كان لهذه الزاوية السبق بالكتابة عن توظيف السعوديين في ملحقياتنا وسفاراتنا في الخارج، وكانت مقالة «سعودة السفارات والملحقيات»، التي نشرت في هذه المساحة يوم (الجمعة) 17 يونيو 2011، هي الأولى –حسب علمي- التي دعت لسعودة أجهزتنا في الخارج.

وأزعم ان مقالتي المذكورة دعت مجلس الشورى مشكوراً لمناقشة وطرح الموضوع، فبحسب صحيفة «سبق» الإلكترونية، فقد طالب مجلس الشورى في جلسته يوم 17 سبتمبر 2011 بسعودة الوظائف في السفارات. ونص الخبر على «سعودة السفارات والقنصليات السعودية في الخارج، وكذلك إتاحة الفرصة للشباب السعودي للعمل في السفارات والقنصليات الأجنبية في المملكة (...)، وقال عضو مجلس الشورى عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الدكتور صدقة فاضل: قمنا في لجنة الشؤون الخارجية بدرس التقرير السنوي الأخير لوزارة الخارجية، وبعد هذه الدراسة أصدرنا توصية تنص على سعودة السفارات السعودية في الخارج إلى جانب التنسيق مع الممثليات في بلادنا من أجل توظيف الشباب السعودي».

وأضاف فاضل: وجدنا أن هناك الكثير من الوظائف في السفارات السعودية في الخارج يشغلها أجانب، كما وجدنا أن هناك شباباً سعوديين كثيرين مؤهلون لا يجدون وظائف وعاطلون عن العمل على رغم وجود هذا الكم الكبير من الوظائف في السفارات السعودية في الخارج، والتي يشغلها أجانب».

الأسبوع الماضي فاجأنا وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري بقوله: «نتمنى أن تتم سعودة جميع الوظائف، ولكن من الصعب أن نجد من يستطيع أن يقوم بهذه الأعمال، أو لديه الرغبة في الاقامة بدول الملحقيات التعليمية، إما لارتباط أبنائه بالمدارس أو لارتباطه في أعمال أخرى، ما يجعله لا يرغب بأن يعمل في الاشراف الدراسي هناك، ولهذه الأسباب تضطر الملحقيات التعليمية إلى أن تتعاقد مع الكفاءات المحلية بتلك الدول»، بحسب ما نشرته الزميلة «الرياض».

والحقيقة ان إجابة الوزير على سؤال الصحافيين عن السعودة كانت مفاجأة غير سارة أو مخجلة وغير صادقة على الأصح، وكان يجب ألا تصدر عن شخص يتسنم أعلى الهرم في وزارة من اهم وزارات بلادنا في الوقت الحالي. ولهذا جاءت ردة الفعل الأولى بقلم الزميل ابراهيم القحطاني في صحيفة «الشرق» في مقال بعنوان «تتحداني يا معالي الوزير»، تعهد فيه القحطاني بتوفير 30 موظفاً سعودياً كدفعة أولى، وبالشروط التي يطلبها الوزير في هؤلاء الموظفين.

تلتها مقالة الزميل فارس بن حزام في صحيفة الرياض يوم الثلثاء، وعنوانها «السعودي غير صالح للوظيفة»، تساءل فيه «ما المتغير عند موظفي وزارة التعليم في الملحقيات التعليمية، بحيث لا يستطيع السعودي العيش في الغربة كما يفعل مواطنه في وظائف أخرى في الخارج؟».

ولأن هذه الزاوية كانت أول من كتب عن موضوع سعودة السفارات والملحقيات، ولأن رد السفارات والقنصليات على المقال كان منطقياً وواقعياً وهو تحميل وزارة الخارجية مسؤولية عدم السعودة، وترحيب كثير من السفراء والملحقين الذين تحدثت معهم في لقاءات واجتماعات عدة بالسعودة، وضرورة دعمها، الا ان تصريح الوزير العنقري جاء صادماًَ لهذا التوجه وهذه المطالب لسبب غير منطقي ولا مقنع. وبالتالي فإنني سأعتبر نفسي مسؤولاً عن متابعة مطالبتي بالسعودة، وأعلن بتعهدي شخصياً للعنقري بتوفير العدد اللازم من الموظفين لملحقياتنا في الخارج، وبالشروط التي يطلبها الوزير.

يا وزيرنا، ان ما قلته لا يتسق مع طفرة تعليمية يقودها ويشرف عليها خادم الحرمين الشريفين شخصياً، وموقن انكم لو عرضتم على مبتعثينا الـ 140 ألفاً وظائف في ملحقياتنا فلن يتأخروا في خدمة وطنهم. ثم ان ملحقياتنا التعليمية الـ33 كلها في دول يتمنى الشخص ان تتاح له فرصة العيش فيها ولو لفترة قصيرة.

فمن يكره العيش في الرباط، ولندن، وواشنطن، والقاهرة، وطوكيو، وسيوول وغيرها.

يا وزيرنا، أرجوك الا تكون سبباً في زيادة بطالتهم، وإن أصررت على رأيك، فأرجوك ان تقبل التحدي والرهان وان تطلب من كاتب هذه السطور توفير العدد الذي تريده، وبالشروط التي تريدها، ومستعد شخصياً لتزويدك بموظفين سعوديين مؤهلين، ولا أطلب على ذلك أجراً ولا مقابلاً إلا من رب العالمين.

* نقلا عن "الحياة" السعودية