المسؤول في أي عمل سواء كان يملكه أو كان موظفاً فيه، وسواء كان كبيراً أم صغيراً، فإنه سيشعر بالمسؤولية إن كان مخلصاً وصادقاً وأميناً، فهو محاسب عليه أمام من هو أعلى منه وأمام جمهوره وزبائنه، والأهم من هذا أنه مسؤول عنه أمام الله سبحانه وتعالى وإن صدق هذا المسؤول في إحساسه وشعوره، وأخلص لدينه وربه ومبادئه فستكون لديه مجموعة هموم لا هم واحد فقط همُّ المسؤول سيتمثل في تفكيره الدائم بأن لا يقصر، وأن يتقن عمله، ويفي بالتزاماته تجاه الناس داخل وخارج عمله، والهمّ بضبط الأموال وعدم تبذيرها أو تبديدها، والهمّ بالبحث عن أفكار وسبل ووسائل لتطوير العمل وتوسيعه وتحسينه، والهمّ بالضبط الإداري لمنع التسيّب عند قليلي الإحساس بالمسؤولية الذين لا يملكون مثل هذا الهمّ كما سيتمثل هذا الهمّ في الحرص الشديد على الوفاء بالعقود والعهود كما أمر سبحانه وتعالى يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود، فهو مهموم في إيجاد صيغة عادلة لتوازن بين حقوق الجهة التي يعمل لها، وبين حقوق الأطراف الأخرى، فهو مهموم بألا يظلمهم أو يبخسهم حقهم، وفي الوقت ذاته بأن لا يظلم أو يبخس حق جهته، مع المحاولة الدائمة بأن يوفر عليها شيئاً من مصاريفها ويحسن المنافع التي ستأتي لها ولكن هناك همّ آخر قد ينشغل عنه البعض في زحمة العمل اليومي ودوامة الحياة، وهو الهمّ بحقوق واحتياجات الموظفين لديه، فهم كذلك أصحاب احتياجات والتزامات وطموحات، فإن كان المسؤول صاحب نظر عادل فسيفكر بهم كذلك، و يحرص على تطوير أوضاعهم الوظيفية والمالية بما يدفعهم دوماً للأمام، ويحسن أحوالهم باستمرار، ولكن بما لا يؤدي إلى زيادة الأعباء على جهته على المدى القريب أو البعيد، وهذا همّ وإن كان من أصحاب القلب الكبير والحس المرهف فهو سيزداد همّاً بتفكيره في مشاعر كل من حوله، فهو دائم التفكير في كيفية المحافظة على احترام الناس لبعضهم، وعلاج ما انخدش من مشاعرهم نتيجة لاحتكاكات طبيعية في العمل اليومي، ومواساة من له مصيبة، وإظهار المشاعر الصادقة لمن له فرح، والمحافظة على الجو الايجابي رغم صخب الحياة وسرعة وتيرتها هذا الهم الكبير قد لا تجده عند معظم المسؤولين، إما لأنهم ليسوا إلا جباة مال وجهود، وإما لأن همَّ مصالحهم الشخصية قد طغى، وإما لأنهم ليسوا من أصحاب العمق في الفكر والخلق، وإما لأنهم لم يفكروا في هذا الهم أصلاًيقول الرسول صلى الله عليه وسلم أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً ولا أرى كيف يمكن تطبيق هذا الحديث في واقع العمل الإداري دون الشعور بهذا الهم

د طارق السويدان