لا يشغل فئة من السعوديين في هذه الأيام مثل ما يشغلهم تحطم أملهم على صخور مسؤولين يتحدثون من أبراج شامخة. فواحدة من أهم قضايا المجتمع في هذه الأيام تتناول برنامج ''حافز''. هذا النظام الذي أراد له خادم الحرمين الشريفين أن يكون معينا لأبنائه وبناته ممن لم تتوافر لهم الفرص السانحة للعمل، حتى تتيسر لهم وظائف تناسبهم. لكن أول الإخفاقات جاءت من تسميته ''حافز''، فهل هو حافز على البطالة، أم يفترض أن يكون محاربا لها؟

كنت أتمنى على القائمين على البرنامج أن يبدعوا في البحث عن فرص مناسبة وبدائل للشباب والشابات، حتى يخرجوا من الصندوق الذي حصروا أنفسهم به، ويبدأوا التفكير في صنع فرص عملهم بأيديهم. لا أن يتفنن القائمون على البرنامج من مكاتبهم في سرد الشروط التعجيزية، والنتيجة تكون نماذج من الوظائف لا تراعي التأهيل والقدرات، كالوظيفة التي عرضت على فتاة متخصصة في الخياطة ''كمغسلة موتى'' كما نشرت (الحياة، 26 نوفمبر 2011). لا نحتقر هذه الوظيفة ومن يقوم بها، ولكن هل أفصح المسؤولون عن اشتراطاتهم لشغل مثل هذه الوظائف؟ أعني هل يشترط لها بكالوريوس من كليات تربوية، أو كليات علمية، فالشروط هنا لم توضح للناس حتى لا يصدموا؟

في سوق عمل تستوعب من العمالة الأجنبية ما يزيد على ثمانية ملايين عامل وعاملة، نعجز عن توفير مليوني فرصة عمل لمن لا يجدون لهم فرصا للعمل. من أهم البدائل والتي دعونا لها سابقا، نشر ثقافة العمل الجزئي لاكتساب الخبرة، والخروج من محيط الاتكالية في التعليم والتوظيف. وفرض رسوم واستحقاقات على الأموال المهاجرة تكون رافدا لتدريب وتهيئة أبنائنا وبناتنا للعمل في السوق المحلية.

إنشاء قنوات التمويل والدعم الخاصة التي تساعد الشباب في بدء مشاريعهم الإنتاجية والخدمية والتي ستكون رافدا ــ بعون الله تعالى ــ لإيجاد فرص العمل، ولتوسيع قاعدة الاقتصاد المنتجة. إضافة إلى توجيه هذه المشاريع الصغيرة إلى محيط المدن والقرى حتى نعالج قضايا التكدس السكاني. فالبرامج المساندة لحافز لن تغطي كل مدن المملكة وقراها.

قصة وقفت عليها بنفسي لشابة حاصلة على بكالوريوس تربوي ولم تجد لها فرصة للعمل، وظروف إقامتها وتعليمها تحتم عليها أن تلتحق بمجال معين من العمل، عرض ذووها أن يدفعوا راتبها مقابل أن تقبل بها إحدى المدارس الحكومية أو الأهلية للعمل بأي وظيفية تتناسب مع إمكاناتها. ومع ذلك المدارس الخاصة تتهرب، مع أن عدد الوافدات بها قد يفوق المواطنات، والمدارس الحكومية ومندوبية التعليم من هول الصدمة لم يردا إلى حينه.

ختاما .. البطالة ومعالجتها ليست بيد الدولة وحدها، فالجميع يشترك في إيجاد الحلول، الشركات العاملة في المملكة يجب أن تخصص جزءا من مخصصاتها بدلا من الظهور الإعلامي في خدمة المجتمع وخلق فرص العمل لأبنائه. والشباب عليهم أن يتحرروا من قيود المجتمع، والبحث عن وظائف خارجة عن النمط المعتاد لقرنائهم، وهنا سيخلقون فرص عملهم بأيديهم ويتميزون.

*نقلا عن صحيفة الاقتصادية السعودية.