التكنولوجيا واستخدامات الإنترنت التي تتوسع يوماً بعد يوم وتتداخل في كل معطيات الحياة، لم تعد فقط وسيلة تواصل وتعارف، ولكن أيضاً تحولت إلى أحد أهم مصادر الدخل في السعودية، ولم يعد مستغرباً أن تجد عشرات الصفحات التي تعلن عن متجر شخصي يضم مختلف أصناف البضائع والمنتجات مصحوبة بخدمة التوصيل للباب.

تقول مي السعدي التي درست الهندسة الإدارية إنها كانت أحد المتسوقين عبر الإنترنت، ولكن بعد التجربة قررت أن تصبح تاجرة ومسوقة أيضاً، وتؤكد أن السوق السعودية رغم كونها الأسرع عربياً في التجارة الإلكترونية إلا أنها لا يتعدى 30%.

وتوضح السعدي أن التخوف من التعامل عبر الإنترنت كونه عالماً مجهولاً لدى الغالبية العظمى يعتبر التحدي الأكبر أمام المسوقين، فكثيرون لا يعرفون كيفية التحويل البنكي، أو لا يثقون بنوعية المنتج ومصداقية التاجر، وهذه كلها مخاوف منطقية خاصة بالنسبة للتعاملات التقليدية، وأعتقد أن التجربة واتساع استخدام الإنترنت سوف يجعلان الفكرة أكثر قبولاً لدى العامة، وأكدت السعدي أن السيدات يتفوقن على الرجال سواء كمستخدمات للأسواق والمتاجر الإلكترونية أو كمشتريات.

وأوضحت أن التجارة الإلكترونية متى ما أتقنها المتسوق تتسم بالدقة والوفرة في الجهد والمال، بالإضافة إلى التميز، حيث تكون السلع متوافرة على الإنترنت قبل تواجدها في الأسواق بشهور طويلة، وتعمل السعدي حالياً على التوسع في تصميم المواقع، وربط مواقع التسويق بأكثر المواقع تصفحاً، ليس فقط على مستوى المنطقة، ولكن عالمياً أيضاً، فالمتسوق السعودي قد لا يكون مشترياً ومستهلكاً فقط، ولكن قد يكون تاجراً أيضاً، وفي المتاجر الإلكترونية الكل يعرض بضاعته.

وتؤكد أم سيف، وهي معلمة من المدينة المنورة، أنها بدأت عملها بالتجارة الإلكترونية كمشترية، حيث استهوتها البضائع المعروضة، ثم تحولت إلى التجارة، وأصبحت تبحث عن الجديد وغير المتوافر بالأسواق السعودية، خاصة أن المرأة السعودية بطبعها تميل إلى التميز وعدم التقليد، وتؤكد أن هناك العشرات من معارفها وصديقاتها أخذن المسار نفسه، وتلفت إلى أنها أصبحت مستشارة شخصية لهن، وتؤكد أن العقبة الأكبر في سبيل انتشار التجارة الإلكترونية هي شركات التوصيل، من حيث ندرة عددها والمقابل للتوصيل، ولكن نأمل أنه مع انتشار التجارة الإلكترونية وزيادة الطلب عليها تكون هناك حركة مواكبة من قبل شركات الشحن والتوصيل.
الشراء المعرفي
من جانبه، أوضح المستشار الاقتصادي، الدكتور زياد الحلبي، أن التجارة الإلكترونية الآن استحوذت على جزء كبير من التجارة الفعلية في الوطن العربي، وتشهد نمواً أكبر في السعودية، حيث تتصدر السعودية قائمة الدول العربية من حيث نمو حجم التجارة الإلكترونية، ولكن مازالت النسبة أقل مما نطمح إليه، ونتوقع أن ترتفع في السنوات الخمس المقبلة لتصل إلى ما يقارب من 90% من المشتغلين بالتجارة في كافة المجالات.

وأشار د. الحلبي إلى اتساع مفهوم التجارة وتصنيفها، وأن هناك ما يعرف بالشراء المعرفي وهو الأكثر رواجاً في السعودية، بمعنى التعليم عن بُعد، والتسجيل الإلكتروني في المكتبات العامة، وشراء الكتب عن طريق الإنترنت، ومن خلال الخبرة يتضح أن غالبية الشركات لديها مواقع تعريفية خاصة، ولكنها غير مكتملة الجاهزية بالنسبة لآلية التسوق الإلكتروني والشراء عبر الموقع، وكذلك التسويق للشركة والتعريف بمنتجاتها عبر المواقع العالمية.
دراسات
وأشارت نتائج مسح واسع قامت به مجموعة المرشدين العرب لمستخدمي الإنترنت في السعودية إلى استخدام واسع للتجارة الإلكترونية فيها. وخلصت الدراسة المسحية إلى أن مستخدمي التجارة الإلكترونية في السعودية تجاوزوا 3.5 مليون مستخدم بنسبة 14.26% من عدد السكان في المملكة، الأمر الذي يعزّز مكانة المملكة العربية السعودية كقاعدة مثالية لسوق التجارة الإلكترونية على مستوى المنطقة.

وأفاد جواد عباسي، مؤسس ومدير عام مجموعة المرشدين العرب، بأن الازدهار الاقتصادي في السعودية والازدياد المضطرد في عدد مستخدمي الإنترنت وعدد السكان الكبير يشكل قاعدة ممتازة لسوق كبيرة للتجارة الإلكترونية هناك، حيث أكدت نتائج البحث هذا الواقع، ما يؤشر إلى فرص كبيرة لنمو التجارة الإلكترونية هناك.

وأضاف أن الدراسة وجدت أن 42.2% من مستخدمي التجارة الالكترونية في السعودية يستخدمون البطاقات الائتمانية لمشترياتهم، بالإضافة إلى نسبة 11.5% يستخدمون بطاقات التسوق عبر الإنترنت الصادرة من بنوكهم.

وأشار التقرير إلى نمو التجارة الإلكترونية بشكل ملحوظ في السعودية بالتزامن مع تسجيل قطاع تكنولوجيا المعلومات حالياً نموّاً يقدر بنحو 9.3%.