نظريات الدافعية :
أثارت قضية الدافعية جدلاً كبيراً بين علماء النفس حيث ظهرت العديد من النظرياتوالتي اختلفت فيما بينها باختلاف النظرة إلى الإنسان وللسلوك الإنساني وباختلافمبادئ المدارس السيكولوجية التي ينتمي إليها أصحاب هذه النظريات .
ونظرياتالدافعية تساعد المعلم على فهم أعمق للسلوك الإنساني وتكوين تصور واضح عنه . وفيمايلي نعرض بإيجاز وجهات نظر ثلاث نظريات شهيرة هي النظرية الارتباطية والنظريةالمعرفية والنظرية الإنسانية ، حيث تؤكد النظريتان الأولتان ( الارتباطية والمعرفية ) على دور الدافعية في عملية التعلم بينما تؤكد النظرية الثالثة ( الإنسانية ) علىدور الدافعية في الشخصية .





أولاً : النظرية الارتباطية :
تهتم هذه النظريةبتفسير الدافعية في ضوء نظريات التعلم السلوكية ( المثير ـ الاستجابة)
كانثورنديك من أوائل العلماء الذين أشاروا وذلك في قانون الأثر والذي يرى فيه أن البحثعن الإشباع وتجنب الألم يمثل دوافع تعتبر كافية لتعلم استجابات معنية في موقف مثيرىمعين . أي أن المتعلم يسلك طبقاً لرغبته في تحقيق الإشباع وتجنب الألم .
يرى(هل ) أنه يمكن تفسير الدافعية في ضوء علاقة السلوك بكل من الحاجة والحافز على النحوالتالي :
حاجة حافز سلوك اختزال الحاجة . حيث تعتبر الحاجة متغير مستقل يؤثر فيتحديد الحافز كمتغير متدخل ، والذي يؤثر بدوره في السلوك حيث تصدر استجابات تعملعلى اختزال الحاجة مما يؤدي إلى تعزيز السلوك .
يستبعد سكنير وجود متغيراتمتدخلة مثل الحافز ، ويرى أن التعزيز الذي يتلواستجابة ما يزيد من احتمالية حدوثهاثانية ، كما إزالة مثير مؤلم يزيد من احتمالية حدوث الاستجابة ، أي أنه يرى أناستخدام أساليب التعزيز المختلفة كفيل بإنتاج السلوك المرغوب فيه .

ثانياُ : النظرية المعرفية :
التفسيرات المعرفية تفترض أن الإنسان مخلوق عاقل يتمتعبإرادة تمكنه من اتخاذ القرارات التي يرغب فيها ، لذلك تؤكد هذه التفسيرات علىمفهوم الدافعية الذاتية المتأصلة فيه ، وبذلك يتمتع بدرجة عالية من الضبط الذاتي ،وتعتبر ظاهرة حب الاستطلاع نوع من الدافعية الذاتية ، والتي تمثل دافعاً إنسانياًذاتياً وأساسياً ولدافع حب الاستطلاع أثره الواضح في التعلم والابتكار والصحةالنفسية ، لأنه يساعد المتعلمين وخاصة الأطفال على الاستجابة للعناصر الجديدةوالغريبة والغامضة ، وإبداء الرغبة في معرفة المزيد عن أنفسهم وعن بيئتهم والمثابرةفي ذلك ، وهي أمور ضرورية لتحسين القدرة على التحصيل

ثالثاً : النظريةالإنسانية :
تهتم هذه النظرية بتفسير الدافعية من حيث علاقتها بالشخصية أكثر منعلاقتها بالتعلم وترجع مفاهيم هذه النظرية إلى ماسلو ، والذي يفترض أن الدافعيةالإنسانية يمكن تصنيفها على نحو هرمي يتضمن سبع حاجات حيث تقع الحاجات الفسيولوجيةفي قاعدة التصنيف ، بينما تقع الحاجات الجمالية في قمته على النحو التالي :
1 - الحاجات الفسيولجية : مثل الحاجة إلى الطعام والشراب والأكسوجين والراحة
..
الخ ،وإشباع هذه الحاجات يعطي الفرصة الكافية لظهور الحاجات ذات المستوى الأعلى .
2 - حاجات الأمن : وتشير إلى رغبة الفرد في السلامة والأمن والطمأنينة ، وتجنب
القلقوالاضطراب والخوف ويبدو ذلك واضحاً في السلوك النشط للأفراد في حالات
الطوارئمثل الحروب والأوبئة والكوارث الطبيعية .
3 - حاجات الحب والانتماء : وتشير إلىرغبة الفرد في إقامة علاقات وجدانية
وعاطفية مع الآخرين بصفة عامة ومع المقربينمن الفرد بصفة خاصة . ويبدو
هذا الشعور في معاناة الفرد عند غياب أصدقائهوأحبائه أو المقربين لديه .
ويعتبر ماسلو ذلك ظاهرة صحية لدى الأفراد الأسوياء ،وأن الحياة الاجتماعية للفرد تكون مدفوعة بحاجات الحب والانتماء والتواد والتعاطف .
4 - حاجات احترام الذات : وتشير إلى رغبة الفرد في إشباع الحاجات المرتبطةبالقوة والثقة والجدارة والكفاءة وعدم إشباعها يشعر الفرد بالضعف والعجز والدونية . فالطالب الذي يشعر بقوته وكفاءته أقدر على التحصيل من الطالب الذي يلازمه شعورالضعف والعجز .
5 - حاجات تحقيق الذات : وتشير إلى رغبة الفرد في تحقيق إمكاناتهالمتنوعة على نحو فعلي ، وتبدو في النشاطات المهنية واللامهنية التي يمارسها الفردفي حياته الراشدة ، والتي تتفق مع رغباته وميوله وقدراته حيث يقصر ماسلو هذهالحاجات على الأفراد الراشدين فقط لعدم قدرة الأطفال على تحقيق هذه الحاجات بسببعدم اكتمال نموهم ونضجهم .
6 - حاجات المعرفة والفهم : وتشير إلى رغبة الفردالمستمرة في الفهم والمعرفة ، وتظهر في النشاط الاستطلاعي والاستكشاف له ، ورغبتهكذلك في البحث عن المزيد من المعرفة ، والحصول على أكبر قدر من المعلومات ، وهذهالحاجات لها دور حيوي في سلوك الطلاب الأكاديمي حيث إنها تعتمد على دوافع ذاتيةداخلية .
7 - الحاجات الجمالية : وتدل على الرغبة في القيم الجمالية وميل بعضالأفراد إلى تفضيل الترتيب والنظام والاتساق في النشاطات المختلفة وكذلك محاولةتجنب الفوضى وعدم التناسق ويرى ماسلو أن الفرد الذي يتمتع بصحة نفسية سليمة يميلإلى البحث عن الجمال ويفضله كقيمة بصرف النظر عن أية منفعة مادية .
ـ يلاحظ أننظرية ماسلو اشتقت نتائجها عن طريق الملاحظات والمقابلات العيادية وغير العيادية ،ولذلك يصعب التحقق من مدى صدقها ، على الرغم من ذلك تبدو أهمية هذه النظرية في مجالالتنشئة والتربية ، فمن المهم أن يدرك الآباء والمعلمين والمربين ضرورة إشباع بعضالدوافع الدنيا للتمكن من إشباع الدوافع ذات المستوى الأعلى أثناء تنشئة الأطفالوتربيتهم .