المركزية واللامركزية في إدارة

الشؤون المحلية وأثرها على زيادة الكفاءة والفاعلية الإدارية



الأستاذ/ يوسف عيسى الصابري

مدير عام معهد التنمية الإدارية – أبوظبي - دولة الإمارات العربية المتحدة


مقدمــــــة:
تؤكد معظم مظاهر وسمات العصر الذي نعيشه من تغييرات ملموسة وتحولات غير مسبوقة في مجالات اتساع وتعقيد وظائف الدولة إلى حتمية توزيع السلطات بين الحكومة المركزية والمحليات ، والأخذ بإستراتيجيات التطوير والإصلاح الإداري . إن معظم أدبيات الإدارة الحديثة تركز على أن إستراتيجيات الإصلاح الإداري تتكون من مجموعة محاور يمكن أن نجملها في التاليالمركزية واللامركزية في إدارة الشؤون المحلية وأثرها على زيادة الكفاءة والفاعلية الإدارية1)
- محور الكفاءة.
- محور المساءلة الفعالة : البحث عن وسائل التنفيذ الكفء والفعال لبرامج والسياسات العامة في ظل مساءلة مستمرة.
- محور الأساليب العلمية في الإدارة.
- محور تطوير الثقافة التنظيمية.
والسؤال الذي يثار هو: ما هو الهدف الرئيسي من وراء محاور إستراتيجيات الإصلاح الإداري؟ وما هي قنوات ومتطلبات تنفيذ إستراتيجية الإصلاح الإداري والتطوير الإداري؟
إن الهدف الأساسي لهذه المحاور في ظل التحديات التي تواجه الدولة المعاصرة هو التوجه نحو تقليص حجم الدولة بما يستدعى بالضرورة إعادة النظر في البيروقراطية وإخضاع أساليب الإدارة العامة للمعايير الموضوعية والمساءلة عن تكلفة تقديم الخدمات وقياس نتائج الخطط والبرامج من خلال الكفاءة والفاعلية وأثر ذلك في البيئة المحيطة.
أما من حيث المستلزمات الأساسية لتنفيذ هذه الإستراتيجية فالضرورة تقتضي أيضاً تفويض أو تخويل السلطات إلى الوحدات المحلية و تحديد العلاقة بين الحكومة المركزية والمستويات الدنيا من خلال توزيع السلطات والدمج والانتقال من المركزية المتشددة والممارسات البيروقراطية الجامدة إلى مزيد من تقصير الظل الإداري واللامركزية كأداة من أدوات الإصلاح الإداري.

ومما يؤكد على أهمية هذا التوجه نحو اللامركزية هو أن الحكومات لا تستطيع بمفردها أن تحكم بكفاءة من العواصم المركزية . فقد أشارت معظم الدراسات متمثلة في لجنة" فيلتون في بريطانيا في 1966-1968 وفريق الأمم المتحدة حول " اللامركزية من أجل التنمية القومية والمحلية(1975) أو تقارير الاتحاد الدولي للحكم المحلي(I.U.L.A.) بهولندا إلى العديد من المسلمات.
أولها أن إهدار وسوء استخدام البيروقراطية للموارد المتاحة قد أدى إلى تدني شرعيتها وتدهور ثقة المواطنين فيها بل معاداتها واستعداء الآراء عليها، وقد نتج عن هذا الاستعداء والعجز عن الأداء ما يسمى "بالمأزق البيروقراطي".
ثاني هذه المسلمات هو أن عدم كفاءة الأجهزة البيروقراطية التي تزامنت مع التحديات الدولية الراهنة قد ركزت الانتباه إلى قضايا إعادة هيكلة القطاع العام وتبني مبادئ الفاعلية والكفاءة الإنتاجية.
ثالث هذه المسلمات يكمن في حقيقة " أن طريق التنمية الشاملة لا يمر إلا عبر التنمية المحلية. أما رابع هذه الملسمات فهو أن مفهوم الإدارة المحلية كإحدى الركائز الأساسية للإدارة العامة يبدأ في جوهرة من منطلق مبدئي: الذاتية في الأداء ، والاستقلالية في عملية اتخاذ القرارات ، وهو ما يصعب تحقيقه طالما كان الاعتماد كلياً على السلطة المركزية مادياً وإدارياً في أي دولة من الدول" (2).
إن ضخامة مهام الدولة وانتشارها والضغوط نحو" حكومة تعمل أفضل وبكلفة أقل" ولمزيد من الشفافية والمشاركة والاقتراب من المواطن قد ساهمت في تركيز الجهود على نقطتين هامتين:
النقطة الأولى تتعلق بوجهات النظر حول تحقيق التطوير الإداري وإحداث تغيرات متعمدة من خلال إدارة الجودة، الإدارة الإستراتيجية، إعادة هندسة نظم العمل في المنظمات، إعادة اختراع الدولة وانحسار نهجها التدخلي.
ويواكب هذه النظريات الحديثة أهمية الاهتمام بالمساءلة وإخضاع القطاع العام لمعايير الكفاءة والفعالية والأخذ بمنهجيات القطاع الخاص كالتعاقد الخارجي (Out-Souring)، والاهتمام بالعملاء(Customers) والمنافسة والمقارنة بالأحسن(Bench marking).
أما النقطة الثانية فترتبط بدور المواطن الذي اتسعت خياراته في إدارة شؤونه المحلية والمشاركة بفعالية في التخطيط والتنمية في ظل اللامركزية وتثير هذه النقطة عدة تساؤلات لعل أهمها طبيعة اللامركزية والعلاقة بالحكومة المركزية ودرجة الصلاحيات التي تتمتع بها السلطات المحلية في ظل النظام اللامركزي من حيث الشخصية الاعتبارية ودرجة من الاستقلال المالي والإداري.
ولكي تؤدي هذه السلطات المحلية دورها يجب أن تتوفر لها بعض المقومات منها الفلسفة السائدة للدولة ودرجة اللامركزيـة تفويضية أم تخويلية والموارد المالية والبشرية. فضلاً عن ذلك فقد اقترح فريدمان (Friedmann) ثلاثة مجموعات من المقومات التي يجب أن تتوفر في الحكم المحلي لتحقيق أهدافه وهي خصائص الفاعلية والكفاءة والتوافق مع متطلبات البيئة الاقتصادية والسياسية والجوانب الرقابية وبيئته التي تحدد القدرة على البقاء والنمو والقبول الاجتماعي. أما روندنيلي (Rondinelli) فقد اقتصر تحليله في هذا الصدد على اللامركزية والمشاركة الأهلية وبالمثل ركز ( علي نجيب) على المشاركة وأطلق عليها عنصر الانتخاب لعضوية المجالس وعلى اللامركزية وأطلق عليها الاستقلال المالي والإداري، بل أضاف عليها خصائص الوحدات المحلية وهي الشخصية المعنوية، والتخطيط والرقابة.(3) كما يذهب فريق آخر إلى أهمية حرية اتخاذ قرار التنمية والقدرة على التنفيذ وملاءمة نظام الإدارة المحلية للبيئة المحيطة به.
تعتمد هذه الدراسة المكتبية على المنهج التحليلي الوصفي للوقوف على"دور اللامركزية في إدارة الشؤون المحلية وأثرها على زيادة الكفاءة والفاعلية الإدارية".
وتهدف في المقام الأول إلى التعريف باللامركزية كأداة هامة من أدوات الإصلاح الإداري وعلاقتها الوثيقة بقضايا التنمية وفي سياق تناولها لتوزيع السلطات و تحاول الدراسة الإجابة على عدد من الأسئلة الأساسية وهي على النحو التالي:
1. لماذا التركيز والاهتمام باللامركزية وأثرها في الكفاءة والفاعلية كقيمة أساسية في القبول الاجتماعي واتخاذ القرارات وتوصيل الخدمات للمواطن؟
2. هل هنالك ارتباط وثيق بين اللامركزية والتنمية؟
3. ما هي السمات المميزة للإدارة المحلية في دولة الإمارات العربية المتحدة؟ وما هي معايير الكفاءة والفعالية التنظيمية؟
ومن محددات وقيود هذا البحث صعوبات جمع المعلومات والبيانات الميدانية لمعرفة أثر اللامركزية في الكفاءة والفعالية ولعل في هذا دعوة للباحثين لإلقاء مزيد من الضوء حول الكفاءة والفعالية وطرق قياسهما فهذا البحث مكتبي واعتمد في جوهره على الخبرة واللقاءات والدراسات المنجزة حول الموضوع.

المصطلحات الرئيسية:
- المركزيــــة: وتعنى بإيجاز تركيز أو توحيد أو عدم تجزئة سلطات المركز أو العاصمة التي تمثل سلطة البت النهائية. ويقوم هذا النمط من الإدارة على التبعية والتسلسل الهرمي وله العديد من المظاهر منها التركيز الإداري، عدم التركيز، الإدارة الحقلية والإدارة المصلحية.(Field Administration)
- اللامركزية: وهي نقل السلطة إلى هيئات جغرافية تتمتع بدرجة من الاستقلال المالي والإداري محدود ومحسوب تحت رقابة الحكومة المركزية، ولهذا النمط عدة أنواع منها اللامركزية الإدارية، واللامركزية التفويضية والتخويلية أو المرفقية.
- الكفاءة: وهي القدرة أو الرغبة في أداء أو استخدام الموارد المتاحة في إدارة الخدمات و إنتـاج السـلع بأقل تكلفة ووفقاً للأهداف فهي تدل على النوعية أما الكفاية فهي اختيار الأنسب وهي دالة الكمية وقد فرض مبدأ الكفاءة أهميته في الإدارة المحلية في مجالات الحجم الأمثل و البرامج والمشاركة والرضا ودرجة القبول الاجتماعي.
- الفعاليـة: فهي درجة تحقيق أو إنجاز الأهداف وقدرة التنظيم في استغلال الفرص المتاحة في البيئة المحيطة.
فالفعالية قد تشمل مفهوم الكفاءة و تقاس بدرجة تحقيقها للأهداف العملية شريطة إدراك المنظمة لمعايير ومحددات الفعالية وهي: النظام الاقتصادي،النظام السياسي، والنظام الرقابي والنظام البيئي أما الفعالية التنظيمية (Organizational Effectiveness) فهي السعي الحثيث لتحقيق التفوق والامتياز التنظيمي فهي أشبه بمفهوم الوقاية للمحافظة على نمو واستقرار المنظمة ورفع كفاءتها باستمرار(4).
وسيتم تناول الموضوع قيد البحث من ثلاثة أجزاء ومقدمة

الجزء الأول: ويضم ثلاثة عناصر هي:
1- الإطار النظري ويشمل المبادئ النظرية للإدارة المحلية والحكم المحلي
2- أهمية المركزية واللامركزية
3- مبررات وأركان وأنماط الإدارة المحلية والتوظيف
الجزء الثاني: ويشتمل على عنصرين هما:
1- الملامح الرئيسة لتطور الإدارة المحلية بدولة الإمارات العربية المتحدة
2- السمات الرئيسية لتجربة اللامركزية وأثرها في الكفاءة والفاعلية:
- دور الأمانة العامة للبلديات في التنسيق والتعاون.

- عدم وجود وزارة اتحادية للبلديات للإشراف على البلديات.

- أثر اللامركزية في الكفاءة والفاعلية التنظيمية.
الجزء الثالث: خلاصـــــة
المراجع الأساسية

الجزء الأول:
أولاً: الإطار النظري: المبادئ الأساسية في الإدارة المحلية والحكم المحلي
منذ فجر التاريخ الإنساني تميزت الكيانات الاجتماعية بسيادة شيخ القبيلة ومجلسه بهدف ضمان الاستقرار والحصول على الأمن الجماعي. وتعتبر سلطات هذا المجلس بمثابة الصورة للحكومة المصغرة وبالتالي النواة الأساسية للمجالس البلدية أو الريفية بلغة العصر .
ثم تطورت الحكومات الصغيرة حيث تجسدت في قيام الدولة المدنية (City-State) في أثينا وروما ثم المدن البلدية التي سادت أوربا ( ميلانو، استراسبوغ ) أبان عصر النهضة ، وتعتبر هذه الكيانات حكومات طبيعية أو بدائية سبقت نشوء الدولة المعاصرة.
وبمجرد قيام الدولة الحديثة موحدة كانت (فرنسا)، أم اتحادية (الولايات المتحدة الأمريكية)، أما كونفدراليه ذات روابط فضفاضة بين الكانتونات (سويسرا) فقد برزت إلى السطح مجموعة قضايا تمثلت في توزيع مهام الحكومة ، تقسيم السلطات والاختصاصات وتحديد العلاقة بين المركز والأطراف(Core-Periphery) التمويل والرقابة بأنواعها على الهيئات ما دون المستوى القومي ، التقسيم الجغرافي ، تشكيل المجالس، درجة التفويض والتخويل ثم المشاركة في تنفيذ الخطط الاجتماعية والاقتصادية الشاملة.
ونتيجة لمحاولات توزيع الوظيفة الإدارية بين المركز والأقاليـم ظهرت العديــد من قنوات الاتصـال(Communicational Channels) كتنمية المجتمع، الجمعيات التعاونيــة ، الإصلاح الزراعي (Land – Reform) ومحاولات ربط أو دمج المجتمعات النائية بالمجتمع الكبير (Animation-Rurale) في أفريقيا الفرانكوفونية ثم أخيراً الإدارة المحلية أو الحكم المحلي. ومـن بين قنـوات الاتصـال الأربع استأثرت الإدارة المحلية ( إدارات حقلية وأهلية) التي تطورت في العديد من الدول إلى حكم محلي على اهتمام الدول النامية والمتقدمة على حد سواء.
فماذا نقصد بالإدارة المحلية أو الحكم المحلي؟ وما هي أركانه ومبرراته وطرق التوظيف فيه؟
وسنطرق إلى الإدارة المحلية أو الحكم المحلي باختصار فيما يلي:
أ- الإدارة المحلية والحكم المحلي:

إنها " أسلوب من أساليب التنظيم الإداري للدولة يقوم على فكرة توزيع السلطات والواجبات بين الأجهزة المركزية والمحلية، وذلك بفرض أن تتفرغ الأولى لرسم السياسات العامة للدولة وإدارة المرافق القومية، وأن تتمكن الأجهزة المحلية من تسيير المرافق المحلية بكفاءة لتحقيق الأهداف المشروعة"
ب- الحكم المحلي:

"منظمة لها سكان مقيمون في منطقة جغرافية معينة، مع تنظيم مسموح به وهيئة حاكمة ، بالإضافة إلى شخصية قانونية مستقلة وسلطة تقدم خدمات عامة مع درجة كبيرة من الاستقلال"(5).
المبــررات والأركــان:
ج- مبرراتها:

¨ سياسية: وهي تقوم على قاعدة المشاركة في اتخاذ القرارات في إدارة الشؤون المحلية تأسيساً على مبدأ حكم الناس لأنفسهم بأنفسهم في إدارة الخدمات وتوزيع المشاريع الإنمائية.
¨ اقتصادية: وتعني الاقتصاد في النفقات وإيجاد مصدر التحويل وقيام المشروعات المناسبة للمجتمعات المحلية.
¨ اجتماعية: وتعتمد على تنمية الروابط بين أجزاء الوطن وإشباع الرغبات وتوفير الاحتياجات.
¨ إداريــة: وتتلخص في تخفيف الأعباء على عاتق الحكومة المركزية والكفاءة الإدارية والمرونة في استخدام أساليب الأداء وسهولة القيام بعمليات الإصلاح الإداري.
د- الأركــان:

تشير أدبيات الإدارة المحلية إلى أن هنالك العديد من الأركان والمرتكزات التي تقوم عليها الإدارة المحلية ونستطيع أن نوجز كل ذلك في المقومات أو الأركان الثلاث التالية:
1. وجود مصالح محلية أو مرفقية مشتركة في رقعة جغرافية محددة.
2. قيام مجالس أو هيئات منتخبة للإشراف على المصالح المحلية وإدارتها.
3. وجود هيئات تباشر اختصاصات أصيلة أي تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري النسبي تحت رقابة مركزية محددة(6).
هـ- الأنماط الرئيسية:

1- النمط الفرنسي: و يستمد أصوله من الثورة الفرنسية (1789) والتشريعات التي حدثت في عهد نابليون ومن أبرز مظاهره المحافظ (Prefect) والسلطات المركزية التي يتمتع بها.
2- النمط البريطاني(الانجلوساكسوني): ويتميز بعراقة محلياته التي سبقت ظهور المؤسسات المركزية.
3- النمط الســوفيتي ( السـابق): ويقوم على الربط بين المحليات والمركز ويتميز ( بالمركزية الديمقراطية).
4- النمـط التقلــيدي: ويتمثل في الإدارات الأهلية ويشتهر بممارسة العادات والتقاليد والأعراف في إدارة الشؤون المحلية.
و- أما حول طبيعة تقسم أشكال الحكم المحلي كمظهر من مظاهر اللامركزية والتي تحدد أساس أداء الوظائف وبالتالي العلاقة بين الحكومة المركزية والمحليات فهي على النحو التالي كما حددتها الوثيقة الصادرة عن مؤتمر الأمم المتحدة حول " اللامركزية من أجل التنمية القومية والمحلية" (7).
1. النظام المشتركالمركزية واللامركزية في إدارة الشؤون المحلية وأثرها على زيادة الكفاءة والفاعلية الإداريةPartnership): ويهدف إلى المشاركة في الخدمات بين النظم المحلية والمركزية ويوجد في معظم الدول الإفريقية التي كانت تحت الحكم البريطاني.
2. النظام المزدوجالمركزية واللامركزية في إدارة الشؤون المحلية وأثرها على زيادة الكفاءة والفاعلية الإداريةDual): وفيه تضطلع الإدارة المحلية بالخدمات ذات الطابع الإداري وتترك الأمور ذات الطابع الفني للحكومة المركزية وفيه تتمتع السلطات المحلية باستقلال قانوني في أداء الخدمات ( أمريكا اللاتينية).
3. النظام المتكامل: (Integrated): وهو نظام تقوم فيه الحكومة المركزية بالجوانب الإشرافية والفنية على أعمال الإدارة المحلية ويمارس هذا النظام في معظم دول جنوب شرق آسيا.
4. النظام الشمولي: ( Comprehensive): وفيه تقوم الإدارة المحلية بالخدمات الأصلية وخدمات أخرى في مجالات الصحة والتعليم ومن أمثلة الدول التي تمارس هذه النظام الهند وباكستان. وفي هذا النظام تحولت وحدات الحكومة المركزية المحلية إلى أجهزة تنفيذية للمجالس المنتجة.

نستخلص مما سبق إلى أن الإدارة المحلية أو الحكم المحلي هي نتاج طبيعي لبيئتها وقـد تكـون محصيلة لتطور تدريجـي وطبيعـي أو اسـتحداث لشكل جديد أو "تهجين" (Hybrid) لعدة أنماط . ومهما تعددت الممارسات فإن لفظي الإدارة المحلية والحكم المحلين يستعملان كمترادفين وإن الخلاف يكمن في الأساس في نقطتين:
أولها: إن الحكم المحلـي يعتبر درجــة أرقى وأســلوب من أســاليب اللامركزيــة التخويلية (Devolution). وبموجب هذا تتنازل الحكومة المركزية من خلال نقل للسلطات (Transfer) إلى مؤسسات على المستوى الجغرافي تتمتع بدرجة من الاستقلال المالي والإداري والشخصية المعنوية. أما الإدارة المحلية فتدخل في نطاق القانون الإداري تعتبر العلاقة علاقة تبعية وهي هرمية من خلال التفويض أو عدم التركيز والتعليمات والتوجيهات المركزية.
من ناحية ثانية فإن المركزية واللامركزية ليست متعارضتين ولا هما بديلين لبعضهما البعض وإنما متداخلين عبر المتتالي (Continuum) فالمطلوب هو إيجاد درجة من التوازن لتحقيق التنمية.كما أنه لا توجد مركزية مطلقة ذلك وبحكم التوجه نحو اللامركزية والمشاركة فإن مقولة لويس الرابع عشر أنا الدولة (L'etat C'est moi) قد على عنها الزمن وأصبحت جزءاً من التاريخ. كذلك لا توجد لا مركزية مطلقة لأن ذلك يؤدي إلى التغلل والتجزئة (Secession) . وأخيراً فمن الممكن ممارسة المركزية في دولة ذات حجم صغير كما يمكن ممارسة اللامركزية في دولة ذات نطاق جغرافي واسع الصين مثلاً0 لأن ذلك يعتمد على الفلسفة السائدة للدولة وتطورها التاريخي والعلاقة بين الحكومة المركزية والإدارة المحلية والظروف الاستثنائية التي تمر بها البلد.(انظر التقسيم الإداري وتوزيع السلطات وفقاً لدواعي المركزية واللامركزية).
× التوظيــف:
وقد تختلف تطبيقات الإدارة المحلية في درجة الاستقلال أو التمتع بالشخصية المعنوية أو الدرجة المالية ف حق التقاضي والمقاضاة وإبرام العقود والالتزامات، كما تختلف الدول في نظم الموظفين أو في نماذج الإدارة المحلية. وبنظرة عامة فإن هنالك ثلاثة أنواع للأنماط التي تحكم تنظيم الخدمة العامة في المستوى اللامركزي وهـي(8).
1. النظـام المستقل:
بكل وحدة لامركزية لدعم الاستقلال المحلي وتقليل النفقات والكلفة ويقلل من المحاباة والمحسوبية (بريطانيا)
2. النظـام المركزي:
الموحد بالحكم اللامركزي النظم المؤسسة وأهمية الانتظام في سلك وظيفي لتوزيع الكفاءات من خلال هيئات مستقلة للخدمة المدنية على مستوى المحليات.


3. النظـام المتكامل:
يمثل هذا النظام أحد ركائز المركزية الإدارية ، وهو بهذا يعتبر نظاماً موحداً لكافة مستويات الدولة يتبع لجهاز مركزي موحد وقانون واحد يتضمن شروط الخدمة المدنية ويعد كشوفات النقل بين الوحدات الحكومية والأقاليم ويراقب عملية التنفيذ.

الجزء الثاني:
الملامح الرئيسية لتطور الإدارة المحلية في دولة الإمارات العربية المتحدة
شهدت منطقة دول مجلس التعاون الخليجي العربي العديد من البلديات أو الإمارة المدينة وذلك بحكم تأسيس البلديات حول المدن الرئيسية لأسباب ترجع إلى صغر حجم مساحة الدولة وقلة المواطنين. وعلى سبيل المقارنة فقد أسست بلدية المنامة في 1919، وصدر مرسوم تنظيم البلديات في المملكة العربية السعودية في 1925، وأنشأت بلدية مسقط في 1927 وصدر مرسوم تنظيم بلدية الدوحة في 1955م.
أما في دولة الإمارات العربية المتحدة فيمكننا تقسيم نشأة المدن الرئيسية وقيام البلديات والتوجه نحو اللامركزية إلى فترتين أساسيتين.
أولاً: مرحلة ما قبل 1971:

تميزت هذه المرحلة بقيام أجهزة تنفيذية أو وحدات تتبع لحاكم الإمارة وليس بلديات تتمتع بالشخصية المعنوية ودرجة من الاستغلال المالي والإداري المحدود.
فقد " كان نشــاطها في مختلف الإمارات يتركز في القيام بأعمال بسيطة مثل المحافظة على مظهر المدن…… و القيام ببعض النشاطات الصحية ، إضافة إلى إصدار إجازات عمرانية و تجارية ومراقبة إنشاء الأبنية وبعض الخدمات البسيطة الأخرى( 9 ).
ووفقاً لمرحلة التحضر فإن هذه الفترة يمكن تقسيمها إلى ثلاثة مراحل متباينة للتحضر ولكل منها خصائصها ومميزاتها وهي:
( أ ). مرحلة التحضر والتقليديةالمركزية واللامركزية في إدارة الشؤون المحلية وأثرها على زيادة الكفاءة والفاعلية الإدارية10)
وتبدأ من فترة التكوين في العصور الإسلامية حتى مرحلة اكتشاف البترول في الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين.
(ب). مرحلة النشـأة والتكويـن:
تزامنت هذه المرحلة مع اكتشاف و تسويق البترول وقد أحدث اكتشاف البترول تغيرات اقتصادية وفي التركيبة المهنية والبناء الاجتماعي وقد أثر ذلك في زيادة الهجرة الداخلية من البادية والريف إلى مراكز المدن والهجرة الدولية وإنشاء المؤسسات التحتية والتشريع وتنظيم العمل.


(ج). مرحلة التحضر السريع:
وتميزت المرحلة بزيادة تدفق العائد من البترول واستثماراته وقد توافق ذلك مع الارتفاع في النمو السكاني وانتشار استخدام التكنولوجيا والاهتمام بالطرق والتخطيط والعمراني وحماية البيئة من التلوث وتقديم الخدمات. وقد أكبت هذه المرحلة فترة تحولات وحراك اجتماعي وتقدم اقتصادي وتكنولوجي في بداية اكتشاف البترول الذي أدي إلى جذب السكان من الداخل والخارج والتمركز حول المدن بحيث أصبحت العواصم تضم أكثر من 60% من إجمالي باستثناء إمارة أو إمارتين وبداية ما يسمى بظاهرة الإمارة المدنية كظاهرة خليجية اتسمت وتفردت بخصائص تركيز الفعاليات حول المدنية.
ثانياً: مرحلة ما بعد 1971:

تشير هذه المرحلة إلى ميلاد الاتحاد في 8/7/1971 وقيام دولة الاتحاد في 2/12/1971 الذي يتكون من سبع إمارات هي إمارة أبو ظبي، إمارة دبي، إمارة الشارقة، إمارة عجمان ، إمارة أم القيوين وإمارة رأس الخيمة التي انضمت إلى الاتحاد في 10/2/1972م. وتتميز هذه الإمارات بالخصوصية المشتركة في التراث الحضاري والعادات والتقاليد و نظم الحكم الذي كان له أبلغ الأثر في الدستور الاتحادي وذلك من خلال توزيع السلطات والاختصاصات بين الإمارات والحكومة الاتحادية. وبحكم عراقة وأصالة الإمارات نستطيع تفسير قوة السلطات التي احتفظت بها حكومات الإمارات في مرحلة صياغة الدستور وتوزيع الاختصاصات. فالإمارات السبع التي كونت الاتحاد لها تاريخ ضارب في القدم كمشيخات صغيرة ثم تحولت إلى إمارات متصالحة.
أن هذا التدرج التاريخي الراسخ للإمارات قد كان له أثره في مواد الدستور المؤقت و تقسيم الاختصاصات والدعم المتواصل للامركزية ، فكل النصوص الواردة في الدستور حول العلاقة بين الاتحاد والإمارات تشير إلى مدى ما تتمتع به الإمارات من سلطات إدارية وموارد مالية بالإضافة إلى وجود المقومات الرئيسية للإدارة المحلية مثل عدد السكان، والمساحة والقدرة على الاضطلاع بتقديم الخدمات.
وإذا أمعنا النظر في مواد الدستور المؤقت وما يتعلق بتوزيع السلطات نلحظ ما يلي:
(أ) : نصت المادة(120) على المسائل التي ينفرد بها الاتحاد بالاختصاص كالشؤون الخارجية والدفاع والصحة والتعليم والنقد والجنسية والهجرة وغيرها. وحددت المادة(121) بعض الاختصاصات التي ينفرد فيها الاتحاد بالتشريع مثل القروض الاتحادية وشق الطرق والتعداد والإحصاء وخدمات الكهرباء على سبيل المثال.
(ب): نصت المادة(122) على ممارسة الإمارات كل مالا ينفرد الاتحاد بمزاولته من أمور وفقاً لأحكام المادتين(120 و121) . واحتفظت الإمارات تبعاً لذلك تجربة واسعة لا سيما في الأمور الداخلية الخاصة بها والتي تراها مناسبة من الناحية التنظيمية(11).

(ج): وفقاً لنصوص الدستور المؤقت وتدعيماً للتوجه نحو اللامركزية فقد احتفظت الإمارات بتنظيم إدارتها المحلية في المدن وإنشاء بلديات فيها وفروع تابعة لهذه البلديات كما هو الحال في خورفكان وكلبا للتين كانتا تابعتين إدارياً ومالياً لبلدية الشارقة حتى عام 1980 وصدور المرسوم رقم(30) باستقلالهما وتعيين مجلس بلدي لكل منهما كذلك الحال بالنسبة بإنشاء بلدية دبا بالمرسوم(1) عام 1969 وإنشاء أخرى في البداية. أما في إمارة أبوظبي فقد أنشأت البلدية في عام 1962 وبلدية مدينة العين في عام 1969.
(د): مما يؤكد دعم اللامركزية إن إنشاء المجالس وتشكيل عضويتها وتعيين رئيس المجلس والأعضاء ومدير البلدية بمرسوم من حاكم الإمارة.
فالسلطة المحلية على مستوى الإمارة تتكون من المجلس البلدي والذي يتولى مع حاكم الإمارة وضع السياسة العامة المحلية واقتراح اللوائح والقرارات والأوامر. أما السلطة الثانية فهي سلطة تنفيذية تتمثل في الجهاز التنفيذي وتتشكل هاتين السلطتين من المجالس البلدية. والجهاز التنفيذي للبلدية وعلى رأسه رئيس الجهاز التنفيذي ثم مدير البلدية وكليهما يتم تعيينه بمرسوم من حاكم الولاية.
(هـ): إشارة للمادة (117) من الدستور المؤقت على اختصاص الإمارات بالإدارة الحسنة أي حفظ الأمن والنظام وتوفير المرافق ورفع المستوى الاجتماعي والاقتصادي.
(و): حددت المراسيم بصورة حصرية ما تمارسه الوحدات المحلية من اختصاصات باعتبارها مجالس بلدية وبين ما تباشره بوصفها أجهزة تنفيذية وعلى سبيل المثال فإن ما تباشره هذه الوحدات كمجالس بلدية يدور حول اقتراح مشروعات القوانين، تنظيم المواصلات الداخلية وإنشاء الحدائق الــخ. أما ما تباشره كأجهزة تنفيذية فيتمثل في مراقبة الصحة والأغذية وتجميل المدن.
(ز): توضح كافة التطورات والممارسة في الإدارة المحلية على تعزيز مسيرة اللامركزية ولعل أصدق مثال على ذلك هو أن الوحدات المحلية كانت تقوم بتقديم الخدمات للمواطنين في الفترة قبل 1971 بالرغم من ضآلة ميزانياتها وقلة عدد الموظفين. أما بعد 1971 ونتيجة للتطور والعائدات النفطية في إمارات أبو ظبي ودبي والشارقة فقد ظهرت العديد من المراسيم التي عكست بجلاء زيادة السلطات والصلاحيات الممنوحة للبلديات.
وبمـوجب تلك المراسـم فقد انتقلت البلدية من مجرد تقديم للخدمات البيئة أو البلدية ( طرق وإنارة ونظافة) إلى مرحلة تهيئة البيئة ا لمناسبة من خلال تقديم ما يسمى بالخدمات المحلية أو الاجتماعية والفنية. فهي خدمات تتطلب نوعاً من المهنية في الأداء الفني لتقديم الخدمات وفق معدلات ومعايير محددة للأداء. وكنتيجة لازدياد درجة الاعتماد على البلدية فقد أسندت إليها مسؤولية التنمية الشاملة للمجتمع من حيث إرساء البنى الأساسية والتخطيط العمراني وكافة مشاريع الطرق وتنظيم وضبط الحركة التسويقية وتجميل المدن والرقابة الغذائية والحفاظ على الصحة والنظافة وحماية البيئة. فالبلديات أصبحت أشبه ما تكون بالحكومات المصغرة التي تعنى بتقديم كافة احتياجات المواطن. وتأسيساً على هذه الأعباء الجديدة فقد عكست المراسيم المختلفة للبلديات طبيعة التوسع والزيادة في صلاحيات البلدية وفي مهام وواجبات مجالسها وأعضاء هذه المجالس. ويمكن من خلال استعراض المراسيم المختلفة أن نقف على بعض الملامح الرئيسية لهذه الصلاحيات والسلطات من جهة والدعم المستمر لمسيرة اللامركزية وطبيعة العلاقة مع الحكومة المركزية كمؤشرات لدعم مسيرة اللامركزية من جهة أخرى فقد شملت هذه الاختصاصات التي حددتها مراسيم التأسيس منذ 1997 الشؤون المالية، الصحة العامة، تجميل المدن وتخطيطها الأسواق ، الخدمات الاجتماعية، خدمات الإطفاء، تشكيل المجالس المحلية، سير العمل في المجالس، مصادر التمويل والرقابة على المجالس البلدية.
و تخضع قرارات الميزانية والرقابة ونزع ملكية الأراضي والتعويض عنها وتعيين رؤساء المجالس ، اللوائح الداخلية للمجلس والعوائد والرسوم لموافقة الحاكم.
لو ألقينا نظرة سريعة على اختصاصات وتشكيل المجالس وتعيين الأعضاء وسير العمل في المجالس ومصادر التمويل ثم الرقابة تتضح بلا أدنى مجموعة حقائق نجملها فيما يلي:
تتمتع البلدية بالشخصية الاعتبارية ولكنها في واقع الأمر تتبع / لحاكم الإمارة والجهاز التنفيذي.
فهو الحاكم ورئيس الجهاز التنفيذي والذي يتمتع بسلطات تحديد الموارد و إنفاقها والعلاقة مع الحكومة الاتحادية فيما يتعلق بالمشروعات التنموية الطموحة التي تقدمها الحكومة المركزية. كما أنه يتمتع بسلطة اختيار رئيس مجلس البلدية وتعيين مدير البلدية وأعضاء المجلس والجهاز التنفيذي وكلها أمور تخضع لاعتبارات تاريخية وثقافية وتوازنات اجتماعية في غاية الأهمية.
الجزء الثالث:
السمات الرئيسية لتجربة الدول المحلية وتطور اللامركزية :
( أ ) دور الأمانة العامة
(ب) عدم وجود وزارة اتحادية للإشراف على البلديات
(ج) أثر اللامركزية في الكفاءة
(أ)- دور الأمانة العامة للبلديات كجهاز تنسيقي بين الإدارة المحلية والحكومة الاتحادية:

شهد الثامن من يوليو 1971 مولد اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي الثاني من ديسمبر احتفل بقيام دولة الإمارات حيث تمت صياغة الشكل الدستوري للدولة الحديثة.
وقد شمل هذا التشكيل الحكومة الاتحادية والمجلس الوطني الاتحادي والمحكمة الاتحادية، وبعد قيام هذه المؤسسات الاتحادية وانتشار الوزارات والدوائر الحكومية برزت إلى السطح الحاجة الماسة إلى إنشاء هيئة تضطلع بأوليات التنسيق والتعاون بين البلديات من جهة وبين البلديات والوزارات الاتحادية والدوائر الحكومية والمؤسسات من جهة أخرى. واستجابة لهذه الضرورة فقد أنشأت الأمانة العامة للبلديات بالقرار الاتحادي رقم (2) لسنة 1980 بشخصية اعتبارية وميزانية منفصلة . وفيما يلي نتناول باختصار الأحكام المتعلقة بتشكيل هذه الأمانة، اختصاصاتها، دورها في التنسيق وطبيعة المشكلات التي تواجهها:
1- تشـكيل الأمانـة العامـةالمركزية واللامركزية في إدارة الشؤون المحلية وأثرها على زيادة الكفاءة والفاعلية الإدارية12)
للأمانة العامة مجلـس يتألف مـن مـدراء البلديات ، أبوظبي ، دبي ، الشارقة عجمان ، أم القوين ، رأس الخيمة، الفجيرة والعين ويجوز أن ينضم له وبشروط أي بلدية أخرى من البلديات القائمة.
2- اختصاصات الأمانة العامة:
- تختص الأمانة العامة بإجراء البحوث والدراسات التي يقتضيها النهوض بالبلديات ودعم رسالتها وتطوير الخدمات التي تقدمها والتعرف على المشكلات التي تعترض البلديات في القيام بمهامها واقتراح الحلول والتدابير اللازمة لمواجهتها.
- العمل على تنسيق التشريعات والأنظمة المعمول بها في البلديات في مختلف المجالات بقصد توحيدها قدر الإمكان، وعلى الأخص في مجالات التخطيط العمراني وتنظيم المباني والرخص والتفتيش الصحي.
- عقد الندوات اللازمة لتطوير أسلوب العمل في البلديات وتحسين خدماتها ودراسة البحوث والتوصيات التي تسفر عنها هذه الندوات وتقديم تقارير بشأنها إلى السلطات المختصة والعمل على تبادل الزيارات بين المسؤولين في البلديات لتوثيق التعاون بينها وللتعرف على مختلف أوجه النشاط الذي تمارسه ولتحقيق مجال أوسع للتفاعل الحضاري والعمراني، وكذلك دعم التعاون مع الجهات الحكومية التي يتصل نشاطها بالبلدية بهدف تبادل المعلومات والإفادة من خبراتها وإمكانياتها الفنية وتوثيق المعلومات والبيانات والبحوث الخاصة بالشؤون البلدية بشكل علمي ونشر نتائجها بين البلديات والتعاون مع المنظمات والهيئات الدولة والإقليمية والعمل على ضمان تبادل الخبرات معها.( 13 )
3- الأميـن العـام للأمانــة:
- يتم تعيين مدير عام للأمانة بقرار من مجلس الأمانة العامة شريطة أن يكون متمتعاً بجنسية دولة الإمارات العربية المتحدة، ومتفرغاً وذو خبرة في الشؤون البلدية.
- ويختص بتنفيذ قرارات مجلس الأمانة العامة للبلديات.
- تمثيل اتحاد البلديات لدى الوزارات والهيئات والجهات الأخرى.
- إعداد برامج الخبراء والفنيين وتطوير البرامج التدريبية للنهوض بالبلديات والوفاء باحتياجاتها.
- اتخاذ الإجراءات للدعوة بعقد المؤتمرات والندوات .الخ
- إعداد مشروع الميزانية والحساب الختامي
- وضع مشروع لائحة لتنظيم أوضاع العاملين في اتخاذ البلديات.
4- دور الأمانة العامة في التنسيق والتوجيه:
أ) التنسيق بين البلديات لإيجاد حلول مشتركة ويشمل ذلك:
- التنسيق الداخلي بين البلديات من خلال اجتماعات الأقسام الفنية.
- اللجنة الفنية لصلاحية السلع الغذائية والقرارات الصحية .
- توحيد القوانين
- التنسيق بين البلديات في توزيع الدعم الفني
ب) التنسيق بين البلديات والوزارات الاتحادية ويشمل:
- التنسيق مع مجلس الوزراء
- التنسيق مع وزارة الصحة: في مجالات الصحة العامة ورقابة الأغذية وتوفير المفتشين والمشاركة في عضوية اللجنة العليا للبيئة بالدولة.
- التنسيق مع وزارة التخطيط ووزارة المواصلات والأشغال العامة والإسكان.
ج) الأمانة العامة لجهاز تنسيقي وحلقة وصل:
تقوم الأمانة العامة بدور رائد في مجال الاتصال والتنسيق بين الوزارات والبلديات من خلال الاجتماعات و إعداد القوانين والتشريعات المنظمة للعمل.
وفي إطار تبادل الخبرات والمعلومات فتقوم الأمانة العامة بعقد الندوات بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس التعاون في مجالات رقابة الأغذية والإدارة المحلية والتخطيط وترشيد استخدام الكهرباء.
كما أنها تقوم بالزيارات الخارجية لمواكبة تجارب أجهزة الإدارة المحلية في معظم العواصم العالمية وبالأخص حضور اجتماعات منظمة المدن والعواصم الإسلامية فضلاً عن التواجد المستمر والاتصال بالمنظمات العربية والإقليمية والدولية ذات الاختصاص في مجال البلديات.
(ب) غياب وزارة اتحادية للبلديات للإشـراف علـى البلديـات وكسـمة مـن السـمات المميزة للإدارة المحلية في دولة الإمارات العربية:

يذهب البعض إلى القول: حيث توجد البلديات تنشأ الحاجة إلى وزارة أو هيئة مركزية للإشراف عليها أو بينها وبين المركز من جهة وبينها وبين البلديات والتنسيق بين التشريعات والحفاظ على التوازن من جهة ثانية. ويشير " صبحي محرم و محمد فتح الله الخطيب" ( اتجاهات معاصرة في نظام الحكم المحلي إلى أن الاختصاصات الرئيسية لوزارة أو إدارة الحكم المحلي يمكن تلخيصها في: (14)
- صياغة التشريعات الخاصة بتحديد سلطات وتنظيم السلطات المحلية.
- التوصية بإعادة النظر في تحديد الحدود الإدارية للسلطات المحلية.
- القيام بدور القيادة في داخل نطاق الحكومة بالنسبة للموضوعات المتعلقة بالحكم والتنسيق وتزويد المحليات بالمعلومات ووضع أنماط ولوائح نموذجية لإجراءات العمل والقوانين والقرارات من جهة ووضع نظام للعاملين في المحليات ووضع معدلات للأداء في الميزانية والتفتيش المالي والإداري على المحليات من جهة أخرى.
فالإدارة المحلية في معظم أنحاء العالم تخضع للرقابة تحت مسمى وزارة الإدارة المحلية، وزارة البلديات الإقليمية ، وزارة الداخلية، وزارة الشؤون البلدية والقروية، أو أمانة عامة برئاسة وزير وغير ذلك لعدة اعتبارات منها:
1. وضع السياسات وتطوير نظام الإدارة المحلية والإشراف على تنفيذها.
2. الحفاظ على الحد الأدنى من الأداء في الخدمات والتنسيق بين الوحدات.
3. ضمان الحد الأدنى لتوفير مقومات الإدارة السليمة.
4. حماية الأفراد أو المجتمع من ســوء اســتعمال السلطة وتجاوز هذه السلطات للسلطة الممنوحة (ultra-vires).
5. الرقابة على الإنفاق من خلال الميزانية ومن خلال إعانات سد العجز والإعانات المحددة أو الإجمالية.
6. وتأكيد مبدأ الإدارة الحسنة من خلال الإشراف على الأنشطة المحلية بواسطة نظـم اللجان ، أو المجلس المصغر، أو نظام العمدة القوي (Mayor) أو المحافظ أو مدير المدينة كما هو الحال في الهند وغانا.(Commissioner or City – manager)
أما في دولة الإمارات ونتيجة لما نصت عليه المادة(1127) والمواد الدسـتورية الأخرى 120-121 و122 فقد أصبحت البلديات تتمتع بصلاحيات واسعة على مستوى الإمارة وتتبع مباشرة لحاكم الإمارة وذلك لعدم وجود وزارة اتحادية تقوم بالإشراف عليها. هنالك مجالات متعددة لتدخل الحكومة الاتحادية والتأثير على الإمارة وذلك من خلال المساعدات المالية المباشرة أو عن طريق تنفيذ المشاريع الإنمائية أو الخدمية في مجالات البنى التحتية كالطرق والكهرباء والماء والتعليم والصحة من خلال الدعم الفني.
إن غياب وزارة اتحادية تشرف على البلديات تعتبر سمة من السمات المميزة للإدارة المحلية ومؤشر حقيقي على ما تتمتع به الإمارات من سلطات وصلاحيات لامركزية واسعة. أما السمة الثانية للإدارة المحلية في دولة الإمارات فتتمثل في ما تقوم به الأمانة العامة للبلديات كجهاز تعاوني تنسيقي ما بين الإدارة المحلية والحكومة الاتحادية.
(ج)- أثر اللامركزية في الكفاءة وزيادة الفعالية:

بموجب المادة (117) من الدستور منحت الإمارات سلطات واسعة تتمثل في الإدارة الحسنة بمعنى حفظ الأمن والنظام وتوفير المرافق ورفع المستوى الاجتماعي والاقتصادي. وبممارسة تلك الاختصاصات في مجالات الشؤون المالية وتشكيل المجالس والرقابة استطاعت هذه البلديات وبدرجات متفاوتة على تحقيق الخدمات والحصول على العديد من الجوائز من منظمة المدن العربية ومنظمة العواصم الإسلامية والمؤسسات العالمية وذلك في مجالات المحافظة على التراث المعماري، الوعي والسلامة البيئة، الأداء الحكومي المتميز وغير ذلك. ولكن السؤال الهام الذي يطرح نفسه هو: هل استطاعت هذه البلديات من خلال دعم اللامركزية من تحقيق أهدافها؟
وهل توجد درجة من المشاركة للمواطن في اتخاذ القرارات الهامة في الإيرادات والإنفاق والخطط التنموية وتقريب السلطة من المواطن وما هي معايير الكفاءة والفعالية؟
تمت الإشارة في مقدمة البحث إلى قيود هذا البحث المتمثلة في جمع البيانات والمعلومات الميدانية ولكن من خلال الزيارات واللقاءات الميدانية والخبرة والممارسة والإطلاع على الدراسات المنجزة أستطيع قول التالي:
- ارتبط مفهوم الفاعلية التنظيمية بقدرة المنظمة على البقاء والنمو والاستمرار في بيئتها المحيطة ومقدرتها على تحقيق أهدافها، وتفاعل أنظمتها وارساء الشرعية أي القبول الاجتماعي لها ومقدرتها على مواكبة المتناقضات والتعقيد والقدرة على إدراك القيم المتنافسة داخل وخارج بيئتها.
ولذلك فإن الحديث حول الكفاءة والفاعلية كقيم أساسية من قيم اللامركزية يقودنا إلى معرفة أهداف البلديات، العلاقة المالية والقانونية مع الحكومة المركزية، القدرة على اتخاذ القرارات، القبول بأهمية المساءلة في الإنفاق، التمتع بالدور المتجدد للبلديات والقدرة على إيصال الخدمات بشكل اقتصادي وعادل وحصول البلدية على القيمة الملائمة لما تقدمه من خدمات للمواطنين. وكذلك بالنسبة لتشكيل المجالس وتحديد الحجم الأمثل للوحدة الإدارية ودرجة القبول الاجتماع لقرارات هذه البلديات وقياس أثر هذه القرارات وفقاً للمعايير المتفق عليها.
وتأسيساً على ما سبق من أسئلة فإن الواقع يشير إلى أن دور الحكومة الاتحادية وبحكم مواد الدستور المؤقت تؤكد على:
تقليص حجم الدولة من خلال تخويل المزيد الصلاحيات إلى الإمارات وقد اكتسبت الإمارات هذه الدور لكونها سبقت نشوء الدولة الاتحادية وقد استطاعت البلديات من الاقتراب من المواطن.

ومن خلال هذه المواد الدستورية فإن الفرصة متاحة للمساءلة فيما تقوم به البلدية وما تقوم به القيادات الإدارية للبلدية والقيادات التنفيذية في التشغيل الكفء للموارد المتاحة. و تتركز هذه المساءلة حول الأداء المعقول و" المقبول" للبلدية في مجالات الإنفاق في الطرق ، الكهرباء، الماء، والمباني والتعليم والصحة وكذلك في المشاريع المقدمة من الحكومة الاتحادية . فكما يذهب البعض فإن المنظمة لا يمكن النظر إليها فقط من خلال استقرارها المالي أو نظامها المادي في الرقابة أو حتى مستوى أداءها كمخدم، ولكن يعتمد النجاح على قدرتها على تقديم كل خدماتها في المستوى الذي يعتبره أصحاب ا لمصلحة" مقبولاً (Acceptable). إن تحقيق درجة تحقيق الكفاءة والفعالية قد تبدو صعبة ومعقدة لأنها تعتمد على إجماع أكثر من طرف ، ومن هذه الأطراف المواطن العادي، دافع الضرائب، الحكومة المركزية، أعضاء البلديات والمقارنة بأسس ومعايير البلديات الأخرى في الأداء و من خلال الاستثمار في العنصر البشري وزيادة كفاءته الإنتاجية وتنمية قدراته وتمكينه من مسايرة التقدم العلمي والتكنولوجي والوسائل والأساليب الحديثة في إدارة البلديات من جهة ثانية.
نلخص مما سبق إلى أن الأمانة العامة للبلديات وفي غياب وزارة اتحادية للإدارة المحلية قد واكبت صرح الاتحاد وقامت بدور تنسيقي هام داخل أجهزة البلديات وبين البلديات والوزارات الاتحادية لمنع التضارب في الاختصاصات والازدواجية في تقديم الخدمات من جهة كما قامت كحلقة اتصال بالتعاون مع الوزارات في مجال التشريعات وواكبت التطورات الخليجية والعربية والعالمية من خلال الانفتاح على تجارب المنظمات الدولية من جهة أخرى. وعلى الرغم من هذه الإنجازات الفعالة في التنسيق ورصد المتغيرات واقتراح الخطط المستقبلية للخدمات البلدية إلا أن هنالك العديد من المشكلات التي لا تزال تواجهها.( 15 )
1- قد تم حصر دور الأمانة العامة للبلديات إلى حد كبير في تدعيم التعاون بين الوزارات والإدارات الحكومية ولذلك لم تتمكن من أداء مهامها في مجال الدراسات المقارنة الموجهة لخدمة العمل والتدريب والاستشارات المقدمة للبلديات في مجال الإدارة المحلية والتخطيط الحضري.
2- لم يتم تنفيذ العديد من التوصيات التي أعدها مجلس الأمانة أما لعدم وجود الجهاز الفعال لدى الأمانة للمتابعة ووضع هذه التوصيات موضع التنفيذ أو لعدم توفر الإمكانيات أو لعدم رغبة بعض البلديات أو المؤسسات الأخرى في تنفيذها.
3- لا يمكن وصف دور الأمانة العامة بجهازها الإداري والفني الحالي إلا بأنه متواضع للغاية، فالكوادر المؤهلة غير متوفرة فلذلك يصعب القيام بالواجبات كما ورد في قانون إنشائها.
4- ضعف سلطاتها وصلاحياتها التنفيذية والرقابية مما يقتضي بالضرورة دعم جهازها بالكفاءات البشرية وتعزيز مواردها المالية من خلال زيادة المساهمة الاتحادية أو زيادة مساهمة البلديات وخاصة النفطية منها. وهذا الدعم من الحكومة الاتحادية ومن البلديات النفطية في غاية الضرورة لضمان استمرار النظام المحلي الناشئ ومن أجل تقديم خدمات أفضل.

رابعاً: خلاصـــة:
تناولت هذه الورقة بإيجاز حقيقة أن الإدارة المحلية وليدة بيئتها وإنها سابقة لنشوء الدولة المعاصرة. ومع تعقيدات وظائف ومهام الدولة ظهرت الحاجة الملحة للأخذ بإستراتيجيات توزيع الصلاحيات بين الحكومة المركزية والمؤسسات المحلية من خلال اللامركزية بشقيها التفويضي والتخويلي كأداة من أدوات الإصلاح الإداري لتوصيل الخدمات وتأكيد الكفاءة والفعالية والمساءلة كقيم من قيم اللامركزية.

ثم تطرقت الورقة إلى الملامح الرئيسية للإدارة المحلية في دولة الإمارات العربية و أشارت إلى نصوص الدستور المؤقت التي تمنح الإمارات صلاحيات واسعة وحاولت الورقة الإجابة على سؤال حول الفاعلية التنظيمية كقيمة من قيم اللامركزية ودرجة المساءلة والمشاركة والقبول الاجتماعي لدور البلدية في الإنفاق ومعايير الكفاءة والفاعلية. وخلصت إلى أهمية زيادة الكفاءة والفاعلية من خلال التمكين والاستثمار في العنصر البشري وإعادة النظر في تحديد الحجم الأمثل للوحدة الإدارية والشفافية في تشكيل المجالس وطرق وأساليب اختيار الرئيس ومدير البلدية وكفاءة الأنفاق في الميزانية المرصودة وإتاحة الفرصة للمشاركة في اتخاذ القرار والمساءلة في القضايا الإدارية التنموية.































المراجــــع الأسـاسـية :
المراجع العربية:

1- أحمد رشيد: لإصلاح الإداري ، إعادة التفكير، دار النهضة العربية(322)شارع عبد الخالق ثروت 1994. في عرض كتاب: قراءات في مكتبة المجلة (29).
2- حسين رمزي كاظم: الإدارة وتحديات القرن الحادي والعشرين مجلة العلوم الإدارية ، الشعبة المصرية للمعهد الدولي للعلوم الإدارية لسنة (39)، العدد الأول يونيه 2001 ص.ص 93-94.
3- صالح عبد الله العريفي: حكم والتنمية المحلية ، المجلة العربية للإدارة ، المجلد التاسع، العدد الثاني، المنظمة العربية للعلوم الإدارية عمان- الأردن ص.ص 9-10 .
4- سعيد الشواف:قياس متغيرات الفاعلية التنظيمية: الإدارة العامة، معهد الإدارة العامة، الرياض، المملكة العربية،السعودية، العد 61، السنة الثامنة والعشرون، فبراير 1989م ص.ص 50-53
5- انظر:عبد الرازق الشيخلي: الإدارة المحلية بغداد 1980 ص 50
وعبد القادر الشيخلي: نظرية الإدارة المحلية، المؤسسات العربية للدراسات والنشرـ عمان،1983
6- لمزيد من التفاصيل انظر: رمضان محمد بطيخ: الإدارة المحلية في النظم الفيدرالية.
دراسة تحليلية مع التطبيق على دولة الإمارات العربية المتحدة 1988 ص 45-60
7- صبحي محرم ومحمد فتح الله الخطيب: اتجاهات معاصرة في نظام الحكم المحلي. دار النهضة العربية ، 32 شارع عبد الخالق ثروت ، ص.ص 49-54
8- عبد القادر الشيخلي: نظرية الإدارة المحلية، مرجع سابق ص 76.
9- فوزي عبد الله العكش: الإدارة المحلية في دولة الإمارات العربية المتحدة، الطبعة الأولى 1988 ص193.
10- لمزيد من التفاصيل حول مراحل التحضر انظر: اسحق يعقوب القطب و عبد الله أبو عياش/ النمو والتخطيط الحضري في دول الخليج العربي-وكالة المطبوعات الكويت 1980م.
11- نفس المصدر السابق ص1996 .
12- د. فـوزي عبد الله العكش: مرجع سابق ص 207.
و رمضـان محمـد بطيخ: الإدارة المحلية ص ص 194-195
13-انظر رمضان محمد بطيخ: الإدارة المحلية في النظم الفيدرالية: مرجع سابق ص192 وفوزي عبد الله العكش: مرجع سابق ص207.
14-انظر( أ ) بلديات الإمارات ، الأمانة العامة، دولة الإمارات العربية المتحدة ص27
(ب) وبلدية أبو ظبي منجزات ربع قرن
(ج) قرارات المجلس الأعلى للاتحاد، رقم (2) 1980 بإنشاء الأمانة العامة للبلديات واللوائح التنظيمية للأمانة العامة للبلديات.
15- صبحي محرم ومحمد فتح الله الخطيب: مرجع سابق ص177-179.
16- رمضان محمد بطيخ: الإدارة المحلية في النظم الفيدرالية ، مرجع سابق ص197.

المراجع الأجنبية :


1. Dennis, Rondinelli: Decentralization in Developing Countries, A Review of Recent Experiences 1984

2. Dennis, A. Rondinelli “Administrative Decentralization and Economic Development: The Sudan’s Experiment with Devolution” The Journal of Modern African Studies, 19 (4), 1981,pp. 596-599

3. I.U.L.A. Local Government as a Promoter of Economic and Social Development, The Hague, International Union of Local Authorities, 1972

4. Public Administration in the Second United Nations Development Decade, U.N (ST/TAO/M 57, New York/ 1971,P.17.

5. Development Administration: Current Approaches and Trends in Public Administration for National Development. U. N. (ST/ESA.SER.E/3). New York 1975, p.143