ضمن الخطوات العديدة الطموحة، التي اتخذتها الحكومة السعودية أخيرا، للقضاء على البطالة في المملكة بين الجنسين، إقرارها البرنامج الوطني لإعانة الباحثين عن العمل ''حافز''، الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - لدعم الباحثين عن العمل؛ بغية تعزيز فرص حصولهم على وظائف مناسبة، التي تكفل لهم حياة كريمة، وتمكنهم في الوقت نفسه من الإسهام بفاعلية في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها المملكة.

من بين أحد أهداف برنامج ''حافز'' الرئيسة، دعم وتحفيز الجادين في البحث عن عمل خلال فترة بحثهم عن العمل، من خلال صرف إعانة مالية شهرية لهم، وفقا لضوابط استحقاق يحددها المجلس الاقتصادي الأعلى، وتبعا لذلك فإن استمرار الحصول على هذه الإعانة من عدمه، سيكون أمرا مرهونا بمدى جدية الباحث عن العمل، واستمراره ومواصلته في البحث بشكل جاد عن العمل؛ لكون أن الهدف الأساسي من هذه الإعانة المالية، هو مساعدة الباحث في الحصول على وظيفة دائمة ومناسبة، وليس الركون للإعانة كمصدر لدخل ثابت.

من بين أحد أهداف البرنامج الرئيسة أيضا، توفير برامج تدريب وتأهيل للباحثين عن عمل خلال فترة استحقاقهم؛ وذلك بهدف دعم وزيادة فرص حصولهم على الوظيفة المناسبة التي تلبي تطلعاتهم وطموحاتهم.

شروط البرنامج الأساسية لحصول الباحث عن العمل على إعانة مالية خلال فترة بحثه عن العمل، الاستمرار في البحث بجدية عن العمل، وتحديث معلوماته بشكل دوري ومنتظم، إما عن طريق الموقع الإلكتروني المخصص للبرنامج www.hafiz.gov.sa أو عن طريق إرسال رسائل نصية من الجوال على الرقم 500200، إضافة إلى إكمال الدورات التأهيلية والتدريبية، التي يتم توفيرها للمستحقين للإعانة.

جدير بالذكر أن صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف)، هو الجهة التي أسند إليها إدارة برنامج ''حافز''، حيث قد بدأ في شباط (فبراير) من العام الجاري، تنفيذ المرحلة الأولي من البرنامج، والتي استهدفت حصر أعداد الباحثين عن العمل، في حين قد بدأ تنفيذ المرحلة الثانية من البرنامج في أيلول (سبتمبر) من العام نفسه، والتي خصصت لتقييم بيانات المسجلين من خلال التعرف على مؤهلات ومهارات وخبرات المسجلين، إضافة إلى معلوماتهم الشخصية؛ ليتمكن فريق البرنامج من المواءمة بين المسجلين في البرنامج والوظائف المتاحة في سوق العمل، إضافة إلى تنظيم الدورات التدريبية والتأهيلية اللازمة لهم وفق احتياجات سوق العمل في المملكة. كما تجدر الإشارة أيضا إلى أن استكمال المسجلين لبياناتهم خلال المرحلة الثانية، لا يعني بالضرورة استحقاقهم لإعانة البرنامج، حيث سيقوم ''هدف'' في وقت لاحق بالإعلان عن شروط الاستحقاق والضوابط والآليات الخاصة البرنامج بعد إقرارها من قبل المقام السامي، باعتبار أن الإعانة المالية، التي سيقدمها البرنامج، ستمنح فقط للمؤهلين والمستحقين من الذين تنطبق عليهم شروط استحقاق البرنامج.

يتوقع لبرنامج ''حافز''، أن يحدث نقلة نوعية في سوق العمل، باعتبار أن أحد أهدافه الرئيسة، توفير فرص عمل متكافئة وجاذبة لجميع الباحثين عـن العمل (من الجنسين)، بما في ذلك الرفع من مستوى تدريبهم وتأهيلهم، حيث يصبحون مؤهلين تأهيلا ملائما ومناسبا لاحتياجات السوق، الأمر الذي سيتحقق عنه تحسين بيئة العمل في السعودية، لتكون بيئة جاذبة للمواطنين الجدد الداخلين إلى السوق.

لعل ما يميز برنامج ''حافز'' عن غيره من بقية برامج السعودة والتوطين، قدرته الفائقة على ترجمة أهداف الاستراتيجية الوطنية للسعودة وتوطين الوظائف، التي تستهدف إحلال العمالة الوطنية مكان العمالة الوافدة، بأسلوب يحقق المواءمة بين احتياجات سوق العمل ومستويات التأهيل والتدريب المطلوبة للسوق، والذي بدوره سيسهم في تحسين بيئة سوق العمل.

كما يتوقع لبرنامج ''حافز'' أن يسهم بفاعلية في تخفيض معدل البطالة بين المواطنين في السعودية، إضافة إلى التحسين من المهارات المتوافرة في السوق، وبالذات وأن سوق العمل في السعودية ظل يعاني لفترة طويلة من الزمن، نقصا شديدا في المهارات، وكما تشير الإحصائيات إلى أن نحو 15 في المائة من العاملين في القطاع الخاص فقط هم من العمالة المهرة، فضلا عن مشكلة تدني الإنتاجية في ظل الدعوة لتحقيق نسب عالية من السعودة دون النظر إلى أهمية التأهيل والتدريب التي تلبي احتياجات سوق العمل.

أخيراً وليس آخراً يتوقع لبرنامج ''حافز''، أن يحسّن بشكل كبير جدا من مستوى قاعدة المعلومات والبيانات الخاصة بالعاملين في سوق العمل، وبالذات بالنسبة للباحثين الجدد عن فرص عمل، ولا سيما أن من أبرز معوقات السعودة وتوطين الوظائف عدم توافر بيانات دقيقة عن الباحثين عن فرص عمل ومطابقة هذه البيانات مع احتياجات سوق العمل لتلك الوظائف.

خلاصة القول، إن البرنامج الوطني لإعانة الباحثين عن العمل ''حافز''، يعد نموذجا فريدا على مستوى المنطقة العربية لمعالجة البطالة في السعودية، من خلال صرف إعانة للباحثين الجادين عن عمل خلال فترة بحثهم، إضافة إلى توفير برامج تدريب وتأهيل للباحثين عن عمل خلال فترة استحقاقهم؛ بهدف دعم وزيادة فرص حصولهم على الوظيفة المناسبة، التي تلبي تطلعاتهم وطموحاتهم.

يتوقع لبرنامج ''حافز''، أن يحدث نقلة نوعية في سوق العمل، باعتبار أن أحد أهداف البرنامج الرئيسة، التركيز على تحسين مدخلات السوق من خلال تأهيل وتدريب الباحثين عن عمل قبل دخولهم إلى السوق، إضافة إلى مساهمته المتوقعة في التحسين من مستوى البيانات والمعلومات الخاصة بالسوق؛ الأمر الذي سيعمل في نهاية المطاف على التحسين من بيئة العمل السعودية بشكل عام، وبيئة السوق بشكل خاص، وسيعود بشمولية النفع على الاقتصاد السعودي وعلى سوق العمل وعلى الداخلين الجدد إلى السوق من الجنسين، والله من وراء القصد.

*نقلا عن صحيفة الاقتصادية السعودية.