طرق الاختيار للوظيفه العامة
يقصد بالأختيار للوظائف العامه الكشف عن اصلح الاشخاص لتوليتها: فالمقصود بالأختيار هو تمييز المولي . ذالك ان الشروط التي اوضحنها في المبحث الاول قد تتوافر في اكثر من شخص , ومن ثم يجب ان توجد طرق تميزالاشخاص الذين يكونون اصلح من غيرهم . وقد عرف الاسلام طرقاً متعددة لأختيار الموظفين . نوضحها فيما يلي :
اولاً: الحرية المطلقة في الأختيار :
تقوم هذه الطريقة علي اساس ان يكون للخليفة او الوالي السلطة المطلقة في اختيار الموظفين الذين يعملون في الدواوين المختلفة ويلاحظ بداءة ان.. الخليفة او الوالي ليس مطلق اليد تماماً في التعين , وانما يجب ان تتوافر في الشخص الشروط السالف ذكرها , ثم يكون للوالي او الخليفة الحرية في الاختيار من بين من تتوافر فيهم هذه الشروط دون قيد يحدد من سلطته .
ويلاحظ علي هذه الطريقة انها وان كانت معيبة في الوقت الحالي لما يترتب عاليها من مساوئ . الا انها طبقت في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين فقد كانو يختارون الموظفين ويضعوا كلاً منهم في المكان المناسب. ولعل ذالك يرجع الي ان الرسول صلي الله عليه وسلم وخلفاؤه كانوا علي علم يقين بكل صحابتهم ويعرفون قدراتهم ومدي كفائتهم في العمل. كما ان الدائرة التي كانت تجمع اصحاب الرسول صلي الله عليه وسلم والخلفاء كانت ضيقة ومحصورة في مناطق محددة . ولهذا كان من السهل واليسير ان يختاروا من بينهم من يقوم بأعباء وظيفة معيناً فضلاً عن ما تقدمه فان الوازع الديني كان قوياً في هذه الفترة ويقف حائلاً دون التحيز والوساطه ويصون وجوه السلوك البشري من الأنحراف والالتواء.
ويحلق بهذه الطريقة ما كان يتم بأسلوب آخر وذلك بالاعلان عن الرغبة في شغل وظيفة معينه يتم تحديد شروطها ومواصفتها .وعلي من تتوافر فيه هذه الشروط ان يتقدم ويكون للخليفة حق الأختيار.
ومن اوضح الامثله علي ذلك فيما حدث في عهد الخليفة عمر بن الخطاب عندما كان في حاجه لمن يشغل احد الوظائف الهامة فجمع اهل الرأى
فقال لهم اشيروا علي ودلوني علي رجل استعملة في امر قد دهمني فقولوا ما عندكم . فاني اريد رجلاً اذا كان في القوم وليس اميرهم كان كأنه اميرهم واذا كان اميرهم كان كأنه واحد منهم . فقالو له نري لهذه الصفه الربيع بن زياد الحارثي فأحضره امير المؤمنين و ولاه كما حدث ايضا في عهد الخليفه المأمون ان اعلن عن بعض الوظائف بقوله اني التمس لأموري رجلا جامعاً لخصال الخير , ذا عفة في خلائقه واستقامتة في طرائقه قد هذبته الاداب واحكمته التجارب, ان ائتمن علي اسرار قام بها وان قلد مهمات الامور نهض فيها , يسكنه الحلم وبنطقه العلم وتكفيه اللحظة وتغنيها اللمحة , له صولة الامراء واناه الحكماء وتواضع العلماء وفهم الفقهاء ,ان احسن اليه شكر, وان ابتلي بالاساءه صبر ,لا يبيع نصيب يومه بحرمان غده يسترق قلوب الرجال بخلابه لسانه وحسن بيانه. وقد جمع بعض الشعراء هذه الاوصاف فأوجزها بعض وزارء الدولة العباسيه بها فقال:
بديهتـــــــــــــــه وفكـــــــــرته ســـــــــــــــــواء
اذا اشـــتبهت علي النـــــاس الامـــور
واحــــــــــزم مـــــا يكـــــــــــون الـــــدهر يومــــــا
اذا اعــــيا المشــــــاور والمشـــــــــــــير
وصــــــــــدر فيــــــــــــــــــــه للهم اتســــــــــــــاع
اذا ضــــــــــــــاقـت من الهم الصـــــــــــدور
فهذه الاوصاف اذا كملت في الزعيم المدبر وقل ماتكمل فالصلاح ينظره عام وما يناط برأيه وتدبيره تام , وان اختلت فالصلاح بحسبها يختل والتدبير علي قدرها يعتل