السلام عليكم ..
أهديكم مقال عن أهمية الأدب في حياة كل مسلم ..
الحمد الذي جعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، والحمدلله الذي أنزل علينا هذا الدين ، وأنزل فيه الأدب الذي تصلح به الحياة، هذا الأدب - الذي هو من صميم هذا الدين -أمرٌ قد غفل عنه كثير من الناس، و هو ضروريٌ للمسلم مع ربّه سبحانه وتعالى ومع الرسل ومع الخلق عامّة ، وضروري للمسلم في جميع أحواله حتى في خلوته مع نفسه. ولقد بيّن الإسلام كيف ينبغي أن يكون عليه حال المسلم في طعامه وشرابه، وفي سلامه وأستئذانه، وفي مجالسته وحديثه ، وفي جِدّه ومزاحه ، وفي تهنئته وتعزيته ، وفي عطاسه وتثاؤبه ، وفي قيامه وجلوسه ، وفي معاشرته لأزواجه وأصدقائه ، وفي حلّه وترحاله ، ونومه وقيامه ، وغير ذلك من الآداب التي لاحصرلها.
ومنها آداب أوجبها الله - سبحانه وتعالى - على الصغير والكبير، والمرأة والرجل ، والغني والفقير، والعالم والعامّي ، ذلك حتى يظهرأثر هذا الدين في واقع الحياة العملي ، ولاشك أن هذه الآداب التي جاءت بها الشريعة هي من جوانب عظمة هذا الدين لتقويم حياة الناس و تمييز المسلمين عن غيرهم ليظهر سمو هذه الشريعة وكمالها وعظمها . والدين أد بٌ ُكُلُّه.. فسترالعورة من الأدب ،والوضوء وغسل الجنابة من الأدب، والتطهر من الخبث من الأدب، حتى يقف العبد بين يدي الله تعالى طاهراً، ولذلك كان السلف رحمهم الله يستحبون أن يتجمل المرء لربّه في صلاته، حتى كان لبعضهم حلةٌ عظيمة إشتراها بمالٍ كثير يلبسها وقت الصلاة، ويقول : ربي أحق من تجملتُ له في صلاتي، ولأن هذا المطلب مطلبٌ إسلامي عظيم، فتعالوا بنا نتعرف على معنى كلمة الأدب، وعلى بعض ماجاء في النصوص الشرعية حول هذه الكلمة وبعض أقوال العلماء فيها، وأنواع الأدب، ثم نتكلم -إن شاء الله - عن المقصود من هذا المبحث، وكيف المسير فيه.
تعريف الأدب:

أما الأدب فقد ذكر ابن فارس - رحمه الله - أن الأدب دعاء الناس إذا دعوتهم إلى شيء ، وسمّيت المأدبة - مأدبة لأنه يدعى الناس فيها إلى الطعام ، والآدِب هو الداعي. وكذلك فإن الأدب أمر قد أجمع على إستحسانه . وعُرفاً مادعى الخلق إلى المحامد و مكارم الأخلاق وتهذيبها. وذكر ابن حجر - رحمه الله تعالى - في شرحه لكتاب الأدب من صحيح الإمام البخاري رحمه الله قال : الأدب استعمال ما يُحمد قولاً و فعلاً وعبر بعضهم عنه بأنه أخذ بمكارم الأخلاق ، وقيل الوقوف مع المستحسنات أو الأمور المستحسنة ، وقيل هو تعظيم من فوقك والرفق بمن دونك . ومما ورد في تعريف الأدب كذلك : حُسن الأخلاق، وفعل المكارم.
وسُمّي ما يتأدب به الأديب أدباً لأنه يأد بُ الناس إلى المحامد، ويدعوهم إليها. وجاء في "المصباح " عن الأدب أ نّه : تعلم رياضة النفس ، ومحاسن الأخلاق . وقيل : الأدب ملكه تعصم من قامت به عما يشينه . وقال ابن القيم - رحمه الله - الأدب إجتماع خصال الخير في العبد ومنه المأدبة في الطعام الذي يجتمع عليه الناس . فإذاً فيه معنى الدعاء إلى الشيء والإجتماع عليه . وكذلك يطلق الأدب في اللغه علىالجمع ، والأدب هو الخصال الحميده .
أما استعمالات هذه الكلمة في كتب أهل العلم ، فإنها تأتي بمعنى خصال الخير مثل آداب الطعام وآداب الشراب وآداب النكاح وآداب القضاء وآداب الفُتيا وآداب المشي وآداب النوم ونحو ذلك ، وللعلماءفي هذا مصنّفات . ويُطلق بعض الفقهاء كلمة آداب على كل ماهو مطلوب سواءً كان واجبًا أو مندوبًا ، ولذلك بوّبوا فقالوا : آداب الخلاء والإستنجاء ، مع أن منها ما هو مستحب ومنها ما هو واجب . فكلمة أدب أو آداب لا يعني أنه مستحب فقط أو مندوبٌ إليه ، بل ربما يكون واجبًا ، ويُطلق الفقهاء كذلك لفظة أدب بمعنى الزجر والتأديب كما جاء في حديث جعل السوط في البيت فإنه اُدبٌ لهم - يعني لأهل البيت - حسَّنه الشيخ ناصر بطرقه . فإذا قيل أد بّه بمعنى عاقبه وزجره و عزره ، إن من معاني كلمة الأدب كذلك ،
و كلمة الأدب تطلق أيضاً على ما يتعلق باللغه من إصلاح اللسان ، وفن الخطاب ، وتحسين الألفاظ ، والصِّيانه عن الخطأ والزلل . وقد صنف ابن قتيبة- رحمه الله - في ذلك " أدب الكاتب " . إذاً فكلمة الأدب المستعملة في اللغة - مثل ما يرتبط بالشعر والنثر - هذه اللفظه مُولَّده حدثت في الاسلام، حيث أطلقوا على بعض الأشياء المتعلقه باللسان من الشعر والنثر أدباً .. وهذا إطلاق باعتبار لغوي ، فالأديب هنا ، بهذا المعنى ، إطلاق لغوي - خاص -يتعلق باللغة و إصلاح اللسان وفن الخطابة .