يمكن أن تبدأ في تحديد معنى النجاح، بأن تعزل أولًا المقاييس المستحدثة الشائعة في الوسط الذي تعيش فيه، وتقوم بفحصها لتقرر ما إذا كانت تتوافق مع طموحاتك أم لا، فعلو الشأن، والنفوذ، والوصول لأعلى المناصب، والزواج الطبيعي، هي المقاييس الظاهرة لما يعتبره المجتمع بصورة عامة علامات النجاح، وربما كان سبب ذلك هو أن هذه المقاييس هي أكثر الأشياء جاذبية لمعظم الناس على المستوى العالمي.
ومع ذلك فالناس غالبًا يسيرون وراء المظاهر والأهداف الشائعة والمنتشرة، دون معرفة السبب، وربما لأنهم أصبحوا أسرى عادة "محاكاة الآخرين وتقليدهم"، ولكن لو سعيت للنجاح كنوع من الإنحياز لقيمك المتوغلة في أعماقك، بحيث يكون هدفك تحقيق ما تؤمن به من حقائق، فأنت تحترم وجودك هنا على ظهر الأرض كوجود مؤثر وذي معنى.
والآن ... ماذا بعد الكلام؟
(سوف تصبح رؤيتك واضحة فقط، عندما تمعن النظر في أعماق ذاتك؛ فمن ينظرون خارج حدود ذاتهم يحلمون، أما من ينظرون داخلها فيستيقظون لتحقيق الحلم).
كارل يونج
ابدأ في صياغة رؤيتك الشخصية، من خلال الإجابة على الجمل الآتية:
  1. الشخصيات الناجحة من وجهة نظري هي ..........
  2. أشعر بالنجاح عندما .........
  3. علامات النجاح عندي هي .........
  4. سوف أشعر بأنني شخص ناجح عندما .........
  5. لو كتبت نعيًا مثاليًا لي يقوم على اعتبار أن حياتي كانت ناجحة، فسوف يكون نصه كالتالي: .........
وعلى سبيل المثال: قد تكون إجابتك على الجملة الأولى، عبارة عن سرد لأسماء هؤلاء الأشخاص، الذين تعرفهم معرفة شخصية وتراهم على أنهم ناجحون كرئيس شركتك، أو أعضاء ناديك، أو ربما تذكر أشخاصًا لا تعرفهم معرفة شخصية، ولكنك تعجب بهم من بعيد مثل أحد لاعبي القوى البارعين، أو أحد كبار رجال الأعمال، أو أحد الصحفيين المحترمين، وبالتعرف على النماذج المثالية التي تراها، يمكنك أن تعرف من تُعجب بهم، وتحدد الصفات والأنماط السلوكية التي اخترتها لتحاكيها.
وللإجابة على الجملة الثانية وهي: (أشعر بالنجاح عندما: ........)، فأنت تستجمع اللحظات التي مرت عليك في حياتك، وشعرت فيها بالرضا الحقيقي عن نفسك، فهل لحظات النجاح عندك هي التي أنجزت فيها شيئًا ما؟ أو التي تلقيت فيها ثناء من الآخرين؟ أم تلك التي استطعت فيها أن يكون لك تأثير على حياة الآخرين؟ ما الشيء الذي يمنحك إحساسًا بأنك تشبع طاقاتك الكامنة؟ معرفة الإجابة على هذا السؤال، ستوضح لك غالبًا السبيل الذي سيقودك إلى النجاح.
أما إكمال الجملة الثالثة، سوف يعينك على أن ترى النتائج المحسوسة، التي ترغب في ظهورها في حياتك، ولتكن دقيقًا ومحددًا قدر الإمكان؛ لأن إجاباتك سوف تدل على نمط الحياة، الذي يتوافق مع رؤيتك الشخصية الشاملة للنجاح.
وسيتيح لك إكمال الجملة الرابعة، الفرص لتعيش في تجربة مع طموحاتك المستقبلية لترى كيف سيكون شعورك نحوها، وستجد أن هناك شيئًا قويًا ومؤثرًا في تصدير كل رغبة من رغباتك بكلمة "إنني".
وأخيرًا فإن السؤال الخامس، على الرغم من أنه يوحي بالكآبة والحزن، فإنه في الحقيقة واحد من أكثر التدريبات أهمية وإثارة، وكثيرًا من الناس يتقاعسون عن القيام بهذا التدريب؛ لأنه يواجههم بحقيقة فنائهم، ولقد اكتشفت أنه على العكس من ذلك عندما تبحث أمر حياتك القادمة، فمن الممكن أن تصارح نفسك بما تريد إنجازه على مدار حياتك.
وربما يكون من الصعب إلى حد ما أن تكتب أحلامًا كبرى؛ لأنها قد تبدو شديدة الطموح أو مبالغًا فيها، ولكنك إن لم تعط لنفسك الفرصة لتتخيل الحياة المثالية التي ترغبها، فلن تستطيع اتخاذ أية خطوة نحو تحقيقها، وبهذا فإن فكرة تخيل المرء نفسه، وهو في آخر حياته ينظر إلى ما قدم فيها، تعد عنصرًا مساعدًا سيعينه على وضع خطط تفصيلية لإنجاز ما يصبو إليه في حياته.