السلام عليكم ..

بعد التحية ..


تشير الدراسات الحديثة في مجال سيكولوجية الذاكرة إلى وجود أنماط متعددة أو نظممختلفة للذاكرة. لأن استرجاع المعلومات بعد فترات زمنية قصيرة جداً يختلف اختلافاًواضحاً من حيث الكم والكيف عن استرجاع المعلومات بعد فترات زمنية أطول. لذا يميزالباحثون بين أنواع من الذاكرة:

أ. الذاكرة القصيرة المدى.

ب. الذاكرة الطويلة المدى (ميللر Miller 1956 وماندلر Mandler 1967) ومنهم من يشير (مثل نورمان Norman 1974 وايليس Elliset 1979) وآخرون إلى ثلاثة أنماط: المسجل)(المخزن) الحي المباشر، الذاكرة القصيرة المدى، الذاكرة الطويلة المدى ويشير آخرونإلى احتمال وجود أنواع أخرى للذاكرة لكن خصائصها غير معروفة حتى الآن لعلماء النفسالتجريبيين.

المسجل (المخزن) المباشر للمعلومات الحسية

إن هذاالنظام من نظم الذاكرة يحتفظ بالمعلومات التي تتلقاها أعضاء الحواس. أما مدةالاحتفاظ بهذه المعلومات فقصيرة جداً تتراوح بين (0.1 - 0.5) من الثانية ومنالأمثلة على ذلك نذكر ما يلي:

أ. إغلق عينيك ثم افتحها للحظة ثم اغلقهاوهكذا فإنك تلاحظ كيف أن الأشياء التي رأيتها تظل واضحة لبعض الوقت ومن ثم تتلاشىببطء.

ب. إصغ إلى مجموعة أصوات ولتكن فرقعة اصابعك أو صفير صدرك مثلاً ثملاحظ كيف تتلاشى دقة الصورة الصوتية من وعيك.

ــ الذاكرة القصيرة المدى ــ

وهي نظام الذاكرة الذي يعتمد عليه في سياق حل المسائل أو في أثناء القيامبأية مهمة مؤلفة من حلقات متتابعة، ويتجلى عمل هذا النظام بوضوح عندما يقوم الطالببتسجيل محاضرة أثناء إلقاء المحاضر لها، أو عند قيام التلميذ باجراء عملية حسابيةأو في أثناء صياغته لفقرات معينة. بعبارة أخرى عندما يتعلق الأمر بالاحتفاظ بنتائجبينية (لفترة مؤقتة) يتم التوصل إليها في أثناء حل مسألة ما وتعد ضرورية لإكمال حلهذه المسألة.

على سبيل المثال:

عندما يطلب منك استرجاع فوري لمادةكنت قد قرأتها أو لرقم كنت قد سمعته للتو أو بعد فترة وجيزة من عرضها فإن عليكعندئذ أن تعتمد في استرجاعك على نظام للذاكرة يطلق عليه (الذاكرة القصيرة المدى) وهكذا يعد الاحتفاظ برقم هاتف جديد، أو اسم شارع جديد تسير فيه أو تتجه إليه أومقطع من جملة وصلت إلى مسامعك منذ برهة، أو مقاطع صوتية من لحن موسيقي توقف فجأة،أو عدد من الكلمات التي فرغت من قراءتها منذ قليل. الخ. إن كل ما ذكر أمثلة للذاكرةالقصيرة المدى. شرط ألا يتجاوز حجم أي من المواد المذكورة (±7) عناصر (ميللر Miller 1956) وهذا الرقم (7+2 أو 7-2) هو الحجم المتوسط للذاكرة الإنسانية القصيرة المدىوهذا معناه أن الشخص العادي يستطيع أن يختزن في ذاكرته القصيرة المدى ما بين 5-9عناصر أو بنود وهذه العناصر أو البنود يمكن أن تكون اعداداً أو حروفاً أو مقاطعصماء أو كلمات.

وإن سعة الذاكرة القصيرة المدى تظل هي هي، بغض النظر عنالمادة ذاتها. أي أن هذه العناصر يمكن أن تكون حروفاً أو كلمات علماً بأن كل كلمةمؤلفة من عدد من الحروف، إن هذه الوضعية تشير إلى أن ما تختزنه الذاكرة القصيرةالمدى هو وحدات ذات معنى من المعلومات وليست الجزئيات التي تتألف منها هذه الوحدات.

وإن فترة الاحتفاظ بالمعلومات في الذاكرة القصيرة المدى لا تتعدى عشراتالثواني وفي احسن الأحوال بضعة دقائق.

في ضوء ما تقدم يبدو واضحاً أناستراتيجية معالجة المعلومات التي تتبعها الذاكرة القصيرة المدى تقوم على طريقتينهما:

-1
طريقة التكرار

حيث يرى بعض الباحثين أن عملية التكرارملائمة للنطق غير الصوتي (عقلياً) لأن كل اعادة تؤدي وظيفة الادخال الأول للعنصرنفسه إلى الذاكرة القصيرة المدى. وهذا التكرار يبقي المادة في هذا المخزن (مخزنالذاكرة القصيرة المدى) ككل ويحتفظ بها لفترة قصيرة.

وهناك وظيفة أخرىللتكرار تتصل بالتهيئة والإعداد لانتقال المعلومات من الذاكرة القصيرة المدى إلىالذاكرة الطويلة المدى.

وبهذا الصدد نشير إلى ما ذكره كل من (Shiffrin and Atkinson 1968) ( كلما تكررت المعلومات عدداً اكبر من المرات كلما تم الاحتفاظ بهافي الذاكرة القصيرة المدى لفترة أطول، وكلما كان هناك احتمال اكبر لاسترجاعها فيالمستقبل) ويعني هذا أن عملية التكرار تساعد على ترسيخ المعلومات بصورة عامة وفي أينظام من نظم الذاكرة بما في ذلك الذاكرة القصيرة المدى.

-2
طريقة التصويرالسمعي

هناك طريقة أخرى تعتمد عليها الذاكرة القصيرة المدى في الاحتفاظبالمعلومات وهي طريقة التصوير السمعي. فحتى لو دخلت المعلومات إلى الذاكرة القصيرةالمدى على شكل صور بصرية أو لمسية أو سمعية فإنها تترجم أو تحول إلى صور سمعية إذاكانت قابلة أو سهلة التحول إلى ذلك. ولعل السبب يكمن في أن كل خبرات الإنسان تتحولبطريقة أوتوماتيكية إلى كلام. والكلام سر بقاء الخبرة محفوظة إلى (الأبد) وتجدرالإشارة إلى أن العلماء وجدوا بعض الوقائع التي تدعم هذا المنحى في عمل الذاكرةالقصيرة المدى، واقعة (الخلط) أو التداخل بين العناصر المتشابهة من حيث الصوت اكثرمن الخلط أو التداخل بين الصور الأخرى على اختلافها (Conrad 1964).

أخيراً: على الرغم من أن مصطلح الذاكرة القصيرة المدى يشير إلى انه في اصل هذا النظام مننظم الذاكرة اتخذت الفترة الزمنية التي يستطيع هذا النظام الاحتفاظ فيها بالمعلوماتالواردة إليه اساساً لتمييزه.