السلام عليكم
واخيرا بدأ الوعي العربي يظهر من خلال ما سمي بالربيع العربي
الثورات العربية الان انما تصنع امما ودولا ذات مفاهيم ومبادئ واسس جديدة
وطبعا الجميع ينادي باهداف محددة وعاجلة لتلبية طموحات الشعوب التي عانت الكثير
وربما على رأس قائمة المطلوبات هو اقتلاع الفساد من جذوره
الفساد الذي كان برأي الكثيرين هو السبب الرئيسي في انهيار الدول التي قامت بها الثورات
انهيارا داخليا اقتصاديا واجتماعيا واخلاقيا
طبعا كلنا نساند الشعوب في مطالبها الشرعية
وبعد نجاح معظم الثورات (والباقي الى نجاح باذن الله) ، يبقى من المهم ان تكون اسس بناء الدول -التي عانت الكثير من الدمار خلال السنوات الخمسون الماضية – واضحة
وفي اعتقادي ان من اهم المبادئ والاسس التي يجب سنها واعطائها اولوية قصوى (على المستوى الدستوري ان امكن) هو الادارة
نحن كنا نعاني في الدول التي نجحت في الربيع العربي ، وما زلنا في الدول التي ما زالت مستقرة ، من انهيار ادارة شؤون البلاد والعباد بسبب استشراء الفساد حتى في ادق تفاصيل الحياة اليومية
ومن الجميل ان وعي الشعوب لهذه النقطة هو الان في الذروة لان جميع طبقات الشعب عانت منه ايما معاناة
حتى الأغنياء ؟؟؟ نعم : اقول حتى الأغنياء لانهم اصطدمو بواقع انهم اقلية امام اكثرية فقيرة حاقدة مشحونة بطاقات سلبية هائلة وسخط تجاه طبقة الاغنياء
طبعا السبب بسيط وهو ان معظم الطبقة الثرية انما سبب ثرائهم هو استغلالهم للامكانيات التي منحتهم اياها السلطة الفاسدة التي كانت تعامل الوطن كأنه كنز يجب سرقته بالكامل من شرذمة كثيرون (الشعب) باعتبار انهم لا يستحقون شيئا من هذا الكنز لانهم جهلة خانعون لا يبذلون جهدا او تعبا في ادارة امور البلاد كما تفعل السلطة
لذا فقد تشكلت قناعة لدى عامة الناس ان الغني انما يجب ان يكون شريك السلطة الفاسدة وانه لم يبذل جهدا في الحصول على ثروته سوى انه يسرقه (بشكل او بآخر) من قوته وقوت عياله
وانتشرت بين الناس مقولة مشهورة تفيد بأن (السارق من السارق كالوارث من ابيه)
بل ان الكثيرون يعتقدون يقينا ان هذه المقولة انما هي حديث يروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم!!!
طبعا هذا سببه الجهل المستشري بين الشعوب والذي تسببت فيه السلطة بالطبع لانها لم تهتم بالتعليم بل بالتعتيم
ما يعنينا هنا في المنتدى هو ان اهم سبب من اسباب نجاح الثورات الان هو الاهتمام الشديد بطريقة ادارة البلاد
ونجاح الحكومات الجديدة في ادارة شؤون البلاد والعباد يتأتى برأيي حين يتم تطبيق عدة امور
اولا : وضع الشخص المناسب في المكان المناسب حتى يتسنى للحكومة القيام بالخطوة التالية ، والاشخاص المناسبين في اغلب الدول الثائرة اغلبهم ما زال يقيم خارج البلاد منذ زمن بعيد لان السلطة قامت بطرده او تطفيشه وليس سرا ان الغرب كان وما زال يهتم بالعقول الفذة الموجودة في العالم العربي وينتقي منها ما يناسبه ويقوم باغرائهم حتى يستفيد من عقولهم وامكانياتهم في سبيل تطوير بلادهم (الغرب) في شتى المجالات ، هؤلاء كنز يجب برأيي استرجاعه للاستفادة من خبراته التي اكتسبها خلال فترة عمله في الدول المتقدمة لاعادة اعمار دولته ، ولا نتجاهل بتاتا امكانيات العقول التي ما زالت موجودة ولم تغادر البلاد ، وهؤلاء يجب ان ينتخبو فيما بينهم اشخاصا يديرونهم ويقودون المرحلة القادمة من اعادة اعمار البلاد ، وهناك ولله الحمد الكثير من الكفاءات والعقول في شتى المجالات يذخر بها عالمنا العربي ولكنهم كانو مهمشين تماما في الحقبة السابقة
ثانيا : بعد وضع الشخص المناسب في المكان المناسب يأتي دورالتخطيط المتكامل لمستقبل الدولة
وبما أن الدول الثائرة تعاني من مشاكل متفاقمة متراكمة منذ خمسون عاما فالأجدى ان تقوم الحكومات بتشكيل فرق عمل كل في تخصص معين تناقش كل منها الموضوع المنوط بها والوضع الحالي على الأرض وتقترح الحلول المناسبة ، ثم تجتمع فرق العمل لمناقشة كيفية التواصل مع بعضها لحل جميع المشاكل بالتزامن مع بعضها وبالتفاهم مع بعضها وليس كما كانت الأمور في العهد البائد كل وزارة تعمل بمعزل عن الاخرى فترى نتائج وقرارات متضاربة تؤدي حين تنفيذها الى توليد مشاكل جديدة وهكذا
ثالثا : بعد التخطيط تأتي مرحلة التنفيذ ، وطبعا التنفيذ لا يأتي دفعة واحدة ولكن على دفعات وحسب الامكانات المتوافرة وحسب الأولوية ، ولكن لا نغفل انه من المهم جدا ان يكون التنفيذ متزامن ووفق جدول زمني منطقي ، ولكي نفهم معنى التزامن لدينا مثال بسيط أغلبنا سمع عنه او عانى منه ، وهو حين تقوم مثلا شركة الكهرباء بحفر الطريق لعمل تمديدات في منطقة جديدة ثم حين تنتهي تردمها فقط حتى تأتي شركة الهاتف وتفتح نفس الحفرة لعمل تمديدات الهاتف ثم تغلقها فقط حتى تأتي شركة المياه لفتح نفس الحفرة وهكذا دواليك ، اما الجدول الزمني فأهميته نعرفها جميعا لأننا عانينا منها بشكل مخيف وغير منطقي احيانا ، كمثال انا في بلدي العزيز سورية استغرق بناء احدى الجسور 20 عاما !!! طبعا هذا على مستوى بنية تحتية فما بالك بأحوال المواطن الاقتصادية
هذه برأيي هي اهم النقاط التي يجب التركيز عليها حاليا لبناء مستقبل مشرق لنا ولأولادنا ، وهي كما نرى جميعها متعلق بحسن الادارة ونزاهة الاشخاص الذين سيستلمونها ونقاء اخلاقهم واخلاصهم وأن يكون حبهم وولائهم لاوطانهم فوق حبهم وولائهم للمال والسلطة ، وهذه الصفات هي صفات العلماء الحقيقية التي يجب توافرها في اي شخص سيتولى منصبا مؤثرا في الدولة والا فلن يحدث اي تقدم او تغيير وسنعود عبيدا للمال والسلطة على حساب الشعوب والاوطان ومصالحهم
ختاما اقول : انني لم اتطرق الى موضوع الدين لأنني مؤمن بأن من فهم الحديث التالي فقد فهم معنى احترام الاديان
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق
أي أن الدين هو الرقي في الأخلاق وحسن التعامل مع الآخرين مهما كانت معتقداتهم طالما انهم لم يرتكبو جرائم واضحة