هل المعيار هو (إنَّ خيرَ من استأجرتَ القويُّ الأمين)؟! سورةالقصص. القوة والأمانة، نعم.. إن هاتين الصفتين تجمعان كل المعانيالقيادية التي تحدَّث عنها علماء الإدارة في العالم. وسنتحدث عنهما اليومبإيجاز.


القوة
وتعنيالكفاءة والذكاء والقدرة على أداء المهمة، وتختلف القوة المطلوبة باختلافالمهمة. قال ابن تيمية: والقوة في كل عمل بحسبها، فالقوة في إمارة الحربترجع إلى شجاعة القلب وإلى الخبرة بالحروب، والقوة في الحكم بين الناسترجع إلى العلم بالعدل الذي دل عليه القرآن والسنة وإلى القدرة على تنفيذالأحكام



ومن مظاهر فقدان القوة
الروتينالقاتل: وأعراضه البطء في إنجاز المعاملات والضغط في العمل والذي يسببالاكتئاب والملل، ويؤدي إلى تمضية الوقت كيفما اتفق. ولعل هذا واضح فيترهّل الإدارة والروتين الحكومي المستشري في معظم الدول العربية
ضعفالاستغفار: يضعف الاستغفار عندما يصبح استغفاراً سريعاً بلا روح،استغفاراً شفهياً لا يلامس شغاف القلب، فيرق به من خشونة الذنب. وهو منشروط القوة المعنوية والاقتصادية التي غفلنا عنها ولا توجد لدى أنظمةالغرب أو علومهم. وهذا هود عليه السلام ينصح قومه بشروط البنية المعنويةالاقتصادية فيقول: (يَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّتُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْقُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ)سورة هود.



الأمانة
وتعني المصداقية والرقابة الذاتية والمبادرة لأداء العمل على أتم وجه.


وتستخدم كلمة الأمانة بأكثر من معنى، ومنها

التكليف:قال تعالى:
(إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَات وَالأَرْضِوَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَاوَحَمَلَهَاالإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً).
سورة الأحزاب


الأمانة المعنوية:تمتدحدود الأمانة إلى ما هو أبعد من القضايا المالية، فهي تشمل أمانة الفكروالرأي والموقف. وعلى سبيل المثال عدم بخس العاملين حقوق التقدير الممزوجبالحب، ومساعدتهم في قضاياهم ومشاكلهم المؤرقة بقدر الاستطاعة..



الضمير اليقظ:وهو الذي، كما يقول الغزالي، تصان به الحقوق المتمثلة في حقوق الله والناس وتحرس به الأعمال من دواعي التفريط والإهمال..



الإتقان:فالحرصعلى أداء الواجب المنوط بالشخص بشكل متقن من أخلاق المسلم. ومنه السهر علىحقوق الناس وإذا استهان الفرد بما كلف به وإن كان صغيراً فرط فيما بعدهإلى أن تستشري روح الفساد والضياع في كيان المؤسسة. بل إن المطلوب هوتجاوز الإتقان والوصول إلى درجة الإبداع في التخطيط والتنفيذ مسترشدينبدعوة المصطفى عليه السلام: “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه”.أخرجه البيهقي..



عدم الاستغلال:أي عدم استغلال المنصب لمنافع شخصية أو للإضرار بمصالح الأخرين وإضاعة حقوقهم
تعيين الأصلح: وهو تعيين الرجل المناسب في المكان المناسب وليس العكس. مصداقاًلقول رسول الله عليه الصلاة والسلام: “من استعمل رجلاً من عصابة، وفي تلكالعصابة من هو أرضى لله منه، فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين”.أخرجه الحاكم



إنالأمانة قضية عظيمة لا ينبغي أن نستهين بها أو نفرط في حقها. فلا يجب نركزعلى الشكليات وننسى الجوهر الحقيقي، فبدل أن نمارس التربية والتعليماكتفينا – على سبيل المثال- بالتلقين المبهم، ففقدنا قدراً من الأمانة،والنتيجة جيل من الشباب لا يرعى مصلحة المجتمع، ولا يقوم بدوره الصادقوالمخلص في تقدمه وازدهاره ..



د. طارق محمد السويدان