رحم الله الزعيم الخالد مصطفى كامل، المناضل الثوري صاحب واحدة من أشهر التيمات الوطنية في التاريخ النضالي المصري وهي جملة "لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا" .. الحمد لله أن الزعيم مصطفى كامل لم يعش حتى يرى مصر وهي في هذه الحالة المزرية، من الضعف والاستكانة والمهانة والإذلال، جنودنا يقتلون على أرضنا ونحن لا نستطيع ان نحرك ساكنا، لك الله يا مصر.
اننا نستفذ بشكل يومي من اداء الحكومة، ومن تباطئ المجلس العسكري ومن ضعف وزارة الداخلية ومن فشل وزارة الخارجية، لكن ان يصل الاستفزاز الى حد ان يقوم رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بطرد السفير الاسرائيلي من بلاده شر طرده، بل وتخفيض التمثيل الدبلوماسي الاسرائيلي على الأراضي التركية الى مستوى السكرتير الثاني، فهذا استفزاز ما بعده استفزاز.
لماذا اختفى الرجال من مصر وظهروا في تركيا، ان اردوغان يمارس هوايته في ان يكون بطلا ونحن نمارس هوايتنا في ان نكون فقط متفرجين، ونرفع أيدينا بين الحين والأخر للهتاف والتلويح .. إن مواقف أردوغان منذ توليه الحكم في تركيا تجعله بطلا اسطوريا سيخلده التاريخ طويلا وسنقف عند شجاعته اكثر واكثر، لقد واجه هذا الرجل رئيس اسرائيل بيريز في منتدى دافوس الاقتصادي ولقنه درسا من الصعب عليه ان ينساه، وحينما حاول منظموا المنتدى ان يمنعوا اردوغان من الكلام ما كان منه إلا ان قام وخرج من المنتدى معلنا انها ستكون اخر مشاركة تركية في هذا المنتدى.
أي رجولة هذه وأي شجاعة تلك التي يملكها هذا الرجل .. والآن عندما ظنت اسرائيل انها قادرة على تلقينه درسا وقامت بالإغارة على اسطول الحرية في العام الماضي وتسببت في مقتل تسعة من الأتراك .. أقامت تركيا الدنيا ولم تقعدها وأشعلت فتيل حرب دبلوماسية قوية ضد اسرائيل ونجحت في ان تجعل اسرائيل تفرج عن الاسطول بأكمله في ظرف ايام من خطفهم، ولم تتوقف تركيا عند هذا الحد فلقد امهلت اسرائيل الفرصة تلو الأخرى حتى تستطيع ان تدينها امام العالم، ورغم التدخل الامريكي المعتاد في مثل هذه المواقف، إلا أن الموقف التركي كان أصلب من ان يلين في هذه القضية وكأن أمر امريكا لا يعني تركيا في شيء.
عام كامل مر على هذه الازمة وحينما ابدت اسرائيل رفضها القاطع للإعتذار ولتعويض تركيا عن شهدائها، جاءت الكرة في ملعب اردوغان الذي لم يفكر ولو للحظة في ان يتخذ هذا القرار البطولي بطرد السفير الاسرائيلي وخفض التمثيل الدبلوماسي لاسرائيل .. موقف مشرف من بطل اتشرف بأنه مسلم ينتمي لنفس ديانتي، لكن أردوغان وامعانا في ازلال اسرائيل اكثر اعلن ان اي سفينة ستخرج من الاراضي التركية متجهة الى غزة سترافقها سفننا حربية تركية لحمايتها حتى تصل وانها لن تسمح للبحرية الاسرائيلية او لسلاح الجو الاسرائيلي في تكرار هذا العمل الاجرامي مرة أخرى.
تركيا تكيل الصفعات تلو الأخرى لاسرائيل لمقتل تسعة من المدنيين كانوا يحاولون كسر حصار غزة، ونحن في مصر يقتل جنودنا على حدودنا مع هذا الكيان الصهيوني وهؤلاء الجنود يقتلوا على أرضنا وهم يؤدون واجبهم في حماية الوطن، ونحن نعقد مائة اجتماع حتى نفكر كيف نتحاشى ان نقول كلمة تغضب اسرائيل .. وحينما خرجت الشائعة بأن مصر ستسحب السفير من اسرائيل ولا أقول تطرد السفير الاسرائيلي .. خرج علينا مائة تصريح لتكذيب الخبر والتأكيد ان سفيرنا سيظل منعما في بلده الثاني اسرائيل، اي خزي هذا وأي عار الذي يلحق بنا دوما نحن المصريين .. تركيا توجه لاسرائيل مدفعا ونحن لم نستطع حتى ان نرفع اصبعا لندافع بها عن أرضنا وعن جنودنا.
يبقى أن أقول اني اتشرف بمصريتي واعتز بها طوال حياتي، ومهما فعل فينا الوطن ومهما تسبب في اذلالنا ومهما تسبب في استباحة كرامتنا سأظل أقبل هذا التراب الغالي الذي ولدت عليه والذي انعم بالحياة فيه .. ولم تكن امنيتي لأن أكون تركيا إلا فرط حماس لهذا البلد المسلم الذي ننتمي له بروح الدين والإسلام والذي يقف في وجه العدو الصهيوني ويحقق طموحنا في ان يعلم اليهود ان خيبر ليست بعيده وأنه في يوم قريب سيعز الله فيه الإسلام وينصر المسلمين .. فقط أدعو الله أن أكون في طليعة من يحررون القدس حتى لو استشهدت مائة مرة فما دام في سبيل الله فلا حاجة بي لهذه الحياة بعدها.