المبادئ الادارية المستنبطه من سوره
الاسراء ، الكهف ، مريم
بقلم / هناء عبد الرحيم يماني


المقدمة

الحمد له الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله , والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أرسله الله بالهدى ودين الحق وعلى آله وصحبه وسلم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . وبعد .
لقد اقتضت حاجة الإنسان المشاركة مع أخيه الإنسان في العمل سوية لسد حاجاتهم المختلفة , كما اقتضت ضرورة التنسيق بين جهودهم للوصول إلى الأهداف التي يرومون لتحقيقها , ويرى ( زويلف : 17 ) بأنه يمكن القول " أن الإدارة أمر حتمي في أي مجتمع إنساني ولكل أنواع التنظيمات والجماعات مهما اختلفت أشكالها . فالجهد الجماعي لا يتم إلا بها ولا يتحقق التعاون الكامل بين الأفراد إلا من خلالها , ولا يتم تلبية حاجات الأفراد إلا بواسطتها " .
لقد كثرت وتعددت تعريفات الإدارة , ويعرفها ( مصطفى والنابة : 9 ) على أنها " عملية تنظيم تتكامل فيها الجهود لتنظيم الموارد البشرية والمادية نحو هدف معين أو هدف مشترك " , ويذكر ( سالم وآخرون : 15 ) تعريف آخر للإدارة عرفه كيمبول على النحو التالي " تشتمل الإدارة على جميع الواجبات والوظائف ذات العلاقة بإنشاء المشروع وتمويله وسياساته الرئيسية وتوفير كل المعدات اللازمة ووضع الإطار التنظيمي العام الذي سيعمل ضمنه واختيار موظفيه الرئيسيين " . فالإدارة وفقا لهذا التعريف تشمل خمس عناصر مهمة هي ( التمويل ورسم السياسات والتنظيم وتوفير المعدات واختيار الأفراد ) إن الإسلام منهج متكامل ونظام شامل للحياة الإنسانية دينيا ودنيويا , فهو دين الله تعالى الذي أوحى بتعاليمه السمحاء إلى الرسول محمد –صلى الله عليه وسلم- وكلفه بتبليغه للناس كافة ودعوتهم إليه من خلال القرآن الكريم .
إن المنهج الإسلامي يقدم مفهوما للإدارة يتصف بالشمولية والإطلاق بعيدا عن الانحصار المعرفي في إزاء التعامل مع المفهوم المجرد للإدارة , إن كلمة الفكر الإداري الإسلامي كما عرفها د. حمدي عبد الهادي تعني " الآراء و المبادىء والنظريات التي سادت حقل الإدارة , ودراسة وممارسة عب العصور والأزمنة , ويعتب فكرا إسلاميا ما يصدر من هذه الآراء والمبادىء والنظريات وذلك بالاستناد إلى توجيهات القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة " ( الضحيان : 59 ) .
ومما سبق نستطيع تعريف النظرية الإسلامية على أنها " مجموعة من التصورات والمفاهيم والأفكار والأحكام والقيم والأهداف ذات الحد الأقصى من التجريد والعمومية المرتبطة بإعداد الإنسان المسلم حسب الأصول الإسلامية وتسويغها وتقويمها اعتبارا من أسسها ومناهجها وأساليب تحقيقها وتنفيذها " (الشلعوط : 73 ) .
ومن ثم نجد أن النظرية اإسلامية ترتكز على النقاط التالية : ( الشلعوط : 74 )
1. مستمدة في أساسها من القرآن الكريم والسنة .
2. تتصف بالشمولية .
3. تشتمل على نظرية المنهج والمعرفة والأساليب والوسائل والإدارة وهي بهذا تختلف عن النظريات الوضعية الأخرى .
4. تعمل على توجيه السلوك الإنساني وقيمه .
5. تعتمد على التفاعل ما بين النظرية والممارسة العملية فالإسلام دين عمل وجهاد .
ونجد أن مصادر الفكر الإداري في الإسلام مستمدة من عدة مصادر وهي ( القرآن الكريم , السنة النبوية الشريفة , الإجماع , القياس ) .
وهذا العمل سوف يتخصص في إبراز الجوانب الإدارية التي تضمنتها بعض أجزاء القرآن الكريم , وهذا يوجب علي إعطاء فكرة عن القرآن الكريم , القرآن الكريم كما يرى ( الشلعوط : 81 ) هو كلام الله سبحانه وتعالى أوحى به إلى سيدنا محمد –صلى الله عليه وسلم- وآياته دستور شامل لتنظيم حياة البشر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعسكرية , وقد تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظه يقول تعالى { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } (الحجر : 9) , ويرى ابن عباس رضي الله عنهما بأن القرآن الكريم هو الكتاب المنزل على محمد – صلى الله عليه وسلم – فصار له كالعلم ويرى الزركشي بأن القرآن الكريم هو الوحي المنزل على محمد للبيان والإعجاز ( العبدلي : 16 ) .
لقد ذكر ( العلي : 112 ) في كتابه ( الإدارة في الإسلام ) أهم خصائص الإدارة كما تستند إلى منهجية القرآن الكريم , وهي :-
1. إدارة ذات كفاءة وجدارة وأخلاق .
2. إدارة شورية .
3. إدارة تهتم بالحاجات النفسية والروحية والمادية للإنسان .
4. إدارة ذات مسئولية رعوية وسلطة مطاعة .
5. إدارة ذات رقابة ذاتية .
لقد نزل القرآن الكريم على النبي - صلى الله عليه وسلم – وتلقاه عنه الناس جيلا بعد جيل وزمانا عقب زمان إلى أن وصل إلينا كما نزل متواترا لا شك فيه ولا اختلاف , وكان لبعض آياته أسباب دعت إلى نزولها وهو ما يطلق عليه ( سبب النزول ) , وحيث أن هذا العمل سوف يتناول أسباب النزول للأجزاء المطلوبة كان لزاما علي أن أبين للقارىء تعريف ( سبب النزول ) , كما ذكر ( البلوط : 9 – 10 ) في تعريفه لسبب النول بأن السبب في اللغة : كل شيء يتوصل به إلى غيره فكل شيء يتوصل به إلى غيره هو سبب , وفي الاصطلاح : وقوع حادثة في زمن النبي – صلى الله عليه وسلم – أو توجيه سؤال إليه وإنزال الله آية أو آيات بيانا لتلك الحادثة أو جوابا عن ذلك السؤال , وعلى هذا التعريف يكون سبب نزول القرآن الكريم مشتملا على أمرين , هما:-
1. حدوث حادثة فينزل القرآن الكريم بشأنها .
2. أن يُسأل النبي – صلى الله عليه وسلم – عن شيء فينزل القرآن الكريم لبيان ما سئل عنه .
وهذا العمل سوف يهدف إلى إبراز الجوانب الإدارية في القسم الأول من الجزء الخامس عشر 15 ويشمل ( سورة الإسراء : 1 – 96 ) والقسم الأول من الجزء السادس عشر 16 ويشمل ( سورة الكهف : 75 – 110 ) و ( سورة مريم : 1 – 95 ) , عن طريق إبراز الجوانب التالية :-
1. أسباب نزول آيات الجزء – إن وجدت – .
2. الهدف من الآيات .
3. استخراج الوظائف الإدارية التي تضمنتها الآيات .
4. استخراج المبادىء الإدارية التي تضمنتها الآيات .
5. استخراج الوثائق المذكورة في الآيات .
6. اكتشاف المدارس الفكرية التي ذكرتها الآيات .
7. اكتشاف النظريات الإدارية التي ذكرتها الآيات .
8. اكتشاف أنواع العلاقة بين الرئيس والمرؤوس الموجود في الآيات .
9. استنباط المبادىء والقيم الإسلامية بشكل عام وما تضمنته النظرية الإسلامية بشكل خاص .
هذا بالإضافة إلى بعض المتفرقات الإدارية التي يمكن استنباطها من الآيات .
وما سبق يدعونا قبل الشروع في بدء العمل أن نأخذ فكرة مبسطة عن السور التي بين أيدينا وهي سورة ( الإسراء / الكهف / مريم ) على النحو التالي :-

... أولا : سورة الإسراء ...
ü سورة الإسراء من السور المكية , وتبدأ هذه السورة بتسبيح وتمجيد الله تعالى لنفسه ويعظم فيها شأنه لقدرته على مالا يقدر عليه أحد سواه .
ü تسميتها :
سميت بسورة الإسراء لافتتاحها بمعجزة الإسراء بالنبي – صلى الله عليه وسلم – من مكة إلى المدينة ليلا , كما سميت أيضا سورة بني إسرائيل لإيرادها قصة تشردهم في الأرض مرتين بسبب فسادهم ( الزحيلي / ج 15 : 5 ) .
ü فضلها :
عن عائشة رضي اله عنها : "أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يقرأ كل ليلة بني إسرائيل والزمر" , وأخرج البخاري وابن مردويه عن ابن مسعود " أنه قال في بني إسرائيل – أي هذه السورة – والكهف ومريم وطه والأنبياء : هن من العتاق الأول , وهن من تلادي " أي فهي مشتركة في قدوم النزول ,وكونها مكيات واشتمالها على القصص ( الزحيلي / ج 15 : 5)
... ثانيا: سورة الكهف ...
ü سورة الكهف من السور المكية , لبيان قصة أهل الكهف العجيبة الغريبة فيها في الآيات [9 - 26] مما هو دليل حاسم ملموس على قدرة الله الباهرة (الزحيلي / ج 15 : 196 ) .
ü هي إحدى سور خمس بدئت بـ (الحمد لله) : وهي ( الفاتحة , الأنعام , الكهف , سبأ , فاطر . وهو استهلال يوحي بعبودية الإنسان لله تعالى وإقراره بنعمه وأفضاله وتمجيد الله عز وجل والاعتراف بعظمته وجلاله وكماله ( الزحيلي / ج 15: 196 ) .
ü تعرضت السورة لثلاث قصص من روائع قصص القرآن الكريم , الأولى : قصة أصحاب الكهف , والثانية : قصة موسى مع الخضر , والثالثة : قصة ذي القرنين ( الصابوني : 9 ) .
ü استخدمت السورة هذه أمثلة واقعية ثلاثة لبيان أن الحق لا يرتبط بكثرة المال والسلطان , وإنما هو مرتبط بالعقيدة , المثل الأول : للغني المزهو بماله والفقير المعتز بعقيدته وإيمانه في قصة أصحاب الجنتين , والثاني : للحياة الدنيا وما يلحقها من فناء وزوال , والثالث : مثل التكبر والغرور مصورا في حادثة امتناع إبليس عن السجود لآدم , وما ناله من الطرد والحرمان , وكل هذه القصص والأمثال بقصد العظة والاعتبار ( الصابوني : 10 ) .
ü تسميتها :
سميت بسورة الكهف , لبيان قصة أهل الكهف العجيبة الغريبة فيها في الآيات [9 - 26] مما هو دليل حاسم ملموس على قدرة الله الباهرة ( الزحيلي / ج 15: 196 ) .
ü فضلها :
عن عائشة رضي اله عنها : "أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يقرأ كل ليلة بني إسرائيل والزمر" , وأخرج البخاري وابن مردويه عن ابن مسعود " أنه قال في بني إسرائيل – أي هذه السورة – والكهف ومريم وطه والأنبياء : هن من العتاق الأول , وهن من تلادي " أي فهي مشتركة في قدوم النزول ,وكونها مكيات واشتمالها على القصص ( الزحيلي / ج 15 : 5)
وقد ورد في فضائل سورة الكهف أحاديث صحاح ثابتة منها :
§ ما رواه مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي عن أبي الدرداء عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : " من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف , عصم من الدجال " .
§ ما رواه الإمام أحمد ومسلم والنسائي عن أبي الدرداء عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : " من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال " .
§ السنة أن يقرأ الشخص الكهف يوم الجمعة وليلتها , لما رواه الحاكم وقال : صحيح الإسناد عن النبي – صلى الله عليه وسلم – " من قرأ الكهف في يوم الجمعة , أضاء له من النور ما بين الجمعتين " وروى الدرامي والبيهقي : " من قرأ ليلة الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق " ( الزحيلي / ج 15 : 199 ) .
ü سبب نزولها :
روى معظم المفسرين رواية عن محمد بن إسحاق عن سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس خلاصتها أن النضر بن الحرث بن كلدة وعقبة بن أبي معيط أنفذهما كفار قريش إلى أحبار اليهود بالمدينة وقالوا لهما : سلاهم عن محمد , وصفا لهم صفته , وخبّراهم بقوله , فإنهم أهل الكتاب الأول وعندهم من علم الأنبياء ما ليس عندنا ... فخرجا حتى قدما المدينة فسألا أحبار اليهود عن النبي – صلى الله عليه وسلم – وقالا لهم ما قالت قريش فقال لهما أحبار اليهود : اسألوه عن ثلاث فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل , وإن لم يفعل فهو رجل مقتول ... سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم فإنه قد كان لهم حديث , وسلوه عن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه , , وسلوه عن الروح ما هو ...

فانصرفا إلى مكة فقالا : يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد وقصا عليهم القصة وجاءوا إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فسألوه فقال (( أخبركم بما سألتم عنه غدا )) ولم يستثن فانصرفوا عنه فمكث – صلى الله عليه وسلم – خمس عشرة ليلة لا يحدث الله إليه في ذلك وحيا ولا بآية حتى أرجف أهل مكة وتكلموا في ذلك فشق على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ما يتكلم عنه أهل مكة عليه ثم جاءه جبرائيل عن الله سبحانه وتعالى بسورة الكهف وفيها ما سألوه عن أمر الفتية والرجل الطواف وأنزل عليه "" ويسألونك عن الروح "" قال ابن إسحاق فذكر لي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال لجبريل حين جاءه " لقد احتبست عني يا جبرائيل " فقال له جبرائيل " وما نتنزل إلا بأمر ربك ... " ( ظبيان : 21 ) .

... ثالثا: سورة مريم ...
ü سورة مريم من السور المكية , وغرضها تقرير التوحيد وتنزيه الله جل وعلا عما لا يليق به , وتثبيت عقيدة الإيمان بالبعث والجزاء ومحور هذه السورة يدور حول التوحيد والإيمان بوجود الله ووحدانيته وبيان منهج المهتدين ومنهج الضالين ( الصابوني : 50 ) .
ü تعرضت السورة الكريمة لقصص يعض الأنبياء مبتدئة بقصة نبي الله زكريا وولده يحي الذي وهبه على الكبر من امرأة عاقر لا تلد ولكن الله قادر على كل شيء يسمع دعاء المكروب ويستجيب لنداء الملهوف ولذلك استجاب الله دعائه ورزقه الغلام النبيه ( الصابوني : 50 ).
ü تعرضت السورة للقصة أعجب وأغرب وهي قصة مريم العذراء وإنجابها لطفل من غير أب , وقد شاءت الحكمة الإلهية أن تبرز تلك المعجزة الخارقة بميلاد عيسى من أم بلا أب لتظل آثار القدرة الربانية ماثلة أمام الأبصار بعظمة الواحد القهار ( الصابوني : 50 ) .
ü تحدثت السورة كذلك عن قصة إبراهيم مع أبيه ثم ذكرت بالثناء والتبجيل رسل الله الكرام : "إسحاق , يعقوب , موسى , هارون , إسماعيل , إدريس , نوح " والهدف من ذلك إثبات " وحدة الرسالة " وأن الرسل جميعا جاءوا لدعوة الناس إلى توحيد الله ونبذ الشرك والأوثان (الصابوني : 50 ) .
ü ختمت السورة بتنزيه الله عن الولد والشريك النظير وردت على ضلالات المشركين ( الصابوني : 51 ) .
ü تسميتها :
سميت بسورة مريم لاشتمالها على قصة حمل السيدة مريم وولادتها عيسى عليه السلام من غير أب وأصداء ذلك الحمل وما تبعه ورافق ولادة عيسى من أحداث عجيبة من أهمها كلامه وهو طفل في المهد ( الزحيلي/ ج 16 : 46) .
ü فضلها :
روى محمد بن إسحاق في السيرة من حديث أم سلمة , وأحمد بن حنبل عن ابن مسعود في قصة الهجرة إلى أرض الحبشة من مكة : أن جعفر بن أبي طالي رضي الله عنه قرأ صدر هذه السورة على النجاشي وأصحابه ( الزحيلي / ج 16: 48 ) .

خطة العمل :- سوف يتم تقسيم العمل إلى فصول , على النحو التالي :-
الفصل الأول : ويناول الأهداف التي قصدتها الآيات وذكر سبب النزول – إن وجد – ومعاني الكلمات وتفسير الآية مع بيان المدارس الفكرية المعاصرة التي تناولتها الآية .
الفصل الثاني: بيان الوظائف التي شملتها الآيات مع بيان المدارس الفكرية المعاصرة الموجودة في الآية .
الفصل الثالث : بيان المبادىء التي تناولتها الآيات مع بيان المدارس الفكرية المعاصرة الموجودة في الآية .
الفصل الرابع :بيان الوثائق التي شملتها الآيات مع بيان المدارس الفكرية المعاصرة التي تناولتها الآية .
الفصل الخامس : بيان مبادىء النظرية الإسلامية الموجودة في الآيات .
الفصل السادس: استنباط العلاقة بين الرئيس والمرؤوس كما ذكرتها آيات الجزء .
الفصل السابع : استنباط بعض المتفرقات الإدارية الموجودة في آيات الجزء .
الأهداف
كما وردت في آيات القسم الأول من الجزء 15 في ( سورة الإسراء : 1 – 96 )
والقسم الأول من الجزء 16في ( سورة الكهف : 75 – 110 ) و ( سورة مريم : 1 – 95 )

في هذا القسم سوف يتم استخراج الأهداف المستنبطة من الآيات وذلك من منطلق أن آيات القرآن الكريم لم تتنزل عبطا أو عشوائيا بل كان لها أهداف سعت إلى تحقيقها , وهذا يستدعي أن نتطرق إلى تعريف الأهداف فيعرف ( النمر وآخرون : 101 ) الهدف على أنه " النتائج المطلوب تحقيقها في المستقبل "
... أولا : سورة الإسراء ...
ما اشتملت عليه السورة: (الزحيلي / ج 15 : 6 – 8 )
1. تضمنت السورة الإخبار عن حدث عظيم ومعجزة لخاتم النبيين والمرسلين وهي معجزة الإسراء من مكة إلى المسجد الأقصى في جزء من الليل والتي هي دليل باهر على قدرة الله عز وجل وتكريم إلهي لهذا النبي – صلى الله عليه وسلم - .
2. أخبرت عن قصة بني إسرائيل في حالي الصلاح والفساد بإعزازهم حال الاستقامة وإمدادهم بالأموال و البنين وتشردهم في الأرض مرتين بسبب عصيانهم وإفسادهم وتخريب مسجدهم ثم عودهم إلى الإفساد باستفزازهم النبي – صلى الله عليه وسلم – وإرادتهم إخراجه من المدينة .
3. ذكرت السورة بعض الأدلة الكونية على قدرة الله وعظمته ووحدانيته .
4. وضعت السورة أصول الحياة الاجتماعية القائمة على التحلي بالأخلاق الكريمة والآداب الرفيعة .
5. نددت السورة بنسبة المشركين البنات إلى الله زاعمين أن البنات من الملائكة , ثم أنكرت عليهم وجود آلهة مع الله ثم فندت مزاعمهم بإنكار البعث والنشور وحذرت النبي – صلى الله عليه وسلم – من موافقته المشركين في بعض معتقداتهم .
6. أوضحت سبب عدم إنزال الأدلة الحسية الدالة على صدق النبي–صلى الله عليه وسلم– ومدى تعنت المشركين في إنزال آيات اقترحوها في القرآن من تفجير الأنهار وجعل مكة حدائق وبساتين وإسقاط قطع من السماء والإتيان بوفود الملائكة وإيجاد بيت من ذهب والصعود في السماء .
7. أنبأت السورة عن قدسية مهمة القرآن الكريم وسمو غاياته وعجز الإنس والجن عن الإتيان بمثله مما يدل على إعجازه .
8. أعلنت السورة مبدأ تكريم الإنسان بأمر الملائكة بالسجود له وامتناع لإبليس وتكريم بني آدم ورزقهم من الطيبات .
9. عددت أنواعا جليلة من نعم الله على عباده ثم لوم الإنسان على عدم الشكر ومن أخص النعم هبة الروح والحياة .
10. عقدت مقارنة بين من أراد العاجلة ومن أراد الباقية .
11. ذكرت أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – بإقامة الصلاة والتهجد في الليل ودخوله المدينة والخروج من مكة .
12. أشارت إلى جزء من قصة موسى مع فرعون وبني إسرائيل .
13. أبانت حكمة نزول القرآن الكريم منجمّا ( مفرقا بحسب الوقائع والحوادث والمناسبات ) .
14. ختمت السورة بتنزيه الله عن الشريك والولد والناصر والمعبن واتصاف الله بالأسماء الحسنى التي أرشدنا إلى الدعاء بها .
والخلاصة :
إن السورة اهتمت بترسيخ أصول العقيدة والدين كسائر السور المكية من إثبات التوحيد والرسالة والبعث وإبراز شخصية الرسول – صلى الله عليه وسلم – وتأييده بالمعجزات الكافية للدلالة على صدقه وتفنيد شبهات كثيرة للمشركين .
وما سبق يدعونا إلى إعطاء نبذة عن المدارس الفكرية الإدارية :-
مر الفكر الإداري في تطوره بمدارس متعددة ة , ومن أهم المدارس والاتجاهات الفكرية التي ظهرت هي : ( سالم وآخرون : 31 )
أولا : المدرسة الكلاسيكية :
وتشمل هذه المدرسة الاتجاهين الفكريين التاليين :
v الإدارة العلمية : ومن أبرز روادها :
o فريدريك تيلور , ولخص واجبات المدير قائلا أنها ( سالم وآخرون : 32 ) :-
1. إحلال الطرق العلمية القائمة على التجارب محل الطرق البدائية القديمة .
2. الفصل بين التخطيط وبين تنفيذ الخطط .
3. اختيار العمال وتدريبهم حسب الأساليب العلمية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب له .
4. تعاون الإدارة مع العمال لإنجاز الأعمال .
5. العدل في تقسيم المسئوليات بين المدير والعمال .
o هنري فايول , ووضع مبادىء للإدارة , وهي :- ( النمر وآخرون : 57 )
1. تقسيم العمل .
2. السلطة والمسئولية .
3. الالتزام بالقواعد .
4. وحدة الأمر .
5. وحدة التوجيه .
6. خضوع الأفراد للمصلحة العامة .
7. المكافآت .
8. المركزية .
9. تسلسل القيادة .
10. النظام سواء كان نظام مادي أي وضع الآلات والأدوات والمعدات في مكانها لمصلحة العمل أو تنظيم اجتماعي بوضع كل شخص في المكان المناسب .
11. العدالة .
12. الاستقرار الوظيفي .
13. المبادأة .
14. العمل بروح الفريق ( التعاون ) .
o هنري غانت , وقد اعتبر الوقت اللازم لإتمام العمل على أساس ظروف العمل المعيارية وعلى أساس إنجاز العمل بأحسن وجه ممكن ولهذا فإن العامل يتقاضى أجرا إضافيا لأجرة اليومي إذا أنجز العمل المقرر إنجازه وهذه فكرة ( المهمة والعلاوة ) ( سالم وآخرون : 36 )
v البيروقراطية : ووضعها ( ماكس فيبر ) وكان يقصد بها النموذج المثالي للتنظيم الذي يقوم على أساس من التقسيم الإداري والعمل المكتبي , والنظام البيروقراطي يقوم على الأسس التالية :- ( سالم وآخرون : 39 )
1. عدم التحيز : أي أن جميع القوانين واللوائح يجب أن تنفذ بطريقة غير شخصية .
2. تقسيم الأعمال وتنميطها : أي تقسيم الأعمال حسب الاختصاصات .
3. تدرج الوظائف في مستويات السلطة : أي أن الوظائف مدرجة حسب سلم خاص للسلطات على شكل هرم .
4. استخدام الخبراء : أي استخدام الأشخاص بناء على مؤهلاتهم .
5. القواعد والتعليمات : أي تحديد القواعد والتعليمات بشكل دقيق .
6. التدوين الكتابي : أي إصدار الأوامر والقرارات والتعليمات بشكل كتابي .
7. وجود نظام خدمة .
8. التفريق بين دور الموظف الرسمي وعلاقاته الشخصية .
9. السرية .


ثانيا : مدرسة العلاقات الإنسانية :
وظهرت مدرسة العلاقات الإنسانية كرد فعل للنظريات الكلاسيكية والتي اهتمت بالحوافز المادية والإنتاج وأهملت العوامل الاجتماعية والإنسانية , والعلاقات الإنسانية هي نوع من علاقات العمل الذي يهتم بالجوانب الإنسانية والاجتماعية في المنظمة وهي بذلك تستهدف الوصول بالعاملين إلى أفضل إنتاج في ظل أفضل ما يمكن أن يؤثر على الفرد من عوامل نفسية ومعنوية باعتباره إنسانا وجدانيا وانفعاليا أكثر منه رشيدا ومنطقيا (النمر وآخرون :63)
واهتمت المدرسة الإنسانية على عدة نقاط , وهي :- ( زويلف : 37 )
1. الاهتمام بالجانب الإنساني .
2. الاهتمام بالحوافز غير المادية .
3. كشفت مدرسة العلاقات الإنسانية أهمية المنظمات غير الرسمية .
4. كشفت المدرسة الإنسانية ما للجماعة من أثر على سلوك الفرد .
ثالثا : المدرسة السلوكية :- ومن أهم السمات التي تتميز بها , ما يلي : ( النمر وآخرون : 70 )
1. مدرسة علمية تطبيقية تقوم على وضع الفرضيات عن السلوك التنظيمي وأثره على الإنتاج ثم تفحص هذه الفرضيات بأسلوب علمي ثم تطبيق النتائج في محيط العمل .
2. مدرسة لا تكتفي بالجانب الوصفي بل تحاول التأثير في السلوك الإداري .
3. مدرسة إنسانية تقوم على التفاؤل وعلى اعتبار أن حوافز وحاجات الإنسان تحدد سلوكه ومن ثم تؤكد على أهمية هذه الحاجات .
4. تهدف إلى تحقيق التوازن بين أهداف العاملين وأهداف المنظمة .
5. تتميز بنظرتها الشمولية .
6. تهتم بالجماعات وتفاعلها .
7. تستخدم المشاركة كأداة للعمل الإداري .
8. اهتمت بتنمية المهارات الإنسانية والعلاقات بين الأفراد وبين الأفراد والمجموعات .
رابعا : مدرسة اتخاذ القرار :-
بعد أن بالغت حركة العلاقات الإنسانية في وصف أهمية العنصر البشري وتحديد الشروط التنظيمية المناسبة لحفز الأفراد على الإسهام في العمل التنظيمي جاء برنارد وتلاه سايمون فوضعا أساسا جديدا في النظر إلى التنظيم باعتباره نظاما اجتماعيا يقوم على أساس اتخاذ القرارات فركز برنارد على اعتبار التنظيم نشاطا تعاونيا وبالتالي لابد من توافر عنصر الرغبة في المشاركة لكي يتم تحقيق الهدف (النمر وآخرون:77) ويذكر(زويلف:85)مراحل اتخاذ القرار,وهي :-
1. تحديد المشكلة .
2. جمع المعلومات والحقائق وتحليل المشكلة .
3. تطور الحلول والتنبؤ بنتائجها .
4. اختيار البديل الأمثل .
5. مرحلة اتخاذ القرار وتنفيذه ومتابعته .
وعلى ذلك أرجو من الله التوفيق والثبات وأن يعينني على إنجاز هذا العمل بما يرضي الله أولا ثم أستاذة مادتي ثانيا وبما أنفع به نفسي وديني وغيري أخيرا , وإلى الله الملتجأ وهو المستعان .