(خططنا تفشل؛ لأنها تفتقر إلى الهدف، فعندما لا يعرف الإنسان إلى أي ميناء يذهب، فلا رياح مواتية بالنسبة له).
سينيكا
إن أحلامك هي التي تشق طريقك إلى إرضاء الذات، بينما تمهد قدراتك ومواهبك هذا الطريق، أما عزيمتك فهي التي تمده وتقويه، وأما ما يدفعك قدمًا فهي أهدافك التي حددتها على طول طريقك، إذ إن كل هدف يعد علامة ودليلًا على النقطة التي ستتوقف عندها في رحلتك نحو إرضاء ذاتك.
فالهدف عبارة عن طريق لتحديد اتجاهك، إنه النقطة القادمة التي تحددها وأنت لا تزال تخطو الخطوة الحالية، وهناك رباط غير مرئي بين موقفك الذي أنت عليه الآن، وبين النقطة التي تريد الانتقال إليها، وعندما تتطلع وتتعرف على النقطة التي ستنتقل إليها، فأنت بذلك تحدد هذا الرباط وتظهره، ويعد تطلعك لتحقيق أهدافك هو السبب في إيجاد حالة من الحماس الشديد؛ مما يقودك نحو إدراك تلك الأهداف.
والمعروف أننا جميعًا لدينا أحلام، وهي الأشياء التي نريد إنجازها وتحقيقها أو نريد الحصول عليها، والصور التي نرسمها في مخيلتنا لحياتنا، ولكي نحول هذه الأحلام إلى واقع فلابد من صياغتها في شكل أهداف واقعية، ولو فعلت ذلك قد تكون قد بدأت في رسم طريق سيأخذك إلى أكبر أحلامك ويحولها إلى واقع.
ما هي أهدافك المستقبلية؟
لم يخلق الله سبحانه وتعالى السماوات والأرض عبثًا، (وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين) [الأنبياء: 16].
كما أنه سبحانه لم يخلقنا فيها بلا هدف فقال جل من قائل: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) [الذاريات: 56]، ما دام الأمر كذلك، فما هو هدفك أنت من الحياة؟ وماذا تريد من هذه الدنيا؟
إذا كنت لا تدري ماذا تريد في هذه الدنيا، فإنك لن تشعر بأهمية أي شيء، سيبدو كل شيء في عينيك بلا معنى، وسترى كل الألوان من حولك باهتة، ولا أستغرب لو شعرت ببعض أعراض الاكتئاب.
يقول المثل الصيني: (إذا كنت لا تعرف إلى أين تذهب فكل الطرق تؤدي إلى هناك)، أي أن من لا هدف له في الحياة، كمن يسير تائهًا لا يعرف طريقًا معينًا يمشي فيه؛ لذلك فإنه يجب أن يكون أول ما تفعله، هو أن تخلق لنفسك أحلامًا، تقوم بتحويلها لاحقًا إلى أهداف، ومع ذلك فإنه لا فائدة من الأهداف، إذا لم نستفد منها للعمل على تحسين أحوالنا في الحياة، وتوجيهنا للسير في المسار الصحيح الذي ينفعنا في دنيانا وأخرانا.
ومهما تكن أهدافنا في الدنيا، فيجب أن لا تكون بمعزلٍ عن الآخرة، كما قال تعالى: (وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) [الأنعام: 153]، بل إن الأصل في أعمالنا الدنيوية، هو عبادة الله تعالى كما يقول في كتابه العظيم: (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا) [القصص: 77].