انطلاقًا من أهمية سلوك المواطنة التنظيمية في حياة المنظمات، وبحثًا عن أهم الأسباب التي تقف خلف ظهور أو اختفاء هذا السلوك، عكف الكثير من الباحثين على إجراء العديد من الدراسات بقصد إيجاد تفسير لهذه الظاهرة، حيث أن سلوك المواطنة التنظيمية سلوك تطوعي، فهو يرتبط بعلاقة مباشرة أو غير مباشرة مع مجموعة من المحددات الأساسية، وهي:
  1. الرضا الوظيفي:
نظرًا لأهمية الرضا الوظيفي، تم دراسة علاقته مع مفهوم المواطنة التنظيمية، ويقصد بالرضا الوظيفي إجمالًا، الحالة العاطفية الإيجابية الناتجة عن تقييم الفرد لعمله، سواء فيما يتعلق بالمزايا التي يحصل عليها، أو أسلوب القيادة، أو زملاء العمل، أو المناخ العام ... إلخ.
وفي ضوء هذا التعريف، أجريت العديد من الدراسات الميدانية للكشف عن العلاقة بين الرضا وسلوك المواطنة التنظيمية، وخرجت معظم هذه الدراسات بنتيجة مفادها أن هناك علاقة إيجابية معنوية بين هذين المتغيرين، وأكدت هذه الدراسات على أن الرضا الوظيفي يعد أكبر محدد لسلوك المواطنة التنظيمية.
  1. الإلتزام الوظيفي:
هناك بعض الدراسات، وجدت علاقة إيجابية قوية بين الإلتزام الوظيفي وسلوك المواطنة التنظيمية، وهناك دراسات توصلت إلى أنه لا توجد علاقة بينهما، لكن يُرجع البعض سبب هذا التناقض إلى عدم الأخذ بعين الإعتبار، وجود متغيرات أخرى محددة لسلوك المواطنة التنظيمية، مثل الرضا والعدالة التنظيمية، حيث تم تأكيد هذا الطرح في دراسات وجدت أن هناك علاقة بين الإلتزام وسلوك الموطنة، عندما تم التحكم في متغيري الرضا الوظيفي والعدالة التنظيمية.
  1. العدالة التنظيمية:
يتكون هذا المفهوم من ثلاثة أبعاد رئيسية: عدالة التوزيع، وعدالة الإجراءات، وعدالة التعاملات، وهذه الأبعاد تبقى مترابطة ومتداخلة، وتؤدي في النهاية إلى مدى إحساس الموظفين بالعدالة التنظيمية في منظمة العمل.
وفي هذا الصدد كشفت العديد من الدراسات، أن العدالة التنظيمية تؤثر إيجابيًا في مكونات سلوك المواطنة التنظيمية؛ وذلك لأن إحساس الموظفين بالمساواة والإنصاف سواء فيما يتعلق بعدالة الإجراءات، أو التوزيع، أو التعاملات تولد لديه الشعور بالمسؤولية اتجاه المنظمة، وبالتالي الإنخراط في الكثير من الممارسات التطوعية غير الرسمية، أو سلوك المواطنة التنظيمية.
  1. القيادة الإدارية:
كشفت بعض الدراسات، عن وجود علاقة قوية بين القيادة التحولية وسلوك المواطنة التنظيمية، على اعتبار أن القائد التحولي يعمل دومًا على تحفيز موظفيه، للقيام بأكثر مما هو متوقع منهم، عن طريق العمل كقدوة لهم، والإهتمام بحاجاتهم وتقديمها على حاجاته الشخصية، مما يعظم من مستوى ثقة مرؤوسيه فيه؛ لأن أقواله دائمًا تنسجم مع أفعاله، وفي هذا الخصوص وجد أن الموظف يقوم بممارسات تطوعية، عندما يكون مستوى ثقته برئيسه عالية، والعكس صحيح.
  1. الدوافع الذاتية:
يقصد بالدوافع الذاتية حاجات الفرد الداخلية للإنجاز وتحقيق الذات، والتي تعمل على تحريك السلوك والعمليات النفسية.
وفي هذا الصدد يمكن القول أن الموظف الذي يمتع بالدوافع الذاتية، يكون ميالًا أكثر من غيره إلى ممارسة سلوك المواطنة التنظيمية؛ وذلك لأنها تساهم في إشباع حاجاته الداخلية المتمثلة بالإنجاز، وتحقيق الذات.
  1. الثقافة التنظيمية:
إن تأثير الثقافة التنظيمية على سلوك المواطنة التنظيمية، يأتي من خلال مدى تشجيعها، أو رفضها لمثل هذا النوع من السلوك، فإذا كان السائد في المنظمة أن يمارس الموظفون أنماطًا من السلوكيات التطوعية، ويشجعون على القيام بذلك، فإن جميع أفراد المنظمة سيتأثرون بذلك، وسينعكس ذلك على سلوكهم وأفعالهم، والعكس صحيح.