواتنا الأخرى وهاهـو جيل جديد يكبر معها مغيرا إياها ومضفيا الصفة الإنسانية عليها.. وباختصارا لاعبا بها.
لقدكان الهاتف إنجازا كبيرا في مجال الاتصـال ذي الاتجاهين لكنه هو أيضا وُصف بأنه ليس أكثـر من مصدر إزعاج، فقدكان الناس يحسـون بالضـيق والإرباك من هـذا الدخيل الآلي في منازلهم، غير أن الرجال والنساء أدركوا في نهاية الأمر أنهم لم يكونوا فحسـب يحصـلون على آلة جديدة إنما كانوا أيضا يتعلمون نوعا جديدا من التواصل؛ فالتسامر على الهاتف لم يكن طويلا ورسـميا كالتحادث وجها لوجه وكان يتسم بكفاءة غريبة و - بالنسبة لكثـيرين - مربكة. قبل اختراع الهاتف كان من شـأن أى حديـث ممتع أن يقتضي زيارة وربما وجبة وكان المرء يتوقع قضاء فترة ظهيرة أو مسـاء بأكملها، وبمجرد أن دخلت الهواتف في أغلب المنشـآت والبيوت أخذ المستعمِلون يخلقون طرقا للاستفادة من الخصائص الفريدة لوسيلة الاتصال هذه. وبازدهار هذه الوسـيلة ظهرت تعبيرات وخدع وآداب وثقافة خاصة بها؛ إن ألكسندر جراهام بل لم يكن بالتأكيد سيتوقع لعبة المدراء السـخيفة: "دع سـكرتيرتي تطلبه على الخط قبلي". وفيما أعكف على تأليف هذا الكتاب ها هو شكل جديد من الاتصـال - البريد الإلكتروني - يمر بنفس
النوع من التطور ألا وهو إرساء قواعد وعادات خاصة به.
"شيئا فشـيئا سـتصبح الآلة جزءا من الإنسانية". هكذاكتب الطيار والمؤلف الفرنسي (أنطوان دي سان إكزيوبري) في مذكراته الصـادرة عـام 1939 بعنوان "الريح والرمل والنجوم" حيث كتب عن الطريقة التي يميل الناس إلى التصرف بها حيال التقنيات الجديدة وكان يسـتعمل في ذلك تقبلهم البطىء للسـكة الحديد في القرن التاسع عشر كمثال، فوصف كيف أن محركات القاطرات البدائية النافثـة للدخان الصاخبة كالشيطان قد جرى وصمها في البداية بأنها "مسوخ حديدية". ثم مع مد المزيد من خطوط السـكة الحديدية أخذت المدن تبني محطات للقطارات فتدفقت السلع والخدمات وأصـبحت هناك وظـائف جديدة مثـيرة. نمت ثـقافة جديدة حول هذا الشـكل المستحدث من النقل واسـتحال الاحتقار قبولا بل واستحسانا، فما كان ذات يوم مسخا حديديا أصـبح الحامل الجبار لأفضل منتجات الحياة.. ومرة أخرى كان لهذا التغيير في مفهومنا إنعكاس في اللغة التي كنا نستعملها فقد بتنا نسميه "الحصان الحديدي". تساءل (سان إكزيوبري): "ماذا هو اليوم بالنسبة للقروي سـوى صديق متواضع يمر بالقرية كل مساء عند السادسة ؟".
أما التحول الفرد الآخر الذي كان له أثر عظيم على تاريخ الاتصال فحدث في حوالى عام 1450 عندما قام جوهان جوتنبرج، وهو صـائغ من (ماينـز) في ألمانيا، باختراع حروف مطبعية متحركة وقدّم أول آلة طباعة إلى أوربا (كانت الصـين وكوريا لديهما سـلفا مطابع) وكان مـن شـأن هـذا الحدث أن غيّر الثقافة الغربية إلى الأبد. اسـتغرق جوتنبرج عامين كى يؤلف حروف الطباعة لإنجيله الأول ولكن ما أن تم ذلك حتى تمكن من طباعة نسخ متعددة. كانت جميع الكتب قبل جوتنبرج تنسخ باليد وكان الرهبان - وهم عادة من كانوا يقومون بالنسخ - نادرا ما يستطيعون نسخ أكثر من مصنف واحد في السنة فكانت مطبعة جوتنبرج بالمقارنة إلى ذلك طابعة ليزرية عالية السرعة.
لقد فعلت المطبعة ما هو أكثر من مجرد إعطاء الغرب طريقة أسـرع لاستنساخ كتاب؛ فحتى ذلك الحين كانت الحياة رغم الأجيال المتعاقبة اجتماعيـة بسـيطة وغير متغيرة تقريبا وكان أغلب الناس يعرفون فقط ما يرونه بأنفسـهم أو ما يقال لهم. كان قليـل منهم يسـرحون بعيـدا عن قراهم وذلك جـزئيا لأنه كثـيرا ما كان من المستحيل تقريبا العثـور على طريق العودة بدون خرائط موثوق بها.. وحسب تعبير (جيمس بيرك)، وهو مؤلف مفضل لدىّ: "في ذلك العالم كانت التجربة كلها شـخصـية؛ كانت الآفاق صـغيرة والمجتمع منطويا على نفسه وكان ما يوجد في الخارج مجرد أقأويل".
غيرت الكلمة المطبوعة كل ذلك وكانت أولى وسـائل الإعـلام؛ فقـد كانت المرة الأولى التي أمكن فيها تداول المعرفة والتجارب فـي شكل محمول وباق ومتاح، وعندما أخذت الكلمة المكتوبة تمد مدارك السكان إلى ما هو أبعد من القرية بدأ الناس يهتمون بما يحدث في الأماكن الأخرى. ظهرت محال الطباعة سريعا في المدن التجارية وأصبحت مراكـز للتبادل الفكري.. وباتت معرفة القراءة والكتابة مهارة مهمة أحدثت إنقلابا في التعليم وغيرت الهياكل الاجتماعية.
قبل جوتنبرج كان هناك 30 ألف كتاب فقط في قارة أوربا برمتها، أغلبها أناجيل أو تفاسير إنجيلية، وبحلول عام 1500 كان هناك أكثر من 9 ملايين كتاب في كل ضروب الموضوعات وباتت للبيانات الموزعة باليد وغير ذلك من المواد المطبوعة أثرها على السياسة والدين والعلم والأدب.. ولأول مرة صارت المعلومات المكتوبة في متناول من كانوا خارج الصفوة الكهنوتية.
وسوف يغير"طريق المعلومات السـريع" شـكل حضارتنا تغييرا دراميا كما فعلت مطبعة جوتنبرج للقرون الوسطى.
لقد غيرت الحواسيب الشخصية سلفا عادات العمل لكنها لم تغير حياتنا حقا بنفـس القدر بعد. وعندما يتم ربط أجهزة الغد القادرة بعضها ببعض على الطريق الإلكتروني السـريع فسيتيسر الوصول إلى كل الناس والآلات والترفيه وخدمات المعلومات؛ سيكون بمقدورك أن تبقى على اتصـال مع أى شخـص أينما كان ممن يريد أن يظل على اتصال بك وأن تستعرض الكتب التي في أى من آلاف المكتبات - نهارا أو ليلا. سترسـل إليك صـوّارتك ]كاميرتك[ المفقودة أو المسروقة رسالة تخبرك فيها بمكانها على وجه الدقة حتى وإن كانت في مدينة مختلفة. سيكون بوسعك أن ترد على جهاز الاتصال الداخلي الموجود في منزلك وأنت في مكتبك أو أن ترد على أى بريد وأنت في منزلك. سوف يكون من السهل العثور على المعلومات التي يصعب استخراجها اليوم مثل:
هل حافلتك تصل في ميعادها؟
هل هناك أى حوادث الآن على الطريق الذي تسلكه إلى مكتبك؟
هل ثمة من يريد أن يبادلك ما لديك من تذاكر دخول المسرح يوم الأربعاء بما لديه من تذاكر الخميس؟
ما مدى انتظام ابنك في المدرسة؟
ما هى خيرطريقة لطهو سمك الهالبوت؟
أى من المتاجر أينما كان يمكنه أن يسلمك - بحلول صباح الغد وبأدنى سعر - ساعة يد تقيس نبضك؟
كم سيدفع شخص مقابل سيارتي طراز (موستانج) ذات الغطاء القابل للطى؟
كيف يتم عمل الثقب في إبرة؟
هل قمصانك في المغسلة جاهزة؟
ما هى أرخص طريقة للاشتراك في جريدة وول ستريت جيرنال؟
ما هى أعراض النوبة القلبية؟
هل كانت هناك أى شهادة مثيرة في محكمة البلدية اليوم؟
هل الأسماك ترى بالألوان؟
كيف يبدو شارع الشانزليزية الآن؟
اين كنت في الساعة 9. 02 م يوم الخميس الماضي؟
لنقل إنك تفكر في تجربة مطعم جديد وتريد أن ترى قائمة طعامه بما تحتويه من مشروبات وأصناف اليوم الخاصة. لعلك تقلب في خاطرك ما قاله معلق الأطعمة المفضل لديك في شـأن هذا المطعم و#####ه ولعلك تريد أيضا أن تعرف ما أعطته إدارة الصـحة من درجات التقدير الصـحي لـهذا المكان وإذا كنت متوجسـا من الحى الـذي يقع فيه المطعم فلعلك تود رؤية تصنيف أمني له مبني على تقارير الشرطة.. هل لازلت مهتما بالذهاب؟ إذن سوف تريد حجز أماكن والحصـول علىخريطة وتوجيهات بشأن القيادة مبنية على أحوال المرور الراهنة. يمكنك أن تحصل على التوجيهات في شكل مطبوع أو أن تطلب تلاوتها عليك - مع المستجَّد منها أولا بأول - وأنت تقود سيارتك.
سوف تكون كل هذه المعلومات متاحة على الفور وشخصية تماما لأنك ستستطيع استكشاف الأجزاء التي تهمك مهما كانت وبأى طرق ولأى مدة من الزمن تشاء. سوف تشاهد أى برنامج في الوقت الذي يناسبك بدلا من في الوقت الذي تختاره محطة البث لإذاعته. سوف تتسوق أو تطلب طعاما أو تتصل بزملاء الهواية أو تنشر معلومات ليستعملها الآخرون حينما وحيثما تريد. سـوف تبدأ نشـرة الأخبار الليلية المفضلة لديك في عقلك!