أولوية للسياحة والثروة السمكية ورفع مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي - إعادة النظر في استراتيجيات تنمية القطاع الخاص والاهتمام بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة - في رؤيتهم لمستقبل التوظيف في السلطنة وكيفية توفير المزيد من فرص العمل للشباب العماني الباحث عن عمل سواء من خلال مشروعات جديدة او عبر تمكين القوى العاملة الوطنية من الاستفادة من الفرص المتاحة بالفعل في سوق العمل أجمع الخبراء على ان نظرة فاحصة لسوق العمل تكشف عن الكثير من المفارقات فهناك الآلاف من فرص العمل الجيدة في السوق لكن نقص التدريب والتأهيل لم يمكن الشباب العماني من الاستفادة من هذه الفرص المتاحة كما انه من ناحية أخرى فان غالبية القوى العاملة الوطنية تعمل في فئة الوظائف الصغرى في معظم مجالات القطاع الخاص بينما الوظائف الاخرى هي من نصيب القوى العاملة الوافدة وهذا يعني بشكل واضح ان الخلل الاساسي هو في مخرجات التعليم العام والعالي.

ويرى الخبراء ان بداية التخلص من هذه المفارقات تتطلب مراجعة السياسات الاقتصادية الحالية وتحديث آليات التوظيف بما ينسجم مع مستجدات سوق العمل في تغيرها السريع وربطها بالتعليم والتدريب المستمر بما يساهم في مواجهة الفجوة الرقمية في مجالات الاقتصاد والتعليم ودعم القدرة التنافسية للموارد البشرية كما يوصي الخبراء بان إعادة النظر في استراتيجيات عديدة مثل تنمية القطاع الخاص والاهتمام بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتقليص الفروق في المزايا والأجور بين القطاعين العام والخاص يدعم الاقتصاد المحلي ويساهم بقوة في فتح المزيد من فرص العمل الحقيقية مؤكدين ان القطاعات الاقتصادية غير النفطية – مثل السياحة والموانئ والثروة السمكية - قادرة على إحداث تغيير كبير في المشهد الاقتصادي الوطني .

مقابلة:

السياسات الاقتصادية الانفتاحية غير المحسوبة والمنافسة الاجنبية سبب أساسي لاضمحلال فرص العمل

في البداية حدد الخبير الاقتصادي الدكتور سهيل مقابلة الداء الرئيس في سوق العمل بان السياسات الاقتصادية الحالية تحتاج الى مراجعة وان السياسات الاقتصادية الانفتاحية غير المحسوبة تعد سببا لاضمحلال فرص العمل المتوافرة بشكل كبير اضافة الى ان مخرجات التعليم لا تتلائم مع الاحتياجات الفعلية في سوق العمل لان سياسات التعليم قد سببت فجوة بين العرض والطلب في سوق العمل ولم ينتبه القائمون على التعليم الى اهمية وضع استراتيجية طويلة المدي تستهدف ايجاد فرص عمل مناسبة لخريجي الجامعات.

وفي هذا الاطار يشير الدكتور مقابلة الى ان اغلب الجامعات الموجود في السلطنة طوال السنوات الماضية هي جامعات خاصة وباستثناء جامعة السلطان قابوس والكلية التقنية وبالتالي فان الجامعات الخاصة تضع الربح السريع كاحد اهدافها الرئيسة الذي يدور حوله عملية ادارة هذه المؤسسات التعليمية وقد كان ذلك ايضا احد الاسباب الرئيسية لزيادة عدد الباحثين عن عمل.

ويحدد الدكتور مقابلة سببا آخر للمشكلة هو ضعف التدريب المهني الذي يصعب من امكانية الاستغلال والاستفادة الاقتصادية من قطاع اقتصادي مهم هو المشاريع الصغيرة مثل الحياكة والحلاقة فمن المستحيل احلال أيدي عاملة وطنية محل القوى العاملة الوافدة في مثل هذه المشاريع الا اذا كان هناك اماكن للتدريب ومدارس مهنية متخصصة في تدريب الشباب على مثل هذه المهن ويؤكد على انه مهما نصت القوانين الخاصة بالتعمين في هذا الاطار فان مثل هذه المشاريع لن يتم تعمينها حقا الا اذا تم توفير تدريب مهني جاد ومخطط له جيدا.

اعادة نظر في"سرعة التعمين"

وهنا يؤكد الدكتور سهيل مقابلة على اهمية اعادة التخطيط للسرعة التي تم ويتم بها تعمين بعض المهن حيث ان السرعة الشديدة في تعمين بعض المشاريع الصغيرة والمتوسطة قد يلحق بها اضرارا على المدى المتوسط والطويل وقد يقود ذلك لتعثرها وفشلها فبعض هذه المشاريع او الشركات مجبرة قانونا على الاستعانة بعدد معين من القوى العاملة الوطنية وهذه القوى العاملة قد لا تتمتع بما يكفي من تأهيل وبالتالي القدرة على تقديم انتاجية مرتفعة لصاحب العمل مما يؤثر على الوضع المالي للشركة وقد تتعثر تماما ليفقد هؤلاء عملهم ومعهم العمال الذين سبقوهم للعمل بالشركة اي انه لابد من إعادة دراسة للتأثيرات طويلة المدي للتعمين من حيث تحميل الكلفة المالية الإضافية على الشركات الصغيرة وعدد العمال الذين يجب على هذه الشركات الاستعانة بهم وهل هي بحاجة فعلية لهذا العدد وايضا هل هي قادرة على المدي الطويل على تحمل ما يستتبع توظيفهم من اعباء مثل التأمين الاجتماعي والتأمين الصحي وغير ذلك وكل هذه تساؤلات لابد من وضع سياسات تكفل تقديم اجابة عليها بما يضمن تحقيق المصلحة الاقتصادية على المدى الطويل ويتصل بهذا الامر إعادة تخطيط سوق العمل بما يضمن التنسيق بين مؤسسات القطاع الخاص وبين مخرجات التعليم مع ما يصاحب ذلك من معاهد ومؤسسات تدريب.

منافسة أجنبية حادة

ويستطرد الدكتور مقابلة ان توقيع السلطنة على اتفاقية التجارة الحرة التي تنظم التجارة بين دول العالم وتشترط على جميع الدول فتح اسواقها امام المنتجات والاستثمار الاجنبي يعد احد اسباب ما تواجه البلاد من مشاكل حاليا فحسبما تنص اتفاقيات التجارة الحرة تم تشجيع دخول الاستثمار الاجنبي دون قيود ورافق ذلك دخول منافسين كبار للاسواق المحلية مما كان له تاثير كبير على الصناعة المحلية التي واجهت منافسة حادة من مثيلتها الاجنبية اما الدول الغربية التي وضعت مثل هذه الاتفاقيات الحرة فنجد انها كانت اول من تخلى عنها حين نشبت الازمة الاقتصادية العالمية في عام 2008 حيث سارعت الاقتصاديات الغربية الى تبني سياسات حمائية لحماية صناعتها واسواقها المحلية وهذه السياسات الحمائية تتناقض مع العولمة والانفتاح الاقتصادي وفي الوقت نفسه فان العديد من الدول ومنها السلطنة لم تنتبه الى ضرورة مراجعة سياستها الاقتصادية بما يتلاءم مع اوضاع الازمة العالمية ولم تقم بفرض اجراءات لحماية صناعاتها الوطنية.

ويشير الدكتور سهيل مقابلة الى بعد اخر للازمة هو ثقافة العمل لدي المجتمع العماني واعتبار البعض ان العمل في بعض المجالات يعد "عيبا " حيث ان المجتمع نفسه لا يتقبل اي عمل وهذا مما يؤثر سلبيا على سوق العمل خاصة في ظل انتشار الثقافة الاستهلاكية لدى كثير من الناس.

الثروة السمكية غير مستغلة

واما عن الحل فيرى الدكتور سهيل مقابلة ان هناك قطاعات اقتصادية مهملة الى حد كبير سواء من حيث مساهمتها في الناتج المحلي الاجمالي او قدرتها على توفير فرص العمل ومن بين هذه القطاعات السياحة التي تمتلك السلطنة مقومات كبيرة فيها يمكن استغلالها لدر عائدات جيدة ونفتقد ايضا لاستراتيجية خاصة بالتدريب السياحي ورغم وجود بعض المعاهد فان دورها محدود في هذا الصدد ولابد من استراتيجية متكاملة لانجاز عملية التدريب والتأهيل للعمل في قطاع السياحة على اكمل وجه وهناك ايضا قطاع الثروة السمكية الذي لا تتعدى مساهمته في الناتج المحلي نصف في المائة فقط وهي نسبة منخفضة للغاية اذا اخذنا في الاعتبارنحو سبعة آلاف كيلومتر من السواحل التي توجد في السلطنة وكثرة الجزر ومن اهم الدلائل على عدم استغلال الثروة السمكية في السلطنة ان اسعار بيع الاسماك في السوق المحلي مرتفعة جدا رغم قلة عدد السكان ووفرة الاسماك في المياه التي تطل عليها السلطنة.

ويوصي الدكتور سهيل مقابلة ان بعض الشركات المتخصصة في الاسماك تحتاج لاعادة تفعيل دورها كما انه لابد من اعادة النظر في آليات وطرق الصيد التي مازالت تعتمد حتى الان على الجهد الفردي وهناك ضرورة لتأهيل وتدريب الصيادين على تقنيات صيد حديثة باستخدام معدات حديثة ومساعدتها في التسويق واذا تم ذلك فان قطاع الثروة السمكية سيكون قادرا على استيعاب الكثير من الايدي العاملة.

الغساني :

تقليص فروق المزايا بين القطاعين العام والخاص والاهتمام بالمبادرات الفردية باعتبارها منبعا متجددا لفرص العمل

في توصيفه للمشكلة يري المهندس محمد بن ابوبكر الغساني الرئيس التنفيذي للشركة الدولية العمانية للتنمية العمرانية و الإستثمار - جلوري – انه من المعروف ان الحكومات تضع خططا اقتصادية تنموية تسعى من خلالها لتحقيق معدلات نمو إقتصادي مرتفعة من اجل توفير حياة كريمة هانئة ومستقرة لمواطنيها من خلال إيجاد فرص عمل لهم وتوفير سبل العيش الكريم الذي يرسخ مفهوم المواطنة الحقة ويعمق الولاء في المجتمع ويحصَنه من تقلبات الحياة.

ويشير الى انه لو نظرنا الى أهداف خطط الحكومة الاقتصادية عبر السنوات الماضية من عمر النهضة المباركة لوجدنا ان إيجاد فرص عمل للقوى العاملة الوطنية وتحسين المستوى المعيشي للمواطن كان ولازل من أهدافها الرئيسية وهذا ما نلمسه في الواقع حيث هناك فرص عمل كثيرة افرزتها الخطط الاقتصادية والدليل على ذلك النمو المطرد لأعداد القوى العاملة الوافدة في السلطنة وإنضمام أعداد كبيرة من القوى العاملة الوطنية الى سوق العمل لكن النظرة الفاحصة تكشف عن ان غالبية القوى العاملة الوطنية الملتحقة بسوق العمل هي من فئة الوظائف الصغرى في معظم مجالات القطاع الخاص اما الوظائف الاخرى فهي من نصيب القوى العاملة الوافدة .

وببساطة يرى الغساني ان هذا يعني ان هناك خللا في ما تقدمه لنا مخرجات مؤسسات التعليم العام والعالي حيث أنه بالرغم من توفر فرص العمل - وهذا ما يدل عليه وجود اكثر من مليون وافد في السلطنة - الا أننا لم نستطع استيعاب مخرجات هذه المؤسسات وربما يكون هناك عدة اسباب لذلك منها زيادة شريحة خريجي التعليم العام سنة بعد اخرى دون القدرة على استيعابهم جميعا او معظمهم في مؤسسات التعليم العالي وعدم قدرة الجهات المعنية بمختلف انواعها على تاهيل وتدريب هذه الشريحة بحيث يمكن استيعابها في وظائف في مجالات وقطاع مختلفة كذلك عزوف كثير من القوى العاملة الوطنية عن بعض الوظائف و المهن لعدم وجود عوامل جذب مادية لها.

ويضيف انه إذا لم يتم تدارك الموقف ويعاد النظر في سياسة التعليم والتدريب والتأهيل المتبعة حاليا وكذلك إعادة النظر في هيكلة الرواتب والأجور والحوافز للوظائف خاصة الصغرى منها ، فإن المشكلة سوف تتفاقم اكثر خاصة اذا عرفنا ان 50 بالمائة من سكان السلطنة هم في مرحلة عمرية اقل من 18 عاما فهذا يعني زيادة الضغط على سوق العمل خلال المرحلة القادمة،فيمكن ان تكون هذه القوى العاملة الوطنية نعمة على البلد وصمام امان امام المتقلبات العالمية إذا ما أحسن إستغلالها وتهيئة المناخ المناسب لها وممكن ان تكون نقمة إذا لم يتم الاستعداد لها.

وبايجاز يحدد الغساني ان الخطط التنموية التى تبنتها الحكومة خلال المرحلة الماضية صاحبها الكثير من النجاحات في شتى المجالات ولكنها يبدوا جليا الان أن سياسة التنمية البشرية خلال المرحلة السابقة بكل أبعادها التعليمية والتأهيلية والتدريبية لم يحالفها نفس القدر من الحظ من النجاح وهذا الاخفاق أنعكس سلبا على المستوى المعيشى للمواطن بشكل مباشر.

اهمية قصوى لملف التنمية البشرية

اما الحل من وجهة نظر الغساني فهو يشير بداية الى ان هناك فرص عمل كثيرة وقابلة للزيادة حسب النمو الاقتصادي للبلد فنحن بلد نام ولازال أمامنا الكثير من الاعمال يجب إنجازها ولازلنا نستضيف أعدادا كبيرة من القوى العاملة الاجنبية في مختلف المهن والوظائف،ولكن الاشكالية تقع في إستراتيجية التنمية البشرية والاهتمام برأس المال البشري التي كانت متبعة في البلاد من قبل ونحن الان على أعتاب مرحلة جديدة من تقييم مسيرتنا المظفرة التي يجب معها منح ملف التنمية البشرية أولوية قصوى من حيث الاهتمام ببرامج ومؤسسات التعليم العام والعالي والتدريب المهني والتقني وتعزيز مكانة التعليم المهني في المجتمع وتقدير مؤسساته والعاملين فيه والاهتمام بضبط وإدارة الجودة الشاملة في المؤسسات التعليمية من أجل الارتقاء بنوعية المخرجات بشتى أصنافها.

ويؤكد الغساني انه إذا استطعنا ان نرفع من مستوى وجودة التعليم العام والعالي والتقني بحيث تستجيب مخرجاتها بكفاءة لمستجدات العولمة والمعلوماتية وتقنيات التواصل الإلكتروني ، فاعتقد انه سيكون التحدي الحقيقي الذي يواجهه واضعو السياسات الاقتصادية اي الإستيعاب للداخلين الجدد لسوق العمل من خلال ربط مخرجات الأنظمة التعليمية والتدريبية مع احتياجات الاقتصاد الوطني بواقعية، ووضع حد أقصى لأعداد القوى العاملة الوافدة المسموح باستقدامها سنويا، بحيث تتناسب هذه الأعداد مع معدلات النمو المستهدفة في الخطط التنموية ولابد من الاهتمام بقطاعات النقل المختلفة وتقنية المعلومات والسياحة و الصناعات التحويلية والثروة السمكية والاتصالات وإيجاد آليات وسياسات واضحة لدعم حقيقي وتشجيع فعال لأصحاب المبادرات الفردية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة – مؤكدا انه على يقين من أن هذه المشاريع هي المحرك الرئيس للاقتصاد وهي المنبع المتدفق لفرص العمل - ومساعدتهم من خلال المشاركة في رأس المال وإذا آمن الجميع بأهمية الشراكة البناءة الحقيقية بين القطاعين العام و الخاص ،أعتقد أن هذا كفيل برفد السوق بفرص عمل مستمرة غيرناضبة.

النمو السكاني عامل قوة

ويشير الغساني الى ان الرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني عمان 2020 استراتيجيات وسياسات خاصة بقطاع الموارد البشرية على المدى البعيد وتهدف الاستراتيجية المعتمدة إلى إحداث تطوير كمي ونوعي في مجالات التعليم العام والتعليم الفني والتدريب المهني والتعليم العالي والخدمات الصحية وسوق العمل والمؤشرات الديموغرافية المختلفة، وعلى وجه التحديد تحقيق التوازن بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي بتخفيض معدل النمو السكاني الحالي إلى أقل من 3 بالمائة.

ويوضح ان نتائج التعداد العام للسكان الذي اجري في أواخر العام الماضي تؤيد نجاح هذه الاستراتيجية فيما يتعلق بمعدلات النمو السكاني حيث بلغ تعداد سكان السلطنة قرابة 2.7 مليون نسمة منهم 27.6 بالمائة فقط أجانب، مما يعني أنه لدى السلطنة قوى عاملة وطنية تستطيع أن تعول عليهم لدفع عجلة النمو نحو المستقبل وهذا يعد عامل قوة للسلطنة بعكس دول الخليج الأخرى التى تنعكس فيها النسب وأشار التعداد الى ان سكان السلطنة ينمو بمعدل ثابت تقريباً قدره 2% ووفق ما كان عليه خلال 3 سنوات الماضية مما يؤكد سلامة التوجه في هذا المجال فإذا كان هناك خلل فهو في التطوير النوعي لمخرجات مؤسسات التعليم المختلفة.

دعم القدرة التنافسية

ويضيف الغساني أن هناك ضرورة ملحة لتحديث آليات التوظيف بما ينسجم مع مستجدات سوق العمل في تغَيرها السريع وربطها بالتعليم والتدريب المستمر الذي يوفر خيارات متعددة لتغير مسارات العمل وبالتالي العمل على مواجهة الفجوة الرقمية في مجالات الاقتصاد والتعليم دعما لتفعيل القدرة التنافسية للموارد البشرية.كما أشرنا سابقا الواقع يقول أن هناك فرص عمل كثيرة والدليل على ذلك النمو المطرد لأعداد القوى العاملة الوافدة في السلطنة، لكن بشي من التدقيق نجد أن جل القوى العاملة الوطنية الملتحقة بسوق العمل في فئة الوظائف الصغرى في معظم مجالات القطاع الخاص، و الوظائف الاخرى هي من نصيب القوى العاملة الوافدة فهذا يعني ان هناك خلل في ما تقدمه لنا مخرجات مؤسسات التعليم العام والعالي و التقني حيث أنه بالرغم من توفر فرص العمل وهذا ما يدل عليه وجود اكثر من مليون وافد في السلطنة الا أننا لم نستطع إستيعاب مخرجات هذه المؤسسات فنحن في بلد نامي وأمامنا الكثير من مشاريع البنية الاساسية و كثير من القطاعات قابلة للنمو المطرد .

تقليص الفوارق بين الحكومة والقطاع الخاص

ويشير الغساني الى ان الحكومة تولي أهمية قصوى لتنمية القطاع الخاص، ويشكل هذا الهدف أحد محاور الرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني، وتتطلع السلطنة على المدى البعيد لأن يكون القطاع الخاص المولد الرئيس للدخل القومي والمصدر الرئيس لتوظيف القوى العاملة الوطنية. وفي ضوء ذلك على الحكومة إعادة تقييم استراتيجيتها الشاملة لتنمية القطاع الخاص التي تغطي توفير البيئة الاستثمارية الجاذبة والنظام المالي الملائم، وتطوير البنية الأساسية والأطر القانونية والتشريعية، ومنح ملف تنمية الموارد البشرية أولوية قصوى من حيث إعداد القوى العاملة الوطنية للمرحلة القادمة تتناسب وتحدى المرحلة لتحقيق الهدف بعيد المدى ، وإعادة النظر في هيكلة الرواتب والاجور و الحوافز للوظائف خاصة الصغرى منها و تقليص الفروق في المزايا والأجور بين القطاعين العام والخاص، فهذا كفيل بتوفير للقطاع الخاص سبل نجاحه وإنني على يقين بأنه قادر على ان يقوم بالدور و المسؤولية المسندة له ويكون الرافد الرئيس لفرص العمل في السلطنة،خلال المدى المتوسط والبعيد.

البوسعيدي:

الشباب لم يستفد من الفرص المتاحة لنقص التدريب وضرورة تأسيس صناديق لدعم المشاريع في مختلف المناطق

يرى يوسف بن يعقوب البوسعيدي عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان رئيس لجنة منتدى رواد الأعمال رئيس لجنة فرع الغرفة بالمنطقة الداخلية فيري ان تنفيذ الحكومة للعديد من مشاريع البنية الأساسية العملاقة والمتطورة ادي إلى إيجاد العديد من الفرص الاستثمارية التي وفرت بدورها آلافاً من فرص العمل للشباب العماني الواعد الذي أثبت كفاءته في تولي الكثير من المناصب الإدارية والفنية والقيادية في مختلف القطاعات الاقتصادية لكن في الوقت ذاته فإن الكثير من الفرص التي ظهرت من هذه المشاريع لم تجد من يستغلها من بين الشباب العماني إما لنقص في الخبرة أو التدريب أو الاختلاف الواضح بين المعارف والمناهج التي يحصل عليها الطالب في قاعات الدراسة في جامعات وكليات ومعاهد التعليم العالي وبين سوق العمل ولذلك ولكي نستطيع الاستفادة الكاملة من الفرص القائمة لابد من الاهتمام بسد هذه الهوة او الفجوة قبل أن تتسع أكثر من خلال ربط التخصصات الدراسية باحتياجات سوق العمل والتوسع في توفير التدريب العملي للطالب في المشاريع التي يجري العمل بها وتوفير فرص تدريب على رأس العمل .

التطور التقني يقلل فرص العمل

ويضيف البوسعيدي ان إيجاد فرص عمل جديدة من أكبر التحديات التي تواجه صانعي السياسات الاقتصادية وهذا الأمر لا يخص السلطنة وحده بل هو في العالم أجمع لأن استغلال طاقات المجتمع أمر في غاية الأهمية وإن لم تتوفر فرص عمل تستوعب طاقات هؤلاء الشباب فإنه ولا شك سيفجر هذه الطاقات في أشياء لا تُؤمن عواقبها مشيرا الى ان ما يزيد الأمر تعقيدا ويجعل مهمة صانعي السياسات غاية في الصعوبة هو التطور التقني الهائل حيث أدت التطورات التقنية إلى خفض الاعتماد على البشر ولم نعد نجد الكثير من الصناعات التي تحتاج إلى أيدي عاملة كثيفة .

ويتفق البوسعيدي ايضا على ان النمو السكاني يمكن ان يتحول لعامل دعم لاقتصاد السلطنة إذا ما أحسن استغلالها خاصة ان نسبة كبيرة من السكان من الشباب ومنهم من التحق بسوق العمل ومنهم من يستعد لذلك وعلى الجميع قبول العمل في جميع الميادين وفق المؤهلات التي يحملها ولا يترفع عند العمل في البداية في مجالات بسيطة والتي قد تساهم في إكسابه الخبرة التي تتيح له المجال للحصول على فرص عمل أفضل !

ويؤكد البوسعيدي ان هناك الآلاف من فرص العمل في السلطنة وليس أدل على ذلك من عدد القوى العاملة الوافدة في القطاع الخاص بشكل أساسي وهذه القوى العاملة يمكن إحلالها بعمالة وطنية إذا ما قمنا بتوفير برامج التدريب ورتق الهوة بين مزايا القطاع العام والخاص وهو الأمر الذي سيشجع الكثير على العمل في القطاع الخاص ومن السهل جدا إحلال العمانيين في العديد من الوظائف وهناك إمكانية كبيرة لإلحاقهم بالوظائف الفنية والمتخصصة والمميزة والتنفيذية إذا ما تم توفير برامج التدريب الكافية وبالطبع فإننا بحاجة إلى إرادة مجتمعية قوية من أجل إعطاء الأولوية للقوى العاملة الوطنية اذ ينبغي أن لا نفكر في المصلحة الآنية بل ننظر إلى المصلحة العامة وما يمكن أن يعود على المجتمع من هذا الأمر.

مطلوب حوافز لتشجيع القطاع الخاص

ويرى البوسعيدي أن القطاع الحكومي استوعب الحصة الأكبر في تعيين القوى العاملة، واصبح يتعين على القطاع الخاص أن يضع آلية لتوفير فرص عمل للقوى العاملة المتوقع قدومها إلى سوق العمل ومن المسلمات الاقتصادية أن هناك علاقة وثيقة بين نمو الاقتصاد الوطني وبين إيجاد فرص عمل كافية في سوق العمل تستوعب القوى العاملة الوطنية سواء بفرص عمل جديدة أو بتطبيق خطط التعمين والإحلال ، ولكن في المقابل يجب أن تكون هنالك حوافز مجزية تقدم من الحكومة للقطاع الخاص لتحفيزه لممارسة دور أكبر في قضية الإحلال وإعطاء الأولوية للقوى العاملة الوطنية ، ومن هذه الحوافز تقليل الاعتماد على المنتجات الأجنبية وإعطاء الأولوية للمنتج الوطني على سبيل المثال وتخفيض الرسوم بشتى أنواعها