تغيرت خصائص ونوعية العمالة المطلوبة في ظل ظروف المنافسة العالمية حتى أصبحت المنظمات والشركات تتطلب نوعية جديدة من المديرين تتوافر فيهم قدرات ومهارات إدارية عالية في وضع استراتيجيات وسياسات العمل وإجراءات التنفيذ والتحليل والتخطيط وتحقيق الجودة الشاملة وفي مهارات وقدرات التطوير التنظيمي وإدارة التغيير ومن ثم سرعة الانتقال إلى الأسواق العالمية والاستجابة لرغبات العملاء بالإضافة إلى القدرات الخاصة بفهم العنصر البشري والنواحي الإنسانية المرتبطة به والتحليل الجيد لمتغيرات البيئة وقبول التغيير والابتكار. وبالنسبة للعمالة أصبح الأمر يتطلب نوعية من قوى العمل تتميز بالخبرة والمعرفة وتستخدم مهاراتها وقدراتها بصفة رئيسية ويجيدون مهارات الكمبيوتر والرياضيات واللغات.ادى الامر الى اللجوء الى عمالة متعددة الجنسية Today's Labor Diversity ذات خلفيات وحضارات مختلفة مما يستتبع تداخل القيم واختلاف العادات والتغيير الديموجرافي وبالتالي التغيير في تركيبة قوى العمل وفي السلوك والمواقف وبرامج التدريب وتغيير علاقات التوظف وانعكاسات كل ذلك على أساليب الادارة ومناخ العمل وطرق تعيين العمالة، والنظر خارج النطاق التقليدي للعرض والطلب على العمالة المحلية والموازنة بين مميزاتها و نظيرها من العمالة الأجنبية. برزت ايضاً العمالة التى تعمل في فرق عمل ذاتية الإدارة مما يساعد على تعظيم قيم المشاركة والانخراط في العمل من جانب وزيادة الإنتاجية والجودة والاقتصاد في التكاليف من جانب آخر، وتملك اختيار وتعيين الأعضاء داخل الفريق لتحقيق التوافق في الثقافة والخلفية ومزايا العمل الجماعي والقدرة على التفاعل مما يستتبع تعديل في نظم التوظف والاختيار والتعيين حتى تعتمد المنظمة على أساس نظام فرق العمل، كذلك مع تطبيق نظام فرق العمل ذاتية الإدارة وقدرة أعضاء الفريق على أداء كل الأعمال والمهام المكلف بها الفريق أصبح الأمر يتطلب توصيف لمهام الفريق وليس توصيفاً لوظيفة كل عضو حتى تتمكن من أداء الوظائف الأخرى إذا اقتضت الحاجة.
بطبيعة الحال ظهرت تخصصات جديدة نتيجة للتطورات التكنولوجيا فتغيرت فرص ومجالات ومهارات العمالة ومن ثم ارتفع مستوى التعليم والمعرفة للفرد العادي و تغير الطلب على العمل فظهرت العمالة المستنيرة الواعية المطورة Knowledge Workers وأخذت تحل محل العمالة العادية لتميزها بالقدرة على التطوير والابتكار، والتفكير المسبق والنظرة المستقبلية التي تسهم بمعرفتها في تنمية حقول المعرفة، فاصبحت تمثل قوى عمل تتكون أساساً من خبراء متخصصين تحكمهم السيطرة على أعمالهم بأنفسهم دون الرجوع للأوامر المباشرة، عمالة لديها السيطرة على العمل وتحاسب في النهاية على الإنجاز، عمالة تتحمل مسئولية كبيرة في الانضباط الذاتي والمحافظة على العلاقات المتبادلة، عمالة تحتاج إلى نظم جديدة في الإدارة والتعامل معها، ونظم جديدة للتحفيز المعنوي وخاصة الخبراء والمتخصصين منهم،
هذه هي النوعية المطلوبة في الفترات القادمة وليست العمالة العادية Ordinary Workers واعتبار ذلك من أساسيات الوظيفة، فالعصر الذي نعيش فيه عصر المعلومات Information/Knowledge Worker Age عصر ما بعد الصناعة وعصر العمالة المطورة المبتكرة، وفي هذا الصدد يقول Peter Drucker في كتابه تحديات الإدارة في القرن الحادي والعشرين أن أهم ما تحتاج الشركات إلى عمله في القرن الحادي والعشرين هو العمالة المطورة وأن نزيد إنتاجيتها وأن أهم الأصول سواء في منظمات الأعمال أو في المنظمات الخدمية غير الربحية في القرن القادم هو عمالتها المطورة وإنتاجيتها.
هذه العمالة Knowledge Worker هي التي تغذي الإدارة بآراء ونظريات تساعد على تحسين عملية الإنتاج وهي التي تؤدي عملها في وحدات الإنتاج وتساهم في تحسين مستويات الإنتاج بشكل دائم، يتبع كل ذلك كيفية تعامل الإدارة مع هذه العمالة صاحبة المعرفة وكيف تقودها وكيف تحفزها وكيف تزيد إنتاجيتها، لم تتطرق البحوث إلى إنتاجية المعرفة حيث تركزت سابقاً وما زالت في مجال إنتاجية العمالة اليدوية Manual workers and not knowledge workers
سوف يتطلب الأمر استراتيجيات وسياسات جديدة لإدارة الموارد البشرية تقوم على مفاهيم إدارية جديدة مختلفة، افتراضات جديدة عن كيفية استثارة رغبات وكيفية تحفيز هذه العمالة المستنيرة ذات المعرفة بهدف تعظيم وزيادة إنتاجيتها.
فمثلاً منح المزيد من الحوافز يزيد الإنتاجية وهذا أمر متفق عليه حتى مرحلة التشبع، ثم ما هي الحوافز الجديدة بعد ذلك بعد تطبيق التحفيز المادي والمعنوي بصوره المختلفة وإثراء العمل وتكوين جماعات العمل المستقلة والراحات المدفوعة وتمكين العاملين بصوره المختلفة وتفويض السلطات وساعات العمل المرنة ووقت العمل المرن، ما هي الحوافز التي يمكن أن تقدم بعد مرحلة التشبع وفي أي صورة وما أشكالها وهل التمادي في منحها سوف يؤدي فعلاً إلى زيادة الإنتاجية ؟.و النتيجة غير واضحة حتى هذه اللحظة
خلاصة القول أننا أصبحنا أمام عمالة وقوى بشرية مختلفة تحتاج إلى أنماط إدارية وأساليب قيادية مختلفة تختلف في مجالات الاتصالات والتعاملات والتحفيز والرقابة وتحديد المسارات الوظيفية وهو ما يتطلب بالضرورة إدارة استراتيجية جديدة للموارد البشرية.