2000 فرصة عمل يوميا بالسعودية
أعلن معالي وزير العمل أن المملكة ستوفر ثلاثة ملايين فرصة عمل خلال أربعة أعوام، وأنه سيتم توفير ضعف هذا الرقم خلال عقدين قادمين. ولكن يبقى الرقم الأهم هو الذي تتوقع الوزارة تحقيقه قريباً، وبتحليل هذا الرقم فإنه يجب توفير سبعمائة وخمسين ألف فرصة عمل سنوياً، أي اثنان وستون ألف فرصة شهرياً وبمعدل يفوق قليلاً ألفي فرصة يومياً، أي أنه في كل ساعة يتوقع توفير خمس وثمانين فرصة عمل، وفي كل دقيقة قرابة فرصة وثلث يتم توفيرها.
أما من ناحية حجم الأموال التي يفترض استثمارها لتوفير هذا الحجم الكبير من الفرص، فإنه من المعروف أن كل مليار دولار يستثمر يوفر نظرياً ألف فرصة عمل بشكل مباشر وستة عشر ألف فرصة بشكل غير مباشر، أي نتيجة ارتفاع الطلب على مختلف الخدمات يتوفر فرص غير مباشرة، إذاً نحن بحاجة الى استثمارات ضخمة سنوياً، أي أننا بحاجة لاستثمارات سنوية يجب أن تصل الى مائة وخمسة وستين مليار ريال سنوياً كاستثمارات بمشاريع أنتاجية أياً كان النشاط لتوفير هذه الأرقام من فرص العمل وبحجم كلي للأربع السنوات ستمائة وستون مليار ريال. واستثمار مثل هذه الأرقام سنوياً يعد صعباً جداً إن لم يكن مستحيلاً، ونقصد هنا أن يكون القطاع الخاص هو مصدر هذه الأموال، حيث إن الانفاق الحكومي يصب في تجهيز البنى التحتية لجذب الاستثمارات وبالتالي فإن الفرص المتوفرة من هذا الإنفاق تحكمها عوامل عديدة لا يمكن أن تكون هي الموفر الأساسي لنسبة كبيرة من الفرص التي تم توقع توفيرها خلال الفترة القصيرة القادمة، وبما أن الحديث عن جذب استثمارات القطاع الخاص ودوره في توفير هذه الفرص فإن تحقيق مثل هذه الأرقام من السهل توقعه نظرياً، لكن هل تساعد الأنظمة حالياً برغم إصلاح وتطوير العديد منها بتوطين هذه الأرقام سنوياً؟ والسؤال الأهم: كم يبلغ ججم الاستثمارات السنوية حالياً وكم فرصة عمل توفر للمواطنين فعلياً؟ ورغم أن معالي الوزير لم يوضح كيفية توفير هذه الفرص الضخمة، لكن هل نتوقع تطوراً كبيراً بالأنظمة لتيسير الاستثمار أم سيكون الاعتماد على خطة تمويلية ضخمة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، أم أن إحلال العمالة السعودية مكان الوافدة هو جوهر الحل، وإذا كان هذا هو التوجه فهل لدينا أعداد كبيرة من المؤهلين المهنيين يستطيعون الحلول مكان الوافدين خصوصاً أن غالبية العمالة الأجنبية هي مهنية لكن بالنظر الى أرقام البطالة الحالية فإن برنامج حافز لم يشمل سوى قرابة ستمائة ألف شاب وشابة وعلى افتراض أننا نضيف لسوق العمل قرابة مائة ألف سنوياً، فهل هناك توازن بين أرقام وزارة العمل التي تنوي توفيرها وأعداد المؤهلين للعمل من المواطنين والمواطنات والذين لن يصلوا خلال السنوات الأربع القادمة الى نصف ما أعلنت عنه الوزارة بأحسن الحالات. أرقام وزارة العمل كبيرة بلا شك ولكنها تحتاج الى تفصيل وتوضيح أكثر عن كيفية توفيرها، وأين ستتركز الفرص، وكم يبلغ حجم المؤهلين لها، وكم يدخلوق العمل سنوياً، وما هي الدوافع التي ستسمح بتأمين الملايين الثلاثة من الوظائف، وهل هي بالقطاع الخاص فقط؟ والكثير من الأسئلة التي تحتاج لإجابات واضحة، لأن دخول هذه الأعداد الهائلة لسوق العمل يترتب عليه توفير خدمات متعددة تستوجب ضخ استثمارات فيها وترتكز عليها دراسات جدوى اقتصادية للمشاريع وكذلك الطاقة الاستيعابية للاقتصاد تختلف عن ما هو قائم حالياً من نظرة لتطورات السوق والاقتصاد السعودي.