فى نهاية هذا الدرس سيتمكن المتدرب من معرفة:
- على من يجب اتباع وتطبيق المشاورة؟
- ما اهمية المشاورة؟
- اهمية الحكمة ؟

المشاورة:
قال تعالى: " فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ " آل عمران159
قال تعالي " وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ " الشورى 38
قال تعالي" وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32)" طه 29-32

لا يجوز أن يتصرف القائد بتصرفات فردية وبلا مشاورة أو تفسير..لابد له أن يشاور ويستشير وأن لا يكون قائدا متسلطا أو ديكتاتوريا..
هل على القائد أو المدير فقط أن يشاور ؟
لو أن الأمر كذلك لما أمر الله النبى الكريم صلى الله عليه وسلم بمشاورة أصحابه والعمل برأيهم...
فحتى أنت أيها الأب وأيتها الأم لن تستطيعا أن تفرضا أمرا على أبنائكما مالم تشاوراهم وتأخذا بأرائهم ولو لم تقوما بذلك نعم سينفذوا أوامركما طائعين كارهين لا طائعين محبين لكما ولأوامركما..
أيها المعلم لا تفرض أمرا على طلابك قبل أن تشاورهم..
مع المشاورة ستستطيع أن تحصل على الحب والتقدير والثقة مع من حولك وإلا لكنت ديكتاتوريا فظا ..
ونجد ذلك واضحا في تعامله مع أصحابه فكان يستشير أبا بكر وعمر رضي الله عنهما دوما وكان يثق برأيهما وكان صلى الله عليه وسلم يقول(لو اجتمعتما على رأي لن أخالفكما) لماذا؟؟

لثقته برأيهما أولا ولسبب ثان مهم وهو أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يعلم أن أبا بكر رضي الله عنه كان يميل إلى الرفق والحكمة والتدرج بينما عمر رضي الله عنه كان يميل إلى العنف والشدة والحزم والتغيير الجاد السريع..

فالنبى صلى الله عليه وسلم يعلم أنه لو اتفق الاثنين بالطرفين المتناقضين على رأي لا يمكن أن يخالفهما..
كان علي رضي الله عنه يقول كثيرا كنت ما أرى الرسول عليه الصلاة السلام قد انفرد بأبي بكر وعمر.يذهب ويأتي مع أبي بكر وعمر, حياته معهما أهل شورى مستمرة وكلاهما ليس جنديا بل قائدا مبرزا..

أهمية المشاورة:
أن الشورى تحقق نتائج أفضل حتى لو كانت النتيجة هزيمة.
ففي غزوة أحد شاور النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه فكان رأي الصحابة الخروج للحرب بينما كان رأي النبى صلى الله عليه وسلم المكوث في المدينة, لكن الغالبية أرادت الخروج فخرج النبى صلى الله عليه وسلم, فكانت النتيجة انكسار الجيش في أحد وموت 70 صحابي,وعندما عاد النبى صلى الله عليه وسلم للمدينة نزلت الآية" وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ" آل عمران 159
حتى لو كانت النتيجة هزيمة إلا أن الشورى تحقق نتائج أفضل..وما من افضل من منهج رسول الله للاتباع فهو القائد الاعظم..
الحكمة:
قال تعالى: "يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ " البقرة-269
أهمية الحكمة؟
ليصدر القائد الأوامر يجب أن يكون لديه المنهجية والقدرة العقلية والحكمة والذكاء والفطنة ومعلومات دقيقة حتى يسيرعلى منهج صحيح في اتخاذ القرار ويزرع الثقة في قراراته.. وكلها صفات تجلت في المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وماذا عنك؟
كل منا يمر بمشاكل وأزمات..ولكن هل مررت يوما بخلاف مع أعز أصدقائك بعد أن اتهمته زورا وبطلانا؟
كل منا يسمع أن فلان قال عنك كذا..ولكن هل تتأكد من صدق ما قيل أم تأخذه كما هو؟
هل تستطيع أن تحل مشاكلك مع زوجتك بالحكمة والموعظة الحسنة؟

إقتبسها من نهج المصطفى (القائد الاعظم) :
فكان النبى صلى الله عليه وسلم من عادته أن يكثر من سرايا الاستطلاع قبل المعركة ويرسل مجموعات استخبارية يستطلع الأوضاع قبل أن يتصرف حتى يبني قراراته على معلومات سليمة وكان أحيانا يذهب بنفسه لجمع المعلومات ..
مثل قصة (غزوة مضر) خرج النبى صلى الله عليه وسلم مع أبو بكر رضي الله عنهما يتتبعون الآثار ويسألون عن الرعاة.
وفي (غزوة بدر) يوم الفرقان العظيم بين الحق والباطل..أرسل النبى صلى الله عليه وسلم جاسوسا يتتبع أحوال الكفار.
في غزوة بدر حدثت معجزة من الرب الكريم عندما قلل سبحانه الكفار في أعين المؤمنين وقلل المؤمنين في أعين الكفار يقول تعالى" وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ "الأنفال 44.
فلما جاء هذا الجاسوس المسلم, وسأله النبى صلى الله عليه وسلم كم عدد الكفار؟
فرد الصحابي وقال حوالي مائة, وصلت المعلومات للقائد أن العدد مائة وجيش المسلمين ثلاثمائة, إذا الوضع جيد ويستطيع الهجوم,ولكن لحرص النبى صلى الله عليه وسلم للحصول على المعلومات الدقيقة وعدم الاكتفاء من معلومة واحدة, سأله كم يذبحون من الإبل؟
رد الصحابي مابين تسعة إلى عشرة من الجمال.
إذا هنا وصلت معلومتان إلى النبى القائد صلى الله عليه وسلم
- تخمين عدد الكفارعلى أنه مائة.
- ذبح مابين تسعة إلى عشرة من الإبل كل يوم.
فجمع النبى صلى الله عليه وسلم قادة الجيش وقال مقولة عجيبة.. قال عدد الكفار مابين التسعمائة والألف!!
فمن أين جاء النبى صلى الله عليه وسلم بهذه المعلومة؟
رد عليهم هنا المسألة واضحة, إن معلومة المائة التخمينية غير واضحة بينما المعلومة مابين تسعة إلى عشرة معلومة دقيقة ,معروف أن البعير الواحد يكفي لتسعين إلى مائة شخص فإذا كانوا يذبحون ما بين تسعة إلى عشرة كل يوم إذاً عددهم بين التسعمائة والألف إذا ضربنا عدد البعير بمائة شخص لكل بعير, عندها لا يمكن أن يكونوا مائة, لو كانوا مائة لذبحوا بعير واحد ليس عشرة!!

النبى صلى الله عليه وسلم يعلمنا على أن لا تكتفي بالمعلومات التي جاءتك بل دقق واحرص على أن تكون صحيحة ودقي..