نستقبل اول ذكرى للإسراء والمعراج بعد عسر دام عقود عدة مثلت فترة حكم استبدادى وديكتاتورى، ونحن نحتقل بهذه الذكرى الغالية بعيدا عن وسائل اعلام كانت تؤله الحاكم فى تلك المناسبات "تفضل سيادة الرئيس" و"تكرم فخامة الرئيس" مصطلحات عدة مرت على عقولنا لسنوات مثلت سنوات أعمارنا، واليوم جاء الوقت الذى لا نسمع فيه تلك المصطلحات، اننا نسمع اليوم لكلمة الشعب وما اجملها وما اروعها من كلمة، فهى تعنى التحرر من اسر النفس، وتعنى الخلاص من شعور الاستعباد للفرد الى العبودية الخالصة لرب العباد.


بعد العسر يأتى اليسر

بعد عسر دام عقود عدة أتى الله سبحانة وتعالى باليسر على أيدى أبناء الثورة، نعم انها ارادة الله تعالى ومن يتأمل مواقف الرؤساء وردود افعالهم التى جاءت نموذجا يعبر عن غباء سياسيى فى التعامل مع الثورة، هاهو بن على يمارس اسلوب المراوغة ويستخف بشعبه، وهاهو مبارك يستخدم نفس الأسلوب والألفاظ ويستخدم القوة المفرطة والقتل فى مواجهة المظاهرات السلمية، ثم يخرج على الشعب دون أن يعطى كلمة تخفف آلام من فقد عزيز لديه، ويستخف بشعب مصر ويستمر فى طغيانه حتى يشاء المولى برحيله وهو القائل "مصر ليست تونس" ولكن ارادة المولى ونصرته فوق كل شيء.

وفى ذكرى الاسراء والمعراء نستلهم النموذج ونستدعى الموقف والحدث ليبقى دوما نبراسا نستمد منه القوة والصبر على مواجهة الشدائد وليعلم الجميع ان بعد العسر يأتى اليسر فقبل هذه الرحلة بفترة ليست بكبيرة اشتدت المصائب على رسولنا الكريم بداية من وفاة احب زوجاته اليه السيدة خديجة رضى الله عنها وقد تبعها فى نفس العام وفاة خير معين له فى وجه الكفار عمه ابى طالب وقد كان حزنه على عمه حزن مضاعف وذلك لاصراره على كفره وموته عليه.

وتأتى لقريش الفرصة بعد وفاة ابى طالب عم الرسول ليشتد ايذاؤهم للرسول الكريم فقد تحينت لهم الفرصة بعد وفاة خير ناصر له الأمر الذى ادى بالرسول الكريم الى تغير مكان دعوته وتركه احب البلاد إلي نفسه فتهيأ للخروج إلى الطائف لعله يجد فيها السلام والخير الأ إنه قد وجد ما لم يأمله فعندما بدأ فى الدعوة الى الله مع سادات الطائف وجد ردا قاسيا بل كان يحرضون سفهاءهم واطفالهم بأن يسبونه ويرمونه بالحجرة الأمر الذى ادى إلى إسالة دمائه الشريفة فقد جرح فى قدميه من جراء رميهم بالحجارة ويستمر ايذاء اهل الطائف للرسول الكريم حتى رسول الله قد اخذ فى الدعاء بقوله "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربى، إلى من تكلني، إلى بعيد يتجهمني؟ أو إلى عدو ملكته أمري، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن يحل علي غضبك، أو أن ينزل بي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك".

فبعد ما وجده الرسول الكريم فى اهل الطائف، عقد العزم إلي الرجوع إلي احب البلاد اليه، ليكمل تبليغ رسالته للوفود والقبائل والأفراد، فما وجد الحال فيها يختلف عما وجده بالطائف فقد كان رجالها يتبعونه فى الأسواق ويرمونه بهتانا وإثماً ويصفونه بالكذب ويحذرون الجميع من إتباعه.

وبعد ما واجه الرسول الكريم من إهانة وإيذاء من أهل مكة والطائف اراد الله ان ييسر على عبده ونبيه وأكرمه بهذه الرحلة الربانية لتكون بشرى للرسول الكريم والمؤمنين من حوله كأنما يقول له الله عزوجل "اذا كانت هذه معاملة اهل الأرض من مهانة وذل فتعالى إلى السماء لترى كيف يرحب بك اهلها وكيف يستقبلونك بحفاوة وفرح ".

وبعد يا ثوار مصر وتنونس وليبيا واليمن وسوريا .................

لقد صبر الحبيب على معاملة أهل الأرض من الطغاة والمستبدين، وانتم قد صبرتم على ظلم الحكام وقهرهم، وعليكم أن تستلهموا من تلك الرحلة الربانية الدروس والعبر لتكون لنا خير عون على استعادة العزة والكرامة وإعادة بناء للوطن وللأمة.


الاسراء والمعراج دروس وعبر

• على كل شعوب الأمة العربية ان يتيقنوا ان دائما بعد العسر يأتى اليسر الأ أنه يجب على الإنسان ان يصبر ويحتسب ويسعى دائما للخير فكما عوض الله رسوله الكريم بعد اشتداد المصائب عليه ونصره سوف يكون هذا حالنا ان شاء الله فى حالة اذا ما قمنا بالدافع عن دين الله وجعل كلمة الله هى العليا.

• على شعوب الأمة العربية ان يتذكروا دائما الآية الكريمة "ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" ويقتدوا بها حتى تكون لهم عون لإظهار الصورة الصحيحة لدينهم كما فعل الرسول "ص" مع اهل الطائف فرسولنا الكريم فهو لم يدعو عليهم بل دعا لهم بأن يشرح صدرهم للإسلام وليكن هذا دائما شعارنا وسلوكنا حتى تتحدث افعالنا عن إسلامنا وتكون اداة جيدة للحديث عنا الإسلام وسماحته.


• ان يتذكر الثوار حال اليهود الذين ضلوا السبيل بمخالفة امر الله وقاموا بخيانة أمانته وذلك بإهمال شريعته، واتباع شهواتهم فرفع الله عنهم عنايته، ووكلهم إلي انفسهم الطاغية، فداستهم الأمم، وقهرتهم الدول، وشردوهم فى الأرض لا وطن لهم مدى الحياة، فعلينا نحن المسلمين، ان نتمسك بشريعة الله، وان نكون آهل للأمانة التى وكلنا بها، حتى لا نضل مثلهم، وحتى لاتجرى علينا سنت الله كما جرت عليهم حينما ضيعوا الأمانة.

• على شعوب الأمة العربية أن يجعلوا قضية استرداد "المسجد الأقصى" قضيتهم الدائمة التى يجب ان يعملوا دائما لاستردادها، الم تكن هذه البقعة المباركة مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، ونهاية رحلة الإسراء وبداية المعراج، اليست هذه ارض الإسراء التى تتعرض للظلم والإنتهاكات.

• على شعوب الأمة العربية أن يدركوا دوما أن الإسلام دين عالمى سيظل إلى يوم الدين ويتجلى ذلك عندما قام رسولنا الكريم بإمامة الرسل جميعا للصلاة مما يزيدنا قوة وإصرار على الدفاع عنه إلى يوم القيامة.

• على كل الشعوب العربية ومنها شعب تونس ومصر الذين تحرروا من عبودية النظام الاستبدادى أن يقدموا نموذجاً يعبر عن التسامح والرحمة والمؤخاة وتكون رسالتهم تلك بمثابة دعوة عامة للمسلمين فى انحاء البلاد للتلاحم والتعاون للوقوف فى وجه الطغاة الذين يريدون اطفاء نور الله من وراء اقنعة مختلفة الا ان هدفهم واحد وهو حرب الإسلام والمسلمين والقضاء على هذه الأمة الصامدة إلى يوم الدين.

• ان يعتبر المسلمين من المشاهد التى رائها الرسول اثناء رحلته المباركة ويأخذون منها الدروس بالابتعاد عن ما نهنا الرسول عنه ويأخذون بأوامره