نظرية التوقع: (فروم)
تعتبر من أحدث نظريات الدافعية، وأكثرها قبولًا، وأكثرها وضوحًا ودقة في تفسير سلوك الفرد ودوافعه، وتقوم هذه النظرية على، أن الفرد يفاضل بين بدائل السلوك (القيام به، عدم القيام به، بدائل أنماط الجهد المختلفة)، على أساس مدى قدرتها على تحقيق نتائج أداء، ومدى قدرة هذه النتائج على الحصول على عوائد، ومدى قيمة العوائد لديه.
مثلًا مهندس صيانة أجهزة تكييف هواء، يطلبه عميل؛ لكي يفحص له أحد الأجهزة، فالمهندس أمامه اختيار:
· إما أن ينفق وقتًا وجهدًا كبيرًا في الفحص المتقن لهذا الجهاز.
· وإما أن يفحصه بسرعة وعدم تدقيق.
· وإما أن يعامله بإهمال شديد.
وتتم عملية الاختيار أو المفاضلة بين البدائل على أساس:
خصائص نظرية التوقع:
1. يميل الفرد إلى اختيار السلوك الذي يعظم به عوائده.
2. دافعية الفرد لأداء عمل معين هي محصلة للآتي:
أ*. منفعة وجاذبية العوائد.
ب*. اعتقاده بأن الأداء هو الوسيلة للحصول على العوائد.
ت*. توقعه بأن نشاطه ومجهوده الشخصي؛ سيؤدي إلى هذا الأداء.
3. تعتمد العناصر الموجودة في النقطة رقم (2)، على عملية تقدير شخصية، وليست قياس موضوعي.
4. تفترض النظرية، أن الفرد سيقوم بالبحث عن العناصر الموجودة في النقطة رقم (2) في نفسه، قبل قيامه بسلوك معين.
نموذج مبسط لنظرية التوقع:
يقوم هذا النموذج على أن رغبة الفرد في الأداء، تعتمد على أهدافه الخاصة التي يسعى لتحقيقها، وعلى ادراكه للقيمة النسبية للأداء كوسيلة لتحقيق هذه الأهداف، كما موضح بالشكل:
تتحدد دافعية الفرد بالاحتمالات التي يضعها بخصوص العلاقات التالية: مجهوده الذي يؤدي إلى الأداء، والأداء الذي يقود إلى العوائد، وهذه العوائد المحققة للأهداف الفردية أي التي تمكن الفرد من إشباع حاجاته.
وهذه بعض النقاط التي أبرزها هذا النموذج:
1. يركز هذا النموذج على العوائد، وبالتالي وجب الاعتقاد بأن العوائد التي توفرها المنظمة، تتناسب مع ما يريده العامل.
2. يجب أن نهتم بجاذبية العوائد، والتي تتطلب تفهم ومعرفة بالقيمة، التي يعطيها الفرد للعوائد التي توفرها له المنظمة.
3. يبرز هذا النموذج السلوك المتوقع، هل يعلم الفرد ما هو متوقع منه؟ وكيف سيتم تقييمه؟
4. يهتم هذا النموذج بالتوقعات، فهو يفترض أن المدير، يجب أن يوجه مرءوسيه؛ لمساعدتهم في التعرف على حقيقة إمكانياتهم وقدراتهم، وتنمية تلك المهارات التي تؤدي إلى رفع مستوى أدائهم.
مثال:
الأستاذ شريف يعمل في شركة، ويرغب في شراء سيارة جيب، وبافتراض أن نجاحه في أداء جهده سيمكنه في الوضع المثالي من تحقيق هذا الهدف، إذا أدرك أن جهوده ستؤدي إلى النجاح في أداء عمله، وأنه إذا نجح في ذلك؛ سيتم مكافأته بمنحة علاوة كبيرة (العائد)، وهذه المكافأة ستمكنه من إشباع حاجته في إقتناء سيارة جديدة؛ إذًا يمكن أن نتوقع أن تكون دافعية شريف للأداء مرتفعة.
تعتبر نظرية التوقع نموذج موقفي، فهي تعترف بأنه لا توجد طريقة واحدة أو عامة، لدفع أو حفز الناس، فلا تعني أن العامل نفسه يدرك أن مستوى الأداء العالي؛ سيؤدي به بالضرورة إلى إشباع هذه الحاجات.
تفترض نظرية التوقع، أننا يجب أن نعمل على إظهار الثقة في قدرة العاملين على الأداء الجيد، فتشير نتائج الدراسات أن هذا يرفع من أداء العامل.
نموذج التوقع، من ناحية التطبيق العملي، يعتبر هامًا بالنسبة للإدارة من زاويتين:
1. من المهم تحديد ما هي الحاجات التي يسعى العامل إلى إشباعها؛ لإيجاد تناسب بين العوائد المتاحة للعامل وبين الحاجات التي يسعى لإشباعها، وبما أن العوائد التي تعتبر قيمة لبعض العاملين، وقد لا تكون جذابة للبعض الآخر؛ لذا لابد أن تُمنح العوائد على أساس فردي.
2. توضيح المسار أمام العامل بين الجهد الذي يبذله وإشباع حاجته؛ لأن دافعية الفرد ستتحدد أساسًا، بالاحتمالات التي يضعها بخصوص العلاقات التالية: مجهوده الذي يؤدي إلى الأداء، والأداء الذي يقود إلى العوائد، وهذه العوائد المحققة للأهداف الفردية، أي التي تمكن الفرد من إشباع حاجاته.
ثانيًا: نظرية العدالة:
يعتبر "ستسي آدمز" أحد أبرز الباحثين الذين روجوا لأفكار هذه النظرية، ونعرض الآن أهم النقاط التي قدمتها:
المرجع:
إن الإطار المرجعي أو أساس المقارنة، الذي يختاره العامل؛ يزيد من تعقيد نظرية العدالة، ولقد تم تصنيف الأطر المرجعية إلى ثلاث مجموعات، هي:
1) الآخر:
وتشمل أفرادًا آخرين، يعملون في وظائف مماثلة في نفس المنظمة، بالإضافة إلى الأصدقاء والجيران والأقارب وأعضاء النقابة أو المهنة الواحدة.
2) النظام:
تنصب على سياسات الدفع وإجراءاته في المنظمة، وعلى إدارة نظام الأجور والمرتبات، فيتم مراجعة سياسات الدفع المعلنة والضمنية على مستوى المنظمة كلها.
3) الذات:
تشير إلى نسب المدخلات (ما يقدمه الفرد في عمله)، إلى المخرجات (العوائد التي يتحصل عليها الفرد من عمله) الذاتية للفرد، والتي تختلف عن النسبة الحالية لمدخلاته إلى مخرجاته، ويرتبط اختيار الفرد لمجموعة الأطر المرجعية، بالمعلومات المتاحة عنها، وبإدراك الفرد لمدى ملاءمة المرجع المختار، وانطباقه على وضعه.
أساس المقارنة:
تتم المقارنة على أساس العوائد منسوبة إلى المدخلات، التي قدمها الفرد والآخرون إلى المنظمة؛ ولذلك فإن الفرد يعقد المقارنة في ذهنه كالآتي:
1) فإن كان تقديره، أن نتيجة المقارنة تساوي النسبتين؛ سيشعر الفرد بالعدالة، ولن تتوفر له دافعية لتغيير سلوكه وأوضاعه بالمنظمة.
2) أما إذا كان تقديره، أن نتيجة المقارنة عدم تساوي النسبتين؛ سيشعر الفرد بتوتر؛ نتيجة غياب العدالة، وهناك في هذه الحالة احتمالان:
أ*. احتمال أن يقدر أن وضعه أسوأ من وضع الآخر:
كيف يعالج التوتر في هذه الحالة؟
أمامه عدة بدائل:
1. يطالب بزيادة عوائده.
2. الضغط لتقليل عوائد الفرد الآخر.
3. يقلل من مدخلاته.
4. الضغط لزيادة مدخلات الفرد الآخر.
5. تغيير مدركاته عن بعض أطراف النسبتين، أي يعيد التوازن بين النسبتين، من خلال إعادة تقديره لبعض مكونات هاتين النسبتين.
6. تغيير الفرد المرجعي، أي تغيير الفرد الذي يقارن نفسه به.
7. تغيير المنظمة نفسها، إلى الإستقالة.
ب*. احتمال أن يقدر أن وضعه أفضل من وضع الآخر:
أمامه عدة بدائل:
1. تغيير مدركاته عن بعض أطراف النسبتين.
2. زيادة الجهد الذي يبذله في المنظمة.
3. يطالب بزيادة عوائد الفرد الآخر، إذا كان هناك صلة تربطه به.
من الملاحظ أن الفرد يبني هذه المقارنة، على تقديراته الخاصة؛ ولذلك هذه الأمور لا تتوفر عنها مقاييس موضوعية دقيقة.
تقييم نظرية العدالة:
1. تستند هذه النظرية على أساس متين؛ فهي مبنية على دافع شائع عند الأفراد، ألا وهو دافع العدالة. (تعتبر ميزة)
2. تفترض النظرية عملية مقارنة معقدة( تعتبر عيب)، تشمل عديد من العوامل التي لزم الفرد أن يقدرها ويجمع بينها في قيمة متكاملة للعوائد والمدخلات، ففي كثير من الأحيان، قد تكون طريقة المقارنة أبسط مما تقترحه النظرية، ففي أحوال معينة، قد يقارن الفرد عوائده مع عوائد فرد آخر بصرف النظر عن المدخلات.
إذًا تعتبر هذه النظرية مفيدة؛ كأطار عام لكيفية تأثير دافع العدالة على سلوك الأفراد، إلا أننا نتحفظ على درجة التعقيد، التي تفترضها في مدخل إجراء المقارنات بين الأفراد في كثير من المواقف.
على المديرين والمنظمات، أن تقدم أنظمة حوافز عادلة، والعدالة تشير هنا إلى ضرورة ربط الحوافز والعوائد التي يحصل عليها الأفراد بما يقدمونه؛ وبالتالي لابد من وجود أنظمة، تقيس ما يقدمه هؤلاء الأفراد كأنظمة عادلة؛ لقياس فعالية الأداء.
والآن ... ماذا بعد الكلام؟
نستنتج مما سبق، أن التوفيق بين الأهداف الفردية والتنظيمية، من خلال نظام الدافعية يقوم على الركائز الآتية:
1. أن تحرص المنظمة على تقوية الرابطة بين جهد الفرد ومستوى أدائه، من خلال حسن اختيارهم وإعدادهم للعمل الذي سيكلفون به، مع توفير كافة الظروف التي من شأنها، جعل كل الجهود موجهة نحو تحقيق الأهداف التنظيمية.
2. أن مشاركة الفرد في تحقيق الأهداف التنظيمية، يجب أن يقابله حصول الفرد على مردود يرضيه، وهذا لن يتحقق إلا إذا توافر في هذا المردود الشروط الآتية:
أ*. أن يشبع المردود حاجات هامة عنده، سواء كانت تلك الحاجات مادية، أو إجتماعية، أو نفسية، وهذا يعني أن المنظمة يجب أن تحرص على الاهتمام بالدراسة العلمية والمستمرة لدوافع الأفراد وحاجاتهم، التي يسعون لإشباعها من خلال العمل.
ب*. أن يكون مستوى الأداء، هو الطريق الوحيد للحصول على ذلك المردود؛ لأن وجود طرق أخرى كالوساطة والمحاباة للحصول على هذا المردود، سيؤثر بالضرورة على مستويات الأداء؛ لأن تحقيق مستويات أداء طيبة لن تكون لها أية ضرورة في تلك الأحوال.
ت*. مراعاة العدالة في منح المكافآت؛ بحيث لا يشعر الفرد بأي تمييز في المعاملة، ويرتبط بذلك وضع إجراءات سليمة لمنحها، تأخذ في اعتبارها عنصر التوقيت المناسب.
وأخيرًا:
تذكر ما قاله جون روسكين: (وراء كل شخص عظيم مجموعة من الناس يساعدونه، وموهبته في أنه يستطيع استخلاص كل ما هو طيب من كل شيء ومن كل شخص)، وسوف نتحدث في المرة القادمة ـ إن شاء الله ـ عن الشخصية.