النظام.......  علامة الشخصية الناجحة2


النظام.......  علامة الشخصية الناجحة2














يحكي شخص عن نفسه فيقول: (كانت أمنيتي أن ألتحق بكلية الإعلام؛ لأصبح صحفيًا، لاسيما أن هذه هواية عندي، ولكن عندما تقدمت لامتحان الثانوية العامة، رسبت في السنة الأولى وعند إعادة السنة نجحت، ولكن مجموع درجاتي لم يؤهلني إلا لدخول كلية التجارة، وكان السبب من وجهة نظري هو عدم تنظيم مذاكرتي على مدى العام، أحسست بعدها أن التنظيم عامل هام، يترتب عليه تحقيق ما نهدف إليه بسهولة، وأن تنظيم المذاكرة يؤدي إلى النجاح والتفوق).
فتنظيم الذات له آثار كثيرة على المرء نفسه، وعلى من حوله، لذا قبل أن نتعلم كيف يصبح المرء شخصية منظمة، لابد أن ندرك أثر التنظيم على المرء نفسه وعلى من حوله، فالمعرفة هي أول خطوة على طريق النجاح.
الخطوة الأولى:
وهي أن نسأل أنفسنا: لماذا ننظم شئوننا؟ سؤال يتردد في أذهان الكثير، خاصة إذا ما استدعى المرء في ذهنه مدى المعاناة التي يجدها في تنظيم شئونه، مع نفسه ومع الآخرين، ولعل الإجابة على هذا السؤال هو أول الطريق لتنظيم الذات.
فتنظيم الذات له أثر عظيم على الشخص نفسه، فهو يعين على إنجاز الأعمال، يقول أحد الأشخاص الذين لا ينظمون أمورهم: (بحثت ذات يوم عن دفتر (التأمين الصحي) الخاص بي فلم أجده في مكانه لمدة ثلاثة أيام، ولم أستطع الحصول على إجازة من العمل؛ لأنني لم أذهب إلى الطبيب الذي تُعتمد إجازته من قبل إدارة العمل رغم مرضي، وفي النهاية وجدته وسط لوازم خاصة بزوجتي)، لذا فالنظام له آثار كثيرة نلخصها فيما يلي:
1. حُسن أداء العمل وإنجاز المهام المطلوبة في مواعيدها بيسر وسهولة.
2. الانضباط في كل شيء وعدم الارتباك في المواعيد.
3. توفير الجهد والاقتصاد في النفقات وتحقيق أفضل النتائج.
4. الشعور بالراحة والسعادة لإنجاز ما تم ترتيبه.
5. الاستغلال الأمثل للإمكانيات المتاحة وعدم الانشغال بما لا يفيد.
6. ترتيب الأولويات.
7. توازن بين دوائر اهتمامات الشخص المختلفة (نفسه – منزله – عمله الحياتي – عمله التطوعي)، وعدم طغيان جانب على الآخر.
8. قلة النسيان مع الاهتمام بالمصالح والجاد من الأمور.
9. يجعل من الفرد قدوة للآخرين، ومثلًا يُحتذى به في مجالات الحياة.
10.يساعد على الاختيار الأمثل واتخاذ القرار الأصوب.
11. يساعد في تنظيم الأوراق والوقت، ومن ثمَّ يُوفِّر وقتًا لأداء أعمال كثيرة.
12. قيام الفرد بالواجبات المطلوبة منه في أقل وقت ممكن دون الشعور بالتعب.
أثر النظام على الأسرة:
فآثار تنظيم الذات لا تتوقف فقط عند الشخص نفسه، ولكنها تتعدى حتى يعم أثرها على الأسرة والمجتمع، ولعل من ثمرات تنظيم الذات التي تعود على الأسرة هي:
1. توجيه الأبناء إلى تحديد أهدافهم في الحياة وتعليمهم كيفية المحافظة على الوقت، وتنظيم شئونهم التعليمية وإعطاء الأولوية للأشياء الأكثر أهمية.
2. الوفاء بالتزامات الأسرة قبل الآخرين في المواعيد المحددة.
أما بالنسبة للمجتمع فهي:
1. تُحدِث تقاربًا وتوحدًا في الرؤية والفكر لدى أفراد المجتمع.
2. تقلل من المشاحنات والتفاهات وتعمل على الانشغال بمعالي الأمور.
3. تعمل على مشاركة كل فرد مع الآخرين في زيادة الإنتاج.
4. تنظم المجتمع فلا تعطل أعماله أو تسوء أحواله الاجتماعية أو الاقتصادية.
5. تُشعِر أبناء المجتمع بقيمة الوقت في بناء حضارته وتقدُّمه.
أثر النظام على العمل الحياتي:
بل حتى في العمل اليومي، تجد أثر التنظيم فيه، يقول أحد الشخصيات المنظمة: (ابْتُلِيتُ في عملي بأحد الرؤساء، لم يكن منظمًا في تفكيره، أو في طريقة إدارته فكان يدير عمله يومًا بيوم وأزمة بأزمة، وكان يُكثر من عقد الاجتماعات لضرورة أو لغير ضرورة.
وكان وقت الاجتماع يطول بشكل جعلني في حالة من الملل، ولم تتقدم الإدارة طوال فترة رئاسته، وأصبحت أعمالها ردود أفعال، كما أنه لم يكن يؤمن عمليًا بجدول الأعمال المسبق، فكان يحدد جدول الأعمال داخل الاجتماع، وحدث بينه وبين الآخرين مشكلات عديدة، تمنيت وقتها أن يتعلم فن تنظيم إدارة الاجتماعات والسيطرة على أوقاتها).
لذا فإن التنظيم له أثاره المباركة على العمل الحياتي فهو:
1. يُمكِّن من السيطرة على تعقيدات بيئة العمل، وكثرة المهام.
2. أسلوب ضروري من أساليب النجاح والدقة في العمل.
3. يساعد على تقليل المشاكل مع الآخرين، إذ أن وجود النظام يزيل الكثير من العقبات.
4. يعين على إنجاز الأعمال في وقتها، وتحقيق الخطط الموضوعة خلال وقت محدد من السنة.
خريطة الطريق
والآن يمكنك أن تتخيل ما الذي ستئول إليه رحلتك لو بدأتها دون أن تتزود بوقود أو خريطة، ففي الغالب ستتوقف سيارتك على جانب الطريق، ولن تستطيع الوصول إلى المكان الذي تريد أن تصل إليه.
لذا فمن أجل حياة منظمة لابد من التخطيط، فالتخطيط شرط للسير في الحياة بنظام وتجنب الفوضى والاضطراب في الحياة، وللتخطيط مبادئ وضوابط منها:
1. لا تباشر التخطيط ـ وبخاصة في الأمور المهمة ـ إلا بعد الحصول على قدرٍ كافٍ من الراحة والهدوء، والشعور بالثقة وعدم القلق والتوتر والإحباط؛ لأن التخطيط يحتاج إلى قوة ذهنية، وذلك لا يتأتى إلا عندما يكون الإنسان في حالة جسامنية وذهنية مناسبة لذلك.
2. لابد من توفر معلومات عن الواقع القائم، وعن العمل الذي تسعى لإقامته وإيجاده، فلابد من الإلمام بالواقع وتوصيفه كما هو عليه من غير زيادة ولا نقصان؛ لأن الواقع سيكون منطلقًا للمستقبل الذي لا تخطط له.
3. تحديد الأهداف المرادة من العمل الذي تخطط له.
4. معرفة وحصر ما تحتاج إليه من وسائل وإمكانات بشرية ومادية لتنفيذ خطتك وتحقيق أهدافك ومعرفة ما هو الموجود منها، وما هو غير المتاح الآن؟ وكيف يُمكن إيجاده؟ فكما يقول "شيري كارتر سكوت": (إدارة مواردك تعينك على تحقيق أفضل النتائج بأقل جهد ممكن).
5. تحديد زمان ومكان تنفيذ العمل وإنجازه، ويجب أن يكون تحديد هذين العنصرين واضحًا وضوحًا لا لبس فيه، وهذا يستدعي أن تحدد زمان ومكان ودور كل وسيلة من وسائل العمل، وكل مرحلة من مراحله.
6. تحديد من يقوم بتنفيذ العمل إما بتحديد عينه وشخصه سواء كان فردًا أو مجموعة أفراد، أو بتحديد أوصافه المناسبة لهذا العمل، ثم بعد ذلك يبحث عمن تنطبق عليه هذه الأوصاف ويسند إليه أمر تنفيذ العمل، إذ أن كل عمل يحتاج إلى إنسان فيه خاصة به، فعمل الحدادة يحتاج إنسانًا صفاته وخبراته غير من يحتاجه عمل التجارة، والزراعة تحتاج إنسانًا تختلف صفاته عن صفات من يصلح للحدادة والنجارة وهكذا.
روشتة إدارية:
والآن إليك ـ عزيزي القارئ ـ هذه الروشتة السريعة التى تجيبك على هذا السؤال, كيف ينظم الإنسان حياته؟
1. أعد قائمة بأعمالك اليومية في مساء اليوم الذي قبله أو في صباح اليوم نفسه واحتفظ بهذه القائمة في جيبك، وكلما أنجزت عملًا فأشر عليه بالقلم.
2. أوجز أعمالك بعبارات وجيزة في الورقة بما يُذكِّرك بها فقط.
3. قدر لكل عمل وقتًا كافيًا وحدد بدايته ونهايته.
4. قسِّم الأعمال تقسيمًا جغرافيًا بمعنى أن كل مجموعة أعمال في مكان واحد أو في أماكن متقاربة تنجز متتالية حفظًا للوقت.
5. اجعل قائمتك مرنة بحيث يُمكن الحذف منها والإضافة إليها إذا استدعى الأمر ذلك.
6. اترك وقتًا في برنامجك للطوارئ التي لا تتوقعها، مثل ضيف يزورك بدون موعد، أو طفل يصاب بمرض طارئ، أو سيارة تتعطل في الطريق وغير ذلك.
7. بادر لاستغلال بعض هوامش الأعمال الطويلة لإنجاز أعمال قصيرة، فمثلًا عند الانتظار في عيادة الطبيب اقرأ في كتاب، أو أكتب رسالة.
8. عندما يكون وضع برنامجك اليومي اختياريًا، نوَّع أعمالك لئلا تصاب بالملل فاجعل جزءًا منها شخصيًا وآخر عائليًا وآخر خارج البيت ... إلخ.
9. اجعل جزءًا من البرنامج اليومي لمشاريعك الكبيرة كتطوير ذاتك وثقافتك والتفكير الهادىء لمشاريعك المستقبلة وأمثال ذلك.
10. حبذا لو صممت استمارة مناسبة لكتابة برنامجك اليومي عليها، ثم صورت منها نسخًا ووضعتها في ملف لديك وجعلت لكل يوم منها واحدة.
تذكَّر:
وإليك بعض النصائح لابد أن تتذكرها وأنت تنظم نفسك وحياتك:
1. تذكَّر أنه ليس هناك طريقة صحيحة وأخرى خاطئة لتنظيم أي شيء، المهم أن تبدأ.
2. تذكَّر أنه في كل عملية تنظيمية سوف تبدو الأشياء سيئة قبل أن تبدأ في التحسن.
3. تذكَّر أنه كلما قلَّ عدد الأماكن التي تبحث فيها عن أشيائك، قلَّ عدد الأشياء التي تضيع لديك.
4. تذكَّر أن المعلومات التي لا يمكن التحكم فيها لا تُعدُّ ثروة, إنما هي عبء.
5. تذكَّر أن مفكرتك أو أجندتك من أهم أدواتك التنظيمية، وهو المفتاح الرئيسي لإدارة الوقت وإدارة ذاتك في نفس الوقت.
6. تذكَّر أن أول خطوة لحل مشكلات إدارة الأوراق في حياتك هي تحديد موقع ثابت لك للتعامل فيه مع الأوراق.
7. تذكَّر أنك إذا لم تكن تدري أين وضعت الورقة؟ أو أنك لا تستطيع أن تجدها، فهي عديمة القيمة بالنسبة لك.
8. تذكَّر أن تنظيم جانب واحد من جوانب حياتك ينتقل بك إلى جوانب حياتك الأخرى، وعندما تصادف نجاحًا سوف يشجعك ذلك على الاستمرار.
وخلاصة القول:
إذا نجح الإنسان في تنظيم يومه، فقد نجح في تنظيم حياته، إذا أن تنظيم الحياة شرط لنجاحها، وكثير من الناس يواجهون أعباء الحياة يوميًا بدون تنظيم ولا تخطيط لأعمالهم فيرهقون أنفسهم ولا يبلغون أهدافهم.
أهم المراجع:
1. رؤية إدارية وتربوية في تنظيم الذات، محمد أحمد عبد الجواد.
2. حتى لا تكون كلًّا، عوض بن محمد القرني.
3. إذا كان النجاح لعبة