أقدم لكم ملخص عن :

بعض النظريات في الدافعية ...
من إعداد : فريد مناع

أتمنى لكم الاستفادة

أستمدت نظريات الدافعية مفاهيمها، من مذهب السعادة النسبية، والذي يشير إلى سعي الأفراد لتحقيق السعادة والراحة، وتجنب الألم وعدم الراحة، ومن ثم تطورت واختلفت وجهات النظر تجاه الدافعية وفقًا لإختلاف الأسس الفكرية.
فمثلًا وفقًا لمدخل الإدارة العلمية، ركز فردريك تايلور، رائد حركة الإدارة العلمية، على وجهة النظر الإقتصادية، أي أنه ركز على الحوافز المادية فقط؛ لزيادة دافعية وحماس الفرد في للعمل، ولكن سرعان ما أدرك الباحثون أن إفتراضات نظرية الإدارة العلمية المتعلقة بالدافعية لا تفسر السلوك الإنساني المعقد.
أما من وجهة نظر العلاقات الإنسانية، والتي ظهرت كنتيجة لدراسات هاوثورن، فإنها اقترحت أن الأفراد يحفزون من خلال أشياء غير مادية، خاصة، إذا نظرنا إلى الفرد كمخلوق إجتماعي، يستجيب للبيئة الإجتماعية في العمل، فاتجاهات الفرد الإيجابية مثل الرضا عن العمل، تؤدي إلى زيادة مستوى أداء الفرد، ومن أحد الباحثين الذين مثلوا هذا المدخل هو ماسلو؛ حيث ساهم بتنمية نظرية هامة للدافعية، وهي نظرية الحاجات للدافعية.
1. نظرية إشباع الحاجات: (إبراهام ماسلو)
قدم ماسلو نظريته في إشباع الحاجات (أو تدرج الحاجات)، واستند في نظريته على، أن هناك مجموعة من الحاجات التي يشعر بها الفرد، تعمل كمحرك ودافع للسلوك، وتتلخص النظرية في الخطوات التالية:
أ*. الإنسان كائن، يشعر باحتياج لأشياء معينة، وهذا الاحتياج يؤثر على سلوكه، فالحاجات الغير مشبعة، تسبب توترًا لدى الفرد، والفرد يود أن ينهي توتره، من خلال البحث عن إشباع الحاجة؛ وبالتالي فإن الحاجة الغير مشبعة، هي حاجة مؤثرة على السلوك، والعكس أيضًا، فإن الحاجة التي تم إشباعها، لا تحرك السلوك الإنساني.
ب*. تتدرج الحاجات في هرم، يبدأ بالحاجات الأساسية الأولية اللازمة؛ لبقاء الجسم، وتتدرج في سلم من الحاجات يعكس مدى أهمية هذه الحاجات.
ت*. يتقدم الإنسان في إشباع حاجاته، بالحاجات الأساسية الأولية (الحاجات الفسيولوجية)، ثم ينتقل إلى إشباع حاجات الأمان، ثم الحاجات الاجتماعية، ثم حاجات التقدير، وأخيرًا حاجات تقدير الذات.
ث*. إن الحاجات غير المشبعة لمدة طويلة تؤدي إلى؛ إحباط، وتوتر حاد؛ قد يسبب آلام نفسية؛ ويؤدي الأمر إلى العديد من الوسائل الدفاعية، التي تمثل ردود أفعال، يحاول الفرد أن يحمي بها نفسه من الإحباط.
هرم الحاجات:
1. الحاجات الفسيولوجية:
وتعمل هذه الحاجات أساسًا على، الحفاظ على الفرد، والمحافظة على نوعه، مثل الحاجة إلى الطعام، والشراب، والمسكن، والراحة، والنوم، والجنس.
2. حاجات الأمان:
بمجرد أن يشبع الفرد حاجاته الفسيولوجية بدرجة مرضية، فإنه ينتقل إلى إشباع حاجات الأمان، مثل محاولة تأمين حياة الفرد، والحماية من أي أخطار، أو حوادث قد تحدق بحياة الفرد.
3. الحاجات الاجتماعية:
بعد إشباع الحاجات الفسيولوجية وحاجات الأمان، تظهر الحاجات الاجتماعية، وتتمثل في رغبة الفرد في وجوده بين الآخرين من أصدقاء، ورغبته في الود، وكسب المزيد من المكانة الاجتماعية، من خلال المركز والنفوذ، داخل الجماعة التي ينتمي إليها.
4. حاجات التقدير:
الحاجة إلى المكانة الاجتماعية المرموقة، والشعور باحترام الآخرين، والحاجة إلى الإحساس بالثقة بالنفس، وتلعب الجوائز، والترقيات، والألقاب البراقة، والشكر وخطابات الثناء، دورًا هامًا في إشباع حاجات التقدير.
5. حاجات تحقيق الذات:
يحاول الفرد أن يحقق ذاته، من خلال تعظيم استخدام قدراته ومهارته الحالية والمحتملة، في تحقيق أكبر قدر من الإنجازات تسره وتسعده شخصيًا.
تصنيف الدرفر:
وقد قدم الدرفر تصنيفًا لهرم، يشابه بدرجة كبيرة هرم الحاجات لماسلو، ولكن يحتوي على ثلاث أنواع من الحاجات:
1. حاجات البقاء:
وهي تمثل الحاجات الفسيولوجية عند ماسلو.
2. حاجات الانتماء:
وهي تمثل حاجات الأمن، والحاجات الاجتماعية، وجزء من الحاجة إلى التقدير.
3. الحاجة إلى النمو:
وهي تمثل الجزء المتبقي من الحاجة إلى التقدير، ثم حاجات تحقيق الذات.
وعندما يفشل الفرد في إشباع تلك الحاجات؛ يؤدي به إلى التوتر الحاد أو الإحباط، وفي مواجهة هذا الإحباط، يلجأ الفرد إلى بعض الحيل والأساليب الدفاعية عن نفسه؛ كي لا يؤثر ذلك على اختلالات نفسية حادة لديه، وردود الفعل مثل:
1. السلوك العدواني:
وهو متمثل إما في سلوك عدواني بدني أو لفظي، العدوان البدني مثل السرقة، أو سوء استخدام الأدوات وأجهزة العمل، أما العدوان اللفظي مثل استخدام ألفاظ نابية، أو سباب، أو ثورة انفعالية ضد الزملاء.
2. التبرير والإسقاط:
يحاول أن يلصق الفرد التهم، وعدم قدرته على إشباع الحاجات على الآخرين أو على النظام المحيط به، فقد يبرر عدم حصوله على حوافز شهرية؛ بسبب إنخفاض مستوى الإشراف والقيادة، أو عدم توافر ظروف عمل سليمة.
3. التعويض:
يحاول الفرد إشباع حاجاته، التي لا يستطيع إشباعها داخل العمل، في أماكن أخرى، فمثلًا الفرد الذي لا يستطيع أن يجد التقدير في العمل، يذهب إلى النقابة.
4. الانسحاب:
يقوم الفرد بتغيير سلوكه (لا إراديًا)، بعد ما يكون قد فشل في إشباع حاجاته، فمثلًا شخص فشل في الحصول على ترقية، في تنافس مع أحد الزملاء، قد يتغير سلوكه من شخص إجتماعي، إلى شخص منطوي، وسلوكه دفاعي ضد الآخرين، ومهتم بالعمل ليس بالزملاء.
تقييم نظرية إشباع الحاجات:
في التقييم العام لأفكار ماسلو، نلاحظ أنها توفر إطارًا عموميًا مبسطًا ومفيدًا؛ لفهم تدرج قوة الدوافع عند غالبية الأفراد معظم الوقت، إلا أنها لا تصلح لفهم قوة دوافع كل الناس في كل المواقف، ويمكن إيجاز الانتقادات الموجهة إلى هذه النظرية، فيما يلي:
1. تفترض النظرية ترتيبًا وتدرجًا للحاجات، إلا أن بعض الناس قد يختلف مع النظرية في ترتيبهم لهذه الحاجات، فمثلًا الفنان والشخص المبدع قد يبدأ السلم من الحاجة إلى تحقيق الذات، وقد يهتم آخرين بالحاجات الاجتماعية؛ وبالتالي يختلف بعض الناس في ترتيبهم للحاجات عند نموذج ماسلو.
2. قد يصر بعض الناس على مزيد من الإشباع لحاجة معينة، بالرغم من إشباعها بالفعل، وهذا خلافًا لما تفترضه النظرية، بأنه حال إشباع حاجة معينة، يتم الانتقال إلى إشباع حاجة أعلى منها مباشرة.
3. لم تهتم النظرية بحجم الإشباع اللازم للانتقال إلى الحاجة الأعلى، بل افترضت أن هناك إشباع، وفي واقع الأمر، نحن نختلف في حجم الإشباع الذي يرضينا، فقد يقوم فرد بإشباع حاجاته الفسيولوجية بنسبة 50%، بينما تكون هذه النسبة غير مرضية لآخرين.
4. تفترض النظرية، أننا ننتقل من إشباع إحدى الحاجات، إلى إشباع حاجات أخرى، فور إشباع الحاجة الأدنى، وفي واقع الأمر، فإننا نقوم بإشباع أكثر من حاجة في نفس الوقت.
5. تفترض النظرية، أن الحاجة الغير مشبعة، هي التي تدفع إلى السلوك، معنى ذلك أن الحاجة المشبعة، لا تدفع للسلوك، وهذا غير صحيح.
6. الطبقات التي عانت زمنًا طويلًا، من عدم إشباع الحاجات الفسيولوجية، عندما يكتسبون المال، يظلون يشبعون فيها على طول.
نظرية الدافعية أو الصيانة (الوقاية) أو نظرية العاملين: (فردريك هرزبرج)
استطاع أن يفرق بين نوعين من المشاعر الدافعة: الرضا والاستياء، وأن العوامل المؤدية إلى الرضا تختلف تمامًا، عن العوامل المؤدية إلى الاستياء.
العوامل الدافعة:
هي مجموعة العوامل التي تزود الأفراد بالدافعية، وتتشابه مع حاجات المستويات العليا في هرم ماسلو، مثل: الإنجاز – التحصيل – التقدير – العمل نفسه – المسئولية – التقدم والترقية.
العوامل الوقائية:
ووظيفة هذه العوامل هي منع "عدم الرضا"، ولكنها لا تؤدي في حد ذاتها إلى الرضا، أو بمعنى آخر، هي تصل بالدافعية إلى درجة الصفر النظري، وتعتبر "حد أمان" لمنع أي نوع من أنواع الدافعية السلبية، وتتشابه مع حاجات المستويات الدنيا في هرم ماسلو، مثل: الأجور والأمن – شروط وظروف العمل – العلاقات داخل المنظمة – سياسات المنظمة - الإشراف.
وطبقًا لهذه النظرية، لابد أن يكون الفرد مقتنع بمحتويات عمله (بمعنى أن يتضمن العمل نوع من التحدي والصعوبة)، حتى يمكن دفع الفرد؛ لبذل الجهد لديه.
مزايا نظرية هرزبرج:
تلقي هذه النظرية ضوء جديد على دوافع العمل، فحتى ظهور هذه النظرية، كانت الإدارة تهتم بالعوامل الوقائية، فإذا واجهت الإدارة مشكلة انخفاض الروح المعنوية؛ فإنها تلجأ إما إلى رفع الأجور، أو زيادة المزايا العينية، أو تحسين ظروف العمل، ومثل هذه الحلول لم تؤدي ثمارها؛ فجاء هرزبرج ليفسر هذه الظاهرة، إذ يقول إن الإدارة بتركيزها على العوامل الوقائية فقط، تفقد قدرتها على دفع العمال.
ويقول هرزبرج بأن العوامل الوقائية ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها؛ لمنع عدم الرضا، ولكن بمجرد توافرها، فإن الفرد يتطلع إلى حاجات أخرى كالإنجاز، والتقدير، والمسئولية، والترقية.
وعلى الرغم من الانتقادات الشديدة التي تعرضت لها هذه النظرية، إلا أن قليلون هم من أنكروا مساهمتها الفعالة في دراسة دوافع العمل، فقد توسع في مبدأ الهيراركية (الذي أنشأه ماسلو) وطبقه بكفاءة على دوافع العمل، كما أنه جذب الانتباه إلى عوامل محتويات العمل.
وأخيرًا:
تذكر ما قاله نابليون هيل: (نقطة الانطلاق لكل الإنجازات هي الرغبة، تذكر هذا دائمًا وباستمرار، الرغبات الضعيفة تجلب نتائج ضعيفة، تمامًا كما أن قدرًا صغيرًا من النيران لا يصنع قدرًا كبيرًا من الحرارة)، وسوف نكمل في المرة القادمة ـ إن شاء الله ـ الجزء الثامن من الدافعية.