علىخلفية اعلان وزير الاقتصاد السوري تعديل الخطة الخمسية الحادية عشرة
التنمية؟؟؟؟
نظرات– اوهام – اختلافات – مقترحات
عبدالرحمن تيشوري
تقديم
لعل من اكبرمفارقات هذا العصر ان التنمية اصبحت سيئة السمعة الي حد كبيربحيث صار يصح القول انالتنمية كلمة حق يراد بها باطل لان مخططي التنمية في سورية وعدوا كل فرد بعربةمرسيدس وعلى الاقل بعربة داسيا ثم تبين انهم لم يستطيعوا انجاز هذا الوعد الا بالنسبةلانفسهموبالنسبة لاقلية متميزة هي اقاربهم واخوتهم واصدقائهم
وبشكل عام نلاحظ انواع كثيرة من النمو والتنميةفي العالم تشهدها البشرية هذه الايام وهي:
1- النمو عديم الشفقة اي النموالذي يؤدي الى زيادة غنى الاغنياء وزيادة فقر الفقراء
2- النمو بلا مستقبل اي النموالذي ياكل الاخضر واليابس ويستنزف الثروات الطبيعية ويحرم الاجيال القادمة دون وجهحق من نصيبها من الميراث
3- النمو الاخرس فالثروة القوميةوالوطنية تزداد والقمع يزداد وغياب المشاركة يزداد
4- النموبلا جذور حيثتضمحل الهويات الثقافية للشعوب وتهمش الثقافات الوطنية
5- النمو بلا فرص عمل فالدخلالقومي يزداد والبطالة تزداد حيث تشير الارقام الى ان العولمة تلقي ب80% من البشرعلى قارعة الطريق

جوهر التنمية السليمة المستدامةالرشيدة السديدة

لقد صدر عن المنظمة الدولية اعلان الحق في التنمية1996 ويعتبر هذا الاعلان في مادته الاولى ( الحق في التنميةحق من حقوق الانسان غير قابل للتصرف وبموجبه يحق لكل انسان ولجميع الشعوب المشاركةوالاسهام في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية و سياسية والتمتع بهذه التنميةالتي يمكن فيها اعمال جميع حقوق الانسان والحريات الاساسية اعمالا تاما)
اذا انطلاقا مما جاء في الاعلان انا ارى ان التنمية السليمةالرشيدة هي التغيير نحو الافضل لان التغيير نحو الاسوا ليس الا عملية تخريب مع سبقالاصرار والترصد ومن يحسب راتبه في سورية الذي يتقاضاه الان ويقارنه مع الراتب الذي كان ياخذه عام 1980 يجدان الذي حصل ليس تنميةو بشكل عام يجب ان نفرق بين النمو والتنمية لانه يوجد فروقبينهما لابد من التوقف عندها حتى لانوصف بالجهل وقصر النظر علما اننا اصحاب علمومعرفة ونسعى لمعرفة المزيد وهذه صفات دائمةلنا ولم نقل يوما اننا نفهم ونعرف اكثرمن غيرنا
النمو التنمية
- يتم بدون قرارات - التنمية مقصودة هادفة
- النمو نموبالوزن والطول - تغييربنيان المجتمع كليا
- النموبالدخل ليس تنمية - التنمية اعمواشمل
- النمويحصل بدون تنمية - التنمية تحصل في الهيكل الانتاجي لكن بدوننمو في الاقتصاد القومي
- التنمية جهد قصدي بينما النهضة هي طور مجتمعي ينشا فيمجتمع ما نتيجة لتفاعل ظروف موضوعية تلقائيا اما التنمية هي عملية انهاض اذا شئنا
- التنمية شيء اكثر تعقيدا وشمولا وعقلانية وعدالة من النموفالنمو يكاد يقتصر على الجانب الاقتصادي الذييقاس عادة بمعدل النمو السنوي للناتج المحلي اما التنتمية لاتقاس والتنمية السليمةالصحيحة الطيبة تعني عدالة توزيع الدخل تعني اشباع حاجات كل الناس مع الحفاظعلى التوازن البيئي والاستقلال الوطني الحقيقي
التنميةعلاجا للتخلف
التنمية هي عمليات تغير احوال المجتمع من احواله السيئة المتخلفةالي احوال متقدمة متطورة حديثة وبشكل عام ان المعنى الاساسي للتقدم هو السيطرة الذاتيةللمجتمع على مقدراته
في هذه الحالة يكون التخلف عجز المجتمع عن السيطرة علىمقدراته
وللتخلف معايير ووجوه هي فضائح وماسي من وجهة نظري وهي
1 – الفضيحة الاولى هي ماساة الحاضر بالقياس الي الماضيكنا سادة الدنيا او سادة على الاقل لكننا اصبحنا نثير الرثاء والاشفاق والخجلولنتصور ان احد القدماء امثال هارون الرشيد او عمر بن الخطاب قد عادوا لكي يروا ماصنع الدهر بامتهم واحفادهم انا واثق انهم سيفضلون العودة الي القبر مباشرة ويقولونان هؤلاء ليسوا احفادهم
2- الفضيحة الثانية هي ماساة حاضر امتنا بالنسبة لحاضر الاممالمتقدمة المعاصرة فاين نحن واين هي ؟ وكم الفرق بيننا وبينها على كل مستوى وعلىكل صعيد ؟
3- الفضيحة الثالثة اي ماساة الواقع بالنسبة الي الممكنفواقع العرب فقير جدا لكنهم يملكون اكبر ثروات الدنيا فتقارير الامم المتحدة تقول انالعرب هم اقل الناس قراءة واكثر الناس امية وافقر الناس مائيا واكثر الناس الذينيضربون زوجاتهم ويعنفون اطفالهم ويضهدون نسائهم واقل الناس استخداما للانترنت واقلالناس استهلاكا للطاقة واقل الناس ترجمة للكتب واقل الناس انفاقا على البحث العلميوالتعليم 000000
من المستفيد من التنمية في بلداننا ؟
لعل تحديد الفئات المستفيدة او المستهدقة في عملية التنميةمن اكبر المشكلات التي تواجه المهتمين بشؤون التنمية ويرى الكثيرون ان التنمية السليمةالنظيفة الطيبة هي التي تستهدف الفقراء وللفقر نوعان هما
1- فقر مطلق حسب البنك الدولياي ان الفقير هوالذي لايتجاوز دخله السنوي 370 دولار امريكي هذا الرقم يتغير منفترة الي اخرى شكل يلاءم تطورات الاسعار وقد كان هذا الرقم في اوائل السبعينات 50دولارا فقط
2- فقر نسبي اي ان الفقراءنسبيا في بلد معين هم كل الافراد الذين يقل دخلهم السنوي عن ثلث المتوسط القوميلدخل الفرد في ذلك البلد ومن الواضح ان خط الفقر النسبي يتغير من سنة الى اخرى في البلدالمعني ويختلف من بلد الى اخر
وبشكل عام نلاحظ زيادة الاغنياء غنى وزيادة الفقراء فقروموت الطبقة الوسطى حاملة التنمية حيث نقرا ان 1% من الامريكين يملكون 60 % من ناتجامريكا البالغ حوالي ثلث الناتج العالمي كمايوجد في العالم 358 ملياردير يملكونثروات توازي ثروات 3 مليار انسان في العالم فلا بد اذا من ترتيبات جديدة ليستفيد الجميعمن ثمار التنمية وخدماتها اي يجب ان نعرف من يخسر ومن يكسب
اوهامحول التنمية

الوهم الاول: كثرة السكان نقمة دائما: ان هذا الكلام غير دقيق لان الفقراءليس لديهم سوى هذا الاختيار الوحيد في حياتهم لان الفقراء لا يختارون حكوماتهمولا يشاركون في وضع خطط التنمية التي يستفيد منها الاثرياء ويعانون من التهميش فيكافة مجالات الحياة ويتحملون عبا الضرائب ويسمعون باذانهم كل عشرات الفضائح الماليةوالسرقات المخيفة وبعد كل هذا نطلب منهم ان يلزم مواقعهم كمتفرجين دعهم ينجبون لكنلنحزرهم من الابوة الشقية
الوهم الثاني: التنمية تعني مزيدا من الاستثمارات وهذا وهم متعارف عليه حيث يعتقد الكثيرين ان التنميةتتطلب استثمار موارد مالية علما ان هناك نمط اخر للتنمية لا يتطلب الكثير من المالوهو نمط التنمية الراسية اي التنمية القائمة على زيادة انتاجية الوحدات النتاجية القائمةفعلا اي دون الحاجة لانشاء وحدات انتاجية جديدة
الوهم الثالث : التقانة المتقدمة المستوردة هي الحل يراهن البعض على انالتقانة المستوردة هي العلاج الشافي من مرض التخلف لكننا نقول لهؤلاء ان الالاتيمكن استيرادها لكن الروح العلمية لا يمكن استيرادها ونحن بحاجة الي تقانة تقومعلى اعادة الاعتبار للتقانة المحلية تقانة وظيفية بمعنى انها تقانة ذات فائدة عملية مباشرة في تلبية الحاجاتالاجتماعية الحقيقية تقانة تحقق اكبر كفاءة اقتصادية ممكنة في الظروف المحليةوتركز على حاجات الاكثرية الفقيرة 0
جرائم باسم التنمية ؟!!
قيل قديما كم من الجرا ئم ترتكب باسم الحرية وانا اتقول اليومكم من الجرائم ترتكب باسم التنمية فمن الواضح ان كثيرا من الجرائم ترتكب تحت راية التنميةوابرزها الجرائم ضد الفقراء وضد الشعوب وضد الاستقلالية وضد القيم الاجتماعية وضد البيئةوفي مايلي اقدم تفصيلا سريعا في ذلك
1- ضد الفقراء يحصل الخمس الاغنىفي العالم على 95% من ثروات العالم ويحصل الخمس الافقر من البشرية على 2% من ثروات العالم ونسبة حصة الخمس الاغنى اليحصة الخمس الافقر تساوي 70 الى واحد
فانقسم الناس في العالم الي قسمين بعضهم غارق في بحر البارفانوالاخرون غارقون في بحر المجاري
2- ضد الشعوب الفقيرة ان الذينيشربون الشاي في الغرب الساعة الخامسة يوميا والذين يطعمون الكلاب والقطط لحما اكثرممما يحصل عليه مليار انسان في هذا العالم لما استطاعوا ذلك لولا نهب الشعوب الفقيرةوان الغرب يحصل الان على برميل النفط بسعراقل مما كان يحصل عليه في السبعينات وان امريكا تاخذ منا برميل النفط ب20 دولاراوتبيعنا برميل الكوكاكولا ب100 دولار !!!
3- ضد الاستقلالية كل مايجري في العالم هو تبعيه وتغريب لنا نحن العرب لاننا نتبع ماليا ونتبع ثقافياونتبع سلعيا انه مشهد دراماتكي حيث يفرض علينا ما نشاهد ويفكرون لنا وعنا ويردونناان نشغل الحاسوب على ظهر الجمل وان نسمع زعيق مايكل جاكسون واذا لم نسمع قد نتهم بالارهابالدولي ؟!
4- ضد القيم الاجتماعية لميتركوا لنا خصوصية ثقافية ولقد شنوا حربا غير مقدسة على ثقافتنا وقيمنا وتقاليدناهذا استلاب واحتلال للذاكرة الوطنية حيث ممنوع على العربي ان يفكر بابطاله واجداده وانما عليه انيحضر افلام سلفستر ستالون والمراة الخارقة ومسلسل الفتاة الحسناء كاسندرا
5- ضد البيئة لعل من اكبرحقائق هذا العصر ان التنمية تتم في معظم الحالات على حساب البيئة وعلى حساب الاجيال القادمة وهذا ادى الي مشاكلبيئية خطيرة ابرزها التصحر والتلوث وفقدان التنوع البيولوجي 0
خطايا تم اقترافهافي الماضي نرغب
ان تبتعد عنها حكومتنا الرشيدة
1- الافتتان بالارقام لاسيما الفائض الوهمي ويجب قياس كل شيء والاعتماد على الارقام الدقيقة بصدق كما هي
2- ان تخطيط التنمية لايعني فقط تشجيع القطاع العام الخاسر بل يعني تشجيع كل القطاعات في البلد ليصبح البلدورشة عمل كاملة
3- عدم الانشغال الدائمبمستويات الاستثمار بل زيادة الاستثمار في الموارد البشرية
4- عدم ادمان موضات التنميةالموجودة في الخارج بل استحداث انماط ملاءمة لاقتصادنا وشعبنا وبيئتنا وتاجرناوموظفنا وعاطلنا
5- عدم الانفصال التام بينالتخطيط والتنفيذ لان التخطيط مسؤولية المخططون اما التنفيذ هو مسؤولية النظام السياسيوالاقتصادي والاجتماعي باسره
6- العمل دائما لانهاء التفاوتفي الدخول والقضاء على الفقر المطلق والنسبيودعم وخلق الطبقة الوسطى وتحريك المليارات النائمة والمكدسة في المصارف واعادة ضخدماء جديدة شابة مؤهله في القوى العاملة جامعيينومهندسين عبر احالة الافكار القديمة الي التقاعدواحالة كل موظف اتم الثلاثين التقاعد والاستراحة الطويلة 0
مقترحات وتوصيات واساسياتللوصول
الى تنمية سليمة طيبةتحقق التطوير والتحديث لسورية
1- العدالة الشاملة العدالةفي الثواب والعقاب العدالة في الاجور العدالة في تبادل السلع والاموال والعدالة فيتوزيع المواد الاقتصادية والدخل
2- المشاركة الشعبية في التخطيطوالتنفيذ والتقييم مشاركة طوعية حقيقية مؤسسية وفاعلة عبر تطوير ووضع قانون احزابوقانون انتخابات جديدين
3- الا عتماد على الذات والتعاونمع العرب لانتاج تقانة تنسجم مع مجتمعنا وظروفنا وتشبع الحاجات الاساسية للاكثرية الفقيرةمن شعبنا
4- ترشيد الاستهلاك والحدمن الهدر بحيث ينسجم نمط الاستهلاك مع الموارد المتاحة فان تستغني عن شهوة من شهواتكيعني ان تدمر سلاحا من اسلحة العدو
5- التركيز على التعليم والتدريبوالحوافز المعنوية والمادية كمفاتيح جديدة للتنمية وكبدائل تغطي عجز الموارد وذلكمن خلال دعم وتفعيل المعهد الوطني للادارة العامة والمعهد العالي لادارة الاعمالوتحفيز الناس للاقبال على التحصيل العلمي العالي والتمكين المعلوماتي لنستطيعتحقيق التطوير والتحديث
6- اعتماد نظام التعاون والمصالحةوالتشارك في الانتاج والتوزيع والتبادل والاستهلاك فهو النظام الوحيد الذي يحقق مصالحالفرد والجماعة والمجتمع جميعا
هذه مقترحات واساسيات يمكن طرحها لتكون اساس لحوار شاملومعمق يساهم فيه كل من يهمه مستقبل سورية ولقد صرح اكثر من مرة رئيسنا الشاب الدكتوربشار الاسد ان الفكر يتسع للجميع وان البلد للجميع وان الوطن سقف الجميع وان الوطنبحاجة الي جهود الجميع ولكل منا دور والجميع يتكاملون من اجل سورية حديثة متطورةمزدهرة
عبد الرحمن تيشوري