وعظمة الجوهر تعني أنك شخصية قيمية تبني حياتها على أسس من القيم الراسخة مثل العدل والتسامح والصدق والأمانة والحب، بمثل هذه القيم ستصبح عظيمًا في جوهرك وعندما تحصل الوسائل والأدوات (عظمة المظهر) ستستخدمها في الخير وتصبح شخصية فعالة حقًّا.
إن العظمة الحقيقية تكمن في عظمة الداخل، في قيمك ومبادئك التي تصبغ حياتك كلها، وليست ـ كما يظن البعض ـ أنها فيما تملك من شهادات أو تكتسب من مهارات، فالفاعلية بكل ما لها من أهمية تنبع من داخلك، إنها في اتساقك مع ذاتك وقيمك ومبادئك، ويخطئ الكثيرون حين يركزون على اكتساب المهارات وحيازة الشهادات، وفي غمار انشغالهم بتلك الأمور ينسون القيم والمبادئ.
ولا يظن واهم أننا ننقص من قدر المهارات أو نقلل من شأن الشهادات، وهذا غير صحيح، فلا يستطيع أحد أن يغفل أهمية هذه الوسائل لبناء نهضة الأمة وصناعة الحياة، ولكنها بمثابة الجسد، لا يغني شيئًا دون وجود الروح بداخله، والروح هو الجوهر الذي بداخلك.
وحتى يتضح لك الفرق بين عظمة الجوهر وعظمة المظهر، فتصور شخصًا قد حاز مهارات الاتصال مع الناس، واشترك في عشرات الدورات التي تتحدث عن الإقناع والإنصات الفعال، وتكوين العلاقات والحديث الشيق، وغير ذلك من المهارات.
المفترض أن هذا الشخص سيكون خبيرًا في العلاقات الإنسانية والتأثير على الآخرين، ولكن مهلاً فهذا هو المظهر.
فلو كان ذلك الخبير حريصًا على منفعته فحسب، واستخدم تلك المهارات في خداع الناس، واستغلالهم من أجل مصالحه، ونسي المبادئ والقيم وصار شعاره في الحياة: (أفوز أنا ويخسـر الآخرون)، فهل تظن أن ذلك الرجل سينجح في علاقاته مع الآخرين؟!
كلا وألف كلا، فقد ينجح في خداع الناس بعض الوقت، وقد ينجح في خداع بعض الناس كل الوقت، ولكنه لن ينجح أبدًا في خداع كل الناس كل الوقت.
وعلى النقيض من ذلك، تصور شخصًا آخر، لم يتقن جميع مهارات الاتصال، ولكن يسعى في تحصيل ذلك، حديثه بسيط، أحيانًا قد يقاطع الآخرين أثناء حديثهم وهو لا يدري أن هذا خطأ، ولكنه يملك قلبًا يحب الجميع وبكل الصدق يتمنى لهم الخير، ويحرص على قضاء حوائجهم، شعاره: (أفوز أنا وتفوز أنت)، هل تظن أن ذلك الشخص سينجح في علاقته بالآخرين حتى ولو أخطأ بعض الأخطاء؟! بالتأكيد سينجح بإذن الله.