تعريف التحكيم في العقود الإدارية في القانون
في هذا المبحث ومن خلال ما سبق عرضه عن مفهوم العقود الإدارية في القانون من تعريف التحكيم في المنازعات الإدارية والآراء حول اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية والرأي الذي انتهيت به في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية،سوف أحاول في هذا المطلب أن أُعَرَّفَ التحكيم في العقود الإدارية.
فسبق أن توصلت إلى أن التحكيم في المنازعات الإدارية عبارة عن تسوية المنازعات التي تكون الدولة أو أحد أشخاص المعنوية العامة طرفا فيها،سواء كانت عقدية أو غير عقدية بغير طريق القضاء الإداري وَفْقًا لنص قانوني.
فطبيعة التحكيم الإداري يتعلق بكافة المنازعات الإدارية العقدية أو غير العقدية، والتي تكون الإدارة طرف فيها أو الأشخاص المعنوية العامة،ويدخل ترتيبا على ذلك التحكيم في العقود الإدارية.
وهذه المنازعات العقدية ليست على عمومها؛إنما يقصد بها أحد نوعي العقود التي تبرمها الإدارة وهي العقود الإدارية دون عقود الإدارة الخاصة،باعتبار أن عقود الإدارة الخاصة يختص بنظرها القضاء الخاص،ومفهوم التحكيم الإداري في القانون الإداري جعل التحكيم الإداري يختص في المنازعات الإدارية التي يختص بها القضاء الإداري.
وقد سبق تعريف العقد الإداري في القانون الإداري بأنه العقد الذي يكون طرفه شخصًا عامًّا ويتصل بمرفق عام باستخدام وسائل القانون العام،فالعقد الإداري له أركانه التي تميزه عن عقود الإدارة .
من خلال هذا العرض لمفهوم التحكيم الإداري ومفهوم العقود الإدارية يمكن تعريف التحكيم في العقود الإدارية بأنه:
تسوية المنازعات التي تنشأ عن العقود الإدارية التي تثور بين الإدارة أو أحد الأشخاص المعنوية والمتعاقد معهما من غير طريق القضاء وَفْقًا للقانون مع تطبيق قواعد القانون الإداري وبموافقة أولية إلى اللجوء التحكيم.
بدراسة هذا التعريف نلاحظ ما يأتي:
أولاًً:محل التحكيم هو المنازعات التي تثور نتيجة عقد تبرمه أحدى الجهات الإدارية أو أحد أشخاص المعنوية العامة مع غيرهما.
ثانياً:طبيعة العقد محل التحكيم يجب أن يكون من العقود الإدارية،والذي يجب أن تتوافر فيه أركانه،وهي أن يكون طرفه شخصًا عامًّا ويتصل بمرفق عام، وباستخدام وسائل القانون العام،وليس من عقود الإدارة،والتي تبرمه الجهة الإدارية.
ثالثاً:نظر المنازعة والفصل فيها يكون من طريق غير القضاء الإداري.
رابعاً:الأصل في نظر منازعة العقود الإدارية محل التحكيم والفصل فيها يكون للقضاء الإداري باعتباره الجهة المختصة بنظر دعاوى العقود الإدارية وإن نظر التحكيم لها استثناء.
خامساً:يجب أن يكون التحكيم موافقا لأحكام القانون فإذا جاء على خلافه كان باطلا.
سادساً:أن يتوافر شرطا اللجوء إلى التحكيم،وهما تطبيق قواعد القانون الإداري على المنازعة ووجود موافقة مسبقة إلى اللجوء إلى التحكيم.
الفصل الثاني
اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية
في القانون
في هذا الفصل سأستعرض،إن شاء الله،اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية.
وحتى يكون هناك تصور لموضوع هذا المبحث فإني أود أن أتحدث عن مفهوم التحكيم في العقود الإدارية الدولية،ثم أقوم بالحديث عن اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية في القانون،وفي الاتفاقيات الدولية.
الفصل الثاني
اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية في القانون

المبحث الأول:مفهوم التحكيم في العقود الإدارية الدولية.
المبحث الثاني:اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية في القانون.
المبحث الثالث:اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية في الاتفاقيات الدولية


المبحث الأول
مفهوم التحكيم في العقود الإدارية الدولية

سيكون البحث،إن شاء الله،عن مفهوم التحكيم في العقود الإدارية الدولية وسأتحدث عن تعريف العقد الإداري الدولي،وعن تعريف التحكيم في العقود الإدارية الدولية.
المبحث الأول
مفهوم التحكيم في العقود الإدارية الدولية

المطلب الأول:تعريف العقد الإداري الدولي.
المطلب الثاني:تعريف التحكيم في العقود الإدارية الدولية.
المطلب الأول
تعريف العقد الإداري الدولي

يفرق القانون الدولي الخاص بين العقد الوطني والعقد الدولي، فالعقد الوطني هو ذلك العقد الذي يرتبط في جميع عناصره بدولة واحدة،كالعقد الذي يتم إبرامه بين منتمين لجنسية الدولة الواحدة أو يقيمان فيها ويتم تنفيذه عليها([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]).
أما العقد الدولي فإن وضع تعريف محدد له،أو وضع معيار جامع مانع تحدد به صفة الدولية فيه باتت من أدق الأمور التي تواجه الفقه القانوني في الوقت الحاضر([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]).
وعلى ضوء ذلك اختلف فقهاء القانون في تحديد ماهية العقد الدولي إلا أنهم حاولوا تحديده وَفْقًا لثلاثة معايير([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]):
الأول:المعيار القانوني:
وَفْقًا لهذا المعيار عَرَّفَ العقد الدولي بأنه العقد الذي تتصل عناصره بأكثر من نظام قانوني.
الثاني:معيار العناصر القانونية المؤثرة:
وَفْقًا لهذا المعيار فإن العقد يعتبر دوليا إذا تطرقت الصفة الأجنبية لعنصر مؤثر من عناصر العلاقة التعاقدية.
الثالث:المعيار الاقتصادي:
يعد العقد دوليا وَفْقًا لهذا المعيار إذا تعلق العقد بالتجارة الدولية بحيث يتجاوز الاقتصاد الداخلي لدولة معينة.
أما عن تعريف العقد الدولي:
ذكرت سابقا أن العقد الإداري هو العقد الذي تبرمه الإدارة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة بقصد تسيير مرفق عام باستخدام وسائل القانون العام.
وقبل إعطاء تعريف للعقد الإداري الدولي أود أن أبين أنه لا يمكن إعطاء تعريف محدد للعقد الإداري الدولي منفصلاً عن العقد الإداري الوطني بأركانه المعروفة.
فيجب إن يُعَرَّفَ العقد الإداري الدولي بغير انفصال عن العقد الإداري،ويعود السبب في ذلك إلى صعوبة التفرقة بينهما؛لأن القول بذلك سيؤدي إلى أن يحكم العقدين بقواعد مختلفة.
فمن المسلم به أن العقد الإداري يخضع للقانون العام وعند إخضاع العقد الإداري الدولي إلى غير ذلك، فلن يحكمه إلا قواعد القانون لخاص وذلك"بالاتفاق على تضمينه شرط تحكيم وَفْقًا لقانون لا يعَرَّفَ التمايز بين طرفي العقد" ([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]).

لذلك كان القول بذلك يسلب ما تتمتع به الجهة الإدارية من سلطة في العقد تهدف من خلالها المصلحة العامة،وبالتالي يوصف العقد الإداري الدولي بوصف لا يتفق مع قواعد العقد الإداري.
وأرى أن المعيار الاقتصادي هو من انسب المعايير لوصف العقد أنه عقد إداري دولي حيث إنه لم يفرق بين العقد الإداري الوطني والدولي فهو قائم على أساس تعلق العقد بمصالح التجارة الدولية.
مع معيار العناصر القانونية المؤثرة في العقد والأخذ بأحد العناصر وهو عنصر أن يكون الطرف المتعاقد أجنبيا لتأثير التعاقد للطرفين،فالجهة الإدارية تتعاقد مع شخص أجنبي غير خاضع لقوانينها،والطرف الأجنبي يتعاقد مع دولة أجنبية،وهذا يختلف عن المتعاقد الوطني الذي لا يتأثر تعاقده مع الجهة الإدارية سواء كان تعاقده داخل الدولة أو خارجها.
وبناء على ذلك يمكن تعريف العقد الإداري الدولي بأنه:
العقد الذي تبرمه الإدارة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة بقصد تسيير مرفق عام،باستخدام وسائل القانون العام مع أحد الأشخاص المعنوية العامة أو الخاصة الأجنبية متى ما اتصل بمصالح التجارة الدولية([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]).
وهذا التعريف يخرج العقود التي تبرمها الدولة مع طرف أجنبي دون أن تمارس سلطتها وسيادتها فيه؛أي بصفتها شخصًا عاديًّا،فهي تخضع للمبادئ العامة في تنازع القوانين أسوة بغيرها من العقود([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]).

المطلب الثاني
تعريف التحكيم في العقود الإدارية الدولية

سبق تعريف التحكيم في العقود الإدارية بأنه:تسوية المنازعات التي تنشأ عن العقود الإدارية التي تثور بين الإدارة أو أحد الأشخاص المعنوية والمتعاقد معهما من غير طريق القضاء الإداري وَفْقًا للقانون.
أما عن تعريف التحكيم الدولي الخاص فقد عُرَّفَ بأنه:التحكيم الذي يدور في نطاق العلاقات الدولية الخاصة وبالتحديد العلاقة بين أفراد أو شركات من جنسيات مختلفة أو العلاقة بين دولة من جانب وطرف خاص فردا كان أو شركة من جانب آخر([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]).
وقد عَرَّفَ قانون التحكيم المصري رقم 27لسنة1994م التحكيم الدولي في المادة الثالثة بأنه:"...إذا كان موضوعه نزاعا يتعلق بالتجارة،وذلك في الأحوال الآتية:
أولا:إذا كان المركز الرئيسي لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في دولتين مختلفين وقت إبرام اتفاق التحكيم،فإذا كان لأحد الطرفين عدة مراكز للإعمال،فالعبرة بالمركز الأكثر ارتباطا بموضوع اتفاق التحكيم،وإذا لم يكن طرفا التحكيم مركز أعمال فالعبرة بمحل إقامته المعتاد.
ثانيا:إذا اتفق طرفا التحكيم على اللجوء إلى منظمة تحكيم دائمة،أو مركز للتحكيم يوجد داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها.
ثالثا:إذا كان موضوع النزاع الذي يشمله اتفاق التحكيم يرتبط بأكثر من دولة واحدة.

رابعا:إذا كان المركز الرئيسي لإعمال كل من طرفي التحكيم يقع في نفس الدولة وقت إبرام الاتفاق،وكان أحد الأماكن التالية واقعا خارج هذه الدولة:
(أ) مكان إجراء التحكيم كما عينه اتفاق التحكيم أو أشار إلى كيفية تعيينه.
(ب)مكان تنفيذ جانب جوهري من الالتزامات الناشئة عن العلاقة التجارية بين الطرفين.
(ج)المكان الأكثر ارتباطا بموضوع النزاع".
وقد أخذ القانون الإنجليزي بمعيار الجنسية والإقامة لتحديد مفهوم التحكيم الدولي،فمتى كان التحكيم في دولة أجنبية أو كان أحد أطرافه أجنبيا أو غير مقيما بالمملكة المتحدة أو شخصا معنويا أو كان مركز إدارته أو الإشراف عليه في دولة غير المملكة المتحدة صار التحكيم دوليا،أما في فرنسا فالمعيار معيار اقتصادي إذا كان التحكيم متعلقًا بالتجارة الدولية،أما في القانون السويسري فيعتبر التحكيم دوليا إذا كان محل التحكيم في سويسرا أو كان محل أقامة أحد طرفي التحكيم داخل سويسرا([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]).
وأرى أن تعريف القانون الإنجليزي للتحكيم الدولي،من أفضل التعاريف السابقة حيث عَرَّفَه بمفهوم المخالفة لتعريف التحكيم الداخلي.
والسبب في هذا لأن التحكيم الدولي تعتريه تغيرات ويحكمه واقع ومستجدات دولية نظرا لتحول العالم إلى قرية صغيرة واتساع أعمال التجارة بحيث خرجت
عن الحدود المحلية إلى العالمية؛لذا كان هذا التعريف مناسبًا؛لأن الدول تستطيع التحكيم داخل حدودها أما خارج الحدود فإنها تتركه للمستجدات.
من خلال هذا العرض لمفهوم التحكيم الدولي ومفهوم العقود الإدارية الدولية يمكن تعريف التحكيم في العقود الإدارية الدولية بأنه:
تسوية المنازعات التي تنشأ عن العقود الإدارية الدولية من غير طريق القضاء الإداري الوطني سواء كان داخل الدولة المتعاقدة أو خارجها وَفْقًا للمعاهدات الدولية والعقد.
المبحث الثاني
اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية في القانون

في هذا المبحث سيكون البحث،إن شاء الله،عن موقف القضاء من اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية قي المطلب الأول وموقف الفقه والقوانين من اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية في المطلب الثاني