هل تقف القيادة والإدارة في اتجاهين متعاكسين؟ اسم الكاتب : راي بورش وكريس هاجين

منذ سنوات مضين نُشرت قصيدة في صحيفة الوول ستريت بعنوان "فلنتخلص من الإدارة"، أما افتتاحية القصيدة فقد كانت: "لا يريد الناس أن يُداروا إنهم يريدون أن يُقادوا". تظهر هذه الفكرة أيضاً في العديد من كتب ومواضيع الأعمال التي نشرت في العقدين الماضيين وكلها تدور حول فكرة أن القيادة أمر جيد والإدارة أمر سيئ. أحد هذه المواضيع صدر عن مكتب الأبحاث الوطني تحت عنوان "القيادة مقابل الإدارة" استغرق في الفكرة إلى حد التطرف ليقول إن القيادة والإدارة أسلوبان متعاكسان يستخدمان في عالم التجارة اليوم للإشراف على الموظفين. يقول المؤلفون إن "القيادة تعمل في بيئة تقوم على الثقة"، بينما، "تقوم الإدارة على السيطرة عن طريق الخوف".

من أين أتى الاعتقاد بأن الإدارة سيئة وما يقال عنها "مهارات" القيادة هي الطريقة الوحيدة لنجاح المدراء التنفيذيين في شركات اليوم؟

لقد تضرر دور الإدارة كثيراً من خلال الكتابات الشائعة في أيامنا هذه. إن مهارات القيادة وممارسات الإدارة الصلبة لا تنفصل كل منها عن الأخرى، بل إنها احتياجات متكاملة في القيادة والإدارة في البيئات المشتركة.


• حالة التأرجح بعيداً جداً نحو الطرف الآخر

تكشف نظرة إلى الاتجاهات التي تتناول دور الإدارة خلال العقود الثلاث الماضية عن أن "القيادة" قد أصبحت شائعة كوسيلة للشفاء من أمراض الأعمال والتجارة، وأن مصطلح "الإدارة" قد أصبح مؤشراً سيئاً. فكيف حصل هذا؟

كتب دوغلاس ماكغريغور عام 1960 "الجانب الإنساني في المشروع" وهو كتاب رائد في وصف الفرق بين النظرية X والنظرية Y في التجارة، يقول غريغور:

تعتمد النظرية X على افتراض أن العمال كسالى ويفتقدون إلى الحافز، ويودون الحصول على المال فقط لمجرد إقدامهم على العمل.

من جهة أخرى تعتمد النظرية Y على افتراض أن العمال يريدون القيام بعمل جيد عن طريق الحافز الذاتي والحصول على أجورهم من خلال إنتاجيتهم.

بتعبير آخر: النظرية X سيئة، و النظرية Y جيدة.

ومع هذه الفكرة بدأ سيل من الكتب والموضوعات والبرامج تنهال على الرأي العام على أمل أن يتحول مدراء المدرسة القديمة إلى"قادة". وفي حين لم تكن نظرية ماكغريغور خاطئة أو صائبة بالضرورة، فقد دفن مفهوم الإدارة الجيدة تحت كومة من المعاني السلبية مع مرور الوقت؛ فقدنا الأفكار الجيدة في طريقنا للتخلص من الأفكار السيئة.

في الثمانينات كان هناك قوى دافعة باتجاه إزالة الطبقات في التنظيم، والتخفيف من الانتفاخات وإنشاء فريق إدارة ذاتية. صحيح أن التطورات في التقنيات قد بدأت تخلق وفرة في مسؤوليات الإدارة الإدارية، ولكن نتيجة ذلك كانت أن أصبح دور المدير المتوسط ضحية اختصار الأعمال.

ومع مرور الوقت أصبح الفصل بين "الإدارة" و "القيادة" أكثر وضوحاً

إن الناتج الثانوي لهذا التأرجح ما بين القيادة والإدارة هو فقدان العديد من الأعمال الأساسية للإدارة الجيدة. لقد أصبحت الممارسات الإدارية - التي أوجدت النظام حيث كانت الفوضى، وقدمت الغراء لتثبيت الطاقة حول الهدف العام- مزدراة ومستهان بها. لقد أضعنا الثمين في طريقنا للتخلي عن البخس.


• التنظيمات كأنظمة متكاملة

بينما تشكل القيادة عنصر واحد فقط من عناصر متعددة لإنجاز تنظيمات ذات إنتاجية عالية، إلا أن هذه الميزة قد ضاعت مع مرور الوقت – ولسوء الحظ- بين أكوام الكتب التي وضعت حول القيادة. كما ساهمت الأنظمة التقنية الاجتماعية التي ظهرت في تلك الفترة بتضخيم خط ماكغريغور في التفكير بتكريسها فكرة أن جوانب أخرى من تصميم أو تخطيط التنظيم تلعب أدواراً أساسية بشكل متساو في إنجاز تنظيمات ذات أداء عالي. هذه الجوانب تتضمن بنية التنظيم، مراحل عمل الأفراد، مراحل العمل الأساسية، الأسلوب، القيَم الأساسية.

المشكلة مع الأنظمة التقنية الاجتماعية هي أنه يُنظر إليها على أنها أكاديمية جداً وعلى درجة من التعقيد يصعب معها تحقيق سمعة سيئة ضمن المنشورات الشائعة، في حين تحقق مواضيع القيادة انتعاشاً. من جانب آخر لم يكن هناك الكثير من القادة أو المستشارين ممن يعرفون الكثير عن كيفية تطبيق نظرية أنظمة التقنية الاجتماعية لحل المشاكل التنظيمية وتحقيق أي تطور حقيقي قابل للقياس.


• العودة للمركز

تبقى نظرة الأنظمة المتكاملة للتنظيمات إطاراً نظرياً أساسياً وصلباً لفهم كيفية عمل المنظمات، وبينما تستمر الحاجة إلى تهذيب وتنقية تطبيق هذه النظرية لضمان استمرارية التطور التنظيمي، فإن مفاهيم نظرية الأنظمة المتكاملة والحاجة إلى الانحياز الجانبي هي بشكل عام مقبولة بشكل جيد. عندما يكون لديك أنظمة مصممة بشكل جيد للإدارة ومكافأة الإنجاز، تصبح إدارة علاقات الزبون، وإدارة العمليات، والاتصالات وغيرها في مجموعها هامة بالنسبة للأداء التنظيمي.

في البحث الأبدي عن الكسير ( فلسفة ) القيادة، يقدم المستشارون والأساتذة الكبار رؤى شخصية كبيرة فيما يخص الخطوات الاثنا عشر، وحلاً متواضعاً جداً من أجل إدارة أفضل. تعرض مجلة الثروة الجديدة في مراجعة لأحد الكتب ذات العلاقة رثاء للموجة المدية لكتب التجارة والأعمال غير الناضجة والمدفوعة بدافع الغرور مما جعلها تصل إلى نقطة الاستخفاف بقيمة الكم المعرفي الإنساني. يذكرنا الكاتب المعروف في حقل الأعمال والبروفسور في جامعة هارفارد، جون كوتر، أن "الإدارة الجيدة تأتي بالنظام".



الإدارة الجيدة هي مجموعة من الفعاليات الواضحة والمتخصصة والمحترفة، إنها علم عام يتضمن التقييم والتخطيط والتنفيذ والقيادة والتحفيز والتنسيق والقياس. أفضل ما يمكن التفكير به من جهة الإدارة هو أنها "نظام" يدمج ممارسات الإدارة المثبتة بدون حدود زمنية مع علاقات مهارات القيادة الشخصية المركز عليها. علاوة على أن ممارسات الإدارة الجيدة ومهارات القيادة أمران لا يمكن الجمع بينهما، فإنهما أمران يجتمعان في تنظيم يسير بشكل فعال. وصف لويس آلان في بحثه في علم الإدارة الوظائف الأساسية الأربعة لممارسة الإدارة الجيدة أنها:

• التخطيط

• التنظيم

• القيادة

• والتحكم

للأسف، عندما تخصص نسبة 3% فقط من ميزانيات التدريب من أجل المدراء المتوسطين، يتجه المنهج بثقل نحو العلاقات الشخصية ومهارات المجموعة، بينما يكون خفيفاً باتجاه الأنظمة التشخيصية ومهارات تطور العمل التي قدمها مجدداً برنامج لويس آلان للإدارة .



• خطوات لتطوير أداء المدير

كيف يمكن أن تطور التنظيمات أداء المدير؟ هناك ثلاث خطوات أساسية:

1. تقييم ممارسات الإدارة

في تقييم ممارسات الإدارة ستكتشف أن المدراء يركزون على "العمل" أكثر من تركيزهم على "الإدارة". يساعد التقييم العميق على تعزيز استخدام وتمرين وتدريب ومراقبة البرامج.

2. أسس الإدارة

هل تُمارس أسس الإدارة؟ إذا كان الجواب لا فلماذا لا؟

3. نموذج نظم الإدارة

حدد ونفذ نموذج نظم الإدارة على أن يكون ملائماً للعمل. ما هي المهارات الأساسية والممارسات التي تحتاج إلى تعزيز تطوير أداء العمل؟