يتعين على المفاوض الماهر أن يعنى عناية فائقة بعملية الإعداد للتفاوض؛ لأنها حاكمة في تحديد مدى النجاح الممكن تحقيقه في جلسات التفاوض الفعلية، فكما يقول كيفين كين:
(المفاوض الذي لا يُعِدُ نفسه جيدًا للتفاوض، سيكون في موقع رد الفعل بدلًا من أن يدير الأحداث ويقودها، أما المفاوض الذي أَعَّدَ جيدًا يأخذ زمام المبادرة في يده ويزداد قوة بشكل مطرد، وهذا يضاف إلى رصيد قوته التفاوضية وثقته بنفسه.
وهنا لابد من لفت الانتباه إلى أن الإعداد لا يعني أن تستهلك وقتًا في القيام ببروفات وتدريبات، أو أن تنتهج أسلوب الهجوم أو أسلوبًا عدوانيًا تجاه موقف المفاوض الآخر، ولكن الأمر المطلوب هو الاستعداد بالمعلومات والأدوات بشكل بناء وفعال).
ولعل إدراك أهم الخصائص المميزة لعملية الإعداد ومراعاتها في إدارة التفاوض هي أحد صور تلك العناية الواجبة، وفيما يلي نورد قائمة بأهم هذه المفاتيح، وهي:
  1. التخطيط الجيد:
الإعداد للتفاوض عملية تخطيطية ولها كل خصائص العملية التخطيطية، من حيث العناية بعنصر التوقيت والاعتماد على أسس ومقومات، والتدرج بين المراحل المختلفة، وأهمية المرونة كصفة رئيسية من صفات المفاوض الناجح، إلى غير ذلك من الخصائص الهامة.
ولذا؛ يتضمن الإعداد كافة الأساليب الممكنة للتخطيط، من التحليل والتنبؤ، والقياس والتقدير، وتمثيل الأدوار والمحاكاة والعصف الذهني، وكل ما من شأنه رفع كفاءة الإعداد.
  1. الاستمرارية:
الإعداد للتفاوض ليس نشاطًا سابقًا للتفاوض الفعلي فقط، إنما هو عملية مستمرة قبل التفاوض وأثناء التفاوض؛ للمراجعة والتعديل والتصحيح وإعادة ترتيب الأوراق والقضايا وإعادة تقويم البدائل واختيار المسارات في ضوء ما يكشف عنه التفاوض الفعلي، أو ما يستجد توافره من معلومات أو ما يطرأ على الموقف من متغيرات، سواءً كانت هذه المتغيرات من قبيل الفرص أو من قبيل العقبات والتهديدات.
  1. توافر البيانات والمعلومات:
يستند الإعداد للتفاوض إلى توافر البيانات والمعلومات عن جميع عناصر الموقف التفاوضي، وتتميز تلك البيانات والمعلومات بأن بعضها يتعلق بخبرات أو أحداث ماضية، في حين يتعلق بعضها الآخر بمتغيرات قائمة في الوقت الحاضر، بينما يتعلق جزء ثالث بأمور مستقبلية، ولعل القدرة على تجميع وتحليل الأنواع الثلاث من البيانات والاستفادة منها هي أحد المحددات الرئيسية لفاعلية الإعداد، وبالتالي لاحتمالات نجاح المفاوضات.
ومن ثم يمكن التمييز بين وجهين مختلفين ومرتبطين في نفس الوقت لعميلة الاعداد، الوجه الأول هو التنبؤ بالمتغيرات، والوجه الثاني هو الاستعداد لمواجهة هذه المتغيرات أو السعي للتأثير في مسارها؛ وبالتالي في تأثيرها على المفاوضات.
  1. التكامل والتعاون:
بمعنى أن لا ينفرد بالإعداد للتفاوض من سيقوم بالتفاوض الفعلي، وإنما هي عملية أوسع وأكبر من ذلك، حيث يشارك فيها أفراد وأجهزة أخرى في المنظمة حسب الحاجة، وحسب العطاء الذى يمكن أن يضيفه كل طرف لرفع كفاءة الاعداد.