(لكي نحقق السعادة، يجب أن نتأكد من أن يكون لدينا دائمًا هدف مهم)
إيرل نايتنجال
بعض الناس يعرفون هدفهم في سن مبكر جدًا، وهناك من الناس من يستغرق أعوامًا وأعوامًا ليكتشف هدفه، وهذا حال الغالبية العظمى من الناس، ولا يزال أمام هؤلاء الكثير ليكتشفوه عن أنفسهم، وهم يحاولون أن يحددوا طريقهم في وسط هذا الخضم الهائل من المهارات، والميول، والطموحات، والمخاوف.
هناك تدريب كنا نجربه لعشرات السنين في جلسات التدريب على بناء الفريق، وقد أثبت أنه أداة فعالة لاكتشاف أهداف ودوافع الأفراد، وهذا التدريب في جوهره عبارة عن استثارة الخيال لتصور أحد المواقف الحرجة، فحاول مثلًا أن تتصور نفسك في موقف صارت الحياة فيه مقتصرة على الأساسيات، الطعام والشراب والمأوى التي تعين على مجرد البقاء.
أو تخيل أنك على متن سفينة تلاطمتها الأمواج، حتى ضلت طريقها وانتهى بك الأمر إلى أن وجدت نفسك على جزيرة معزولة، أو أنك في بعثة استكشافية برية، وفقدت الاتصال بمقر المعسكر، أو تخيل أنك أحد الناجين من زلزال ما، إن المهم هو أن تتصور أن مواردك محدودة، وأن عليك أن تحل مشكلة إقرار وتوطين الناس، أو وضع خطة عمل، أو الاهتداء إلى طريقة لإعادة الناس إلى أسرهم وديارهم.
تصور أنك واحد من خمسة وعشرين ناجيًا، وليست هناك أدوار محددة لأي منكم، بل الأمر متروك لكل واحد منكم؛ ليقرر مهامه الخاصة والجماعية اللازمة للعودة إلى بيوتكم وأسركم، وليس معك في هذا الوقت إلا كمية معينة من الماء، وبعض الإمدادات الأخرى التي تسد رمقك لحين الانتهاء من وضع خطتك، وفائدة هذا التدريب أنه يساعد الناس على رؤية ما سيفعلونه تلقائيًا عند افتقادهم لوسائل الترفيه والراحة، الموجودة في حياتنا الحديثة.
وهنا حاول أن تسأل نفسك: ما هو الدور الذي ستلعبه؟ وأي تصرف ستفضل اتخاذه في مثل هذا الموقف؟ هل ستنظم وتخطط؟ هل ستتراجع، أم ستهُب لنجدة الآخرين؟ هل ستركز على معرفة قدرات الأشخاص الذين معك، وتقسمهم إلى فرق، أم أنك ستتصرف وكأن كل فرد مسؤول عن نفسه؟ هل سيكون اهتمامك منصبًا على البحث عن الإمدادات والمأوى والملبس، وتوفيرها لنفسك، أم أنك ستهتم أولًا بتوفير الغذاء للآخرين؟ هل ستسارع للبحث عن الجرحى؟
تقول د. شيري كارتر: (لقد وجدت ردودًا عديدة ومتنوعة، عند إجراء هذا التمرين، فرأيت بعض الناس يميلون إلى تولي المسؤولية، وبعضهم يفضل تقديم العون والمساعدة، ورأيت فئة تود المساهمة في تنظيم توزيع الإمدادات، وفئة تتطوع بتقييم ورصد العوامل الجغرافية والمناخية والطبيعية، وأخرى تبحث عن طرق للإتصال بالعالم الخارجي.
كما وجدت أن بعضًا منهم يهتم في المقام الأول بقضية توفير الأمان، بينما ينصب اهتمام جماعة أخرى على تهدئة الناجين ومداواتهم والعناية بهم، ورأيت أن هناك أيضًا فئة تركز على توفير المأوى والوقاية الصحية، وأخرى تهتم بحماية هؤلاء الأشخاص من المحتالين، الذين يترقبون هذه المواقف.
وقال شخص آخر، بأنه كان سيسارع إلى مساعدة كل فرد على استعادة التوافق والتوازن العاطفي، والتغلب على الخوف والقلق الناتج عن ابتعادهم عن أسرهم وأصدقائهم، وبعد أداء هذا التدريب بفترة قصيرة، عاد هذا الرجل إلى الدراسة بالكلية مرة أخرى للحصول على درجة الماجيستير في علم الإجتماع الإكلينيكي؛ حيث إن من فوائد هذا التدريب، أنه يساعد الناس على العودة إلى المباديء الأساسية، وربطهم بأهدافهم الرئيسية، فانظر ماذا ستكون ميولك؟
ماذا كنت ستفعل؟ وأي دور كنت ستنجذب إليه؟ وأي نشاط كنت ستقوم به تلقائيًا؟ وما هي المهمة التي تعد لها العدة؟ وإلامَ سينصرف اهتمامك الأول؟ لو استطعت أن تتخيل نفسك في مثل تلك الظروف، وأن تجيب على تلك الأسئلة، فغالبًا ما ستخرج ببعض الإشارات التي تبرز ميولك الحقيقية.