مقدمة:

أدت التطورات الهائلة والمتغيرات المتسارعة في بيئات منظمات الاعمال والمرتبطة في المنافسات المحلية والعالمية، الى انعكاسات ايجابية على ادارة الموارد البشرية، فالميزة التنافسية التي تسعى هذه المنظمات الى تحقيقها اصبح محورها الرئيسي تبني المفاهيم الادارية الحديثة، ومفهوم تمكين الموارد البشرية من هذه المفاهيم والذي حاز اهتمام الباحثين والاكاديميين منذ مطلع الثمانينيات، وذلك لارتباطه الوثيق بكفاءة وفاعلية اداء العاملين وانتاجية المنظمات وتحقيقها لاهدافها وغاياتها.

فتشير نتائج البحوث إلى أهمية مفهوم تمكين العاملين في دعم كفاءة وفاعلية الأداء والإنتاجية في منظمات الأعمال في القطاعين العام والخاص. فقد وجد أن هناك علاقة موجبة قوية بين التمكين لبناء الثقة بنفوس العاملين في المنظمات وبين الرضاء الوظيفي ، وجودة القرارات ، والانتماء للمنظمة ، ووضوح دور المسئولية الوظيفية ، ووضوح دور الأداء الإنتاجي ، وتصميم الوظائف ، ووسائـل الرقابة ، والعلاقات بين الوحدات الإدارية ، والإبداع. كما وجد أن هناك علاقة وثيقة موجبة بين بناء الثقة وبين مستوى الاتصال في المنظمة. ووجد أن تدني فاعلية المنظمة له علاقة بضعف التمكين الذي يولد ضعف الثقة بين العاملين والإدارة(Gilbert and Tang,2001:3).

وفي ضوء نتائج هذه البحوث ، فقد اولت العديد من المؤسسات والشركات أهتماماً ملحوظاً بمواردها البشرية عن طريق تبنى مفهوم التمكين، لما له من أثر فعال على تحسين الأداء والرضا الوظيفي. فتركيز مفهوم التمكين بشكل رئيس على إقامة وتكوين الثقة بين الإدارة والعاملين وتحفيزهم ومشاركتهم في اتخاذ القرار وكسر الحدود الإدارية والتنظيمية الداخلية بين الإدارة والعاملين، ادى الى وجود الشركات والمؤسسات الرائدة التي ادركت أن الاهتمام بالعنصر البشرى هو السبيل للمنافسة وتحقيق التميز.

ومن هنا فقد سعى الباحث في هذه الورقة الى القاء الضوء على دور تمكين الموارد البشرية وكيفية ايجاده في منظمات الاعمال وذلك لاستمرارها في تطورها وتحقيقها لغاياتها وطموحاتها.


تمهيد:
استكشافا وتوظيفا لمفهوم ودور تمكين الموارد البشرية، وتعريفا بنتائجه وآثاره على المستوى الأكاديمي والتطبيقي العملي، ومن خلال النظر إلى مفهوم التمكين بصفته مفهوماً متصلاً ومرتبطاً مع مفاهيم وتطورات إدارية واقعية في منظمات الاعمال.

سيحاول الباحث تقديم اطارا نظريا حول التمكين بصفته مفهوماً إدارياً معاصراً يركز على إطلاق طاقات الإنسان وإمكانياته الذاتية بدوافع ذاتية. وسيقدم الباحث القرائن التي تبين مفهوم و أهمية هذا الموضوع ومقوماته ونماذجه وخطوات تنفيذه والعوائق التي تواجهه في منظمات الاعمال.
الفصل الاول
مفهوم وأهمية وعلاقات التمكين بالعمليات الادارية:
1. مفهوم التمكين:
يعد مفهوم التمكين من المفاهيم الادارية الحديثة نسبيا، حيث تزخر الادبيات بالعديد من التعريفات، فيرى البعض ومنهم بونولولربأن التمكين: "إطلاقحريةالموظف،وهذهحالة ذهنية،وسياقإدراكيلايمكنتطويرهبشكليُفرضعلىالإنسانمنالخارجبين عشيةوضحاها. والتمكينحالةذهنيةداخليةتحتاجإلىتبنيوتمُثللهذهالحالةمن قبلالفرد،لكيتتوافرلهالثقةبالنفسوالقناعةبمايمتلكمنقدراتمعرفية تساعدهفياتخاذقراراته،واختيارالنتائجالتييريدأنيصلإليها" (1995: 73،Bowen & Lawler ).
ويتفق معه في نفس السياق(جفنديرجن ونتيرجن) إلى أن التمكين يعني: تشجيع الأفراد والسماح لهم أن يأخذوا المسؤولية الشخصية لتحسين طريقة أداء وظائفهم ليساهموا في إنجاز أهداف المنظمة، وهذا يحتاج إلى خلق ثقافة تشجيع العاملين في كافة المستويات لكي يشعروا أنهم يصنعوا الفرق، ويساعدهم ذلك بأن يحصلوا على الثقة، والمهارات (160: 2007 Govindarajan, & Natarajan).

بينما يرى آخرون ومنهمشاكلتور التمكين " فلسفة إعطاء مزيد من المسؤوليات وسلطة اتخاذ القرار بدرجة اكبر للأفراد في المستويات الدنيا "(Shackletor,1995:130).
ويتفق معه في نفس السياق أحمد مصطفى فيعرف التمكين بأنه: نقل المسؤولية والسلطة بشكل متكافئ من المديرين إلى المرؤوسين، كما أنه دعم المرؤوسين بالسلطة، ودعوة صادقة للعاملين بالمنظمة للمشاركة في سلطة القرار، وفي التمكين يكون المرؤوس المُمكّن مسؤولاً عن جودة ما يُقرّره، أو يؤديه (مصطفى، 2005: 126).
وبمراجعة أدبيات أخرى عرفت التمكين، يمكننا ملاحظة اتجاهان عامان للتمكين في بيئة العمل،اولهما: الاتجاه الاتصالى. ويقصد بالاتجاه الاتصالى في أدبيات التمكين العملية التي تتم من أعلى إلى أسفل ( Conunger, and Kanungo, 1988). ويعتقد أن التمكين يتم عندما تشارك المستويات العليا في الهيكل التنظيمي المستويات الدنيا في السلطة (Wilkinson,1998:40-56)). وبالتالي، يتضمن التمكين ممارسات كإثراء الوظيفة، فرق الإدارة الذاتية، واستقلالية فرق العمل.

وثانيهما:الاتجاه التحفيزى . والذي يركز على اتجاه العاملين نحو التمكين، فيظهر في الكفاية، والثقة في القدرة على أداء المهام، والشعور بالقدرة على التأثير في العمل، وحرية الاختيار في كيفية أداء المهام، الشعور بمعنى للعمل (Conunger and Kanungo, 1988: 471-82).

فالتمكين يحدث عندما يُعطى للأشخاص أو اللجان ميزانيات، وموارد، وحرية في حل المشكلات وتنفيذ الحلول التي يرونها دون الحاجة إلى الحصول على موافقة من أعلى، ويسمح التمكين من خلال هذا المفهوم بأن تكون فرق العمل قادرة على مواجهة التحدّيات واقتناص الفرص، والاستمرار في التحسين المستمرّ من أجل تحقيق الكفاءة، والفعالية الكلية من دون الرجوع إلى المستويات الأعلى (الهواري، 2002: 224).

ويهدف التمكين في المجمل الى تحقيق قيم وعادات منظمات الاعمال من خلال تحمل العاملين المسؤلية الكاملة عن اعمالهم بدعم وتحفيز المسؤولين فقد اشار المغربي انه: من خلال آراء ونظريات الممارسين، والمسؤولين في منظمات الأعمال فإنّ تمكين العاملين يشير إلى: القوى التي يكتسب الأفراد من خلالها القدرة، وزيادة ثقتهم، وارتفاع مستوى انتمائهم، وولائهم لتحمل المسؤولية، والقدرة على التصرف لتحسين الأنشطة والعمليات، وتفاعلهم في العمل من أجل إشباع المتطلبات الأساسية للعملاء في مختلف المجالات، بهدف تحقيق قيم وغايات التنظيم، وبالتالي لا بدّ من تزويد المرؤوسين بأدوات ووسائل القوة اللازمة للتخطيط لأنشطتهم وإتمام عملهم، وأدائه بحيث يصبحوا مسؤولين مسؤولية كاملة عنه (المغربي، 2006: 446).

وبناء على ما تقدم يعرف الباحث التمكين بانه: ذلك السلوك والممارسات من قبل المديرين لتمليك العاملين القدرة على اتخاذ القرارات والمشاركة في تحقيق غايات واهداف المنظمات من خلال توسيع صلاحياتهم ومسؤولياتهم المستمرة واثراء مهامهم ووظائفهم ومنهحم الحرية والثقة الكاملة .

الحلقة القادمة نستكمل اهمية تمكين العاملين ان شاء الله